|
قانون التقاعد الجديد في العراق / 5- المقدمة واضراره على المؤسسات الحكومية
عبد الستار الكعبي
الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 1 - 18:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان تنزيل السن القانوني للاحالة الى التقاعد الى (60) سنة الذي تضمنته المادة (1) من قانون رقم (26) لسنة 2019 التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 جاء بالضد من مصالح شريحة كبيرة جدا في المجتمع ( يبلغ عدد الموظفين المشمولين بها اكثر من 260 الف موظف مما يعني اكثر من مليون مواطن تقريبا بحساب عوائلهم) حيث ان المشرع لم ينظر الى الظروف الانسانية والمعاناة الكبيرة التي سيخلفها على المشمولين به وعوائلهم الذين رتبوا امورهم المالية والحياتية باعتيار ان خدمتهم تمتد الى سنوات اخرى يستطيعون خلالها الايفاء بالتزاماتهم المالية الوظيفية والحياتية ومنها الايجار وتكاليف دراسة الاولاد وتسديد القروض والسلف وماشابه من الجوانب التي نظموها بما يوافق مدة خدمتهم حسب القوانين النافذة. فضلا عن كون هذا القانون قد تعرض الى اهم حقوق الموظف وهو السن القانوني للاحالة الى التقاعد المحدد المحدد حسب القوانين النافذة بـ (63) سنة لعموم الموظفين منذ منتصف القرن الماضي والذي يعد احد بنود عقد الوظيفة بين الموظف والحكومة لقد صدم هذا القانون الموظفين المشمولين به من جانبين ، الاول بسرعة تشريعه حيث انهم كانوا يأملون ان يكون موقف اعضاء مجلس النواب مع مصلحة الموظفين، باعتبارهم ممثلو الشعب في مجلس النواب، ويعملوا على التريث بتنفيذه لانه يضر شريحة كبيرة ومهمة في المجتمع وقدمت الكثير من اجل بناء الدولة خاصة وان اصل المشروع المقدم من الحكومة كان يتضمن ان يكون تنفبذ هذه المادة بعد سنة من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية، والجانب الثاني من الصدمة هو تمرير مجلس النواب القانون بهذه الطريقة حيث ان النظم الديمقراطية تعني ان يكون النواب ممثلين حقيقيين للشعب ويقفون بوجه الحكومة في حالة قيامها باي اجراء يضر بمصلحة المواطنين ولكن الذي حدث هو العكس فالحكومة ارسلت مسودة القانون الى مجلس النواب وفيها النص على ان يكون تنفيذ المادة (1) الخاصة بتنزيل السن التقاعدي بعد سنة من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وفي هذا بعض الامل لدى الموظفين ان يرتبوا امورهم وكذلك ورد في مسودة القانون اضافة نسبة (7.5) التراكمية على الراتب التقاعدي. ولكن النواب رفضوا كلا الامرين اذ نص قانونه على ان يكون تنفيذه بتاريخ (31/12/2019) اي بنفس الشهر الذي تم فيه التصويت على القانون في المجلس وتم فيه نشره في الجردية الرسمية وكذلك رفض النواب القبول باضافة نسبة (7.5) الى الراتب التقاعدي، اي ان اعضاء مجلس النواب وقفوا ضد الشعب بدرجة اكبر من الحكومة التي كانت اكثر رحمة بالموظفين من النواب ممثلي الشعب وفي هذا مخالفة واضحة لاسس الديمقراطية وللتوكيل الشرعي من قبل الشعب للنواب. وهذا ما سبب اختلال صورة ممثلي الشعب في ذهن الموظفين وتغير موقف عامة الشعب منهم وسحب الدعم لهم. ان تنفيذ القانون بهذه العجالة، حيث تم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ (9/12/2019) واعتبر نافذا اعتبارا من تاريخ (31/12/2019)، وعدم الاخذ بنظر الاعتبار الاوضاع الخطيرة التي تجري في العراق والظروف التي يعانيها ويمر بها من سيقع عليهم القانون سبب اضرارا كبيرة عليهم في الجوانب الاقتصادية والنفسية والصحية الى درجة ادت الى حدوث انهيار صحي لعدد منهم ووفاة اكثر من موظف بسبب جسامة الاثار الخطيرة التي اوقعها عليهم القانون . ان السلطة التشريعية وبالذات من صوت على هذه المادة يتحملون المسؤولية القانونية والاخلاقية والمجتمعية كاملة عن كل ما حصل ويحصل للموظفين من جراء هذا القانون الباطل. علما ان هذا القانون فيه مخالفات عديدة للدستور العراقي النافذ واثارا سلبية على مؤسسات الدولة والكثير من اشكال الخلل الاخرى . ونبين في ما يأتي الاثار والاضرار التي سببتها المادة رقم (1) منه :
اولا : الأضرار على المؤسسات الحكومية : ان احالة الموظفين الذي هم بعمر (60) سنة الى التقاعد سببت اضرارا كبيرة على مؤسسات الدولة حيث فقدت بسببه خيرة كوادرها ذوي الخبرات الكبيرة والمسؤوليات المهمة في المجالات الوظيفية كافة مما ادى الى ارباك عملها واحداث الخلل في أدائها وهو ما يؤدي الى ضعف قدرتها على انجاز المهام الموكلة لها مما ينعكس سلبا على صورة الحكومة في نظر مواطنيها . ان وصول الموظف الى هذه السن يعني تراكم خبرات سنين طويلة ووصوله الى قمه الخزين في المعلومات والكفاءة في العمل وكل العالم المتحضر يفتخر بهذه الشريحة ويبحث عنها ويتمسك ببقائها في مواقع العمل ولكن الحكومة ومجلس النواب في العراق فرطوا بهذه الشريحة المهمة والمفروض ان تقوم هذه السلطات باصدار تشريعات لدعمهم وتكريمهم وان يتم التمسك بهم للاستفادة منهم في تطوير الاداء المؤسساتي ونقل خبراتهم الكبيرة الى الاجيال اللاحقة من الموظفين. ان هؤلاء الموظفين يمثلون مرتكزات العمل في الدوائر بمختلف المجالات والحاجة اليهم ماسة جدا ولايمكن الاستغناء عن خدماتهم ، فالقطاع التربوي على سبيل المثال يعاني من نقص في عدد الكوادر التعليمية مما يجب على الحكومة السعي لسد هذا النقص وليس احالة المعلمين والمدرسين التقاعد بسن (60) سنة الذي ادى ان تفقد المدارس خبرات كبيرة لايمكن تعويضها بمعلمين ومدرسين متخرجين حديثا وكذلك يقلل اعدادهم الى درجة مؤثرة في حين ان الواقع التربوي بامس الحاجة الى زيادة اعداد الكوادر التعليمية. ونفس الحال يسري على المؤسسات الاخرى وخاصة العاملين في المجال الصحي من الاطباء بمختلف اختصاصاتهم والكوادر الصحية الساندة لهم وخاصة وجود ظرف طارئ بسبب تفشي فايروس كورونا في العالم وارتفاع اعداد المصابين به في العراق مما يستدعي الاسراع باعادتهم الى الوظيفة (وقد نشرت لنا مقالة خاصة بهذا الموضوع هذا رابطها http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=671037). ونفس الامر يسري على اساتذة الجامعات بعنوان (مدرس ومدرس مساعد) الذين يشكلون عنصرا مهما ومؤثرا في الوسط التدريسي الجامعي ومثلهم العاملين في المجال النفطي والمطارات والدوائر الرقابية. وعلى الحكومة ومجلس النواب ان يعملا باسرع ما يمكن لتدارك هذه الاخطار والاخطاء ، هذا ان كانت هاتين المؤسستين تهتمان بمصلحة العراق دولة وشعبا.
#عبد_الستار_الكعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانون التقاعد الجديد في العراق / 4- احالة الاطباء الى التقاع
...
-
قانون التقاعد الجديد / رسالة شديدة اللهجة من المتقاعدين الى
...
-
مهلة وطن ... ماذا بعدها / مظاهرات تشرين في العراق ، هل من حل
...
-
تعديل سن التقاعد في قانون التقاعد الاخير في العراق، ملاحظات
...
-
رئيس جمهورية العراق برهم صالح بين المشروعية الوطنية والمشروع
...
-
مصطلح الكتلة الاكبر دليلا على الجهل السياسي والديمقراطي في ا
...
-
ايران بره بره بغداد تبقى حرة ، انتفاضة تشرين الاول / أكتوبر
...
-
- مشروع الانقاذ الوطني في العراق - تظاهرات، اعتصامات، اصلاحا
...
-
جهل الحكومة ومجلس النواب في العراق - تعديل قانون التقاعد، اص
...
-
تظاهرات العراق في تشرين الأول (أكتوبر) 2019 بين الفتنة والمش
...
-
أسرار وخفايا من صدر الاسلام بإثارات عقلية / 1- ما الذي يدفعن
...
-
الشهادة العليا والشهادة الاعلى الفرق بينهما وآثاره الادارية
...
-
سحب يد الموظف بين محاربة الفساد وظلم الموظفين الصغار / نظرة
...
-
الشهادة العليا اثناء الخدمة / ملاحظات على ضوابط وزارة المالي
...
-
الصفنة والميانة في الثقافة الشعبية العراقية / اصلاح وتقويم ش
...
-
نظرة في الواقع السلبي للمؤسسات الرقابية وتفعيل دور المجلس ال
...
-
رئيس مجلس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي ونظرة الى حقوق الم
...
-
العقل العراقي في الوظيفة العامة ، ملامح من تدني مستواه / تشا
...
-
البطاقة الوطنية الموحدة في العراق مشروع فاشل وفاسد وضد الموا
...
-
العقل والجهل / العقل العراقي وملامح انحداره ، الكتلة الاكثر
...
المزيد.....
-
تطورات الحادث الجوي في واشنطن.. طائرة ركاب اصطدمت بمروحية عس
...
-
مصادر لـCNN: اصطدام مروحية عسكرية بطائرة ركاب بالقرب من واشن
...
-
فيديو استقبال محمد بن سلمان وأداء صلاة الميت على الأمير محمد
...
-
كيف تتم عملية تبادل الرهائن في غزة؟
-
اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب تحمل 60 شخصا بالقرب
...
-
يكثر استهلاكه في المنطقة العربية.. الحليب الحيواني الأكثر فا
...
-
إسرائيل: 11 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم هذا الأسب
...
-
تصادم طائرة ركاب مع مروحية عسكرية قرب مطار ريغان بالعاصمة ال
...
-
عاجل | رويترز: طائرة ركاب تابعة لخطوط جوية أميركية اصطدمت بط
...
-
ترامب يستعد لإعلان قرار يهم طلاب الجامعات المتعاطفين مع حماس
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|