أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (9) وجها لوجه














المزيد.....

يوميات الحجر (9) وجها لوجه


حكيمة لعلا
دكتورة باحثة في علم الاجتماع جامعة الحسن الثاني الدار البضاء المغرب

(Hakima Laala)


الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 31 - 23:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أصبحنا نشعر بالتذمر واليأس أمام ما نسميه بالانفلات الاجتماعي في مواجهة فيروس الكورونا. إن أول شي علينا أن ندركه عقليا وحسيا أنه عندما نتحدث عن نظامنا الاجتماعي ، فنحن لا نتحدث عن شيء خارج عن ذواتنا. فالنظام الاجتماعي الذي يتجسد حاليا أمامنا هو جزء من تصرفاتنا ومعاملاتنا، في تدبيرنا لكل حاجياتنا عبر ممارسة الفعل اليومي. إن الفعل اليومي هو مكتسب بفعل التكرار والاعتياد، إنه يدخل في خانة الترويض الاجتماعي للفرد لكي يصبح اجتماعيا. إن عقل الإنسان الاجتماعي يستبطن أفعالا وردود أفعال صالحة لتدبير حياته الاجتماعية وينتجها بشكل إرادي أو غير إرادي بشكل متناسق وملائم للحالات. من هنا علينا أن نعي أن حياتنا اليومية هي نسق منظم في إطار ثقافة معينة تمكننا من التفاعل مع الأشياء والأفراد، وعلينا أن نعي أيضا أن مجمل التصرفات ورود فعل الآخرين التي ننتقدها هي في نهاية الأمر مجموع التصرفات العادية التي نمارسها بكل تلقائية ونعتبرها عادية وطبيعية. إنها في العمق تعبر عن ثقافتنا ورؤيتنا للأشياء والأشخاص والعلاقات. إنها بمعنى آخر تنظيمنا الاجتماعي الذي يكون مرجعية المغاربة المعتمدة عند معظمهم لتقييم الفعل الصحيح أو الخاطئ، بل كان ولازال كل من يرفضه يتعرض للانتقاد واللوم. إن أول ملاحظة بخصوص التنظيم السائد في المجتمع المغربي هو غياب الانضباط و احترام خصوصية الآخر أو حميميته التي تتطلب التباعد في المسافة وفي الزمان، احترام رغبة الآخر. إن التنظيم المجتمعي الذي نعيشه من مميزاته الازدحام في كل الأماكن وفي كل الأوقات،، التسابق على الأماكن وعلى الأشياء ، الحديث بصوت مرتفع أو الصراخ في كل الفضاءات وفي كل الأوقات، رفض الامتثال للأوامر ، الضرب لإنهاء كل الخلافات و الخصومات وإسكات الأطفال، الحديث بصوت مرتفع، المراوغة في احترام القانون . إن كل هاته التصرفات كانت ولازالت تبدو عادية في إطار نظامنا الاجتماعي.
لكن في حقيقة الأمر إن نظامنا الاجتماعي هو نظام غير متناسق ولا متناغم ، وإن كان إجرائيا في تدبير الحياة اليومية التي تخضع هي الأخرى لكثير من الارتجالية أو ما يمكن أن نسميها بالفوضى المنظمة أو الفوضى الوظيفية. إن نسقنا الاجتماعي غير المنسق يكون لنا نوعا من الأمان لأن النظام يرهبنا ونرفضه مطلقا. نحن في واقع الأمر نضبط فوضانا ونعيش فيها بسلاسلة وانتظام، فيكفي أن نذهب إلى أي مكتب لقضاء أي غرض لنجد الكثير منا يقفون في شكل دائري ولا يمكنهم الاصطفاف بشك عمودي، ولو طلب ذلك منهم، يظلون في أماكنهم ، وإذا انتقد أحد الأشخاص ذاك الفعل، يجيبون: (نحن نعرف مكاننا في الصف) . إننا نعيش في تنظيم بشكل فوضوي ولكن نحن نتصرف كذلك فيه بشكل فوضوي ارتجالي. وبالتالي: إن حدث فيروس كورونا هو الذي جعلنا ننظر إلى مجتمعنا بمنظار مكبر للصورة، جعلنا نعتبر مجموعة من التصرفات المعتادة كنوع من الفوضى. أعتقد أن الكثير منا وجد نفسه في مكان الملاحظ ولكن الملاحظ الفاعل الذي له غرض أو مبتغى من الموضوع. نحن حتما في حالة المتفرج من خلف الستار لمعاينة مجموعة من التصرفات كنا نقوم بها، من المؤكد أنه من الصعب جدا أن نقوم بمراقبة أفعالنا كشيء خارج عنا، ولكن من الممكن أن نلاحظها عند الآخرين، إلا أنه ليس كاف أن نلاحظها لندرك أنها جزء منا .
إن هذا الإدراك بسرعة شديدة للوضع جعلنا نطالب بتغيير سريع للنظام الذي تعودناه، وذلك أمر شبه مستحيل. إن النظام الاجتماعي الحالي أصبح حتما يمثل خطرا علينا، إلا أن الفعل الذي نرفضه نابع عن فكر استبطناه وليس عن فعل، الآن نحن نفكر في الفعل للاحتماء، ولكن يجب التفكير فيه كتنظيمة اجتماعية مؤسسة للتفاعل بين الأشخاص و في نتائجها لإحداث التغيير.. نحن وربما لأول مرة ندرك أن هذا النظام أو الشكل التنظيمي الذي دافعنا عنه ومارسناه لم يعد يرضي الكثير.
في هذا الوضع الخطير الذي نعيشه الآن نطالب بأشياء لم نطالب بها من قبل مثل الامتثال لأوامر السلطة أو للتعليمات، إن الفعل الذي يقوم به الكثير منا في مواجهة التعليمات لا يتم بطريقة واعية بل هو تكرار فعل كما قلت استبطناه، مثلا نحن تعودنا مراوغة السلطة، كثير من الشباب أو الأشخاص يغادرون أمكنتهم بمجرد رؤية رجل سلطة ولكن يعودون لها بمجرد مغادرته المكان ، نفس الفعل يتكرر، فالمعلومة المتعلقة بخطر الكرونا تبقى ثانوية ولا تهمه كشخص في حياته وحياة الآخرين. الفعل الآني هو رد فعل عن شيء قد يمثل له إزعاج. إذا لازال الكثيرون يدبرون أمورهم وحياتهم اليومية حسب النظام العادي والمعتاد للمجتمع. لم تجد كل النداءات طريقا لوعيهم ، إن النظام الذي نتحدث عنه جعل من الشارع والدرب والزنقة والمقهى مكانا لعدة ممارسات لا مكان لها في البيت كالحديث بعفوية أو التدخين أو استهلاك مواد مرفوضة في المنزل العائلي أو مرافقة الأصدقاء. إذا قمنا بإحصاء الوظائف المخصصة للفضاء الخارج على المنزل العائلي سنجدها تتجاوز بكثرة الوظائف المخصصة للبيت. كذلك النظام الاجتماعي القائم عندنا يخول التواجد للكثير من الأشخاص بالليل، فأغلب الشباب يقيمون مباراة في كرة القدم حتى ساعة متأخرة من الليل ، وهناك الكثير من الأشخاص الذين يتجمعون في أماكن محددة للسمر، ناهيك عن العدد الهائل من الأفراد الذين يرتادون المقاهي بالليل، إذا من الممكن القول أننا نتحدث عن برمجة الإنسان داخل النسق النظامي المعاش.
قد نجزم أن الكثيرين منا هم الآن أمام محنة مواجهة خطر فيروس كوزونا ومواجهة برمجتهم الاجتماعية الناتجة عن ممارسات مرخصة من طرف المجتمع . إلا أنني لا أعتقد أن الاشتغال على التغيير يستوجب الانتظار، بل لابد له أن يخرج من رحم المحنة من أجل جعل هؤلاء يدركون أن فاجعة الكورونا تستوجب التغيير في النظام الاجتماعي وفي نمط عيش الأفراد، إن آليات التدبير في مجتمعنا للفعل لم تعد شيئا خارج عن ذواتنا، بل هي مهيمنة عليها ولا يمكن التغيير إلا بتغيير ذواتنا.



#حكيمة_لعلا (هاشتاغ)       Hakima__Laala#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحجر (8) وجها لوجه
- يوميات الحجر (7) وجها لوجه
- يوميات الحجر (5- 6) وجها لوجه
- يوميات الحجر (4) وجها لوجه
- يوميات الحجر (3) وجها لوجه
- يوميات الحجر (2) وجها لوجه
- يوميات الحجر (1) وجها لوجه
- -أنا- و -أنا-  في محك القرار


المزيد.....




- العثور على جثث 4 أطفال في الجزائر عليها آثار حروق
- -إعصار القنبلة- يعصف بالساحل الشرقي لأمريكا مع فيضانات ورياح ...
- في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في ...
- أذربيجان تتهم الخارجية الأمريكية بالتدخل في شؤونها
- ماكرون يسابق الزمن لتعيين رئيس للوزراء
- نائب روسي ينتقد رفض زيلينسكي وقف إطلاق النار خلال أعياد المي ...
- ماكرون يزور بولندا لبحث الأزمة الأوكرانية مع توسك
- الحكومة الانتقالية في سوريا تعلن استئناف عمل المدارس والجامع ...
- رئيس القيادة المركزية الأمريكية يزور لبنان للتفاوض على تنفيذ ...
- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (9) وجها لوجه