جودت هوشيار
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 30 - 16:07
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
فايروس كورونا - رغم بشاعته - كشف معدن الناس وطبائعهم وقيمهم الأخلاقية بلا رتوش . فظهر الناس على حقيقتهم . ثمة من يزعم ان الوباء مؤامرة دولية ، ويزعم آخرون أنها الحرب العالمية الرابعة - الحرب العالمية الثالثة في نظرهم ، كانت الحرب الباردة بين المعسكرين الأشتراكي والرأسمالي – أمأ ( فايروس كورونا ) فإنها حرب بيولوجية بين أطراف مجهولة .
ولعل أكثر الناس تخلفاً ، هم اوائك الذين يستخفون بالاجراءات الحازمة ، التي تتخذها الحكومات للحد من انتشار الوباء ، ويزعمون ان التهويل من خطر الوباء هو لغرض احكام السيطرة على الناس .وهم لا يريدون تغيير نمط حياتهم ولو مؤقتا ، وبذلك يعرّضون انفسهم وأفراد عوائلهم و الناس الذين على صلة بهم الى مخاطر جسيمة . اما التفسيرات والعلاجات الخرافية للوباء فحدث عنها ولا حرج ، ولن نتطرق اليها لضحالتها .
ثمة اناس متفائلون يعتقدون ان الوباء ستنتهي خلال بضعة أسابيع ، أو مع قدوم فصل الصيف . ويتركون مصائرهم للاقدار . ولكن الوباء لن يتراجع الا بالالتزام الطوعي بالحجر الصحي المنزلي ، وبالتعليمات الصحية الصادرة من السلطات الصحية وعلماء الفايروسات المتخصصين .
بعض الكتّاب والصحفيين اخذوا يستهينون بهذا الوباء الحديد، ويلجؤون الى تقليب صفحات التأريخ : كم مليونا من البشر ماتوا بسبب اوبئة الطاعون والكوليرا وغيرها على مدى التأريخ القريب . ولكن هذه المقارنة بائسة ، لأن فايروس كورونا ، هذا المرض الخبيث والغادر لا يكشف عن نفسه سريعا مثل الطاعون أو الكوليرا ، بل يظل مخفياً ومستترا بدون أي اعراض لمدة اسبوعين أو أكثر .ومن هنا تأتي خطورته الفائقة . ثمّ ان العالم اليوم قرية صغيرة واحدة ينتقل فيها كل شيء بسرعة فائقة ، وليس بلدانا تفصلها بعضها عن بعض مسافات بعيدة يصعب قطعها سريعا ..
هذا الوباء الفتّاك ينبغي ان يكون درسا للجميع ، درسا بليغاً مفاده : ان مصائر البشر اليوم متداخلة ومترابطة ، ولا يمكن لأي بلد أن يبقى بعيدا عما يصيب اطراف القرية العالمية من مصائب واحداث جسيمة . البشر سواسية امام قوانين الطبيعة في ظروف العولمة والرقمنة ، التي أدت الى زوال الحدود الجغرافية بين بلدان العالم . وهم سواسية في مصائرهم ، ولهم تطلعات انسانية مشتركة بصرف النظر عن الأصول العرقية والأنتماء الديني والأيديولوجي
#جودت_هوشيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟