أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - كوميديات أمّي … في عيد الأم (1)














المزيد.....

كوميديات أمّي … في عيد الأم (1)


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 29 - 00:28
المحور: الادب والفن
    


أمّي سيدةٌ جادّةٌ للغاية وصعبةُ المراس. نادرًا ما تضحك، قليلا ما تبتسم. في قاموسها: "كلُّ شيء في الحياة تقريبًا مضيعةٌ للوقت، ماعدا العلم والعمل). وأعجبُ الكوميديا وأعمقُها، لا تأتي إلا من أولئك الجادّين. ولأنني أؤمن بأن "الابتسامةَ" تُعدُّ لونًا من المقاومة، فقد قررتُ اليومَ، في ظلّ الوقت العصيب الذي يعيشه العالمُ في مواجهة فيروس كورونا، أن أهديكم شيئًا من "الابتسام" عبر هذا المقال، وأهديه لأمي في عيد الأم. سأقصُّ عليكم بعضًا من المواقف الكوميدية التي صنعتها أمي منذ طفولتي وحتى سنوات قليلة خلت.
فاتن حمامة … ومقلب جدّتي...
كانت أمي عاشقةً للجميلة "فاتن حمامة". في زفافها ارتدت أمي نفس موديل فستان زفاف فاتن حمامة في فيلم "سيدة القصر". وقررت أمي أن تسمي طفلتها "فاتن" حين يرزقها الله بطفلة. وبالفعل أسمتني "فاتن". كان جدي آنذاك يعمل مهندسًا معماريًّا في مدينة "جدّة" بالسعودية، وترافقه جدتي الجميلة. وفي زيارة لهما بالقاهرة، حملتني جدتي وقالت لأمي بأسى: (تعرفي يا سهير، لو كنتِ سميتي بنتك "فاطمة" على اسمي، كنت أتحمّل مصاريف تعليمها حتى الجامعة. ايه فاتن دي؟!) من فورها نزلت ماما وغيرت اسمي في الشهر العقاري من "فاتن" إلى "فاطمة”. منحتها جدتي هديةً كبيرة مكافأة. وبالطبع تبخّر وعدها بالإنفاق عليّ حتى الجامعة، كما وعدت. وشربت أمي أول مقلب، فصارت تناديني “فافي”، ليقف بين فاتن وفاطمة!
اللِّمضة...
كانت أكثر كلمة أسمعها من أمي وأنا طفلة: “يا لِمضة". وحتى الآن لم أعرف هل هي مديح أم ذمّ. تقولها أمي بغضب: “بطلي لماضة بقا!”، حين أرهقها بأسئلة وجودية كبرى لا تناسب طفولتي. ثم تقولها أمام صديقاتها ضاحكة بفخر: “فافي لمضة جدا!” حين أسأل نفس الأسئلة في حضورهن.
مستر "وليم" والعروسة...
وأنا طفلة في الصف الأول، فاجأني "مستر وليم" معلّم الإنجليزية بإهدائي دمية عروسة كبيرة وجميلة تتكلم الإنجليزية. طرت من الفرح. وظلّ مستر وليم يمنحني كل شهر هدية لتفوقي. وكنت مندهشة لأنه لا يمنح الهدايا لبقية التلاميذ المتفوقين! بعد أربعين عامًا، ذكرتُ هذا الأمر في مقال للتدليل على ذكاء المعلّم في اجتذاب الطالب للعلم. قرأتْ أمي المقال وضحكت كثيرًا. ثم أخبرتني أنها كانت تشتري الهدايا وتعطيها للمعلمين لكي يعطوها لي لتحفيزي للتفوّق.
أبي ومقلب الجروندج….
أهدى جدي تسجيل جروندج Grundig لأبي الذي يهوى الموسيقى والمسرحيات. سجّل أبي جميع أغاني أم كلثوم ومسرحيات فؤاد المهندس وشويكار، وكان يتباهى بما لديه من ثروة قيّمة. قامت أمي بمسح جميع ما سجّل أبي، وسجّلت دروس الإنجليزية لكي تشغلّها في البيت أثناء غيابها خارج المنزل فتجبرنا على المذاكرة. حين اكتشف أبي "الجريمة" انهار، وخاصمها.
أبي فوق الشجرة...
ذهبت أمي وأبي لمشاهدة فيلم "أبي فوق الشجرة"، واصطحباني. بعد مشاهد البحر والشماسي والرقص على البلاج، بدأ الفيلم يأخذ منعطفًا لا يناسب طفولتي، فأحسّت أمي بالخطر، وأخذتني في حضنها وقالت لي: (نامي! الفيلم بقا بايخ.)” قلت لها: (عاوزة أشوف عمّو لما يطلع فوق الشجرة.) قالت لي: (لما يطلع فوق الشجرة هاصحيكي.). استغرقت في النوم. وبين الحين والحين أصحو وأسألها: (طلع؟)، تقول لي: (لسه). بعد هذه الواقعة لم تصحبني أمي للسينما إلا لأفلام الأطفال والكرتون والأفلام الهندي. أذكر منها "الفيل صديقي.”
المقلمة الضائعة...
كنتُ دائمًا "أُضيّع" أشيائي في المدرسة. كل يوم أعود البيت دون المقلمة بما فيها من أدوات، وأتلقى عقابي. في أحد الأيام فاجأتني أمي بمقلمة شديدة الجمال وقالت لي: (المقلمة دي ملكك أنتِ، لو ضيعتيها أنت حرة مش هازعل، فهي لا تخصني بل تخصك أنت.) ربما كانت أمي تحاول زرع المسؤولية داخلي، وتغذّي داخلي الشعور "بالملكية" حتى أحافظ على أشيائي. فرحتُ جدا بفكرة أن المقلمة تخصني أنا وفقط. بمجرد دخولي المدرسة ركضتُ إلى الدادا وقلت لها: (خدي المقلمة دي يا دادا. دي بتاعتي أنا؛ ومن فضلك اديها لبنتك.) عدتُ إلى البيت بفرح وقلت لماما بكل فخر: (أنا مضيعتش المقلمة يا ماما. أنا اديتها لدادا عشان تديها لبنتها فريدة.) ولا أنسى ملامح وجه أمي وهي مصعوقة من نتيجة تجربتها العبقرية.
يوم الخميس بإذن الله، أكملُ لكم مواقفَ كوميديةً أخرى صنعتها أمي الجميلة. كل عام وكلّ أم جميلة، اللهم نجِّ العالمَ من جائحة كورونا اللعينة. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوميديات أمّي … في عيد الأم (2)
- في الفواجع … شعبُنا على كأس ماء بارد
- عاصفة كورونا السوداء
- كورونا … يذوبُ في الألوان
- الحبُّ في زمن الكورونا… اسألوا أهلَ الذِّكر
- زينب الكفراوي … نَمِرةُ بور سعيد الباسلة
- هالة زايد … وزيرة على خطّ النار
- وأكره اللي يقول: آمين... عزيزي الرئيس مبارك!
- وشاح محمد بن راشد ... لقلب مصر
- صوتُ الرئيس مبارك
- المايسترو مجدي يعقوب … ضابطُ إيقاع القلوب
- جواب اعتقال … سيكولوجية الإرهابيّ: (العقل والأداة)
- مافيا الإرهاب … من الداخل (جواب اعتقال)
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (2)
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (1)
- لينين… ضابطُ إيقاعِ الضحك الرفيع
- النحلة والدبور … إهداء المايسترو لحبيبته نيڤين
- هنا الإمارات … ومصرُ تصنعُ الحياة
- وسام القديس جورج … لقاهر الإرهاب الأسود
- معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020


المزيد.....




- بتقنية الخداع البصري.. مصورة كينية تحتفي بالجمال والثقافة في ...
- ضحك من القلب على مغامرات الفأر والقط..تردد قناة توم وجيري ال ...
- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - كوميديات أمّي … في عيد الأم (1)