أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - علي سيريني - الذين يحلمون بسقوط الغرب (أمريكا خصوصا) ويستنبطون من الخيال بدائل للواقع














المزيد.....

الذين يحلمون بسقوط الغرب (أمريكا خصوصا) ويستنبطون من الخيال بدائل للواقع


علي سيريني

الحوار المتمدن-العدد: 6525 - 2020 / 3 / 28 - 14:54
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الغرب، و على رأسه أمريكا، منذ القرن السادس عشر، يعني تراكم الخبرة و الثقافة و الإدارة والمهارة و اللباقة واللياقة. في الوقت الحاضر، لا يوجد للغرب بديل أفضل من الغرب نفسه على الإطلاق. كل الدول و القوى و الكـتـل و الكوامن الموجودة فوق الأرض، في هذه الكوكبة، لا تحمل في أحشائها أي استعداد حقيقي لتكون بديلَ خيرٍ للغرب، ولتكون أفضل لمستقبل البشر والأجيال القادمة. التفوق الحضاري لا يعني إمتلاك الأسلحة الفتاكة، وإنتاج غزير في الصناعات المتنوعة فحسب، كما تبدو الصين في واقعنا الحالي. التفوق قائم في مرمى أوسع من هذه الزاوية الضيقة. الصين ليست لديها ثقافة عالمية، تؤهلها أن تكون بديلا للغرب على المستوى العالمي. وهي لا تملك لغة تقدر أن تزيح الإنجليزية من على المنصة، و تكون بديلة لها. ثم إن الصين لا تملك تلك القيم و الخبرة و اللباقة و اللياقة التي تؤهلها، أن تشغل الموقع الذي يشغله الغرب منذ أكثر من قرن على مستوى العالم، بقيادة بريطانيا سابقا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية لاحقا. و الإسلام الذي كانت النقاشات حوله مطروحة كآيديولوجية بديلة لـ "الآيديولوجية الليبرالية الديموقراطية"، منذ ثمانينيات القرن الماضي، يعاني على مستويات أعمق و أوسع مما تعانيه الصين.
الإسلام اليوم كدين، يعاني التشويه والتراجع بين المسلمين و في العالم. فالإسلام العام الوسطي، مازال يُذبح بيد قوى صاعدة ومنتشرة، وهي قوى تحظى بالقوة والدعم الهائل. منذ عقود طويلة تمتد إلى أكثر من قرن، تحتل الوهابية مساحة كبيرة، في خارطة هذه القوى الصاعدة التي تفتك بالإسلام الوسطي. ثم تأتي القوى الشيعية وميليشياتها بزعامة إيران على بقية المساحة، وهي منذ عام 1979 تشكل معاول هدم مستمر للداخل الإسلامي. وبين هاتين القوتين تكمن قوى محلية مختلفة تدور في دائرة الرحى التي تطحن الإسلام و المسلمين، على الرغم أنه ليس من الضروري أن تكون هذه القوى المختلفة منضوية في دوائر الآيديولوجيات و الحركات و الأحزاب الوهابية و الشيعية. ومن المفيد هنا الإشارة إلى أحد أكبر المنظرين للجماعات الإسلامية في هذا العصر، وهو سيد قطب، حيث أدرك مبكرا أن الهوة بين العالم الإسلامي و العالم الغربي شاسعة جدا على المستوى المادي و العلمي، حيث سبق الغربُ المسلمينَ بقرون كما يشير قطب. ولكنه رأى أن المسلمين يملكون البديل الأخلاقي الذي يقف الغرب إزاءه خالي اليدين.
في الواقع، هناك خلل و عجز كبيرين على المستوى الأخلاقي بين المسلمين، وهناك ثغرات و فجوات كثيرة في المنظومة الأخلاقية التي ينتسب إليها المسلمون، وفق الإدعاء، و بدرجات متفاوتة. لكن هذه المنظومة الأخلاقية، تغلب عليها التقاليد و المشاع الّذين يكونان السلوك الجماعي والفردي، والذي أحيانا يبدو وكأنه وليد الإسلام، وهو في الواقع نتيجة خليط معقد من تشابكات إجتماعية وفردية متراكمة عبر الأزمان. على أي حال، فضلا عن المسلمين الذين يعيشون أزمة عميقة على مستويات شتى وخصوصا المستوى الأخلاقي؛ تعاني الحركات و الجماعات السياسية الإسلامية أزمات عميقة وبنيوية تـتعلق بالهوية و والوجود والإستمداد الشرعي للكينونات التي قامت بإسم الإسلام (للقارئ أن يعود إلى مقالي المعنون: الحركات و التيارات الإسلامية، الوهابية و الإخوانية، من منتوجات الحداثة الغربية لا الإسلام: البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلامية). الأزمات و المشاكل و الخراب في شتى بقاع العرب و المسلمين شئ معروف منذ عقود طويلة، تمتد إلى زهاء قرنين من الزمان. في الدول العربية و الإسلامية هناك كوارث كبيرة، وأزمات عميقة إلى جانب تخلف كبير و نزاعات و صراعات دموية، أردت أجيالا متعاقبة صرعى حيث وسّعت جغرافيات الموت والمقابر. بإختصار، إن هذا العالم العربي و الإسلامي يحتاج إلى سفن نجاة، وسط أمواج عاتية ومخيفة ومدمرة. ومن كان وضعه على هذا النحو، فمن المضحك حقا، الحديث عن أي أهلية لهكذا حال أن تطرح كبديل ليس لواقع كواقع الغرب، بل ولأي واقع أقل جودة من الواقع الغربي.
لنعود إلى الصين، ومنها إلى الحديث عن اليسار الذي مازال يتشبث ببصيص أمل، لعل تقلبات الوقائع الراهنة تعيد القوى اليسارية إلى تشكيل كتـلة عالمية كالإتحاد السوفيتي سابقا. في الواقع هذا النوع من الحديث، ليس سوى أحلام يقظة، يتسلى بها من هم خارج سياقات التأريخ و الواقع. إن الصين (المحكومة بنظام الحزب الشيوعي الحاكم) ومعها روسيا التوتاليتارية الوريثة للإتحاد السوفيتي، تشكلان معا نموذجا من نماذج الأنظمة الشمولية و الإستبدادية التي فيها يُقمع الأفراد، ويعاملون كأدوات إنتاج أو أشياء تملأ المكان، حيث تـتوقف قيمة الفرد بما يملكه من رأسمال (بسيط للأغلبية) و مكانة في السلطة أو القرب منها. إن هكذا أنظمة هي عالة على شعوبها، فكيف بها أن تطرح كبدائل عالمية. إن قيمة اليسار في العالم، وكذلك قيمة الإسلام أيضا، تكمن في أن تتحول إلى مادة الصمغ المناسبة لسد الثغرات و الفجوات في النظام الغربي من جانب، و لتتحول إلى ثقافة تعزز مكانة الفرد في النظام الرأسمالي وتغني ثقافته و رؤيتة لنفسه و للعالم حوله. لإن كلا الرافدين يملكان في جعبتيهما ما يقدمانه لإصلاح و تطوير النظام الغربي، وحال الفرد الغربي أيضا، على مستويات شتى إقتصادية و سياسية و إجتماعية وثقافية وفكرية و سايكولوجية الخ.
ما عدا هذا المستوى المذكور، إن الحديث و الحلم بإنهيار الغرب، وطرح الأوهام والهوامات التي تقول بوجود بدائل في جغرافيات أخرى غير غربية، وأنظمة غير غربية كالتي ذكرناها في السطور السابقة، ليس سوى وقوع في أحاسيس مرهقة لشخص خارج السياق، يهوي إصطياد السمكة بالصنارة في قاع المحيط وهو جالس على حافة القمر. ولو افترضنا، أن الغرب انهار غدا، فهل هذا يخدم البشرية في العالم. الجواب بكل تأكيد هو كلا، لأن إنهيار الغرب معناه الوقوع في الفوضى العارمة ومن ثم ربما التقهقر نحو عصور ظلام جديدة لا يُعرف مداها الزمني.



#علي_سيريني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران و مرشدها يتحدثان عما كتبته قبل أربعة أعوام حول استهداف ...
- السينما الأمريكية و مشاريع الغرب المستقبلية و غفلة العرب و ا ...
- ما يصيب المسلمين في الهند و السوريين هو من صنع أيديهم!
- فحولة الغرب و خنوثة الشرق لماذا يحكم الشرق جبناؤه
- السر غير المعروف لأفضلية مرحلة صدام حسين على الحاضر
- نصيحة لوجه الله للقطريين ومنهم للخليجيين والعرب
- لماذا فلسطين العلكة المفضلة لقناة الجزيرة و النخبة الفلسطيني ...
- عقدة نقص العرب و المسلمين مرفرفة في قناة الجزيرة
- سيكولوجية النخبة الفلسطينية و أسطورة فلسطين القضية الأولى لل ...
- سيكولوجية النخبة الفلسطينية و أسطورة فلسطين القضية الأولى لل ...
- سيكولوجية النخبة الفلسطينية و أسطورة فلسطين القضية الأولى لل ...
- الحركات و التيارات الإسلامية (الوهابية و الإخوانية) من متوجا ...
- العرق الأبيض و المسيحية و المجازر ضد المسلمين
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- أردوغان ليس عدو الكُرد لكن الأحزاب القومية الكُردية اليسارية ...


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - علي سيريني - الذين يحلمون بسقوط الغرب (أمريكا خصوصا) ويستنبطون من الخيال بدائل للواقع