التجليات البشرية في الذات الإلهية (في الكتاب المقدس)

أودين الآب

الحوار المتمدن-العدد: 6524 - 2020 / 3 / 27 - 01:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

تحياتي احبائي
كثُر في هذه الأيام تشدق بعض الكهنة بأمور تخالف النصوص و تظهر إلههم كما يتمنون أن يكون و ليس على حقيقة ما يكون و كما تصفه النصوص المقدسة .
و في هذا المقال سوف أذكر بعض النصوص التي تثبت أن مؤلفي الكتاب المقدس كانوا يتصورون ربهم و يصورنه كإنسان يتفاعل فكرياً و عاطفياً و انفعالياً بشكل بشري لا غبار عليه مما يؤكد نفي صفة المطلق و المُنزه التي يتشدق بها بعض الكهنة و المؤمنين في هذه الأيام .
نبدأ بصفة الندم
يقول مؤلفي الكتاب المقدس: فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ) تكوين 6/6
(فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ) خروج14/32
(ندمت على أني قد جعلت شاول ملكا، لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي) صموئيل الاول اصحاح 15
و كما نعلم جميعاً أن الندم من الصفات البشرية . و يأتي بعد خطأ او خيار غير صائب أو متسرع و بمجرد ثبوت هذه الصفة يجعل من المستحيل على يهوى أن يوصف بالحكمة الأزلية التامة أو العلم الأزلي الكامل و هذا يخرجه من كونه مطلق إلى كونه خطاء و متسرع اهوج.
و من الصفات البشرية المعيبة أيضأ نجد المذل والغضوب المتكبر و الغيور .


(الرب اله غيور ومنتقم.الرب منتقم وذو سخط.الرب منتقم من مبغضيه وحافظ غضبه على أعدائه) سفر ناحوم2/1
(لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ إِلهُ الآلِهَةِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الإِلهُ الْعَظِيمُ الْجَبَّارُ الْمَهِيبُ) تثنية 17/10
(هو يبيدهم ويذلهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعا كما كلمك الرب) تثنية 9
نجد في هذه الأعداد(إله) يصف نفسه بأنه ساخط و حقود يحفظ سخطه على أعدائه ، أولا من المهم جدا التساؤل كيف لإله او لأي كيان يملك حد أدنى من حكمة أن يخلق او يصنع أعداء له ؟؟!!! إن مجرد ذكر كلمة أعدائي يجعل من المستحيل ان يكون المتكلم إله . بل هو ند لأعدائه اي هو قرين لعدوه . إن تعريف كلمة عدو هو : شخص يكرهني و يسعى الإيقاع الضرر و الأذية بي ، فكيف يستطيع أي إنسان أن يؤذي أو يلحق الضرر بكيان مطلق !!!
ثم إن صفة الغضب و السخط من الصفات البشرية التي تستدعي الأنفعال و تولد تفاعلات كيميائية في جسم الإنسان ، و هو شعور يأتي عقب الفشل او الإخفاق او الإنصياب بضرر معين و هذه كلها مستحيلة على كائن مطلق و ملازمة للكائن البشري الضعيف.
ثم كيف يكون إله و غيور!!!! الغيرة مرض نفسي يستوجب الشعور بالدونية و النظر إلى الشخص المحسود بأنه أفضل من الغيران منه و يتمتع بأشياء او مزايا لا يستطيع الحصول عليها . الغيرة من تجليات الضعف البشري في أوضح صوره.
اما صفة الإذلال فهي شيء مقيت يكون بفرض أشياء مؤذية على الغير بهدف التشفي به و هي صفة محصورة بالأشرار و الساديين .
و نكمل لتأكيد الصورة و الصفات البشرية التي تؤكد أن يهوى نتاج بشري خالص و نتكلم الآن عن صفة الخداع .

آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، حَقًّا إِنَّكَ خِدَاعًا خَادَعْتَ هذَا الشَّعْبَ) ارميا 10/4
(أَمَّا مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الأَبَدِ تَثْبُتُ. أَفْكَارُ قَلْبِهِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ) مزامير 11/33

الخداع صفة تقتضي من صاحبها ان يمارس الغش و الكذب و إيهام الناس بأن الباطل الحق و الحق باطل و أصحاب هذه الصفة يستحيل الوثوق بهم و هم من الناقصين المنبوذين بين البشر أستغرب كيف وصف مؤلفي الكتاب المقدس معبودهم بهذه الصفة الدنيئة .

و نتكلم عن الصفة الأخيرة في هذا المقال كي لا أطيل و هي صفة الإضلال .
9 فَإِذَا ضَلَّ النَّبِيُّ وَتَكَلَّمَ كَلاَمًا، فَأَنَا الرَّبَّ قَدْ أَضْلَلْتُ ذلِكَ النَّبِيَّ، وَسَأَمُدُّ يَدِي عَلَيْهِ وَأُبِيدُهُ مِنْ وَسْطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. حزقيل 14
لماذا اضللتنا يا رب عن طرقك.قسيت قلوبنا عن مخافتك اشعيا 63 17

20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ.
وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22
الإضلال : و معناها إزاحت الشخص عن الحق و تزيين الباطل له و إظهاره على أنه حق و تقتضي هذه الصفة الكذب كما هو مذكور في العدد من سفر ملوك الأول و يقتضي أيضأ الغش و الخداع و هذه صفة يستحيل تقبلها عندما نتكلم عن كيان يجب ان يكون مصدر لكل خير و صلاح . بل هي صفة لا يقبلها اي إنسان شريف و يتمتع بحد ادنى من الإنسانية . يعني نحن نتكلم عن كائن يغرر بالإنسان كي يخطئ ثم يعاقبه على الخطأ الذي جعله هو يرتكبه و هذا عين الظلم .
اخيراً يتبين لنا مرة أخرى أن الإنسان خلق الإله على صورته و مثاله.
مع محبتي

#أودين_الآب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات