أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إدريس - هل هؤلاء يؤمنون فعلاً بخالق إسمه الأبرز في ديننا الرحمان ؟















المزيد.....

هل هؤلاء يؤمنون فعلاً بخالق إسمه الأبرز في ديننا الرحمان ؟


أحمد إدريس

الحوار المتمدن-العدد: 6523 - 2020 / 3 / 26 - 19:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(مقاطع و فقرات من النص الحالي هي تَكرار مقصود لبعض ما كتبتُه في مقال سابق منشور على هذا الموقع.)



يا لَفظاعة ما تعلَّمناه مِن العديد مِن مشايخ الدين و أئمة المساجد :

(قد يبدو للبعض أني فيما سأقوله رُبما أبالغ إلى حد ما، و هذا مُتعمَّد لأني في واقع الأمر أريد إحداثَ صدمة : صدمة قد تَنتُج عنها ثورة بداخل عقول المشايخ…)


المودة القلبية تجاه الآخرين المُغايرين لنا في الدين لا تجوز، الترحم على موتاهم من أكبر الكبائر و يجلب غضب الرحيم، و الدعاء لهم بالخير قد يُخرج من المِلة فهو بالتالي لا يجوز ! لِذا تخلو تماماً خُطَب و مَواعِظُ مشايخنا مِن أيِّ دعاء بالخير العام لصالح غيرنا. المسموح به و الذي لا يُمْكِن البتة تجاوُزه بهذا الصدد، مِن طرف شيوخ يُحاوِل بعضهم تقديمَ أنفسِهم كديمقراطيين و إنسانيين قلوبُهم مُغرمة و مُفعمة بالحب لكل مخلوقات الله، ليْسَ من باب السخرية عندما ألخِّصُه في هذه الكلمات : "اللهم اجعل جميع خلقك يُقلِّدوننا في الصغيرة و الكبيرة لأننا وحدنا ننعم بالهداية و نسبح في بحر الخير و الحقيقة" ! الحقيقة التي اتضح جَلِياً أن العديد من مشايخ الأمة يُعرضون عنها و يُخاصِمونها و يُناصِبونها العَداء، بل لا يتردَّدون أبداً في اغتيالها، عندما تهدِّد مركزهم في المجتمع أو لا تُوَافِق الأهواء التي تسكن قلوبَهم و يُنافِحون عنها بشدة و عِناد.

ذلكم هو توحيدُهم الصافي الخالص لله، الذي يضمن لهم الخلود فى الجنة، كمُكافأة لهم على خيانتهم لرسالات الله… القرآن الكريم في وصفه لهذه الجنة الموعودة يقول بأن عَرْضَها السماوات و الأرض لَكِنَّ هؤلاء القوم قرَّروا، و بعد ذلك نَجِدُهم يُسَمُّون كفراً أيَّ استقباح لهذا الزَّعم السخيف، قرَّروا أنه لن يسكُنَها إلاَّ هم و الإمَّعة الذين عطَّلوا عقولَهم و وضعوها في ثلاجة و سايَرُوهم في غيِّهم المَهول.

لقد لَقَّنونا و غرسوا في أذهانِنا أنَّ الخيرَ الذي يفعله في هذه الدنيا غيرُنا - و لو كان إيجادَ عِلاج لِداءٍ فتَّاك أو مشروعاً ما ينفعُ خَلْقاً كثيراً، و لو كان إطعامَ سُكانِ قارَّةٍ بكامِلها أو حتى إنقاذَ كافة الكائنات - لن يُجديهم شيئاً في الآخرة فهُوَ حَسَب زعمِهم لا قيمة له في ميزان ربِّنا. أهذه هي البشارة الكبرى التي جاء بها للأنام خيرُ الأنام مِن عِند واجِب الوجود و واهِب الحياة ؟ ثُم تجدهم بعد ذلك في غاية الحسرة و الألم لأنَّ أغلبَ مُوَاطني العالَم لم يفهموا و لم يكتشفوا حتى الآن أن سعادة الدنيا و الآخرة لن ينالَها إلاَّ مَن إعتنق هذا الهبل !

أَمْرُ كثير مِن المُتحدِّثين بِإسم الدين عندنا مُذهِل حقاً : العالَم الذي يُحاوِلون إقناعَه بِأنَّ هَمَّهُم الوحيد هو دعوتُه إلى العِبادة الخالِصة لإله لا حدود لِحَنانِه حَيْث وصفه نَبِيُّه بأنه أَرْحَمُ بِالخلق مِن الأم بِوَلَدِها، يَجِبُ أن يعرف هذه الحقيقة الصادمة المُروِّعة بشأن الدين كما صَيَّرَتْهُ أفهامُهم السَّقيمة، و هِي أنهم يُحَرِّمُون قطعاً على أتباعِهم طَلَب الرحمة مِن هذا الإله الذي هو ربُّ الجميع لِموتى الغير حتى لَوْ كان هؤلاء أزكى مِنهم سيرة في الدنيا. و حتى لَوْ لم يُعلِنوا ذلك صراحة فإنَّ نِداء الله للعباد اليوم بالنِّسبة لهم يَتلخَّصُ فيما يلي : "يا من صنعتُ بِيَدي اعبدوني وحدي مُقِرِّين بأني الخالقُ الأزلي المُتفرِّد بالربوبية ؛ لِتحقيق ذلك يَجِبُ عليكم ترديدُ ما يقوله و تقليد ما يفعله وكلائي في الأرض، أعني المشايخ، بأيِّهم اقتدَيْتُم اهتدَيْتُم فرغم اختلافاتِهم هُمْ جميعاً بِفضلي و مِنَّتي على الحق ؛ و إلاَّ فإن عذاباً عظيماً لامُنتهياً ينتظركم مني أنا الخالقُ الرحيم المُتفرِّد بالألوهية" ! أهذه هي رسالة الله إلى البشر اليوم ؟

يقيناً الأمة بحاجة إلى ثورة، ثورة بداخل عقول المشايخ !

نعم نحن بِأمَس الحاجة إلى ثورة بداخل عقول المشايخ. هذه العقول المُقفِرة إلاَّ من الأوهام، و التي لا زالت مُقفلة تماماً بإحكام. إلاَّ ما رحم ربي. نفوسُهم في حاجة إلى مراجعة شاملة و قاسِية، و كذلك الكثير مِن الأفهام و الأفكار التي هي الآن عِندهم مِن المُسَلَّمات، إن أرادوا أن يصيروا مِن رُوَّاد نهضة حقيقية. و ليبدأوا بِفَتح قلوبِهم لِكافة الخلق و تَوْسِيع آفاقهم و رَفْع حِسِّهم الإنساني، إن كانت تحدوهم رغبة صادقة و حقيقية في أن يصيروا رحمة للعالَم أجمع. إن كانت لديهم رغبة جادَّة بِأن يكونوا مُساهِمين بفاعِلية و إيجابية في صناعة المستقبل. إن كانوا جادين صادقين في السعي لِبناء مجتمعاتٍ راقية متوازنة في جوانبها المادية و الروحية و أكثر إنسانية.


المُقارنة الآتية مِن شأنها - إن كانوا صادقين مع أنفسهم - أن تُعينهم في هذه المُهمة :

ما أكثر "المسلمين" الذين فيهم بعض أو ربما كل هذه الخصال :

سفهاء وُضعاء لُؤماء، ذوُو أخلاق دميمة، يستحسنون الخيانة و الغدر و العدوان، كذَّابون على أنفسهم و على الناس، أصحاب ضمير ميِّت، و فكر سقيم مُظلم هدَّام يتصادم مع فطرة الإنسان و يُعاكس حركة الحياة بتطوراتِها و مُستجداتِها و تحدِّياتِها و آفاقِها المُستقبلية، ذوُو قلب عَفِن غليظ قاسٍ، أصحاب نظرة دينية مُتشدِّدة بعيدة عن مفهوم الحب و الإخاء بين البشر - نظرة دينية ترفُض الآخَر المُغاير و تحتقِرُه و تُعَيِّرُه -، أصحاب وعي نائم و ذهنية مُنغلقة و أفق ضَيِّق، أصحاب سيرة و سريرة خبيثة، يأمرون بالمنكر و ينهون عن المعروف، فاسدون و مفسدون في الأرض، ضارون لأنفسهم و لغيرهم بفِعْلِ الشر و اجتناب فعل الخير.

و ما أكثر "المشركين" الذين فيهم بعض أو ربما كل هذه الخصال :

عقلاء عُظماء شُرفاء، ذوُو أخلاق جميلة، يستقبحون الخيانة و الغدر و العدوان، صادقون مع أنفسهم و مع الناس، أصحاب ضمير حي، و فكرٍ سليم مُتنوِّر بنَّاء يتناسق مع فطرة الإنسان و يُواكِب حركة الحياة بتطوراتِها و مُستجداتِها و تحدِّياتِها و آفاقِها المُستقبلية، ذوُو قلب نظيف رقيق حانٍ، أصحاب نظرة دينية مُتسامحة قائمة على مفهوم الحب و الإخاء بين البشر - نظرة دينية تقبَلُ الآخر المُغاير و تحترمه و تُقدِّره -، أصحاب وعي يقِظ و ذهنية منفتحة و أفق واسع، أصحاب سيرة و سريرة طيبة، يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، صالحون و مصلحون في الأرض، نافعون لأنفسهم و لِغيرهم بفِعْلِ الخير و اجتناب فعل الشر.

باختصار : ما أكثر "المسلمين" الذين هم نقمة على العالَمين، الذين هم أعداء للإنسان و الحياة و الحضارة و السلام ؛ و ما أكثر "المشركين" الذين هم رحمة للعالَمين، الذين هم أصدقاء للإنسان و الحياة و الحضارة و السلام. هل في عالَم الناس اليوم مَن بإمكانه إنكارُ هذه الحقيقة الجليَّة و التي هي أسطعُ مِن ضوء الشمس ؟ أي الفريقين أكرم عند الله، يا مَن تنعتون دون تفكير و غالباً باستِعلاء أو ازدراء معظم سُكَّان العالَم بلفظ الكفار مع أنه لا دخل لهم الْبَتَّة في أمور وقعت بجزيرة العرب في زمن سحيق غابر، أي الفريقين أحب إلى الله ؟


ستكون لنا عودة إلى موضوع "الكفر" في مقالات لاحقة بِعَون الرب. يجبُ حسم هذه المسألة بصفة قاطعة نهائية.


« إذا لم تَكُن، أيها المسلم، في قلبك و فكرك و عملك، رحمة للعالَمين، فأنت على طريق غير طريق رسولك محمد - صلَّى الله عليه و سلَّم -، فقد قال له ربه الذي أرسله : "و ما أرسلناك إلاَّ رحمة للعالَمين". » (عصام العطار)



-----------------------



ملحق


1) أحد كِبار أئمة هذا العصر يُحرَّم لعن الدَّواب و حتى الجمادات، و في المُقابل يُقِر فضيلتُه لعن و سبَّ أغلب المخلوقات الآدمية : لأن أغلبَ بني آدم في نظره كُفار.

https://t.me/Amr1968/3328

اللهم اصرف عبادك عن هذه النسخة من "الإسلام" التي يستحيل أن يُقرها ذوو الفطر السوية !


2) في هذا الفيديو مُذيعة تخاطب بعض المشايخ أو مُحترفي المَشْيخة و تُعطيهم درساً بليغاً في الدين الحق :

https://www.facebook.com/BasmaWahbaOfficial/videos/2897827483633073/



#أحمد_إدريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيروس الذي فتك بمُجتمعاتنا و ما وجدنا له مضاداً ناجعاً لِح ...
- الحاجة المُلحة إلى ثورة بداخل عقول مشايخ الدين
- ما حذَّرنا منه يتحقَّق !
- ضرورة إعادة تأصيل مفهوم الكفر في الإسلام
- لا للحجر على الفكر و مصادرته بإسم الدين !
- لا مفر من مواجهة الحقيقة - مهما كانت مؤلمة و قاسية…


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إدريس - هل هؤلاء يؤمنون فعلاً بخالق إسمه الأبرز في ديننا الرحمان ؟