|
رسالة مفتوحة إلى نشطاء ( كفاية ) .. الانتفاضة أو الطوفان
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 1576 - 2006 / 6 / 9 - 11:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
رسالة مفتوحة إلى نشطاء حركة ( كفاية ) الانتفاضة الشعبية في 23 يوليو أو .. الطوفان!
دعوني أعترف أولا بأن الكتابة الموجهة إلى القوى الوطنية أكثر صعوبة ومشقة من أي عمل آخر مناهض للنظام الفاشي للطاغية حسني مبارك وأسرته. تناقضان يتلازمان معي لدى الحديث الموجّه إلى قوى المعارضة، فمن ناحية ينبغي التأكيدُ على أن المشهد المصري لا يحتمل امساكَ العصا من الوسط، فإما أن تكون مع الطاغية وكلابه وزبانيته وأدوات التعذيب التي لا تفارق أيديهم ورؤيتهم المشتركة في امتهان كرامة المصري، واعتبار عرضه وشرفه وماله وأرضه وروحه وجسده بين اصبعين من أصابع الرئيس، وأن المواطن المصري لا يساوي لدى سيد القصر صفرا أو أقل من ذلك. وإما أن تكون في الناحية المضادة والمعاكسة والمناهضة لأعتى طغاة كل العصور المصرية، لذا فأنا أرى أن المعارضة بكل تناقضاتها وأطيافها وتوزعاتها المتفرقة وصراعاتها الظاهرة والباطنة هي أشرف وأطهر واسمى وأرقى من كل شهود الزور الذين يواصلون تبرير جرائم الديكتاتور، وتلميع وتأهيل وريثه .. ذلك الشاب الذي إن وصل إلى سدة الحكم فلن تقوم لمصر قائمة بعده إلا أن يشاء الله. ومن ناحية أخرى أشعر بأن المسافة بيني وبين المعارضة بعيدة بُعد المغربين رغم أننا نقف على نفس الأرض، ونواجه العدو عينه، ونناهض نفس الديكتاتور الارهابي الطاغية حسني مبارك، ونحمل أمنيات وأحلاما وآمالا مشتركة في تحرير مصر. عندما دعوت إلى العصيان المدني في بدايات العام الماضي لينطلق في الثاني من مايو 2005، بدا لي أن كل قوى المعارضة اجتمعت على رفض الدعوة لأنها ليست خارجة من أحشاء الشارع المصري، وأنها، أي قوى المعارضة، تعرف أكثر من ستة ملايين مصري في الخارج، وتتلمس كل السبل، وتستطيع أن تضرب النظام في مقتل أو توجعه وتوهنه وتضعفه ليسهل القضاء عليه لاحقا. حاولت ما وسعني الجهد التنسيق مع كل قوى المعارضة، واستجديت الناصريين والاخوان المسلمين والأقباط واليساريين والوفديين وأتباع أيمن نور والمستقلين وحركة ( كفاية ) والنقابات وطلاب الجامعات و ..... فور ظهور الدعوة للعصيان المدني، بحثت القوى الوطنية عن طريقة سحب البساط، فعثروا على مقال للمستشار طارق البشري في أكتوبر عام 2004 يدعو للعصيان المدني دون أي تفصيلات أو برنامج عمل( مع احترامي وتقديري الشديدين له ) ، لكن المهم أن الدعوة القادمة من الخارج يجب وأدها قبل نفخ الروح فيها. فشلت كل محاولاتي إلا من مجموعة من الجواهر الأكثر نقاء وصفاء من كل لآليء الدنيا، وبعض هؤلاء الشباب كانوا أيضا على الرصيف المقابل لنادي القضاة بعدها بعام لتقذفهم المخالب القذرة لكلاب الرئيس في سيارات البوكس ثم إلى معتقل طرة .. أو أبو غريب المصري. المعضلة الكبرى هي أن المعارضة الشريفة الوطنية قد تنبت لها أجنحة طاووسية فتظن كل حركة أو صاحب صحيفة معارضة أو حزب في مقر مجهول أو تجمع متواضع أو مكتب صغير في الطابق الثاني لبناية قديمة أن الأرض ستتزلزل من تحت أقدام تصريحات زعيم الجماعة، لكن الحقيقة أن عمر النظام يطول حتى وهو يترنح، وعذابات شعبنا تتضاعف ولو كان الطاغية هاربا إلى شرم الشيخ، والعالم كله يستعد للاعتراف بشرعية القادم الشاب الحامل فيروسات السادية والذي تحيط به حيتان من رجال الأعمال تستطيع أن تلتهم ثروة مصر لعشرين جيلا قادما، بل أن ترهن بلدنا وخيراتنا وأرضنا واستقلالنا، وتجعلنا نتمنى الوصول إلى جنة الصومال وأمنها وخيراتها وتحضرها. الحديث إلى المعارضة الوطنية في الداخل أقرب إلى الحوار مع سَدّ منيع لا تسمع مساماته خرير الماء ولو كان شلالا نياجريا لا يملّ ولا يَكِلّ ولا يهدأ. لماذا لا تتحاور معنا أولا، ثم ننسق معا، ثم نُبدي الرأي في الانتفاضة الشعبية المصرية أو العصيان المدني، وتنتظر حتى نحدد موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سُوىً، ونرفع شعارات تعبر عن توجهاتنا .... الخ؟ إجابة مُعَدّة سلفا لدى كل ناشط وطني في الداخل، فإذا كان رئيس حزب أو تجمع أو جماعة أو حركة فسيحتفظ بها لنفسه، وسيقتل دعوتك بالصمت، وربما يتهمك بأنك لا تدري ما يحدث في الشارع المصري من ارهاصات ستؤتي أُكُلَها بإذن الله. أيها الاخوة في حركة ( كفاية )، مقدمة كانت ضرورية لاثارة واحدة من اثنين، إما غضبكم فتديرون ظهوركم للانتفاضة الشعبية المصرية، وإما الوقوف بكل أمانة ونزاهة وشفافية وواقعية للاعتراف بأن لا حل أمامنا غير الانتفاضة الشعبية المصرية في 23 يوليو 2006 بشعارها الواحد الوحيد ( محاكمة الرئيس حسني مبارك وأسرته ورجاله أمام محكمة شعبية عادلة ومحايدة ). لقد أدى شعاركم ( لا للتجديد .. ولا للتمديد .. ولا للفساد ) مهمته كاملة، وانبعثت من الأرض روح جديدة، لكن النظام الارهابي لمبارك قفز فوقها، وجدد أمام العالم، واستعد للتوريث دستوريا من تحت قبة البرلمان، واستمر في الفساد، ومدد قانون الطواريء، وأظهر أنيابا فاجرة تنهش في لحوم المصريين وتغتصب اخوانكم وأخواتكم، وأعظى الرجلُ الضوءَ الأخضر لهدم المعبد عليه وعلى أعدائه .. أي أبناء الشعب المصري. أظن أنكم جميعا قرأتم بيان الانتفاضة في مندرة ( كفاية ) وفي عشرات المواقع الأخرى وأرسلناه لكم بكل الطرق الالكترونية والفاكسات، وهو بيان فيه من الحيادية ما يجمع كل تناقضات المصريين والمعارضة الوطنية لتقف في مقدمة الانتفاضة ويشعر كل واحد أنه صاحبها ومطلقها وحاميها وزعيمها وحامل رايتها؟ حركة ( كفاية ) تنضوي تحت لوائها كفاءات وقيادات ورجال وطنيون ومثقفون وصُناع قرار إعلامي وفكري وأكاديمي وثوري وتستطيعون إن أردتم (!!) اعتبار الانتفاضة الشعبية المصرية في 23 يوليو 2006 هي ثورة فردية جماعية يتحمل مسؤوليتها كل مصري. تشير الدلائل، والله عالم الغيب والشهادة، أن الطاغية مبارك يحتضر، وأن عصابة الثمانية تمسك كل مفاصل الدولة، وأن اعترافا عربية ودوليا بالحكم القهري القمعي الحديدي الجديد لن يستغرق يوما أو بعض اليوم، وليس أمامكم غير الحزب الوطني .. حزب الأغلبية، وأكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشعب، وأن انفجارا هنا، وعملية ارهابية متعمدة هناك من النظام الارهابي لأسرة مبارك، ووقوع ضحايا أبرياء كفيل بالتفاف الجماهير الساذجة والطيبة والباحثة عن السلام حول الرئيس الجديد ليحمي مصر إلى حين. إذا كانت المعارضة لم تستطع أن تجمع مئة مناضل في الخامس والعشرين من مايو لمناصرة القضاة، فكيف ستحتج على وراثة دستورية لرقابنا وشرفنا ومستقبل أولادنا بيد غليظة وفظة يلفها الوريث حول أعناقنا. أيها الاخوة نشطاء ( كفاية ) إن بامكان المناضلين أصحاب المنابر الاعلامية وأخص بالذكر الدكتور عبد الحليم قنديل وعبد الله السناوي وابراهيم عيسى وابراهيم حمودة وحمدين صباحي وأتباع أيمن نور وجورج اسحق والمعارضة في الخارج أن يجتمعوا على كلمة سواء، وأن يرفعوا شعار الانتفاضة ( محاكمة الرئيس حسني مبارك وأسرته ورجاله ) فهو أيضا شعار ستلتف حوله الجماهير لأنه يصل مباشرة إلى مركز الغضب لديها؟ أيها الاخوة نشطاء حركة ( كفاية )، استحلفكم بكل المقدسات وحبكم لمصر وكراهيتكم لسنوات الذل والنهب والفساد والامتهان أن تعيدوا النظر في رفضكم كل ما لم يصدر عنكم، وأن تقرأوا بيان الانتفاضة وملحقاته، وأن تقفوا معها بكل ما أوتيتم من قوة وشجاعة، وأن تنشروا في صحفكم ومطبوعاتكم نداءات إلى قوى الشعب لمناصرتها، فالوقت ليس في صالحنا، والمباركان، الأب والابن، يحملان لكم نُذرَ جحيم سنندم بعده جميعا أننا لم نقف يداً واحدة، وما حدث مع الدكتور عبد الحليم قنديل والمستشار حمزة والمناضل الشاب محمد الشرقاوي وابنتكم عبير العسكري سيحدث مع كل منكم على انفراد، فهل نجد لديكم هذه المرة أذنا مصغية أم أنكم تنتظرون القيام بمظاهرة من مئة معارض بعد خطاب الرئيس جمال مبارك الذي سيعدنا بالاصلاح ولسان حاله يقول: سأتخم دود الأرض بجثث المصريين؟
محمد عبد المجيد [email protected] الانتفاضة الشعبية المصرية في 23 يوليو 2006
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة إلى محمد الشرقاوي .. أحزانك أشرف من أفراحنا !
-
إبليس يتنازل للعراقيين عن المهمات القذرة
-
سيدي الرئيس ... أرجو أن تبصق في وجوهنا
-
أيها المصريون.. نعم أنا نذل، وسنغتصبكم فردا .. فردا
-
الرئيس مبارك: نعم أنا جبان، فماذا أنتم فاعلون؟
-
سيدي الرئيس ... أنت جبان
-
نفوضكم أيها القضاة بتولي حكم مصر إلى حين
-
مقطع من يوميات كلب
-
أيها المصريون، هذا الرجل مجنون ... هذا الرجل نيرون
-
مباحث أمن الدولة والمخابرات المصرية وانتفاضة 23 يوليو 2006
-
دعوة القضاة لدعم الانتفاضة المصرية في 23 يوليو 2006
-
الأقباط والانتفاضة المصرية في 23 يوليو 2006
-
الرئيس السوري يطلق رصاصة الرحمة على قلب دمشق
-
الإخوان المسلمون والانتفاضة المصرية في 23 يوليو 2006 رسالة م
...
-
أيمن نور والانتفاضة المصرية في 23 يوليو2006 رسالة مفتوحة إلى
...
-
المشهد الإماراتي في عهد محمد ين راشد آل مكتوم
-
هيكل والانتفاضة المصرية في 23 يوليو 2006
-
الانتفاضة الشعبية المصرية في 23 يوليو 2006
-
كيف نطيح بالرئيس مبارك عن طريق الإنترنيت؟
-
الفخ الأمريكي للغباء الإيراني .. متى يبكي حراس الثورة؟
المزيد.....
-
لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور
...
-
-لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا
...
-
-بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا
...
-
متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
-
العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
-
مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
-
وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما
...
-
لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
-
ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|