رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6520 - 2020 / 3 / 22 - 09:48
المحور:
الادب والفن
المبدع لا يتوقف عند (شكل) محدد، بل يخترع اشكال جديدة، فرغم أن الومضة أصحبت هي السيدة في عصر النت والفيس بوك، إلا أن هناك تجديد في شكل تقديمها، كتبت الشاعر محمد حلمي الريشة:
" تَانْكَا
-----------------------------
هَلَعٌ بَشَرِيٌّ فِي شَوَارِعِ الْعَامَّةِ؛
أَمْعَاءٌ تَهْرَعُ مِنْ أَجْسَادِهَا!
بِنِدَاءٍ حَكِيمٍ:
﴿يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾*-
ثُقْبٌ ضَئِيلٌ فِي جِدَارٍ ضَيِّقٍ."
البداية مشهد عادي/طبيعي نراه على شاشات التلفزة وفي شوارعنا، لكن المقطع الثاني جاء بصورة فانتازيا، الأمعاء تهرع من أجسداها، والجامع بين المشهد الأول والثاني هو "هلع، وتهرع" فعل الهلع أدى إلى الهرع، والرابط لا يقتصر على التتابع والتواصل بينهما فحسب، بل أيضا نجده في حرفي "الهاء والعين" وهذا يؤكد على وحدة المقطع انسجامه.
ويفاجئنا الشاعر "بنداء حكيم" فالبادية العادية، ومن ثم الفانتازيا لا تستوجب وجود قول "حكيم/بليغ" لكن وجوده "الحكيم" يسهم في تعدد أشكال المقاطع في الومضة، ويسهم في تشظي وتباعد الأشكال المستخدمة في الومضة.
المقطع الرابع آية قرآنية من سورة النمل، وهنا يكسر الشاعر نمط الومضة كليا، لأنها قصيرة ولا تحتمل إدخال أي دواخل عليها، لكن الشاعر أراد تمزيق المقاطع إلى أجزاء متناثرة، وهنا نجد علاقة بين "الهلع، وتهرع، و"أيها النمل أدخلوا مساكنكم"، وقد قلنا أن المقطع الأول عادي/طبيعي، وبما أن الآية القرآنية تدعوا النمل "أدخلوا" فهي دعوة ـ بطريقة غير مباشرة ـ من الهلعين في الشوارع ليدخلوا مساكنهم، وبما أن الآية استخدمها الشاعر بصورة رمزية، فيكون قد قدم صورة عادية/واقعية، وأخرى فانتازيا، وأتبها بالرمزية.
ويختم الومضة بصورة تجريدة، "" فجعل ضئيل ضيق يأتيان في مسار واحد، ويعطينا معنى متماثل ومتقارب، وأيضا تماثلان مع "هلع وتهرع" فحرف الضاد والياء يجمع الكلمتين، وبهذا يكون الشاعر قد (فسخ) المقاطع وجعلها متناقضة في الشكل، لكن الفكرة والألفاظ والحروف جمعتها ووحدتها.
الومضة منشورة على صفحة الشاعر
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟