أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي. - حمدى عبد العزيز - نساء علي رصيف الهامش ..














المزيد.....

نساء علي رصيف الهامش ..


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 6517 - 2020 / 3 / 18 - 17:22
المحور: ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي.
    


شاهدت الفيلم التسجيلي القصير (نساء علي الرصيف) والفيلم من إنتاج القناة المصرية الثامنة (قناة الصعيد) لكاتبته ومخرجته المصرية نجلاء بسيوني والتي نالت جائزتين ذهبيتين عن هذا الفيلم من مهرجان القاهرة للإعلام العربى دورة عام 2011 ، حيث حصلت على جائزة فى السيناريو ، وجائزة فى الإخراج ..

يدور هذا الفيلم ويتدفق شريطه السينمائي أمامنا بأوجه نسائية متنوعة يجمعها عالم واحد هو عالم رصيف السوق ..

لكل وجه قسماته وتجاعيده الخاصة التي تفصح عن روح إنسانية لها الآمها وحرماناتها وأحزانها وأحلامها الخاصة ..

وكل صاحبة وجه لها حكايتها ومعركتها الخاصة مع حياتها البائسة الجافة ..

ووراء كل صاحبة وجه رجل عاجز عن العمل ، أو عظام قبر كانت رجلها ، أو رجل فارقها ، وأولاد ينتظرون عودتها بما يسد جوعهم ، أو يوفر لهم الحد الأدني من الستر والملبس والمأكل ..

كل وجه نسائي
هو وجه لامرأة معيلة تكافح من أجل أن تبقي أسرة علي قيد الكرامة الإنسانية

لكل وجه قصته
لكن قصة واحدة تجمع كل هذه الوجوه
هي قصة الإصرار علي استمرار الحياة ولو بحدها الأدني في ظل ضيق الحال وندرة الحيلة ..

ولعل في اختيار رصيف السوق الذي تجلس فيه كل أصحاب هذه الوجوه من النسوة دلالة رمزية عميقة لفكرة تحمل عمقاً فلسفباً إجتماعياً لقضية المرأة ، بوصفها كائن يحمل وظيفة فسيولوجية مبدئية يحملها مسئولية استمرار الحياة علي هذه الأرض ، وبوصفها كائن تعرض لسحق تاريخي تحت ضغط عملية التقسيم الإجتماعي للعمل ، ولعل رمزية السوق والرصيف في الفيلم تضعنا مباشرة أمام مسرح القضية إجتماعياً ، وتضع أنظارنا مباشرة أمام مربط الفرس ، حيث أن السوق هنا هو موقع التقسيم ، وموضع القهر الإجتماعي ، والرصيف الذي هو هامش السوق والشارع والمجتمع هو شاهد التهميش ..

وهنا تكمن براعة نجلاء بسيوني المخرجة وكاتبة السيناريو للفيلم حيث لم تبرح الكاميرا عالم السوق إلا للتنقل لقراءة الوجوه النسائية التي طحنها هذا السوق وشكل حدود نوازعها وأحلامها ، ومعاناتها ..

تقهر المرأة لامحال كجزء من القهر الإجتماعي
وتهمش المرأة كجزء من عملية التهميش الإقتصادي والإجتماعي الذي تمارسه قوي الهيمنة الإجتماعية عبر مراحل التاريخ الإنساني ..

الفيلم يعبر التسجيلية إلي عالم الشعرية السينمائية التي تعبر أسطح الصورة إلي أبعادها الكامنة بحيث يبوح لنا كل كادر سينمائي بأسرار عناصره ، سواء باستخدام لغة الأوجه المتعبة ، أو العيون المشعة بالإصرار والتشبس بأهداب الحياة ، أو تلك التي تحمل ابتسامة لها تاريخها الخاص من المكابدة والكدح والألم ، أو تلك الأعين النسائية المشعة بالدفء والأمل رغم قسوة الحياة وجفافها الشديد ..

في (نساء علي الطريق) لاتحتفي المخرجة نجلاء بسيوني عبر كاميرتها وكتابتها لسيناريو الفيلم بالمرأة المصرية التي أطاح بها تقسيم العمل الإجتماعي إلي قارعة الرصيف ، وقش أراضي الأسواق القروية ، وإنما هو احتفاء في حقيقة الأمر مجرد احتفاء سردي ، إنما هي تنفذ إلي عمق أشد ، وهو كيف أن العناصر التي تقدمها لهذا الكائن الحنون الضعيف الهش يمثل النواة الصلبة التي تحصن عالماً من الرجال والبنات والأولاد من التداعي والسقوط ، وتقف كحائط صد يحمي الحياة البشرية في أضعف منطقة من مناطقها من الضمور ..

هي اختارت أحد أسواق الصعيد المصري كمجال للرؤية السينمائية ، وهو اختيار لأعمق نقاط الإنسحاق والتهميش في مصر ..

هو الصعيد بإمكاناته الثروية المحدودة كمنطقة بعيدة عن المركز الذي تبدأ منه الخدمات وعمليات التمدن الإنساني عبر التاريخ ..

وهو الصعيد الذي يعد يقع علي هامش الهامش كقلب لعملية الإنسحاق الإجتماعي للمرأة

وهو الصعيد الجاف بسياقاته التراثية والثقافية الشديدة التمييز ضد المرأة .. ومن هنا كانت استعانتها بترديد كلمات أغنية فيلم (عرق البلح) الذي أخرجه الراحل البديع رضوان الكاشف والتي أعدها من التراث الجنوبي الراحل الرائع عبد الرحمن الأبنودي ، وغنتها الرائعة شيرهان بآداء إنساني عميق ..
طوال الفيلم كانت تتدفق هذه الكلمات مع تدفق وجوه النساء أصحاب قصص الفيلم

( بيبا.. آخر الصعيد
بيبا.. والصاعد مات
بيبا.. خلف بنات
بيبا.. خلف بنية
بيبا.. قد القطية
بيبا.. خدها عليا
ببا.. خدها بدابايح
بيبا.. والسمن سايح
ببا.. سايح لفوق
بيبا.. وعمله طوق .. ) ..

إلي آخر هذه الكلمات
التي تتكرر مقاطعها كلما توغل السرد البصري في كل وجه من وجوه أولئك النسوة اللواتي يخضن معركة الحياة أمام شراسة الواقع الإجتماعي والإقتصادي وقوة الدفع المهيمنة التي تعمل طوال الوقت علي إزاحتهن إلي الهامش بعيداً عن متن الحياة الإنسانية الأقل قسوة وجفافاً وعنتاً وعذاباً ، ليظل الرصيف هو موطنهن الإجتماعي طالما ضن عليهن حضن الوطن بحنوه وحمايته ..

، وهذه الإستعانة الجمالية كانت تشكل سياقاً للعبور بالفيلم التسجيلي إلي فضاءات السينما الروائية والإستعانة بآدواتها ، وهو ماأكسب اللغة السينمائية في لفيلم طاقة جمالية ساعدته علي التوغل العميق داخل تلك الارواح البشرية المنهكة علي رصيف السوق ..

كذلك جاءت الكلمات الراوية المصاحبة لشريط الرؤية متدفقة كلغة القصيدة الشعرية الحديثة شارحة كحد المشرط أو كسن المنظار الجراحي الذي جال بنا في أعماق جروح أرواح النسوة الباحثات عن أسباب البقاء والحياة ، في عالم لاتسهل فيه لقمة العيش ..

كل التحية للمبدعة البارعة
نجلاء بسيوني ..

_________________



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف عثرت (نرجس علي ريحان) علي أرض الأحلام ؟
- تدليس روسي يراقص التدليس الأوربي والأمريكي علي الأرض الفلسطي ...
- روسيا لاتعرف سوي مصالح روسيا
- شاهدت لكم (عودة الغائب) ..
- توجهات تركيا المعادية تاريخيا
- ضجة مفتعلة تدل على مدى تراجع ثقافتنا
- لوكاكو .. الأفريقى الجميل ..
- من باب ( لو ) ..
- فراندة المثقف العضوى النبيل .. تيسير عثمان
- ملاحظات علي هامش موضوع المديرة المنتقبة ..
- أسئلة الحزب كوظيفة إتصالية في عالم اليوم ..
- خسائر لعدم الإكتمال
- مهمة لاتحتمل التأجيل
- الخطر العميق ..
- لم تحضر بعد ..
- عن الأوضاع فى لبنان
- عسل فى الكوز
- ثقوب فى رايات الإستنارة المصرية
- لماذا نتباهى بالإختلاف ؟
- حزب الله ، وواجب قراءة اللحظة اللبنانية الراهنة .


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المرأة الروسية بلسان قادة الثورة الاشتراكية البلشفية (فلاديم ... / جميلة صابر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي. - حمدى عبد العزيز - نساء علي رصيف الهامش ..