أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الغني سلامه - جرائم ضد الإنسانية















المزيد.....

جرائم ضد الإنسانية


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 6517 - 2020 / 3 / 18 - 12:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


اعترف عدد من القناصين الإسرائيليين بقيامهم بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين الفلسطينيين المشاركين في مسيرات العودة بشكل متعمد، ما أدى إلى استشهاد 215 متظاهراً، وإصابة نحو ثمانية آلاف بإعاقات دائمة. وقد روى جندي من لواء "جولاني" أنه أصاب 52 فلسطينياً في ركبهم وقتل واحداً. وكان يفعل ذلك لتسجيل رقم قياسي في عدد الركب التي يفجرها، وقد احتفظ بمظروفات الرصاصات للذكرى ("هآرتس" 4/3/2020).

هذه ليست الجريمة الأولى، ولا الأخيرة، في سجل الممارسات الإسرائيلية الإجرامية؛ فإسرائيل أساساً قامت على أنقاض مئات القرى الفلسطينية، التي دمرتها، وهجرت سكانها، بعد أن اقترفت عشرات المذابح المروعة.. ثم فرضت حكما عسكريا على من تبقى منهم، وقتلت كل من حاول العودة إلى منزله..

وبعد احتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة، واصلت إسرائيل ممارساتها التعسفية بحق الفلسطينيين، مِن قتل واعتقال وهدم بيوت، فبلغ عدد من ورد المعتقل نحو مليون فلسطيني منذ عام 1967 حتى 2020، منهم نحو خمسين ألف حالة اعتقال سجلت في صفوف الأطفال، وبلغ عدد البيوت المهدمة أكثر من 25 ألف بيت، عدا عن آلاف الشهداء والجرحى..

لكن الجيش الإسرائيلي، ظل يمارس العنف والإرهاب بقدر معقول من التعقل، فيزيد وتيرة العنف تارة، ويخفضها تارة، وفقا لحسابات سياسية وإعلامية، وظل الجنود منضبطين إلى حد ما بأوامر قيادتهم.. مع الأخذ بالاعتبار عشرات الحالات التي خرجت عن الالتزام بالأوامر..

منذ أن استلم اليمين الحكم في إسرائيل، أخذت وتيرة العنف تزداد بوتيرة عالية وخطيرة، ليس من جانب الجيش والأمن وحدهم، بل وأيضا من جانب المستوطنين.. ولم تعد الأمور خاضعة لحسابات أمنية وسياسية، بقدر ما صارت تعبيرا عن حقد وغل دفينين..وأحيانا للتسلية!

في غزة، تتصل الطائرة الحربية بسكان عمارة سكنية تحوي عشرات الشقق، وتأوي مئات المواطنين، وتمهلهم خمس دقائق لمغادرة العمارة، لأنها ستقصفها بعد ذلك، لتسويها بالأرض.. خمس دقائق فقط، لمغادرة شقتك مرة أخيرة، وللأبد، تاركا فيها كل ذكرياتك وحاجاتك، لتختفي تحت الردم بطرفة عين..

وفي حالات أخرى عديدة، تتعرض عمارات وبيوت وأحياء بأكملها لقصف جوي ومدفعي عنيفين، دون أي مهلة، ولا أي إنذار.. فجأة يصحو أحدهم من تحت الأنقاض، ليكتشف أنه الناجي الوحيد من عائلته، التي كانت حتى ساعات مضت، تتعشى، وتشاهد مسلسلا على التلفاز..

في القدس، تضع السلطات المواطن المقدسي أمام خيارين: إما أن يهدم منزله بيديه، وإما أن تهدمه بلدية الاحتلال، ولكن، على نفقة صاحب المنزل.. وزيادة في التنكيل، يأتي الضابط بفاتورة تبين تفاصيل تكاليف الهدم، وأجرة الجرافات، والعمال، بما في ذلك أجرة "مرحاض متنقل" لاستخدامات الجنود الذين هدموا البيت!

في مدن وقرى أخرى في الضفة، يأتي الحاكم العسكري، ليخبر العائلة أن أرضها التي تعيش من خيراتها صودرت.. أو يأتي قطعان المستوطنين فيقتلعون الأشجار، ويعتدون على الأهالي، ويمنعونهم من جني ثمارهم، وحصد محاصيلهم، أو يطلقون النار على كل من يقترب من حدود المستوطنة، حتى لو كانت أرضه.

في أي وقت، يقتحم الجنود المدن والقرى، مدججين بالأسلحة، يفجرون الأبواب، أو يطرقونها بكل عنف في ساعات الفجر، يدخلون مقنعين، كأنهم وحوش زومبي، ليعتقلوا مواطنا غارقا في النوم، دون أن يمهلوه فرصة لارتداء ملابسه.. وفي المحكمة، يأتي الأبوان لرؤية ابنهم خلف القضبان، فيقف أمامه ثلة من الجنود ليحجبوه عنهم!

على الحواجز العسكرية، قد يضل مواطنا طريقه، فإذا توقف لبرهة، أو أتى بأية حركة، سيقنصه جندي على الفور، دون حتى سؤاله.. في كل دول العالم قد تضطر الشرطة لإطلاق النار على شخص مشتبه به، أو يشكل خطرا، فإذا ما سقط أرضا، وتمت السيطرة عليه، فإن الشرطة تستدعي الإسعاف.. على الحواجز الإسرائيلية يقنص الجنود المواطنين لأتفه الأسباب، ولا يسمحون لأحد بالاقتراب لتقديم المساعدة للمصاب (حتى لو كان لا يشكل أي خطر)، ولا حتى لسيارة الإسعاف، فيتركوه ينزف حتى يموت.. وإسرائيل الكيان الوحيد في العالم الذي يعتقل جثامين الموتى، ويرفض تسليمها لأهاليهم!

أما معاناة الأسرى فتحتاج مجلدات لوصفها.. معاناة لا تنتهي: تعذيب، شبح، حرمان من النوم، حرمان من الزيارة، اقتحام المعتقلات بالغاز المدمع، وبالهراوات، إهمال طبي.. وقد استشهد في السجون الإسرائيلية نحو 222 أسيرا، نتيجة الضرب المبرح، أو بسبب الإضراب، أو نتيجة الإهمال الطبي، ومنهم من استشهد وهو مكبل في السرير..

كل هذه الجرائم ممنهجة، وتعبر عن العقلية الإسرائيلية، التي تعتبر الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت، وأنّ كل فلسطيني عدو ويستحق الموت، وهذه النظرة العنصرية يتم تغذيتها باستمرار عبر الإعلام الإسرائيلي الرسمي، حتى بات المجتمع الإسرائيلي مشبعا بالأفكار العنصرية، ومثقلا بكراهية الفلسطينيين.. بل إن الحملات الانتخابية الإسرائيلية تتغذى على فكرة قتل وقمع الفلسطينيين..

جميع هذه الجرائم مسجلة وموثقة، لكن العالم يتعامى عنها، علما أن السلطة الوطنية توثق كل ممارسات الاحتلال، وقد استعرضها الرئيس أكثر من مرة في خطاباته في الأمم المتحدة، إضافة إلى ما توثقه منظمات فلسطينية مدنية مستقلة، وأيضا هناك منظمات إسرائيلية عديدة توثق كل عمليات خرق حقوق الإنسان في إسرائيل، وتسجل جرائم الاحتلال واعتداءاته على الفلسطينيين. ومنها: "بيتسليم"، "السلام الآن"، "كاسرو الصمت"، "مساواة"، "عدالة"، "غوش شالوم"، "جمعية حقوق المواطن"، وغيرها..

التوثيق مهم جدا، لكن الأهم هو التقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتقديم عرائض ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وتجريم قادة الجيش والدولة وجرهم للعدالة الدولية.. وبالمناسبة، جميع رؤساء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أياديهم ملطخة بالدماء، وفي رقابهم مذابح مروعة، من بنغوروين حتى نتنياهو وغانتس..

مع إدراكنا بأن التقدم للمحاكم الدولية مسألة بالغة التعقيد، وليست هينة كما يظن البعض، وحتى لو كانت إسرائيل (كما الولايات المتحدة) ليست عضواً في المحكمة الجنائية، فهذا لا يمنع الشكوى، والتحقيق، واستدعاء قيادات إسرائيلية للمثول أمام المحكمة، والقبض عليهم في الدول التي تحمل عضوية المحكمة والموقعة على ميثاق روما.

ويجب مقاضاة إسرائيل وقادتها وضباط جيشها ليس فقط على الجرائم القديمة، بل وأيضاً على الجرائم التي تنوي اقترافها، مثل الإقدام على ضم الأغوار والمستوطنات، وغيرها من بنود صفقة القرن.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأتخلص من كل من لا يشبهني
- منشأ العنف والتطرف؟
- البشير والإخوان المسلمين
- الدولة المقدسة
- مشروع نهر الكونغو
- العقل السياسي العربي
- ما بعد الصهيونية
- فلسطين الكنعانية
- في وداع محمد شحرور
- مسلسل SEE
- لغتنا الجميلة
- متى، وكيف نشأت الأمة العربية؟
- 1990~1994 سنوات الجمر والحسم
- من أنا؟
- الخوف
- اعتذار عائض القرني
- تايه، رواية فلسطينية للأديب صافي صافي
- عن اليسار العالمي والعربي
- أربعة أخطاء في نظامنا التعليمي
- الحرب الطاحنة بين أمريكا والصين


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الغني سلامه - جرائم ضد الإنسانية