رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6511 - 2020 / 3 / 11 - 22:46
المحور:
الادب والفن
أحيانا تستوقفنا بضع كلمات أكثر من صفحات كاملة، وهذا يعود، لأن صيغتاها وطريقة تقديمها التي تحمل بين ثناياها شيء يكمن بين الكلمات، شيء ليس ظاهر، لكنه يشير إلى ما هو داخل الكاتب/الشاعر، إلى العقل الباطن، من هنا تأتي جمالية النص، فالنص الأدبي الخارج من أعماق الكاتب هو النص المثير، هو النص الثري بالخصب، الومضة جاءت بهذا الشكل:
"ازهار اللوز الثلجية
تخضب بفراشات الضوء عري الشجرة
اذار يمجد حلم الارض
بعباءته الخضراء"
الومضة مكونة من مجموعة ألفاظ البيضاء: "أزهار، اللوز، الثلجية، تخصب، بفراشات، الضوء، الشجرة، آذار، يمجد، حلم، الأرض، بعباءته، الخضراء" لكن هناك "عري" الشاذة، فالبياض غير المكتمل، لم يأتي مطلقا، رغم أنه آذار وزهر اللوز، كيف حدث هذا وما الداعي لوجود "عري"؟.
لفظ الثلجية، (الغريب) عنا وعن منطقتنا، فرغم أننا نرى الثلج في بعض مناطقنا خاصة في المشرق العربي، إلا أننا لا نراه باستمرار، بصورة دائمة، بل بفترة قصيرة لا تتجاوز أيام معدودة، وهذا نراه حتى في القصيدة، ف"الثلجية" جاءت منفردة في الومضة، كأنها (غريبة)، فكلنا يعلم أن أزهار اللوز ليست ثلجية، بيضاء، بل تميل إلى البنفسجي قليلا، وهذا الانسجام بين الومضة وطبيعية المنطقة العربية يؤكد على أن الومضة خارجة من أعماق الشاعر.
لكن عالم/ارض الثلج تشير إلى أرض حريتنا، الجنة التي نسعى إليها في المنطقة العربية، فنحن نحلم بالجنة في بلاد الثلج، في الغرب الديمقراطي، البعيد عن الفقر والجوع والقمع والمراقبة والمطاردة، العالم المفتوح لكل المحرمات، الجنس، السياسة، الدين، من هنا تذكر الشاعر واقعه السابق، في (جحيم) الشرق ودول الطوائف والقبائل، فجعله يتذكر(عري/ه) وكأن الثلج جعله يشعر بالبرد، فتذكر أنه (عاري)، وأن ومضته تبرد/بردت في الثلج، وتحتاج إلى الدفء، وبما أنه يعيش في (الجنة) ودون أي محظورات أو ممنوعات، فتلفظ ب"عري" دون أي خجل أو خوف، فكانت تعبر عن العقل الباطن للشاعر، عما هو داخل الشاعر.
الومضة منشورة على صفحة الشاعر
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟