|
حنيني في شوط الخيال
ابراهيم زهوري
الحوار المتمدن-العدد: 6510 - 2020 / 3 / 10 - 09:01
المحور:
الادب والفن
الآن في طريق العودة لا أحد في هذا الليل سواك ألتمس الدفء في جيوبي الفارغة وأنظر إلى نجوم السماء يبدو القمر مكتملا والضوء الساطع له ألف حكاية تمر من ألف باب أنتظر الحافلة وحدي وهذا الطريق السريع موحش يكتمل فيض حنيني في شوط الخيال أراك بهية مكتملة .. ترقصين مثل أول مرة يتمايل خصرك أمامي مثل ريشة طائر مهاجر وأنا مذهولا في الدهشة العالية ودمي الساخن تأتي من تعبه مزامير العبق تاريخ النسيان أهواك كلما تهتز شفتيك كلمات حب وأسأل نفسي الثكلى مرات عديدة من أين لك كل هذا الجمال يا رقيقة ... يا خير مثال .
هي زهرة الصبار وظلي المنحني نحوها يزحف رمال جسمك الذهبي والكثبان وشمس المنفى الخجولة قطر الندى بين فخذيك ينز مثل شلال و علائم انفعالاتي البدائية ألف سؤال يختمر وألف احتمال أمام شفتيك المتوحشتين أرتعش ينعقد تلعثم كلامي وقلبي يعلو ويهبط خائفة كل الأنفاس عسل البلح في الأعالي عناقيد نهديك ينابيع عناقي اليتيم ترياق أشم شعرك المتموج وأرسم على جدراني أمنية الخلاص خذيني بكل حالاتي فأنا قد ضاقت بي الآفاق .
جدي خليل
هي البرية مهبط مهواه رحلات يومه المتكررة الوادي وعين الماء وأشجار الزيتون المصفوفة والثمار المحروسة التفاح والآراصيا و دالية العنب والعناقيد يفتش جدي خليل عن زاويته المعتادة للإسترخاء من قيظ الظهيرة يضع الفأس جانبا ويلتقط الأنفاس يغسل وجهه الملتهب البلوري من جدول قريب ويقرأ الفاتحة على ضريح كانت الظلال تتمايل في عرس السكون لا أحد يا جدي الآن هي الأرض وسادتك الذهبية وهذا الأزرق في لون عينيك كأنه إنعكاس السماء على البحر تشرد النوايا الحسنة في ابتسامة خفيفة منك حيث العشب الأخضر واليابس يتآلفان وترتخي العضلات في استراحة التعب والحلم ينتشي بملايين الصور ووحدك تذهب نحو أقاصي المجهول هذه جنة فردوسك الأرضي فلتنم وتنام وهذا الليل لك قمر صفد على وادي الليمون ، فجأة يقترب منك وهمهمة دبيب تقترب ، يشمك تنحني كتفيه الغائرتين للخلف قليلا وينز لعاب كريه يتجهز لافتراسك دفعة واحدة وبهدوء الصياد الماهر تندفع ساعديك القويتين نحو فكيه وأنيابه الحادة وتنال منهما بلمح البصر ...تستوي من رقادك وتحمله متدليا للأسفل وتملأ صرختك الجبارة أطراف الوادي وصخوره المترامية وتفسخ فكيه كل باتجاه .. وهذا الضبع المرقط أصبح مثل قطعة قماش تتدلى على سرج حصانك وتقول في نفسك ليّ من فروة جلدك القاسية نصيب وتعالوا أيها الأهل لنأكله مطهواً على أنه خاروف .
Nürnberg.sun.26 jan
لاشيء هنا ينطق الأبواب خرق ٌ بالية الشوارع لا ترد التحية بمثلها والليل قنديل غيب أعرج يمشي لوحده مثل غيظ غراب لانجمة الصبح غواية ولا الظهيرة تكتمل بالهمس ولا تسكن في الهروب متن الرواية أرقام المهاجع قلاع خيمتنا وخزان الماء القديم شاهق علقة الفرنسيون في الهواء وضحكوا تركوا قبعاتهم المدورة خرز الحسرات على صنبور ماء تزاحمت القرى وتشابكت اللهجات الجليليات خلعن أثواب الحداد كانت الأطياف أظافر أصابعهن المحناة طرّزنَ على الرصيف مهرجان الغبار والأبجدية كتاب السحر على نافذة الشتاء كم كانت الأغطية بئر وكم أرسلت من غرور باطنها عصمة اللهفات أسبوع طهور طفل وغنائية الأسنان اللبنية كتاب السنة الجديدة وذكرى الإنطلاقة كانت تهتف لنا الحياة وكانت الأرض الجديدة تشبهنا في المنفى علق جدي نطف نصف أسراره وبالسر الدفين باح في المنفى احترق حقل راودنا وخلف الرحيل المر انهدم سراج ماضينا وحاضرنا فقط كومة قش غث لا تليق به على حائط رخو صور الشهداء .
الشامان الصغير
في المشفى الحكومي بكيت كثيراً إلى درجة الإختناق ليس من تأثير عملية خياطة لئم الجرح أسفل ذقني بأكثر من عشرة قطب أو غرز ، بل من وضعي عنوة تحت دفق شلال صنبور الماء عندما تطلب الأمر غسل الدم المسفوح المتخثر .. عندئذ كانت جميع أطرافي تشترك في نوبة إرتعاش تعبر عن حقها في تنفس الهواء . في الغرفة الكبيرة مجموعة أسرة حديدية بيضاء وكان نصيبي سرير الزاوية من جهة اليمين محاذاة الباب حيث جاورت طفلاً آخر لايشبهني من حيث إكتنازه المفرط ، لايتكلم أبدا غير غمغمات ألم ٍ وأنين ، تتصاعد طوال الوقت مثل شخير متكرر كلما علا شهيقه أو هبط زفيره ، سقط هو الآخر لكن في دلو مغلي واسع من مربى الورد الجوري ويبدو جسمه مكتظا ً بالدمامل المتناثرة مثل كثبان الرمل . جائني زائرا ً بين كلّ من الجار الطيب والقريب الودود وأنا أتناول بنهم شوق الشهية المفتوحة في كل زيارة أقراص طبق الكباب الحلبي حين تفوح رائحة شوائه في عموم الغرفة الفسيحة إلى أن جاء الشرطي يحمل دفتراً عريضا ً وقلم ، يسألني عن سبب الواقعة وكيف حصلت ، كنت نحيلا ً بما يكفي ليبتسم لي تعاطفا ً وأنا ليس باستطاعتي حتى الكلام الطليق بسبب الضمادة المشدودة على ذقني وكأنها لحية بيضاء من القماش . - " كنت أطيّر ُ الحمام " ! هكذا أجبته وسط قهقهات المتحلقين حول السرير وهكذا إبتسم هو مرة أخرى عندما كتب في متن محضره أنني مع بعض أقراني كنا نرمي ريش الديك الرومي المذبوح الذي جلبه أبي إلى البيت حين ظهيرة صيف في عمق بهو البئر الدائري الذي يتوسط بركة الماء المسقوفة والخزان الشاهق . في الحارة بعد الخروج لم يهمني أبداً زحمة التجمهر حولي مرات عديدة أو من عناء ملل تكرار القص عندما يطلب مني أحدهم سرد الحكاية المثيرة مرة أخرى مع رزمة تفاصيل جديدة تعيد الأمر برمته إلى إشراقة بداية عهد حدوثه وتحمل في طياتها مزيدا ً من الدهشة المجبولة بعبارات العافية والسلامة وهذا ما كان يصرح به فضول المارة أحيانا ً بأن الملائكة هي من حملتني توددا ً ومغفرة رحمة ، أو أن الطفل الذي دفعني وفرّ هارباً قد أغوته عين الشيطان المتقدة والعياذ بالله ، منذ ذلك الوقت وأنا أشعر بفيض محبة الناس من حولي وأنا الطفل المحظوظ جدا ً في سقوطي المدوي المريع خاصة حين يبادرني أحدهم بالسلام وإلقاء التحية : - " أهلين ( أهلا ً ) بالشيخ إبراهيم " .
29/1/2018 Sommerach.Germany
في البدء وحيدا ً كان دمي محنة الله في شفة الأسفار أحلام القصيدة تغمرها حنطة الموسيقا ضوء الخشوع أمامي أشكال الخلود نهي ُ الريح عن صلصال الكلام إيقاع مشيئتك خمر أمشاج وأصابعي فم الغناء على الطريق إحتفال شهيتي في وطن الغياب وأنت عرش البياض في خرافة إمرأة شقائق النعمان تبلل حفنة التراب رعفة السديم مسك الشعر في سرير غلوائي المقهور بستان ريحان أحبك فراشة الغيم في انهزامي نبض الندى عشب مخيلتي ما تهدج من ضلالة لغتي نشيد ما خبأته كل النساء حين ترتعد فلذة اللهاث ها هنا عروق عطشي وهل يشتاق الرماد لإيقاع السماء وأنت بزوغ السر في غابة ظلي لاشيء يدركني أصقاع شرودي ما تبدل من وصف البدايات أتبعك بكامل رجفتي ممتلئا ً لتمكث منفردة ومضات ضلوعي في فصول اللوز جمر الرؤيا تزفها في عتمة النائم أفلاك أبد الدهر أريق شرفتي المخمورة ليل ٌ يتلوى وأشباح الأوهام زبد الضوء حريق البوح عناقيد ماء مدنف بطيف الشذرات وجهك مصباح ُ ما تراه الروح هيام المسك في شقوق الأرض قبل الشتاء إكتمال خصب وما انفك يزاولني سحر المجهول وأنت أصل العطر في صلوات العشاق أتوغل بالأصداف و أكتب إليك غجرية تتماوج في وَله ِ الريح قبل البرق جنون آثامي إسطورة تلك الوردة يا قيثارة كل الأرض الوعرة كنت ُ أجاور خطواتي في إيقاع العزلة وأباغت خوف النار وكنت ِ لأول مرة رنين الجهات أغصان التفاصيل بكاء رأيتني في اليقين أعلو إليك سفوح نبض الخليقة وأنت إحتجاب النداء حرف حقيقة على أجنحة النحل رعب انبهارٍ مجروح .
Sommerach . Germany 29.1.2018
حين تم إنقاذي من قاع البئر الذي وقعت فيه وأنا طفل .. كنت مثل شاة مدماة في سيارة النجدة الحمراء المتجهة نحو مشفى المدينة عندما طلبت من أمي وأخوتي الذين رافقوني أن يبتعدوا قليلا عن نوافذها الواسعة من أجل أن أتفرج ..هكذا قلت يشدوني فضولي الجريح العائد من غيبوبة الوعي أبحث عن فضاءات السماء السابعة ، وهكذا بعد أربعين سنة أثناء عودة سيارة الإسعاف السريع إلى المخيم حين كان جسدها مسجى داخلها في إحتضاره الأخير طلبت أمي من أخي الأكبر " - هيه أنت يا كبير أجلسني حتى أرى وجه الله " وأنا أمسد بكف يدي كتفها وأمسح دموعي .
#ابراهيم_زهوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات التجوال الأخير
-
هنا لا يحتفل القمر
-
حيرة التأويل صنوبرة الكلمات
-
هذيان رياح البحر و لون المنحدرات
-
مجاز منفاي لحاء ذئب
-
أرى ما يراه النائم
-
غرب المنفى نهاية الأرض
-
واجمة نواقيس القصيدة
-
يكتمل ظلي مع هذا النشيد
-
تتشابه أصابع العنبر .. رماد تعاويذ الجهات
-
تلف الحناء تأوه العسل
-
هناك حيث تكابد الأعراف
-
ثياب العشب المبلل
-
معتصما ًبالوردة مخضبا ًبلغة الأناشيد.
-
إلى الأكواخ الوثنية .. هتاف حقائبنا
-
تضاريس التراب معراج ثمالة .
-
أرشف رثاء الخصب
-
نشيد التراب الأخير
-
أُقلب نرجستي في ضيق
-
يرقات نار أبواب الغياب
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|