لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 6508 - 2020 / 3 / 8 - 08:58
المحور:
ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي.
***
كانت صباحا
تمسح زجاج نافذة غرفتها
بصفحات "جريدة الْيَوْم السابع بعد
المليون .."
و مع ذلك لا جديد فيها يُذكَر
و لا قديم يستحقُّ " الذَّكر"
فإذ بها ترى بنت الخامسة
في الشارع تقود دراجتها
و شعرها يراقص الريح
كان والدها جالسا على كرسيه
المتحرك أمام بقال الحي
...
تنهدت .. تراجعت إلى الخلف
اتجهت إلى مكتبها ..
و هي لا تشعر
فتحت دفتر خواطرها
المكسورة
و بدأت تجترّ شذرات مضت من حياتها
من خلال جرّات قلم
منهك:
أذكر أيام الصبا ؛
كان جدي يعدني حسب أمنياتي :
اذا نجحت سيشتري لي دراجة هوائية
كم وعدني جدي الحبيب..
فأمثال جدي لا يخلفون
وعدهم!
و كم نجحتُ على مرّ السنين
كم تفوقتُ عليهم جميعا
إناثا و ذكورا
حتى كبرتُ و ظلت أحلامي
على حالها بريئة ، بسيطة
طفولية
كبرتُ و لم يفِ جدي بوعوده
التسويفية..
و بقي وعده في تلافيف
الذاكرة مذكورا
و وجدتني أنثى تعيش
تحت رحمة العرف و النمطية
أنثى يُحرّمُ عليها اللعب قبل البلوغ ..
كان الحلم عندها ذكرٌ مؤنث
تُسبى روحها بإسم الأعراف
في غرف جدرانها طينية
و أسقفها قرميدية
أو قصديرية
يُحجز عليها
حال بداية أول النزف
و الطمث
و العادات السيئة الشهرية !
حتى بعد البلوغ لم أبلغ شيئا
عدا الوصاية عليّ!
لكني ما زلت أحن إلى دراجتي
الهوائية تلك ؛
أحنُّ إلى حمرة هيكلها الفولاذي
و إنارتها الأمامية
و الخلفية
و فراملها المعدنية
مات جدّي الحبيب و جِبِلّ
كثْرٌ
و تطورت دراجتي الهوائية
تزداد تقعُّرا في ذاكرتي
*
مازالت كما الفسيفساء الخزفية
تطرّز بسذاجات الأمس جدران جيوب ذاكرتي
و إن تكسّر بعضها ..
و مازلت أطير مع حركاتها و أتقدم
و أسبق ظلي
عندما انتقلت دراجتي بفعل
آلام الماضي من الهوائية إلى نارية..
بالأمس كان جرحي ينفخ هواءً
و الْيَوْم صار كالتنين
أو كالبركان يقذف الجحيم
بكورات حِمَمَيّة!
دراجتي تأخذني إلى أبعد المسافات و الآفاق؛
و أنا بقدرتهم دون إرادتي
لم أتحرّك من مكاني
منذ أربعين حولا
دائما أنا بنفس الصفة
أُعيد أمام مرآة الزمن
ترتيب و مشط ظفائر
تلك الأُنثى المحتجزة في بيئة شرقية !!
ـ 2 مارس 2020
ـ باريس
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟