|
حماس.. والخروج من المأزق!
عدنان الكاشف
الحوار المتمدن-العدد: 1573 - 2006 / 6 / 6 - 10:04
المحور:
القضية الفلسطينية
" يجب ان نوصل الفلسطينيين الى الهزال لا الموت" " يجب النظر الى المسائل المعقدة مع الفلسطينيين بشكل يمنع توجيه الانتقادات الدولية لاسرائيل وتؤثر على مكانتها في العالم" الشعار الاول قاله دوف فايسغلاس مدير مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي في اجتماع امني عقد في مكتب وزير الجيش في حينه شاؤول موفاز بتل ابيب، والشعار الثاني ما خرج يه نفس الاجتماع، ونشرته الصحف الاسرائيلية يوم 17/2/2006 .
ولو كنا نحن كفلسطينيين نتابع بإهتمام ما يصدر عن المسؤولين الاسرائيليين وقراءة ما بين السطور، لما وصل بنا الامر الى ما نحن فيه اليوم من وضع متأزم شمل المجتمع والحكومة والمعارضة على حد سواء. وبينما يعدّ الاسرائيليون خططهم ويدرسون مشاريعهم السياسية بعناية فائقة ويحشدون التأييد العالمي لتبرير استمرار عدوانهم على شعبنا ولموقفهم المتناقض مع الشرعية الدولية، انكفأنا نحن على انفسنا وذهبنا بعيدا في خلافاتنا، فأصابنا الشطط وبدأنا حرب المناكفات السياسية، ليس فقط داخليا في الغرف المغلقة، بل ونفاخر بها علنا عبر الفضائيات، ما زاد من حالة الاحتقان السائدة، الامر الذي اصبح يشكل تهديدا حقيقيا بانقسام المجتمع، ولم نعد نجيد التجديف لدرء خطر غرق المركبة الذي أخذ يهددنا جميعا. وغزة التي كانت عصية على الكسر من قبل اعدائها على مر العصور، وآخرهم من حلم بان يبتلعها البحر، نغرقها نحن بأنفسنا في بحر من دماء شبابها الطاهرة، لتصبح كل الاحاديث والصيحات المدوية بأن الاقتتال الداخلي الفلسطيني خط احمر ولا يوجد هناك شيْ اسمه الحرب الاهلية، عبارات فارغة وممجوجة لعدم ترجمتها على ارض الواقع، وأصبح كل وطني غيور يضع يده على قلبه من تدهور وتسارع الاحداث. ولو كنا نحسن الاداء في فن التفاوض الداخلي اثناء تشكيل الحكومة الفلسطينية، لاستطعنا تخفيف الكثير من العناء عن انفسنا وشعبنا، ولكن نشوة الفوز المغري غير المتوقع في الانتخابات، أعمت اصحابه من رؤية الواقع، وأداروا ظهرهم لباقي القوى والكتل البرلمانية الاخرى. وعندما قال الكثيرون ان حماس في السلطة تختلف عن حماس في المعارضة، كان الامل يحدوهم ان قيادة هذه الحركة ما دامت قد قبلت باللعبة السياسية وأصبحت مشاركة في النظام السياسي، فإنها ستأخذ بعين الاعتبار كافة متطلبات نجاح حكومتها محليا وعربيا ودوليا. ولكن للاسف الشديد لم ينطبق هذا التحليل على حركة حماس، والتطورات اللاحقة لم تأت كما امل السياسيون ذلك حتى هذه اللحظة. فحماس شكلت حكومتها كما تريدها، ضاربة عرض الحائط بأسس وقواعد العمل الجماعي الجبهوي الموحد، فعندما طالبتها القوى والكتل البرلمانية المختلفة، من أجل ان تكون هناك مشاركة حقيقية، بضرورة الاعتراف بـ م.ت.ف كممثل شرعي ووحيد لشعبنا، وكذلك تبني برنامج الاتفاق الوطني المقر في عام 1988 لم ترفض ذلك فقط، بل وكالت لهم التهم بتعرضهم لضغوط اميركية لعدم المشاركة في الحكومة. وعمليا وضعت حماس- بقصد او بدون قصد- م.ت.ف في نفس الكفة مع اسرائيل بعدم الاعتراف بهما، رغم ان احدا – فلسطينيا- لم يطالبها كحركة بالاعتراف بإسرائيل. وتذكر جريدة الحياة اللندنية (27/5/2006) ان مسؤولا في حركة حماس توجه شخصيا للرئيس عباس بعد تشكيل الحكومة عن الحد الادنى المقبول دوليا لرفع الحصار، وان عباس اجابه بوضوح ان هذا الحد الادنى يتمثل في قبول المبادرة العربية، وهو ما نقله الى الحكومة التي ناقشته في الاجتماعات الثلاثة الاولى التي عقدتها. وأضاف المسؤول: " كان التوجه الاعم لدينا هو الاعلان باسم الحكومة قبول المبادرة العربية، لكن بعض الاخوة في قيادة الحركة طلب منا التريث حتى لا يفهم من الموقف اننا تنازلنا عن مبادئنا مقابل البقاء في الحكم". واليوم يتردد ان قيادة الحركة بصدد دراسة الجوانب القانونية والسياسية لهذه المبادرة، وربما جاء ذلك بعد جولة واسعة لمسؤولي ووزراء الحركة والحكومة زاروا خلالها دولا عديدة وسمعوا ما طالبهم به زعماء هذه الدول رغم التكرار عن البعد العربي والاسلامي في خطاب حماس، ليثبت مجددا ان الحكم شيْ والمعارضة شيْ آخر، وان الحكم مسؤولية سياسية كبيرة تجاه الشعب نفسه وفي العلاقة مع الاخرين. واليوم تكون الحكومة قد أكملت يومها السابع والستين من عمرها، وان الحكم على اية حكومة في العالم وتقييم ادائها يكون بعد مرور 100 يوم، الا ان المؤشرات والمعطيات حتى الان - وفي حالتنا - لا توحي بأي جديد ايجابي في الافق للخروج من المأزق الراهن.
الحوار الوطني
وجاء الحوار الوطني برعاية ومشاركة الرئيس ابو مازن ليضع النقاط على الحروف، ولتحمل الجميع لمسؤولياته، طالما ان الازمة اصبحت عامة والحمل اثقل من ان يحمله طرف بمفرده، ومن هذا الفهم كانت هناك اكثر من مبادرة سواء على صعيد القوى او القطاع الخاص او المجتمع المدني او الاكاديميين، ولكن الوثيقة الابرز التي حظيت باهتمام الغالبية العظمى من المشاركين في الحوار هي وثيقة الحركة الاسيرة التي اصبحت تعرف بوثيقة الوفاق الوطني، كون هذه الوثيقة نابعة من عمق مأساة ومعاناة اسرانا الذين يكتوون ليس فقط بنار السجان، وانما بما يعكسه تدهور الوضع الداخلي من استخفاف بنضالاتهم. وقد اكتسبت الوثيقة أهمية كبيرة كونها لم تغفل اية قضية مركزية، كما ان اصحابها لم يشترطوا الاخذ بحذافيرها، بقدر ما رأوه اساسا صالحا لهذا الحوار والبناء عليه بما يعزز الجبهة الداخلية ويعيد الثقة بشعبنا وبنضاله الطويل والمرير، ولهذا لا يجوز نقل الخلافات الى داخل السجون الاسرائيلية والقول ان هذه الوثيقة لا تمثل كافة المعتقلين في كافة السجون، ونصدر البيانات باسمهم لنؤكد سلبية الوثيقة.
ان صياغة خطة سياسية وبرنامج سياسي موحد يكون منسجما قبل كل شيْ مع الشرعية الفلسطينية، ومن ثم مع العربية والدولية، ويعمل على تفجير الطاقات الكامنة المختزنة في صدر شعبنا في مقاومته للاحتلال، ولعل ما حدث في ميدان المنارة يوم 24/5 وتصدي المواطنين والشباب للقوات الخاصة الاحتلالية، وانهمار حجارتهم عليها، ليبدو المشهد وكأن السماء تمطر حجارة قبل يوم من بدء الحوار ما يدعو الجميع ملايين المرات لضرورة الاتفاق. لقد طال الزمن الذي انتظره شعبنا في ضرورة الاتفاق وانجاح الحوار الوطني، ورغم المؤشرات الايجابية مع بداياته، فإنه من المعيب ان ننحرف به بعيدا عن أهدافه، لنختلف على مكان انعقاده، او حرفه لمناقشة قضايا ثانوية فرعية، ونتسابق على كيل الاتهامات من جديد حول الاستفتاء الذي طرحه الرئيس وكأنه انقلاب او عامل ضغط او تهديد او ابتزاز، ولا نسابق الزمن فيما نحن مقبلون عليه لمواجهة خطة اولمرت. ان نجاحنا في افشال هذه الخطة يحتاج منا كقيادة سياسية لهذا الشعب التوجه الى العالم موحدين، وفق رؤيا واضحة تعيد التأييد والدعم والتضامن الدولي مع نضال شعبنا، والعمل على اعادة احتلال قضيتنا مكانة الصدارة في اهتمامات دول العالم، خاصة وان اولمرت قد حقق نتائج غير متوقعة من زيارته لواشنطن وخطابه امام الكونغرس الاميركي أعطاه حافزا ودافعا كبيرا لعدم اقامة أي اعتبار خاص للمعارضة الاوروبية والعربية لخطته، منطلقا من الافتراض غير المعقول ان يرفض احد ما في العالم قرارا اسرائيليا بالانسحاب من اراض محتلة وهو مطلب يردده المجتمع الدولي منذ 39 عاما، وللرد على ذلك لم يعد مقبولا ولا مفهوما بمطالبة المجتمع الدولي بالتدخل حال تصاعد العدوان الاسرائيلي، وفي الوقت نفسه ندير له ظهرنا ولا نعترف بالشرعية الدولية، كما انه لا يمكننا مطالبة اسرائيل بدفع الاموال الضريبية والجمارك والتلويح باللجوء لمحاكمها، ونتنكر للاتفاقية التي نظمت هذا العلاقة، ونحلل اللقاءات مع الاسرائيليين في امور انسانية شعبنا بحاجة اليها، و نحرم او نرفض اللقاءات السياسية لمجرد الرفض. وبالتأكيد هناك العديد من الملاحظات على هذه الاتفاقية او تلك وكذلك على هذا القرار الدولي او ذاك، وبما اننا الطرف الاضعف في معادلة الصراع، فاننا بحاجة الى كسب أي صديق قبل ان يتحول الى عدو او غير مبال او متردد في الوقوف الى جانب قضيتنا العادلة، وعلينا سوية العمل على تعديل بعض البنود في هذه الاتفاقات ونحسن الاداء التفاوضي، لان الازمة الحاية جوهرها سياسي مع الاحتلال، شريطة عدم التخوين او الاتهامات بالتفريط لاي طرف فلسطيني. ونستطيع الجزم ان لا وجود ولا يمتلك احد الجرأة على فعل ذلك مطلقا ( الخيانة او التفريط) ، وبناء على ذلك يصبح الجميع متمسكا ومحافظا على الثوابت الوطنية دون اية مزايدات، ولهذا فإن المطلوب هو تكامل عمل النظام السياسي وتحديدا بين مؤسستي الرئاسة والحكومة، وعدم التنازع على الصلاحيات، والاحتكام دائما وابدا الى ما ينص عليه القانون، واقامة اوثق العلاقات وايجاد اللغة المشتركة والتناغم المثمر لاداء عمل المؤسستين.
المخرج الوحيد
ان المخرج الوحيد من المأزق الراهن هو في ادراك حركة حماس انها اصبحت المسؤولة عن كافة مناحى الحياة في الوطن المحتل، وعدم السماح بانهيار الاقتصاد الوطني بالكامل. وفي حال عجزها وعدم قدرتها على حسم امورها والاستجابة لما يطالبها به شعبها والعرب والعالم، فمن الاجدر ان تتقدم للرئيس ابو مازن وتعلن استقالة الحكومة، والطلب منه تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة او ( حكومة توافق وطني) تحظى بتأييد نواب الحركة في المجلس التشريعي وتوفير شبكة امان لها، على ان تراقب اداء هذه الحكومة فيما يتعلق بقضايا الشأن الداخلي، وحجب الثقة عن أي وزير والوقوف بصلابة امام اية محاولة فساد، والبدء بفتح ملفات سايقة. فقط بهذا نكون قد انقذنا شعبنا وانفسنا وارسينا سفينتنا الى بر الامان وجنبنا شعبنا مشكلات اجتماعية غير مأخوذة بالحسبان، اذا ما استمر الوضع كما هو عليه، او ازداد سوءا وتدهورا، الامر الذي يعني ان حماس كانت متعطشة للوصول الى السلطة مهما كان الثمن، غير آبهة بمصير الشعب، وهي بذلك لا تختلف عن الاخرين الذين طالما انتقدتهم، فلا أحدثت اصلاحا ولا تغييرا!
#عدنان_الكاشف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتائج الانتخابات التشريعية: مطلوب حكومة انقاذ وطني..
-
فلسطين: الانتخابات التشريعية والمسؤولية التاريخية
-
مطلوب غرفة عمليات سياسية مشتركة لمواجهة تحديات ما بعد الانسح
...
-
الانفلات الأمني وبقاء الشعب
-
على هامش حالة الاستقطاب في الساحة الفلسطينية لتتشكل لجنة تحك
...
-
نعم لانتخابات مؤجلة وفق قانوني الاحزاب والتمثيل النسبي الكام
...
-
هل فتحت قمة شرم الشيخ آفاق السلام الحقيقي؟!
المزيد.....
-
بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش
...
-
Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
-
-القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
-
-المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
-
إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا
...
-
ترامب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا أمريكيا خاصا لأوكراني
...
-
مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في غارة إسرائيلية على بعلبك
-
أوستن يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا
-
بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
-
بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|