|
الطبقةُ السياسيّةُ في العراق وأنغِلاقُ الحَلَقاتِ المُميتة
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6506 - 2020 / 3 / 4 - 17:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما تكونُ "الكائناتُ" (أيّاً ماكان توصيفها) ،عاجزةً عن الإستجابة للتحديّاتِ التي تُهدّد وجودها .. تبدأُ بالإنقراض. هذا ما يحصلُ الآنَ لـ "طبقتنا" ، و "كائناتنا" السياسيّة ، وتشكيلنا الإجتماعي(كُلّها معاً) .. و هو ماقد يحدثُ لاحِقاً(وسريعاً) لتجسيدنا "الجغرافي" ، كـ "وطنٍ" مُحدّد ، على خارطة العالم. لقد تركنا زمام أمورنا لمن يملِكُ جِلْدَ شاةٍ مذبوحة ، ماعاد يؤلمُها السَلْخُ ، ولا طَعْنُ السكاكينِ القادمة من كُلّ حَدْبٍ وصَوْب. فازَ بوريس جونسون في بريطانيا ، وأخَذَ معهُ مستقبلَ أوروبا ، ودور يمينها المعتدِل في إعادة تشكيل العالَم المُتعدّد الأقطاب .. إلى المجهول ، بينما "كائناتنا" السياسية لاتدري شيئاً ، ولا تُصِرُّ على شيءٍ ، ولا تفعلُ شيئاً ، أكثر من تكالبها المحموم على تقاسمِ الغنائمِ في "وطنٍ" منهوب. وهاهو بنيامين نتنياهو يُعزّز قبضتهُ على السلطة في اسرائيل .. الآن .. وكُلّكم تعرفونه( أو يُفترَضُ أنّكم تعرفونه) ، وماعليكم سوى التَحَسُّبِ لما سوف يفعلهُ ، أو ما سوفَ يكونُ قادِراً على فعله، في قادمِ الأيّام. والأهمّ من كُلّ ذلك ، أنّ دونالد ترامب سيفوزُ في انتخاباتِ ولايتهِ الثانية ، فيكتَمِلُ علينا إغلاقُ الحلقاتِ المُميتة. يقولُ دونالد ترامب بكُلّ وضوح ، ويُتَرجِمُ مايقولهُ إلى وقائعَ على الأرضِ المُمتدّةِ من اليابانِ إلى الضفافِ الشرقيّةِ للأطلسيّ : دعهم يكرهونَ بعضهم حيثُ يتعايشونً منذُ بدايةِ الخَلْقِ ، و اتركهم يقتلونَ بعضهم حيثُ يعيشونَ إلى يومِ القيامة .. وكُلّ ثمارِ البيدرِ ستسقُطُ في سلّتنا في نهاية المطاف. و قبلَ "كورونا" ، وبعد "كورونا" ، وبدونِ "كورونا" كان الإقتصادُ العالميّ يُعاني من تباطؤٍ في النمو. وهذا يعني أنّ أسعار نفطنا ، ومصدر دخلنا الوحيد ، تتآكلُ يوماً بعد آخر. و قبلَ "كورونا" ، وبعد "كورونا" ، وبدونِ "كورونا" يتزايدُ عجز الموازنة العامة ، وتأكلُ الرواتبُ 60% من إجمالي نفقاتها العامة ، في حين تنصَبُّ "إصلاحاتُ" دولتنا الرشيدة على قانون تقاعدٍ بائس ، وعلى تعيين 250 ألف عاطل عن العمل ، وضخّهم في عروق مؤسّسات فاشلة وغير مُنتِجة وعَبثيّة ومُبدّدة للموارد ، وفاسدة حتّى النخاعِ الشوكيّ .. لنكتشَفَ بعد أيّامٍ قليلةٍ من تعيينهم ، أنّ لا رواتبَ لدينا لندفعها لهم !!. ويزدادُ المجتمعُ إنقساماً وأحتِراباً وكراهية ، وينتشرُ الفقرُ والجهلُ والمرض ، وتطردُ العملةُ الرديئةُ العملةَ الجيّدة من السوق ، ويتسيّدُ الناسَ أراذلُ الناس ، ويصبحُ أعِزّةُ أهلهم أذِلّة. وكُلُّ هذا لا يُجبِرُنا على فعلِ شيء .. أيُّ شيء .. نحنُ الذين ننامُ "طَوْعِيّاً" ، ونغيبُ "طَوْعِيّاً" عن الوعيّ ، ونعودُ "طَوْعِيّا" إلى حيثُ بدأنا ، باحثينَ عن رئيسِ وزراءٍ"إجباريٍّ" جديدٍ ، لنِظامٍ ليس نظاماً ، ودولةً ليستْ بدولة ، و "طبَقَةً" سياسيّةً لا ترتقي إلى أن تكونَ "طَبَقَةَ بيضٍ" في مطبخِ عائلةٍ عراقيّةٍ جائعة. إنّ محنتنا بـ "نُخبتنا" الحاكمة يُلَخّصها فايروس كورونا "المُسْتَجَدّ" ، لأنّهُ "مَسْتَجَدٌّ" مثلها بالضبط .. وهو حينَ يبدأُ بالفتكِ بوجودنا الهَشّ ، لنْ يجِدَ من يقفُ في وجههِ ويُنقِذُنا منه .. لا لُقاحَ ، ولا عِلاجَ ، ولا مُمَرّضونَ ولا أطبّاءَ ، ولا مُستشفى لـ "العَزْلِ" ، ولا حيّزَ للموتِ في بيتٍ مُتهالِكٍ من بيوتِ "حيّ الفرات" ، حيثُ يتمُّ "حَجْرُنا" هُناكَ ، تماماً كما تمَ "حَجْرُنا" في هذا العراقِ ، نحنُ وكوابيسُنا المُزمنة. هل تعتقدونَ أنّ "فئة" فاسدةً وفاشلةً ، وعاجزةً عن الإستجابة ، يمكن ان تتحوّل إلى "طبقةٌ" سياسيّةٌ قادرةٌ على فعلِ شيءٍ لنفسها ، لكي يكونَ بوسعها بعد ذلك ، أنْ تفعلَ لكم شيئاً ما ؟؟؟ وعدا "الطبقة" السياسية الكرديّة ، أينَ هي المصالحَ الراسخةُ والأصيلةُ و"الدائمة" للطبقات السياسيّة الأخرى ؟؟ ماهي "مصالح" هذهِ "الطبقات" بالضبط ؟؟ الجواب هو : لا شيء. لا شيءَ سوى الخراب. حتّى المصالح "الشخصيّة" الضيّقة ، ماعاد بإمكانِ هذه "الطبقة" الدفاعَ عنها. والسبب ، هو فقدان هذه "الفئات" السياسيّة الحاكِمة ، لحِسِّ الإستجابةِ ، ليس للتحدِيّاتِ التي تَطالُ وجودها فقط ، بل وأيضاً انعدامُ استجابتها للتهديدات المُباشرةِ والفجّةِ التي تنهالُ عليها ، من نفسها ، ومن "داخِلِها" ، ومن غيرها من "المُكوّنات" و "الكياناتِ" و "الطَبَقات". وعندما تعجَزُ "أُمّةٌ" عن الإستجابة .. ستتوقفُ سيرةُ "العُمران" فيها ، وتبدأُ سيرةُ الخرابِ العظيم. كونوا "طبقةً" حاكمةً لأنفُسِكُم . ودافعوا عن "المصالحِ الحقيقيّة والأساسيّة لها .. او أصمتوا إلى الأبد .. وأنَقَرِضوا بهدوء.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إذا كنتَ تُريدُ أن تكونَ رئيسَ وزراءٍ ناجحٍ في العراق
-
تاريخُ الغيابِ الحديث
-
كحَبّةِ قمحٍ .. في فمِ نملة
-
عاصفة قُطبيّة
-
القلوبُ حمراء والدببةُ .. والدمُ أيضاً أحمرُ اللون
-
الديموقراطيّةُ العراقيّةُ والتَسَتُّر على العار
-
تُريدونَ تحريرَ فلسطين ؟ حرِّروا أدمغتكم أوّلاً
-
رومانس قصير الأجل
-
هناك هي القدس
-
سيحدثُ شيء .. سيحدثُ شيء
-
من تلقاءِ قلبي
-
مطرُ الوحشةِ .. في الفراغِ الطَلِق
-
المَلاك والتِنّين في إتّفاقاتِ العراقِ مع الصين
-
أنا أُحِبُّكِ جدّاً.. وتوجِعُني روحي
-
أتَعْرِفونَ متى .. يحدثُ هذا
-
تاريخُ الأشياءِ اليابسةِ .. الآن
-
كَمْ أحتاجُ إليك .. في هذهِ اللحظة
-
كُلُّنا .. لسنا بخير
-
في نهايةِ كُلّ عام
-
ماذا كانَ العراقُ سيفعلُ بدون نفط .. في الأجَلِ القصير ؟
المزيد.....
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسيك وموسكو تعلن التصدي لها
-
واقعة مثيرة للجدل داخل مستشفى في مصر.. ومسؤول يعلق
-
زاخاروفا: الهجوم على محطة زابوروجيه عمل إرهابي كشف خطورة نظا
...
-
حماس: موافقة واشنطن على صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل تؤكد أنها
...
-
خبير عسكري أوكراني يحذر من سقوط مدينة هامة بيد الجيش الروسي
...
-
مقتل 5 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على الضفة
-
احتجاز مواطن أمريكي في موسكو لاعتدائه على شرطي
-
إيلون ماسك يصف -الغارديان- بأنها -قمامة- وسائل الإعلام
-
الجيش الإسرائيلي يعلق على مقتل التوأم في غزة
-
مغامرة نظام كييف في كورسك بدأت فعليا في التحول إلى كارثة محق
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|