|
رشيد بن عيسى ،غير الرشيد ؟
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 6504 - 2020 / 3 / 2 - 16:11
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
.
°°استغربت أيما استغراب لما أورده الدكتور (رشيد بن عيسى) في نزوله المفاجيء ضيفا على [ قناة البلاد ] وهو الذي كان طريدا شريد في بلاد الملالي الإيرانية خطيبا مفوها يجول بين الحُسينيات بدعوى أنه مكسبٌ للفكر الشيعي ، وهو الأمازيغي القبائلي من شمال افريقيا ، وقد يشترك مع الملالي في كونه أمازيغي لكنه [ ذامرابض ] أي أنه من الشرفة ( الشرفاء ) الذين ادعوا الإنتساب لآل البيت بلا اثباتات دالة على شاكلة من انتسبوا لوزارة المجاهدين الذين فاقوا في تعدادهم عدد الثوار جميعهم أيام إحصائهم في مؤتمر طرابلس 1962 .
°° أورد دكتورنا في حديثه عن مسائل[الهُوية و اللغة و الثقافة ] جملة من الآراء الشخصية و القناعات الذاتية ، وجعلها من اليقينيات وهي سراب يحسبه الضمآن ماء ، موبوء بالإديولوجية بعيد عن العلمية التي يتشدق بها الدكتور بن عيسى . °° لا يمكن دحض كل ما ورد في استعراضه المستفز ، لأن الأمر يحتاج إلى جملة من المقالات ، لكني ارتأيت أن أناقش بعض ما ورد في مداخلته .
°° الاستعراض الموضوعي يتطلب من الدكتور بن عيسى عدم الإنجرار نحو أسلوب [ الإنتقاء ] في تغليب الرأي ، فهو يميل كل الميل لتغليب رأيه بالبحث عن الحجج المؤيدة ، في حين ان الباحث المنصف الموضوعي يقدم (الرأي ، والرأي المخالف ) ويترك القاريء أو المستمع هو الذي يقتنع بما يقنعه ، غير أن أسلوب القسر في تغليب الرأي هو السائد عندنا خاصة وإن وسائل إعلامنا مغلوب على أمرها فهي مأمورة بخدمة توجهات معينة بتوظيف كل الأساليب المعلنة والخفية . °° حين صرح عرضا بأنه [ قبائلي شريف] أي أنه من الشرفاء أدركت عمق الهوة بينه وبين الإسلام الذي لا يقر بمبدأ التفاضل أصلا إلا بالتقوى ، وهو اعتراف ضمني بأن بقية القوم غير شرفاء أي أنهم من الرعاع وعديم الخلق وفيهم كل الصفات التي هي نقيض الشرف !
°° حين يقول بأن القبائلية فيها مئات التعابير العربية المهملة عند العرب والتي لا زالت القبائلية تحتفظ بها اعتمادا على اشتقاقات غير سليمة فهو شبيه ومتأثر بصنوه عثمان سعدي في كتابه البربر عرب عاربة ، أو عنصرية الكاتب محمد عابد الجابري الذي دعا إلى اماتة لهجات اللغة الأمازيغية لصالح لغة واحدة سائدة وسيدة هي العربية ، أو الشيخ الفضيل الورثلاني ( الشريف) الذي ينكرُ وجود البربر في شمال افريقيا في كتابه ( الجزائر الثائرة ) ، أو البشير الإبراهيمي الذي كتب مقالا عنصريا ضد الأمازيغية عند فتح قناة إذاعية ناطقة بالقبائلية سنة 1948 عنونه ( العربية في الجزائر عقيلة حرة لا تحتاج ضرة ) .... أنا أعتقد بأن الإنتساب الشريفي لرشيد هو الذي حرك كوامن الرجل وأنتج ( فوبيا ) الأمازيغية والإكتفاء بالنظر إليها كتراث وفلكلور قيمي يحفظ ولا يطوّر ! °° فرشيد بن عيسى يقر بأن البربرية هي لغة حامية ، والعربية لغة سامية ، ( فحام ) (وسام ) اخوان رضعا من لبن لغة واحدة وهو ماأنتج مجموعة لغوية متقاربة هي ( مجموعة اللغة السامية /الحامية ) وتناسى الأخ الثالث لهما وهو ( يافث ) الذي شكل اللسانيون لها مجالا حيويا يسمى ( باللغات الهندو أوربية )، التي تختلف عن السامية رغم أن الثلاثة جميعهم إخوة ، ثم أن بن عيسى يدخض فكرته بنفسه عندما يحاول توحيد العربية ، والقبائلية ويبرز التشابه اللفظي بينهما جهة ، ثم يتنكر للقرابة اللغوية بين متغيرات اللغة الأمازيغية . °°فعلميا مجموعة اللغات الحامية متقاربة فيما بينها ، واللهجات الأمازيغية المتداولة تربطها قرابة لأنها من [ لغة أم واحدة ] هي الأمازيغية ، يكفي البحث بجدية عن أواصر الشراكة بين اللهجات في إطار بحث أكاديمي مؤطر للوصول إلى الحقيقة بعيدا عن التهويل المؤدلج الذي يشجعه النظام لتفريق المفرق ، وقد سبق للرحالة الأدريسي ( القرن 11 م) في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الأفاق أن قال أن [ أهالي السودان ( الساحل الإفريقي) هم بربر أحرقت الشمس جلودهم وغيرت ألوانهم ، ولسانهم لسان بربر وهم قوم رحالة ] .
°° أما فيما يتعلق برأيه الإنكاري بعدم وجود لغة أمازيغية بالمطلق ، وأن بعث أو خلق لغة معيارية من العدم سيقضي على لغات مثل القبائلية والشاوية والشلحية والتارقية وتاريفيت و الشلحية .... فهو أمر عجب ، في تشابهه مع الدعاية السياسية لفرحات مهني الذي يقول نفس الكلام .
°°فاللغة المعيارية تتشكل قصد التوحيد كما حدث للعربية و الصينية ، والأندونيسية .. والعكس صحيح قد تتمزق اللغة الواحدة إلى كنتونات لغوية لأسباب تاريخية ودينية واستعمارية و مؤثرات طبيعية كما حدث للغة اللاتينية التي تمزقت إلى وحدات لغوية مستقلة كالإيطالية والفرنسية والأسبانية والبرتغالية .... °°اللغة العربية ( لغة معيارية) فرضها الخليفة الثالث عثمان بن عفان . الأبحاث الألسنية بينت أن العرب في جاهليتهم كانوا يتكلمون عدة لغات قد تزيد عن الخمسين كما أشار إلى ذلك الطبري بقوله : [ وإن جمع جميعها اسم أنهم عرب ، فهم مختلفو الألسن بالبيان ، متباينو المنطق والكلام ] ، وقال ابو بكر الواسطي في كتابه الإرشاد [ فى القرآن من اللغات العربية خمسون لغة: لغة قريش، وهذيل وكنانة، وخثعم ،والخزرج، وأشعر، وقيس عيلان، وجرهم، واليمن، وأزدشنوءة ،وكندة، وتميم ،وحمير، ومدين، ونجم، وسعد العشيرة ،وحضرموت وسدوس والعمالقة، وأنما،ر وغسان ومذحج وخزاعة وعطفان وسبأ وعمان وبنو حنيفة وثعلب وطى وعامر بن صعصعة وأوس ومزينة وثقيف وجذام وبلى وعذرة وهوازن والنمر واليمامة.] ، وقد نزل القرآن ببعض تلك اللغات التي أسميت [الحروف السبعة ] ، فتشكلت لجنة لتكوين [ نسخة واحدة ] للقرآن بلغة قريش، سميت بالمصحف العثماني في حين أحرقت بقيت النسخ بنية خلق وحدة وشمولية للمسلمين . °°كثير من أمم العالم أنتجت لغة معيارية لها من شتاتها اللغوي . ونفسه فعله أهل الصين بتكوين لغة معيارية قياسية لهم تسمى (ا للغة المندرينية) يوظفونها فيما بينهم كلغة فصيحة بالكتابة ، أو اللغة الأنجليزية المعيارية ، أو الألمانية الحالية التي هي عبارة عن لغة معيارية قياسية منبثقة من توحيد اللهجات الألمانية في المقاطعات .....
°°° تهريجات فرحات مهني في جانبها اللساني هي سياسية أكثر منها أكاديمية ، فالرجل من أجل تحقيق مبتغاه الإنفصالي يوظف كل ألأوراق بما فيها الإدعاء بأن لا وجود للغة الأمازيغية ، وأن معيرة اللهجات هو قضاء على اللهجات ؟ ومنها القبائلية ، ونفسه فعل رشيد بن عيسى الذي يدعى الخبرة في علم اللسانيات ويقدم أمثلة انتقائية دون الإشارة إلى أضدادها في دنيا الإنفتاح المعرفي المقلق للجميع .
°°°خلاصة القول أن استقدام رشيد بن عيسى وتوظيفه كحصان طروادة هو وصنوه فرحات مهني هي صيحات في واد ، الغرض هو تقسيم الجزائريين وإفشال الحراك الشعبي . فالأمازيغية كانت في الأصل لغة واحدة ، تشكلت منها لهجات لأسباب جغرافية وتاريخية وتأثيرات دينية ، وهي قابلة للتوحد من جديد ، هذا التوحد المقلق لكثير من العصب المتأثرة بطروحات خارجية ، وبمنافع هوياتية مدعومة بالسياسة والعسكر والمال والقضاء .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسرى عميروش .... أو قانون العينُ بالعين .
-
سوكينغ soolking والحراك الشعبي الجزائري .
-
يريدُونها دولة عسكرية ؟؟؟ !.
-
الدولة السعودية الوهابية .
-
الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى . [ج4]
-
الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى [ ج3]
-
الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى [ ج2]
-
الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى . [ج1]
-
مظاهرات الجزائر ....إنه الطُّوفان الذي لا يُقهر !
-
العقيد عميروش ... والقس الأمريكي [1]
-
المازُونيات .... المازيغيات .
-
عندما ترد ( مسكيانة ) على ( قرطاج)؟ !.
-
كرنفال الجزائر بمناسبة يناير .
-
خيمة الإسلام أم خيمة العروبة ؟ ! .
-
[عين بوشريط ] وسقوط الوهم العروبي في شمال افريقيا.
-
الجزائر من قبلة للثوار ... إلى قُبلة لصاحب المنشار .
-
خرافة العرُوبية ؟!
-
الدولة الوطنية الجزائرية مشروع مؤجل .
-
الفنيقيون الجدد !
-
عربُ الجزائر .
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|