|
تركيا والعرب
سامي الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 6501 - 2020 / 2 / 28 - 08:54
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
لقد خسرت تركيا كلِّ قواعدها الشعبية في المنطقة العربية بعدما استبدلت نظريتها السياسية التي وضعها وصاغها الفيلسوف داوود أوغلو (صفر مشاكل) بنظرية جديدة صاغها الرئيس أردوغان (التدخل المباشر) ويبدو أنَّ تركيا تتجه لمواجهة شاملة في المنطقة العربية ستعيد للآذهان وللوعي العربي مرحلة الحكم العثماني الذي كان له الأثر البالغ في المآل النهائي لحالة الأمة العربية، وهذا يؤكد أنَّ المُخطط للسياسات التركية الحالية غير قادر على قراءة تطورات الوعي الشعبي الوليد بعد حرّاكات الشعوب العربية وما أفرزته من ويلات على الدول العربية والمجتمع العربي الذي أصبح يغرق تحت نظريات التطرف والتعصب والطائفية ... وأنَّ هذا المُخطط السياسي للسياسات التركية أبعد عن القدرة بتخطيط سياسي ينهض بتركيا كدولة اقليمية بل يدفع بها للانحصار في دائرة وحدود العداءات الشعبية التي تنَفض يومًا تلو الآخر عن تركيا الدولة الإقليمية التي استطاعت أنَّ تآسر تأييد الشعوب بعد عام 2002 وما وصل به أوغلو من سياسات حكيمة استنهضت الاقتصاد التركي والسياسة التركية ودفعتها لتحتل مكانة كبيرة في المنطقة العربية والشرق أوسطية، بل وفي المنطقة الدولية عامة. فلا يكفي لتركيا أنَّ تحتضن وتنخدع بتأييد جماعة معينة تمتلك وسائل دعائية كبيرة وتروج لسياساتها وتخدع السياسات العامة، فهذه الجماعات التي تلتصق اليوم بتركيا تحاول أنَّ تمرر للشعب التركي ولمخططيه السياسيِّين إنها جماعة كبيرة تستطيع أنَّ تغير السياسات في المنطقة وتكون الحليف الأقوى لتركيا والداعم المحصن للسياسات التركية في ظّل حالة الريبة التي أصبحت تسيطر على شعوب المنطقة بعدما شهدتها من متغيرات ومستحدثات لم تلق أيَّ نجاح، بل أنَّ هذه الجماعة نفسها قد حققت وحصدت فشلًا ذريعًا في حكمها للعديد من الدول العربية بعد مرحلة الحرّاكات الشعبية فلم تنجح هذه الجماعة في اقناع شعوب سوريا وتونس وليبيا والسودان واليمن ومصر بسياساتها ومخططاتها وحكمها القصير، وحققت فشلًا كبيرًا في اقناع شعوب المنطقة بحكمها الداخلي حتى في قطاع غزة لم تحقق هذه الجماعة أيَّ نجاحات شعبية ولم تستطيع أنَّ تحقق مكاسب في الديموغرافيا الغزية الفلسطينية، بل أنَّ نسبة المناصرين قد تراجعت كثيرًا، كما أنها فشلت في القدرة على اقناع القوى الإقليمية - غير الوظيفية- في التفاعل والتدعيم، وفق سياساتها المنتهجة، كذلك الحال بالسياسات الدولية التي تنظر لها بعين الريبة وغير الثقة. فقد خسرت تركيا قواعدها الشعبية في الأقاليم العربية وتحالفاتها السياسية والإقتصادية في مصر، وكذلك في سوريا، وفي السودان بعد الإطاحة بنظام عمر البشير، وربما تشهد سقوطًا مدويًا في اقتصادها ونسبة الترويج والتسويق لمنتجاتها وسلعها في المنطقة بعدما فقدت أهم ركائزها في الخليج العربي بعدما تحالفت مع قطر، وكذلك في إيران بعد تحالفها مع القوى الإرهابية ضد سوريا، وهو ما يضعف قدرات تركيا الاقتصادية التي تعملقت وحققت نسبة نمو هائلة في العقد الأول من القرن الحالي، وأصبح لتركيا سوق كبيرة في المنطقة دَعم من مكانتها الاقتصادية، وقوتها الاستثمارية في الداخل التركي، أضف لذلك المغامرة العسكرية التي تحاول تركيا أنَّ تقوم بها في ليبيا وسوريا سيحقق فشلًا كبيرًا للرئيس التركي الذي سيدفع بقواته العسكرية في فوهة بركان لا يخمد أبدًا وفي تضاريس جيوسياسية لن يكون نتئجتها إلَّا هزيمة وتكدير للجيش التركي النظامي الذي يدافع عن قضية ليست قضيته وعن سياسات لا مكاسب منها سواء في المدى القريب أو البعيد بل سيتعامل معه شعبيًا ورسميًا كقوة احتلال دخيلة، ومواجهة مقاومة عنيفة من جماعات وقوى نظامية وغير نظامية لن يستطيع بأي حال من الأحوال تحقيق نصر بها، ولو في حدود النصر التكتيكي الذي يحاول الرئيس التركي تحقيقه في مساحة المعارك التي يحاول أنَّ يخوضها في سوريا وليبيا، كما أنه سيأجج قواعد التربص الداخلية التركية سواء على مستوى المجتمع التركي الداخلي أو مع قوى المعارضة التركية التي تستعيد قوتها يومًا تلو يوم وتستعيد ثقة الناخب التركي بها، بعدما استطاع حزب العدالة والتنمية أنَّ يقفز لسدة الحكم سابقًا في ظل سياساة التوزان والحنكة التي كان يدير بها معاركه الداخلية والخارجية، ويحقق نجاحات كبيرة ومتعددة. فتركيا بسياساتها الحالية وبنظريتها السياسية الحالية تعيد وجه تركيا القديم في المنطقة العربية والشرق أوسطية، الوجه الذي كان يعتبر من أكبر حلفاء دولة الكيان الصهيوني وإنِّ حاول السيد أردوغان أنَّ يجمل هذا الوجه بالإبتعاد عن دولة الكيان الصهيوني في المرحلة الحالية. د. سامي محمد الأخرس 28 فبراير 2020
#سامي_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفقة القرن ... الجديد القديم
-
اغتيال قاسم سليماني عُرف عصابات
-
الجهاد الإسلامي اشتبك وانتصر
-
الانتخابات الصهيونية والرومانسية الفلسطينية
-
قراءة وليس نقد
-
السودان والمستقبل المدني
-
معركة الأيديولوجيا
-
متطلبات وقف الإتفاقيات مع دولة الكيان الصهيوني
-
المقاومة بين الإستراتيجي والتكتيك
-
مصر ورسائل الأمن
-
مؤتمر البحرين عوار فلسطيني
-
ثلاث حكومات في الربيع
-
اليسار السوداني يقود ثورة فعلية
-
المقاومة مشروع متكامل
-
حصاد اليسار... التجمع الديمقراطي الفلسطيني
-
حكومة فصائلية متطلب حالة أم هروب
-
حرب نفسية في المواجهة مع دولة الكيان
-
السودان في اتجاه معلوم
-
اقليم ليس متمرد
-
الظاهرة الطبيعية في انطلاقة الجبهة الشعبية
المزيد.....
-
اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
المزيد.....
-
جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي
/ الصديق كبوري
-
إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل
/ إيمان كاسي موسى
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
الناجيات باجنحة منكسرة
/ خالد تعلو القائدي
-
بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê
/ ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
-
كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي
/ محمد الحنفي
-
ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر
/ فتحى سيد فرج
-
المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟
/ مريم نجمه
-
مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد
...
/ محمد الإحسايني
المزيد.....
|