أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فكري آل هير - استدراك حول الاسم الحقيقي لملكة سبأ














المزيد.....

استدراك حول الاسم الحقيقي لملكة سبأ


فكري آل هير
كاتب وباحث من اليمن

(Fekri Al Heer)


الحوار المتمدن-العدد: 6497 - 2020 / 2 / 22 - 02:17
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في مقالتي السابقة "الاسم الحقيقي لملكة سبأ"؛ لاحظت أن أكثر التعليقات، تقول هذا افتراض، ويحتاج الى أدلة أثرية، والبعض الآخر يقول لم تقدم المقالة دليلاً مقنعاً، وغير ذلك من التعليقات التي نهضت على واحد من سببين، أو على كلاهما معاً، السبب الأول؛ إن من علقوا على هذا النحو لم يقرأوا المقالة بشكل متمعن، ولم يلتفتوا الى دقة المصطلحات العلمية المستخدمة فيها، وبالتالي الى معانيها على نحو ما تتضح معه لهم قيمة ما عرضناه في المقالة.
أما السبب الثاني؛ فهو أن الغالبية هنا ربما يجهلون الكثير عن علم الأنثروبولوجيا والبحث الاثنوجرافي، ولا يدركون مدى أهمية الدليل الأنثروبولوجي والاثنوجرافي، بالنسبة الى البحث التاريخي والأثري.
لذا، اعتقد أننا بحاجة الى تدعيم المقالة بتوضيح حول طبيعة الدليل الانثروبولوجي والاثنوجرافي وقيمته وقوته.
**
[1]
علم الأنثروبولوجيا- هو علم دراسة الطبيعة البشرية، أو علم الإناسة، أو علم الانسان، وقد تطور على مدى ثلاثة قرون، ويقوم على عدة حقائق ثابتة، أهمها أن البشر جميعا يشتركون بطبيعة اجتماعية واحدة جوهرية واصيلة منذ الأزل والى الأبد، لكن كل مجتمع ينزع الى أن تكون له خصوصية مميزة، وهو ما يعبر عنه اليوم بالهوية أو الثقافة، أي مجموعة من السمات التي يتفرد بها هذا المجتمع على مدى آلاف السنين، تشمل هذه الخصوصيات طرائق التفكير والممارسات الاجتماعية والمعتقدات والتعاملات القائمة على اساس اللغة، بما فيها التسميات، وقد اثبتت الدراسات في هذا الحقل ان للمجتمعات قدرة عجيبة على الاحتفاظ المعلن أو عبر الذاكرة الجمعية بكل القسمات التي ميزتها على مدى آلاف السنين.

[2]
عندما نتكلم عن الدليل الأنثروبولوجي، فنحن نتكلم عن قسمة جوهرية من قسمات المجتمع ميزته على مدى زمني طويل، بحيث اصبحت جزء لا يتجزأ من طبيعته الاجتماعية، التي لا يستطيع التخلي عنها، وأن اخفاها فهي أصيلة وكامنة في ذاكرته ولاوعيه الجمعي العميق ونسميها نحن كانثروبولوجيين بــ الظاهرة، وبالتالي فالدليل الأنثربولوجي هو ظاهرة اجتماعية ذات طابع أصيل وتمثل بحد ذاتها دليلاً حياً ومعمراً لما تعبر عنه، أي أنه دليل ظل يتنفس ويبرز وجوده دائماً طوال حقبة زمنية طويلة.
[3]
عندما نقوم بدراسة ظاهرة انثروبولوجية لها وجود تاريخي مثبت عبر سجل طويل ومتحقق فعلاً تاريخياً، ونحاول أن نرصدها في زمننا الحاضر، فهذا نسميه البحث الاثنوجرافي، أي دراسة القسمات الجوهرية الأصلية المرتبطة بمجتمع على نحو اثني، بمعنى أنها لا تتعدى هذا المجتمع الى غيره، فعندما نجد أن الظاهرة المدروسة انثروبولوجيا موجودة بالفعل في الزمن الحاضر، فإننا نسمي هذا بالدليل الاثنوجرافي، أي ان الظاهرة مازالت قائمة وحية وتعيش وتنبض بالحياة في قلوب أفراد المجتمع ووعيهم العميق ولاوعيهم وتعكسها ممارساتهم الجمعية على نحو جلي وظاهر يصعب انكاره.
**
على هذا الأساس، تعتبر الأدلة الأنثروبولوجية والاثنوجرافية أقوى بكثير من الأدلة الأثرية، لأنها أدلة حية وتنعم بالحياة والديمومة عبر مدى زمني طويل ومتسلسل، وهي فوق ذلك تجسد واحدة أو مجموعة من الخصائص الثابتة والأصيلة التي ميزت المجتمع ورسمت ملمحاً من ملامح هويته وخصوصيته المتفردة، عن سائر المجتمعات.
**
[4]
هذا بالضبط ما ينطبق على الاستدلال الرئيسي الذي صرحت به مقالتي المشار إليها، والمتعلق باستمرار تسمية الفتيات بأسماء معينة على سبيل الظاهرة اجتماعياً، وذلك تأسياً بكونها أسماء لملكات كان لهن مكانة سامية وعالية في نفوس أفراد المجتمع، وكان لهن- أي تينك الملكات- تأثير روحي وفكري وثقافي على المجتمع طوال التاريخ.
كما أن ارتباط هذه الأسماء بنطاقات زمنية وجغرافية متطابقة مع كانت عليه أزمنة وأماكن وجود تلك الملكات، هو بمثابة تقرير إثبات دامغ بأننا ملكنا دليلاً انثروبولوجيا-موجود اثنوجرافياً- في زمننا الحاضر على نحو متسق مع ما كانت عليه الظاهرة نفسها في سياقها الاجتماعي عبر الأحقاب والعصور الطويلة..!!
فكيف يكون الحجر الأصم أو النقش البيوغرافي المكتوب بلغة أو بلهجة وأسلوب ونمط ثقافي غير قائم وغير مألوف لدينا اليوم، أن يكون أقوى وأرسخ من دليل حي يجسده سلوك حقيقي وفعلي لأفراد المجتمع، وظاهرة نمارسها لليوم على نحو ما مارسها به أجدادنا من قبل عبر تاريخ طويل وممتد الى يومنا الحاضر، وما تزال ممارستنا له تتم بناءً على دوافع عميقة كامنة نحتفظ بها في ذاكراتنا ولاوعينا الجمعي منذ مئات وربما آلاف السنين؟!
في الحقيقة، أن الأدلة الأثرية لا تصبح أدلة ثابتة وراسخة، إلا عندما تدعمها أدلة انثروبولوجية واثنوجرافية، وإلا فإنها تعبر عن ظواهر سوسيوتاريخية بصورة مادية أو لغوية ميتة وربما منقرضة وعفا عليها الدهر منذ قرون، كما أنه يصعب الاستدلال بها على نحو شامل ومتسق، في حين أن العكس ليس صحيحاً، وهو أن الأدلة الأنثروبولوجية والاثنوجرافية لا تحتاج لإسناد أثري، كونها حية، والحي لا يحتاج الى دليل لإثبات وجوده..!!
..
أرجو أن يكون الأمر واضحاً الآن.. مع خالص تحياتي للجميع..



#فكري_آل_هير (هاشتاغ)       Fekri_Al_Heer#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لأول مرة على الإطلاق: الاسم الحقيقي لملكة سبأ
- حول اسم عاد: دراسة في المعاني والصلات التاريخية
- العقيدة الرسمية والوجه الآخر لتاريخ الحقيقة
- يوم البُّن والحقيقة: المسودة الكاملة لدراسة -جغرافية التوراة ...
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب- القسم الثاني كاملاً- فكري ...
- الدولة والدولة الطائفية في فكر عامل
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب (2 – 4) - أقواس الربيعي الف ...
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب (2 - 3) - هورشلم حوتس لآرتس ...
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب (2 - 3) - هورشلم حوتس لآرتس
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب (2 - 2)- بين شهادة الهمداني ...
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب (2- 1)- فاضل الربيعي بين ال ...
- آرشلولخ هرشلوم.. آكَّا يءمل الزجزاج
- بلاد العرب وبلاد اليهود بين التوراة والنقوش الأثرية
- الحقيقة والتلفيق بين فاضل الربيعي والحسن الهمداني
- العقيدة الرسمية ومأساة الوجه الآخر لتاريخ الحقيقة
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب- القسم الأول مكتملاً
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب (4)- نهاية لعبة الأسماء وال ...
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب (3)- المنهج الجهنمي وحقيقة ...
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب (2)- من نقد التوراة الى إنق ...
- جغرافية التوراة وحاخاماتها العرب: الجذور الاستشراقية - اليهو ...


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فكري آل هير - استدراك حول الاسم الحقيقي لملكة سبأ