|
من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح7
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 6496 - 2020 / 2 / 21 - 01:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أسباب وعلل نشوء الأزمة بعد أن عرفنا تحديدا معنى الأزمة وتطوراتها كمراحل وتدرجات عملها في الواقع، لا بد من العودة للبحث في علل وأسباب نشوء الأزمة وخاصة أن معرفة الأسباب تتيح للدارس والباحث والمختص وكذلك من يدير الأزمة بحثا عن حل أو الخوض فيها الكشف عن خيوط السيرورة والتحكم فيها، وقيل قديما اذا عرف السبب بطل العجب وأنا أقول إذا عرف السبب وضح الحل، والقاعدة الأساسية في الدراسات العلمية حين نبحث في هذا المضمار السببي يجب أن لا نضع قوانين افتراضية دوما لمعرفة الأسباب والعلل، بل لا بد من دراسة كل حالة لمفردها تفكيكا وتقصيا وأستنباطا وأستنتاجا، وبعد ذلك ومن خلال منهج المقارنة البحثية التي تعتمد على الدراسات الجدية يمكننا أن نكتشف العوامل المشتركة أو التي تشكل قاسم مشترك لأغلب الحالات المدروسة ولو بشكل متفاوت ونضعها تحت عنوا أحتمالي وليس جزمي بأنها سبب وعلل عامة. إلا أن السبب الرئيسي والذي لا يمكن تغافله دوما بسبب أرتباطه بالأزمة وما يتفرع منها هو الخطأ البشري، فالإنسان بأخطائه المتعمدة المقصودة أو تلك التي تتولد من حالات القصور الواعي بحجم الخطأ والخطيئة وإنفعالات النفس البشرية والسلوك اليومي لها الأولوية في نشوء أي أزمة، فهو من يصنعها وهو من يتحمل وزر المعالجة وتحمل النتائج لذا فالأولى أن نبدأ بالخطأ البشري في دراسة الأسباب والعلل من هذه الزاوية. أولا _ الأسباب البشرية المحضة. ثانيا _الأسباب البشرية المتعلقة بالوظيفة. ثالثا _الأسباب البشرية المتعلقة بالبيئة
أولا _ الأسباب البشرية المحضة. وهي جملة أو مجموعة من التصرفات السلوكية والعقلية المرتبطة بالإنسان ككائن مجرد فاعل ومتفاعل في بيئته وضمن وجوده الخاص، دون أن يكون منعزلا عن ذاتيته الخاصة بمعنى أنها من ضمن الوضع الطبيعي له بهذه الصفة التجريدية، فهو يعيش ضمن مجموعة علاقات القسم منها واضح ومحدد ومعروف وأحيانا يكون مضبوط بقوانين وقواعد، وعليه أن يراعي في وجوده هذه العلاقات الضبطية أو العرفية أو التي من المحتم أن يلتزم بها كي لا يحدث إشكالية خرق أو خروج عنها مما يؤدي إلى ميلاد مشكلة قابلة للتطور أو يتراجع ويصحح موقفه منها. ويمكن تحديد هذه الأسباب على وجه التعديد وليس على قاعدة التحديد الشامل هي: • خرق القواعد الاجتماعية من قانون وأعراف ومثل وحتى المدركات العقلية الأساسية، وتشمل تحت عنوانها الكثير من السلوكيات الفردية التي تمثل أما أعتداء على الوجود الفردي للإنسان أو الوجود الجمعي له. • التقصير في ممارسة دور العقل وأساليب الفهم ومراقبة الإدراك والفهم الضروري للعيش بسلام وأمان، مثل اللا مبالاة والتوهم وعدم أخذ الحيطة والحذر في القضايا الإشكالية وعدم التعامل مع مسببات الأزمات بالروح المعرفية المطلوبة، وأحيانا حتى التقصير في إدراك خطورة الأفعال والسلوكيات المنحرفة. • هناك أيضا ما يعرف بـ (سوء التقدير) وتشمل هذه الأسباب (سوء الفهم) عن طبيعة محركات ودوافع الأزمات الناجمة والتي غالبا ما تكون ضدية أو إنكارية خاصة أذا أتسمت بالعنيفة، إلا أن مواجهتها لا تكون سهلة وكثيرا ما تكون بعد تأكد سببها، الذي غالبا ما يرجع إلى المعلومات الناقصة أو يصاحبها خطأ في التقدير، أو التسرع في إصدار القرارات اللازمة، ولذلك تتضح أهمية الحرص على الدراسة الكاملة للمعلومات، المتحصلة أو المؤكدة قبل إصدار القرار. وهناك ما يعرف بعدم استيعاب المعلومات بالشكل الكامل فيكون القرار المتخذ غير كامل وغير نافع في المواجهة، حيث يجب وضع القرارات العملية بناء على استيعاب المعلومات وتفهمها بصورة صحيحة، إذ أن اي خطأ في إدراكها وتقديرها مع تداخل الرؤية سيكونان سبباً لنشوء أزمات متتالية لمحل ولادة الأزمة سواء كان على مستوى مجتمع أو منظمة أو كيان أو حتى على المستوى الفردي الخاص، بسبب تقاطع العلاقة الصحيحة بين المقدمات والنتائج والقرارات المتخذة. • الإفراط باللا واقعية وخداع الذات: هو شعور نفسي بالتفوق والقدرة على معالجة كل شيء أعتمادا على وهم داخلي ناتج أما عن عقد نفسية أو حالة شعور بالتفوق، وهومن أكثر أسباب نشوء الأزمات وخاصة في حالة الاصطدام الناشئ عن تداخل وأختلاط الثقة غير الواقعية مع خداع الذات بالتفوق، ويؤدي ذلك عادة إلى سوء تقدير قدرات الطرف الآخر والتقليل من شأنه، ما يسفر عن سوء تقدير للموقف برمته وتزداد حالات اللا توازن وتنشئ اختلالا يؤدي للصدام والتنازع خاصة إذا أستخدم الطرف الاخر أو كان على شاكلته فنقع فيما يعرف بتنازع العظمة والثقة المفرطة بالنفس ويلجأ عندها كلا الطرفين إلى أساليب ارتجالية عشوائية تتمخض بأزمة. • هناك أسباب متنوعة أخرى كل منها يساهم بشكل ما بصناعة الأزمة وزيادة تفاعلاتها، وبالعموم هي أسباب أقل أهمية من تلك التي ذكرناها أنفا ولكن لإكمال الصورة ندرج بعضا منها مثلا السيطرة على مديري شؤون الأزمة أو أصحاب القرار بأساليب الأبتزاز وإيقاعهم تحت الضغط النفسي والمادي، أو استغلال بعض تصرفاتهم الخاطئة لإجبارهم على القيام بتصرفات أكثر ضررا، تصبح بالتالي نفسها مصدرا لتكرار التهديد والابتزاز كذلك إشاعة روح اليأس أو ما يسمى بتثبيط العزائم من خلال بث شعور نفسي وسلوكي موجه بالتحديد إلى متخذي القرار إذ يحبطهم ويفقدهم الرغبة في العمل والتطور والتقدم، ويتفاقم هذا السلوك فتتشكل حالة تقاطع بين الشخص وبيئة الأزمة قد تصل إلى قمتها بالإهمال والترك للتفاعل محركاتها لصنع المزيد من التأزم، وتتطلب مواجهة هذا النوع من الأزمات إشاعة جو من الأمل من خلال تحسين ظروف العمل وتأمينها ومنح الثقة والمساندة بين العاملين داخل منظومة الحل وتجنب التنافس السلبى و النزاع الهدام بين العاملين داخل المنظمة. عموما هذه الأخطاء البشرية هي أحد أسباب نشوء وتفاقم الأزمات، سواء كانت جذورها ودوافعها في الماضي أو وليدة الحاضر أو من توقعات المستقبل، وقد تكون عاملا من عوامل نشوء أزمة كارثية تتوالد منها أزمات عديدة.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح6
-
من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح5
-
نصوص من دفتر خدمتي الضائع
-
من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح4
-
حكاية الرب والكل
-
من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح3
-
من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح2
-
من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح1
-
في حضرة ألهة العشق.... أنا
-
الميزانية العامة للدولة العراقية وغياب العدالة في التوزيع
-
أرقام أفتصادية حكومية مفزعة
-
أنا وعصفورتي والرب
-
من المسؤول عن ظاهرة الإرهاب وميلشيات الأحزاب؟ ح1
-
حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج2
-
حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج1
-
لا تتوقف الثورة ولن نتراجع
-
العودة لمسارات الثورة وأنتظار الحل
-
إيران وأمريكا والخيارات المتاحة
-
قرار الحرب بين القوة والقدرة وميزان الصراع
-
الكسب والخسارة في غزوة السفارة ح1
المزيد.....
-
-كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد
...
-
فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط
...
-
عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في
...
-
السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت
...
-
ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
-
زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي
...
-
إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة
...
-
لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال
...
-
-واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
-
-ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|