أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كنعان - إلى كوباني .. ثدي أمي














المزيد.....

إلى كوباني .. ثدي أمي


محمد كنعان

الحوار المتمدن-العدد: 6495 - 2020 / 2 / 20 - 21:15
المحور: الادب والفن
    


أرتدي لغتي
أنتعل اسمي
وصفتي هُويّةٌ
أشقُّ بها أسلاك الأختلاف
والحقيبةُ حرباء على ظهري
متعددة الألوان
والولائات المزيفة
وأتذكر حتمية البرعم الذي تفتحت منه
واذكر الماء الذي سُقيتُ منه
والتربة التي لفظتني

وأعرفُ أنّ الذي قطفني " قد أهداني إلى يدٍ
ليقضي ليلة فاجرة
مع عاهرة لم تتذكر كيف سُقيت ومِمَّنْ "
فكنتُ طرقة على البغاء ساعة فراغٍ و اشتهاء

يتنفسني المكان
بحيث أتمزق مثل قصاصة ورقٍ
تتفتت أجزائي
وتلتحم
حينما يتململ السحق من الهواء الكالح
ليزفر أخيرا
فأتجمع
لكن من البداية نفسها في كل مرة

ذاكرة الشوارع تخترق ذاكرتي
وهواء المدينة الثكلى
تسبق رياح العالم كلّه إلى صدري
وتسألني قدماي عن وحل المدينة
أما زال من يشتمُها يشتمُها ؟
ألا زال يستهزء من طرحة المدينة الطويلة ؟
كيف لو رأى الوحل هنا
هذا الوحل الغريب عن أهله حتى
هذا الوحل المنجرف من الصحراء مع الدم من باديةٍ هي الأكبر في الشرق
هذا الوحل القانئ
مثل وجوه المجرمين
كيف تصحّ مقارنتهه مع وحل مدينةٍ عذراء
ذي البكارة اللوزية الخضراء
ونهديها الجبليتين ؟

أتذكر بعثرة البيوت
هي نمشٌ على وجه قصيدة
قد رسمها رسّامٌ بينما كان يقبّل حبيبته
وأسماء شوارعها الحسنى
وحاراتها المكتظّة
وغابتها الصغيرة
وجوامعها
والكنيسة التي ولدت هناك قبل قليل
والأصدقاء ذوي الذاكرة الممتلئة تاريخاً
عن الأعراس التي صارت فيها
وعن الذين رقصوا فيها طويلا قبل أن يرتاحوا طويلا
وعن الغروب الطويل
والإشراقات القصيرة مثل زفائر الجرحى

تقع عليَّ دروج ذاكرتي
مخلّفة ندبا على جبيني
تحكي قصتي
للأسئلة قبل أن يتلعثم لساني
و تؤلمني
لئلا أنسى
ألم مدينةٍ يتيمة ..


يُرافقني مكانٌ فسيح
أجهل موضعه في جسدي
لكنّي على يقين
بأنّي أصطحبهُ أينما ذهبت

مدينةٌ بأكملِها
أجرُّها خلفي
نستريحُ على الطريق
يمرّ أناسٌ عبرنا
يروون المدينة المجرورة .. جبلا
وأنا شجرة
يتعبون من أرتيادها
ويتفيّؤون بي
وأنا أمدُّ ظلّي إليها طويلآ
يكاد أن يصل
تغيبُ الشّمس

لحيتي مالحة
تسقيها عيني
أنسى أين وضعت المدينة في جسدي
لكن مذ رحلت
أشعر بأنّ قلبي ضاق عليه المكان
إنّها هي ..
مع كل شوارعها
تتقاسم أوردتي النبض

تخيمُ عليَّ
أراني جنيناً بها
أتغذى من شارعٍ طويل
هو حبلي السّرّي
ألِدُ في ساحةٍ غبراء
أزحف إلى آثارها
وأرضعُ تاريخا لا فطام له

يتبعني شبح مدينةٍ بتولة
لها ناصيةٌ عريضة
عليها اسماءٌ غريبة
كلّما قرأتُ اسما
لاحتْ لي يدٌ بيضاء
الأيادي كثيرة
والاسماء أكثر
وحدها المدينة تحضنهم
وتخطب فيني
انحني رجاءا لأولادي ..


صوت الراديو يشق أسفار الطريق إلى مسامعي
كوكبة الإلكترون الباردة تهرّب الأحاسيس العذراء
تدمي قلباً يعزف الرحيل الأبد
أترك حلماً
أُلاحقُ طيفا
أهجر كرهاً
أعود كرهاً
يتفتت صراخي صداهُ ، في فضاءات الوسعِ المندهشة
لا أكفُ عن الصراخ
كي لا أشعر بالوحدة
صوتي يتسجد كلما أمتلأ المكان
يبقى للحظات
أراه يرسم
أسمعه يغني
المحهُ يرقص
ويزعجني صرير قلم الرصاص الذي يكتبهم جميعا
يشتعل قمرٌ في الحضور
مجلولٌ جلالُهُ
مسكوبٌ نوره
يفيض منهُ عليه
هو أو هي روح الكمال
والخطيئة العالمة
واسم الله المجهول في صحف النبوة جمعاء

مدينتان ..
إحداهما ولّدت الأخرى
نورٌ من نور
أُلاحقُ نورا .. تلحقني الأنوار
وأنا ابن الظلمة الأبد
مرسوخةٌ أظلالي في كهوف الخواء
ذي الأبواب المطحلبة ، والجذوع المكسورة

شوراع هذه المدينة تمتد إلى أحلامي
أراني وقد سيقت قدماي إلى حضرةِ نبعٍ
قد غرق في ينبوعه
أرى قدماي يتجمدان
أراهما ينكسران
أعرف هذا الحلم
أعرف لغة المدن
عندما تخاطب أبناءها
تجثم على صدورهم في ليالي القر
وتزحف بكُلّها ..إليه وحده
تذكّرُهُ بنفسها
وتلابيبها
وتسرّب من ذاكرتها إلى ذاكرته
كيف ولِدت
في زِحام الموت
معصوفة الملمح
تحمل مشيمتها شعلةً
وتحدها اوركسترا المقابر
وتقف هي
في شموخ الآلهة
تلد الألحان والملاحم

أستيقظ من حلمي
والفجع يرقص على وجهي
يدُ المدينة الثانية
ترسم وجهي مجددا
في صورتها
كأنها تهدب صورتها المعكوسة في المرايا
آخذُ يدها طويلاً
أُلحفهُ بنفسي
أمرّغ وجهي في كفّة يديها
لتباركني مدينة الأم ..
مدينتنا ..



#محمد_كنعان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا بالضرورة
- حيرة الإله


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كنعان - إلى كوباني .. ثدي أمي