أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [16]















المزيد.....


الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [16]


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6495 - 2020 / 2 / 20 - 21:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما- [16]
(30)
النسخ: مشروع بناء دولة ..
(1)
إن أردنا ايجاز أعمال (النسخ) بحسب الضرورة القصوى، نجدها تتركز في أمرين إلى ثلاثة..
أولا: مركزية وأولوية العنف الدموي.
ثانيا: المال والغنائم.
ثالثا: الإسلام = إتباع محمّد وطاعته العمياء، وأرجحيته على ذات المسلم والتضحية بكلّ شيء من أجله [المال والشرف والنفس]؛ والرّسول = سنته وتعاليمه في السنوات العشر الأخيرة من حياته/(لايف ستايل)، وهو ما يعرف بالسلفيّة/(إسلام منسوخ).
هاته المحاور الثلاثة، تصلح باجتماعها ومركزية زعامتها، لبناء أفضل التنظيمات والعقائد والجماعات، ومنها (تنظيم الدولة)، في وسط فراغ جيوسياسي ثقافي، وبالتصنيف السياسي الحديث، تأخذ المسميات التالية..
أولا: القوة العسكرية والأمنية..
ثانيا: الميزانيةلتجديد معلومات موقعكم الفرعي (الصورة، النبذة والتصميم ) بشكل أوتوماتيكي
ن والمالية..
ثالثا: العقيدة/ الدستور/ القوانن والأحكام..
ويمكن تصنيف ثلاثة أصناف من الدول، حسب طبيعة نشأتها..
1- مجتمعات بدائية تتطور فيها عناصر أساسية للكيان السياسي السيادي، كما في حالة القبيلة، ومنها قبائل العرب، التي توفر بعضها على عناصر متكاملة للدولة من حيث الأرض والجيش والمجتمع السياسي والموارد المالية الجارية.
2- دول تنشأ على أساس الزعامة الفردية التي تشكل محورا تحيط به حاشية موالية لها، تتحول إلى سلطة إقطاعية، تفرض نفوذها على قرى ومدن بالتدريج، وصولا لإعلان دولة ملكية أو أميرية، ويقتضي منها ذلك خوض معارك مع الدول السابقة، وصولا لترسيم الحدود والنفوذ، واكتستب اعتراف الغير. ومن أمثلتها (انجلاند) وأمثالها في أوربا.
3- مجتمعات زراعية صناعية يتبلور وعيها السياسي، وتشهد صراعات داخلية تتطور إلى انتفاضات أو ثورات، يترتب عليها نشأة حكومة وبرلمان ودستور، ومن أمثلتها فرنسا عقب الثورة الفرنسية، والولايات المتحدة الأميركية عقب حروب الأرض وصولا إلى حرب الإستقلال.
ولقريش مكة حالة استثنائية، كحكومة ذاتية تطوعية، تستند إلى عقد اجتماعي سياسي خاص، من غير قوة عسكرية أو جيش، وتتمتع بمقبولية إقليمية، طيلة حقبة ما قبل الإسلام. ولكن تلك الحالة الاستثنائية المتطورة والرائدة، انتهت على يد محمّد ونزعته في الزعامة ومسخ حياة الجزيرة وتاريخ ما قبله.
حالة الزعامة المحمّدية، هي الحالة التقليدية، التي تتمثل في ظهور زعامات فردية، تنجح في فرض نفوذها الاجتماعي باستخدام القوة العسكرية، وتتحول إلى زعامات عائلية تتوراث السلطة، كما في السلالات الملكية.
ودولة الزعامات الفردية العسكرية هي أقدم نماذج الدول، تعود إلى تاريخ سومر وبابل والفراعنة وأشور والعجم والصين والهند وأباطرة روما وأوربا من بعد.
زعامة محمّد لم تعتمد تقليدا محليا، من تجارب قريش واليمامة والدول اليمنية قبل الإسلام، وإنما اعتمد المنهج الايراني والرومانيظن لزعامة فردية عسكرية، تفرض نفوذها متحولى إلى حكم عائلي ملكي وراثي. وهذا يفند، دفاعيات الفقهاء والمؤرخين، حول رفض الإسلام، تقليد الملوك الأعاجم في أشكال الحكم.
ولكي لا يؤخذ الناس بالسذاجة والسطحية، فأن اختلاف المسمّيات، لا يعني اختلاف المضمون والأساليب. فقد رفض الفقهاء اطلاق مسميات غير مبررة قانونا ولا دينيا، على حكام المسلمين، الموسومين بالجهل والاستبداد والاضطلاتب النفسة والعصبية، ومن غير تمييز، بين السلوك الفردي، والسلوك السياسي، وكما هو حال ساسة الذيول في عراقستان.
جاء إستخدام لقب (خليفة) على أبي بكر، موضع إشكالية سياسية ولاهوتية عويصة، لم يستطع الفقه الإسلامي الخروج منها، أو تعديلها، ولما تزل للحظة، أشكالية مقدسة، لا يجوز التعرض لها، أو المساس بها. ولما يزل لقب (خليفة) مؤولا باعتباره: [خليفة الرسول]؛ متغافلين عن حقيقة وبينة فقهية: أن الرسول لا يخلّف، والنبي لا يخلف.
لماذا؟.. لأن (النبي) و(الرسول) هو أمر اصطفاء إلهي فردي، غير قابل للتوريث والامتداد. حسب المفهوم الديني.
ان التوصيف الوارد ف (التوراة) و(القرآن)، وتاريخ ملوك الصين وأباطرة الرومان، أن الحاكم هو (ممثل) السماء في الأرض، وهو (خليفة الله) في أرضه. وليس ثمة مقام لشرعنة مصطلح (خليفة محمّد/ النبيّ) الذي لم يعلن نفسه حاكما سياسيا قبل موته.
لم يخرج محمّد من (وهم) النبوّة والرسولية/(ذات الأصول المسيحية: رسل المسيح وتلاميذه). وفي العلاقة بغير أتباعه، قدم نفسه في دور (القاضي)، ممثل الحقّ والشريعة/(!!؟).
فما هو وجه خلافة أبي بكر لمحمّد بعد موته؟.. هل هي خلافة نبوية رسالية؟.. (النبوة والرسالة فردة محضة ولا تخلف ولا تورث).
هل هي خلافته في القضاء والحكم بين الناس وأهل الكتاب؟.. عمليا.. كان عمل محمّد في القضاء لليهود، في بداية أمره في يثرب، تناهى، مع خلافه الدموي مع بني النضير وقريظة، في العام الثاني للهجرة، وحملته الجهنمية على بني خيبر وحملة تطهير الحجاز من اليهودية. وثمة، فأن خلافة القضاء، عدمت مبرراتها، كما أنها لم تكن وظيفة سيادية في الدولة الاسلامية، طالما أوكلت للظارئين العابرين من طلبة الفقه.
هاته الإشكالية اللاهوتية الدينية السياسية، استعصت أكثر، في حاكمية عمر، الذي وصفه الفقهاء، بخليفة خليفة الرّسول؛ واضطرمت مخاوف فقهاء الإسلام، مما حدث من بعد عمر. فلكم من مرّة، ينبغي تكرار خليفة خليفة.. لبولغ مرتبة خليفة الرسول.
تصوّر فقط، أن تستخدم لقب الخليفة، لعشرة من خلفاء محمّد؟.. تصور أن كون عدد حكام المسلمين عشرين أو خمسين؟.. وحتى سلاطين أل عثمان استخدموا لقب الخليفة، فكم صفحة وكتاب، يحتاج الفقيه، لتسجيل قائمة بأسماء الحكام من سلسلة خلفاء الرسول؟..
استبدل عليّ [599/ 656- 661م] لقبه السياسي، بلقب (أمير المؤمنن). والمؤمنون بحسبه، هو (أتباعه ومواليه) وليس المسلمون الرافضون بيعته، أتباع معركة الجمل/(36ه/ 656م) من أهل الحجاز، ومعركة صفين/(37ه/ 657م) من أهل الشام، ومعركة النهروان/(39ه/ 659م) ضدّ الخوارج من أتباعه المنقلبين عليه.
ولكن مطاطية اصطلاح (مؤمنين) وضبابية المقصود به، ودرجة الثقة في ولائهم للحاكم، استتبع لقل (الإمامة) الضيق الأفق، والمتمحور حول المذهب والطائفة، بدل: (الأمة) ومجمل القاعدة الاجتماعية للدولة.
على الضفة الأخرى، حسب المتطرف من الفقهاء، أن حكام الشام الأمويين، هم (ملوك) تشبها بالروم والقياصرة، وليسوا من (سلسلة الخلفاء الراشدين)، بإسقاط لقب (خليفة) عن حكام بني أميّة. ولم يدركوا أنهم ينفقون جهدهم في مباريات لغوية جوفاء، وأن المسمّيات اللغوية المتحذلقة، لا تقدم ولا تؤثر، على جوهر الحكم وسياساته ومناهجة، المستقاة من بلاط فارس وبيزنطه، وأن نقود المسلمين، كانت تطبع في روما والبندقية، وسيوفهم تشترى من اليمن والهند، وأمصار بيزنطه. وما زالت ثيابهم ورباط رؤوسهم تشترى من الصين.
ان الحكام الأربعة الأول، فضلا لمحمّد الرسول، ماتوا قتلا، وبأيدي (مسلمين)؛ وهذا دليل افتقاد حكمهم ودعاواهم الدينية إلى قاعدة/(قناعة) جماهيرية، تكون مجتمعا (محمّديا) أو (إسلاميا). بمعنى أن دولة محمّد القائمة على العنف والتصفيات واضطهاد المخالفين والمعارضين، كانت فاشلة منذ البدء.
يستثنى منه، دولة بني أميّة، ذات الأساس والعقيدة والمنهج المختلف، والمستند إلى قاعدة جماهيرية مجتمعية، ضمنت علاقة صحية بين النسق الصاعد والنازل، بين المجتمع والسلطة. فأين الحكم الأموي، من حالة الخلافات والصراعات والاغتيالات والازمات والحروب، التي وصمت حكم المدينة/(يثرب) والبصرة والكوفة؟..
وما وجه مقارنة النظام السياسي المستقر والموازن بين علاقاته التجارية والثقافية الخارجية، وضعه العمراني السياسي الداخلي المزدهر. ويستطيع الباحث المقارن اليوم، ملاحظة مدى الفوارق: بين طبائع أهل الشام ودمشق وثقافتهم السياسية الوطنية، مقارنة: بطبائع أهل العراق وتشرذمهم السياسي وثقافتهم اللاوطنية.
وفي كلّ نقاط الثوابت التي تقوم عليها الدولة والمجتمع، يمكن قياس الفوارق، بين الشام الأموي المتزن الواثق من نفسه، والعراق العلوي العباسي المضطرب، القائم على فوضى الشعارات ورياء اللغة والتعسف التام.
(2)
في الفقه الدستوري/(الفرنسي) الحديث: الدولة هي القانون!. ولكن (لا) معنى للقانون، من غير قوة تتولى تطبيقه، وتضمن خضوع الناس له. ولذا ينبغي تصحيح العبارة لغويا، للقول: الدولة هي (بلطجة)، والبلطجة هي التي تجترح القانون والأخلاق، وتفرضه على قطعان (المجتمع) السياسي.
الدولة الرومانية والدولة الفارسية والدولة العثمانية قامت على السيف وحكم السيف. وكل بدايات الدول القومية الأوربية قامت على السيف والاغتيال وحكم السيف. وما من واحدة من تنك، على (القانون) والسلم المجتمعي والعقد المجتمعي. القانون يأتي متأخرا دائما، وبما يخدم سلطة الحكم ورأس السلطة.
لقد كذب المؤرخون وطلبة السياسة المتأنقون طيلة القرون الماضية. وحان لنا، نحن أبناء اليوم، مواجهة الواقع العاري، بعد سقوط ورقة التوت، ورياء الدولة والنفاق الإعلامي والاجتماعي.
بل أن الفقه الفرنسي، لا يتورع عن شرعنة استخدام البلطجة المطلقة، بصورتيها العملية أو الترهيبية، طالما كانت الغاية، قيادة الناس لطاعة القانون والدولة وكل ما يرتبط بهما من مؤسسات وأجهزة ورموز. لقد خدعنا الآباء بشعارات التمدن والحداثة والتنوير وحقوق الإنسان. خدعونا بنصف الحقيقة، وتركونا ضحايا للنصف الآخر.
ما أكتبه الآن، هو نتيجة وحصيلة عقود من الصراعات والخلافات والانقلابات الفكرية، الحداثية والدينية واللاهوتية. ولذلك، لا أحاول خادع نفسي أو نفاق الورقة. أما الآخرون، فهم أحرار في تصدق وتذيب ما يقرأون ويلاقون، على مسؤوليتهم.
ولطالما رددت من قبل..
أعلّل النفس بالآمال، أخدعها... ما أضيق العيش، لولا فسحة الأمل
ولقد (مات) الأمل، عندما انتحرت البروتستانتية على يد الحداثين، وانتحرت الحداثة على يد الدول القومية والأيديولوجية، وانتحرت الدول القومية الأوربية في الافتتاحات الحربية للرأسمالية الأيديولوجية الهمجية لأول القرن العشرين ووسطه. أما الافتتاح الرأسمالي الحربي الهمجي لللفية الثالثة، وعلى حسابنا نحن.. أبناء الشرق الأوسط؛ فهو بداية نهايةكلّ شيء.
الدول القومية.. المدنية.. رسولة الحداثة وحقوق الانسان، هي الامبريالية الرأسمالية الهمجية، الت احتلت الشرق والجنوب، للحصول على المواد الخام والأسواق والعبيد. ومثل كلّ العبيد، فرحنا برؤية البناطيل والسيارات والكهرباء والعيون الزرق والصحافة ودور النشر.. ونسينا عبوديتنا.. نسينا كم نحن صغار، في عيون العالم.. نسينا صور قتلانا أمام المدافع والطائرات الخرافية..
وبدل أن تنفتح مداركنا على فظاعة مفهوم الدولة والحكم المركزيي العميل، رحنا نهوّس لدولة التمدن الحديثة من الغرب، ونستنكر الحكم المحلي والدولة الإسلامية التقليدية.. ومع الوقت، كلّما أمعنت الدولة الحديثة ف هزييمتنا، هربت جموع جديدة من البشر نحو العدو.
وعندما انهالت القوى الرأسمالية الغربية، في بداية القرن، وألقت بنيرانها وسمومها على أفغانستان والعراق، كنا نفرح ونحتفل، بسقوط الطغيان، وسقوط العربان والإسلام، وسقوطنا نحن الجميع، الذي نعجز عن التبرؤ منه حتى الآن؛ كما نعجز عن استعادة أنفسنا وبلادنا وكرامتنا ورائحتنا التي كانت قبل السقوط.
حيث نعيش - نحن- الجحيم، وننكر أنه الجحيم. ونكذب وجود (جهنّم)، ولا نشعر أن (جهنّم) هنا في العالم، وليس بعد الموت. وأن الشيطان، هو أنت، أخوك، صديقك، رجل الدين والحزب والحكومة، التاجر وصاحب الذي يكذب ويرائي، نعم، هو نفسه الواعظ الذي يحدثك عن الخلاص واتقاء دفء الجحم، هو نفسه وكيل ملك الجحيم.
في أي وم نحن الآن. ذلك الوم الذي صنعه محمّد، قبل (1450) سنة، وربما أسبق منه. ونحن.. ما زلنا نتجادل ونختلف ونتصارع، ويسقط بعضنا الآخر، في مسائل جدلية عقيمة، حتى ضيّعنا كلّ شيء. كلّ شيء ضاع، ذرة الوطن وقطرة الكرامة، ونحن نحشش. ونحشش ونعلف، لا نتعب ولا نصحو.
عمليا، لا يوجد فرق بين مشروع دولة محمّد، وحاشيته البلطجية: (قتل كلّ مخالف، وكل من لا يخضع لمحمّد). محمّد هو القانون، وهو الدين، وهو إله هذا الدين، الواجب الطاعة والاتباع من الجميع. ودولة عراقستان الحالية، حيث يضيع الحابل والنابل.
القانون هو الفوضى، والدين هو الشيطان، والجلاد هو المعصوم بسيفه المخزي. لا شيء طبيعي في عرقستان. لا شيء قانوني ولا شرعيي في عراقستان. ولا أحد بريء.. ولا نزيه.. لا وطني ولا.. ف عراقستان. لا قضاء ولا أمن ولا حماة ولا ضمير. الكلّ هو الكلّ. فئة فاجرة مسخت الكلّ بفجورها. خميرة فساد تاريخية، أفسدت العراق كلّه، وما زلنا نتجادل، عن القاتل والفاسد واللص والخائن والعميل وناكر الأصل والجميل. الكلّ فسدوا وقتلوا وزنوا وسرقوا وسقطوا أمام الله والتاريخ والضمير. الكلّ فسقوا وزاغوا.. والكلّ بلا عذر!.. أنت بلا عذر، أيّها الجنسان!..
أنت بحاجة إلى أجيال من فقهاء الزور، يبررون جناياتك ومجازرك، خطاياك وجرائمك، خياناتك ودسائسك.. فقهاء يخلطون الخرافة بالدم، حتى تضيع الحقيقة.. وأية حقيقة!
(3)
لطالما تأففنا وترفعنا عن الوهابية والسلفية وجماعات التكفير والهجرة والتوحيد، قبل نصف قرن من اليوم.. وعندما سادت الأفكار السلفيية وممارساتها، وصارت ىاللحى والحجاب والثياب، السمة العامة لمجتمعاتنا في الشرق والغرب، أبطلنا التأفف والترفع، وصار بعضنا يبرر ودافع عن الحرية الشخصية، بل وحق ايران في التحكم بالعراق، باسم العبودية واحترام الجار الذي لا يحترم أحدا.
حيص بيص.. لا غير.
لقد نظرت أجيال القرن العشرين لمظاهر الدول العربية المستحدثة، نظرة المثال والقداسة والأمل الكامل. ولم يطرأ لأحد، التمعن في تفاصيل الدولة والدستور وآلياتها، لاستقراء مظاهر العنف الشمولي والبلطجة الشرعية خلالها. ليس الحكومات التقليدية فحسب، وإنما ادعياء الثقافة والأكادما، استنكفوا من (طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد) لعبد الكواكبي [1855- 1902م].
وإذا كان (الإستبداد) طبعا في الشخص/ (طبع وليس تطبّع)؛ فليس من الممكن، تخليصه منه. وإذا كان (الإستبداد) هو أصل الشرور، فأ خر يرتجى من الشخص المستبدّ؟.. أما السؤال الآخر، فأن الطبع ليس ظاهرة فردية استثنائية، وإنما هو طبع عام، للبيئة والمجتمع البيئي. وهذا يجعل الإستبداد طبعا جماعيا وظاهرة عامة، لبلد ومجتمع.
وما يحصل في العراق، من طبائه الإستبداد ومظاهر الإستعباد، لا تتعلق بشخص أو حزب وحكومة، وإنما هي سمة عامة لمجتمع الإستبداد، وثقافة الإستبداد. ومن هذا المنظور، يلزمنا النظر للاسفاف الاجتماعي والانحطاط السياسي، وحالة التردي العام الشاملة العراق منذ (1990م)، علامة موت الأمل في العراق.
المسخ الذي بدأة محمّد /(المصطفى) في الحجاز، امتدّ لبلاد الشمال والغرب الأفريقي، وجعل من عامة المجتمعات العربية، نسخا مشوّهة ومسوخا للطبعة المحمّدية، المضطربة في القرآن والسنّة، لدى فقهاء الطرفين وكلّ المذاهب. فما حال شخص مطبوع بنسخة شخص لا يمكن معرفته، وتوسم الاستقرار والاتزان والمسؤولية في شخصيته.
هذا هو الفقه والتطبيق الحنبلي التيمي الوهابي الإخواني السلفي السّنّي وتنظيمات الجماعة والتكفير والهجرة والقاعدة وداعش وما يجري على منوالها. ولا يكتمل الإرهاب الإسلامي، دون تأشير العنف العلوي الممثل بنزعة الثأر والمعارضة والانتقام الايرانية، وفق منهج (الإغتيال) الشخصي الانتقائي، والذي ترسخ على يد حسن الصباح في حركة (الحشاشين)، وجملة الحركات الباطنية السرّيّة المعارضة في العهد العباسي الوسيط.
وكان لا بدّ من إستذكار الحشاشين، في قراءة سيل سعار الملشيات الصفوية الانتقامية، متعددة المسميات الطائفية، والتي تحفر الشارع العراقي، كدولة داخل دولة داخل دولة من جهة، وأدوات ممثلة للنفوذ والمشروع الايراني في بلد الرافدين من جهة أخرى.
ان الطابع السرّي ، البعيد عن الإعلام، والمغلف بنشاطات تمويهية، وإثارة مزاعم وأزمات مزيفة، لمشاغلة الملأ، لا يعني سلميّة السلفية الجعفرية الصفوية، كما يبدو لقصيري النظر والمرائين، وإنما، ممارسة الإجرام وامتهان الإنسانية، في الخفاء؛ ودفع الاتهام نحو جهات معادية، كما إعترفت جهات أميركية، بعدم صحّة نسبة العنف وتجارة الموت في العراق للقاعدة.
إعترف الامريكان بذلك، معترفين أنهم ساهموا في الدعاية الإعلامية لجماعات محدودة العدد والتأثير، من جهة؛ ومن جهة مقابلة، ساهم ذلك فيي تزوير التارخ وتحريف الحقائق، على الفرد العراقي، فلم تح له معرفة العدوّ الحقيقي له ولبلده، مما أعطى العتوّ الايراني والشيعي الفاسد، أمدا أطول، بفضل حماقة الأمريكان.
(4)
(إن لم تكن ذئبا، تفترسك الذئاب)..
البدهي، أن لا يريد أحد أن يكون خروفا، ولا يريد أن يكون ذئبا.
البدهي، أن كلّ فرد يريد أن يكون ذاته، معتزا بنفسه وبثقافته وعمله.
ولكن، الخروج من الذات = يعني فقدانها = فقدان الذات = يعني استعبادها للغير= يعني(المسخ) = ان تكون (مطيّة) لرغبات و إرادة الغير.
ولكن (الذئبية) وجه من وجوه (الإستبداد)، والأخير طبع من طباع البيئة التي تنطبع بها نفوس أبنائها. والعراق الزراعي، ليس سوى امتداد بيئيي لصحراء نجد والجزيرة، جافة المناخ فظة الطباع. وعلينا الاعتراف، ان الشخصية الاجتماعية في العراق على درجة من الفظاظة ونقصان الحضارة.
عراق الدولة الحديثة والقرن العشرين وما بعده، هو العراق الفظّ المتخلف اجتماعيا وثقافيا. أما لماذا تتكشف تلك الطباع من قبل، فلكون حكام العراق قبل القرن العشرين، لم يكونوا من أصول عراقية أولا؛ والسبب الثاني، أن الثقافة العراقية وأصول الموظفين الكبار ف الدولة، كانوا ينحدرون من الموصل تدريجيا نحو بغداد.
والتردي العام والرسمي في تاريخ العراق المعاصر، حصل في الخمسينيات، وترسخ رسميا بالعهد الجمهوري، انفلاج العنف الرسم والتشظي العراقي سياسيا وطائفيا، وبداية المجازر. وإذا تمعنا في أسباب نجاح حكم البعث، وفي القسم الأول منه، فهو يعود، لمساحة أبناء المناطق الشمالية والغربية في قيادة الحزب والحكومة.
أما تردي حكم صدام وما اتسم به وقاده لنهايته، فيعود لاستبعاده أهل الأنبار والموصل من القيادة، وستبدالهم بأعضاء من الجنوب. ومنذ الثمانينيات، كان ثلثا أعضاء قيادة اتلحزب والدولة من الجنوب، والثلث الباقي محصور في العائلة والأقارب من تكريت. وكان ستة من سبعة من قادة الفيالق من (الشيعة). وهذا يسم كل قادة الجيش بنختلف أصنافه.
وكلنا نعرف انّ المؤتمر القطري الثامن/ 1974م ومابده، تولى إعادة هيكلة الحزب قيادة وقاعدة، وأتاح لظهور أغلبيية جنوبية في حسد الحزب والدولة والنظام التعليمي العاد والعادي. فلا غرو ان تهيمن الأزمات على عهد صدام. وغالبا ما أقارن بين السادات الذي انحاز للأسلامين ولق مصيره على أيديهم؛ وصدام الذي انحاز للشيعة في حكمه، ولق ما يستحقه على أيديهم، بدء لانتفاضة (1991م)، وكل ممارساتهم ضدّ الدولة والمجتمع، دون التصدي اللازم لهم، وصولا لبقية السيناريو،وحفلة إعدامه الغرائبية.
ومن المفارقة، أن الطغمة الذيلية الحاكمة، وراعيتها ايران، تولت تزوير تاريخ حكم البعث العراقي، بشكل مشين، وبانحاز واضح للنظام السوري من جهة، وكلّ معارضي صدام وأعداء العراق من جهة أخرى. علما أن حكومات العراق ومنها البعث، مسؤولة عن تنامي وتغول مآفيات الشعة وأذناب ايران، وبغباء لا يحسد عليه.
ما مصلحة ايران وذيولها في تدوين تاريخ العراق القديم والحديث، إن لم يكن بغرض تزويره، وتهوينه، وإعادة صياغته بما يروق لنرجسيتهم القومية، ويجمل من قبائحهم وتخرصاتهم التاريخية ضد العرب والعراق. ولا بدّ من تهنئة الذيول وسادتهم، بكلّ منجزاتهم ضد العراق والعراقين، وحجم التخريب والتنزوير الذي طال القانون والقوانين الأساسية، بحق العراق العثماني والعراق الملكي والجمهوري.
ما يعنيني هنا هو المقارنة، واستقراء التاريخ، وإنارة السلوك الإيراني وذيولهم، بصدد العراق والعرب اليوم، بما فعلته نفس الشلة والدهماء، بالسطرة على تدوين الإسلاميات من قرآن وسنّة وسيرة وحديث؛ من تفسير وتأويل وتاريخ وأسباب تنزيل، وصولا لكل مجالات الكتابة والتزور من تاريخ الرجال وعلم الكلام وتصنيف المطابقات والمتخالفات المتعلقة بالمدوّنة الإسلامية الايرانية بامتياز، وفي كلّ جوانبها المعتزلية والأشعرية، السنية والشيعية، الاسماعيلية والاثني عشرية، الصوفية والصفوية، الحنبلية والجعفرية، الشاهنشاهية والسلطانية..
وليس أخيرا.. كيف كان دور الفرس والعجم في يثرب وصدر الإسلام؟.. كم كان حجم الجاليات الايرانية في مكة والمدينة والبصرة والكوفة، ودمشق وبغداد؟.. ماذا فعل العجم في بلاد العرب الجنوبية، ولا يكاد لهم أثر في شرق ايران ووسط أسيا؟.. ولماذا انحصرت الانتلجنسيا الإسلامية بيد الفرس والعجم، وغابت عنها مصر والشام وعرب العراق والحجاز؟..
أليس هذا كلّه مبرّرا، للشكّ في كلّ تأريخ العرب والإسلام، القديم والمعاصر، الماضي والمقبل؟..
لماذا يعبد السنّة أيقونة البخاري والطبري وغرهم من غير العرب؟..
كيف يثق العرب بتاريخ لم يكتبوه، ويتناسون، أن من سطّره هو عدوّ تاريخ عريق، تعود عداوته إلى عهد سومر وبابل؟..
وثمة.. من حق العراقين ومظاهر حكمتهم، أن يجعلوا كيان العراق وولاءهم ووجودهم، رهينة لعليّ وذريته وما صدر عنهم ونسب إليهم من مزاعم وأساطير.. ولهم أجمل تهنئة وتبرك، فالشجرة من نوع ثمرها..
ولا ننسى المثل العراقي القائل: (من أيده.. ألله يزيده)!..



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [15]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [14]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [13]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [12]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [11]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [10]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [9]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [8]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [7]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [6]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [5]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [4]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [3]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [2]
- الناسخ والمنسوخ وما وراءهما- [1]
- أنا لا أعبد موتى
- بصراحة.. لا غير//2
- بصراحة.. لا غير..
- أين ينظر العرب؟.. (5)
- أين ينظر العرب.. (4)..


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [16]