|
الحرب القادمة يجب منعها، لا الانتصار فيها
اوري بار يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6494 - 2020 / 2 / 18 - 00:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحرب القادمة التي سيقف في مركزها تحدي مواجهة مخازن الصواريخ المحيطة باسرائيل، كانت موضوع ثلاثة مقالات في "هآرتس" في 14/2. ينيف كوفوفيتش وصف الزخم، خطة تعزيز قوة الجيش الاسرائيلي في الاعوام 2020- 2024 مثلما عرضت امام وسائل الاعلام، الخطة التي تستهدف انتاج جيش اسرائيلي جديد، الذي في مركزه "تعظيم القدرة على القتل"، التي ستقصر جولات القتال القادمة، بما في ذلك ضد ايران.
وليس واضحا أي جيش اسرائيلي سنحصل عليه من "الزخم"، لكن من الواضح أنه سيكلف الكثير من الاموال. بكلمات اخرى، المزيد من الضرائب والاختناقات المرورية وصحة أقل وتعليم أقل.
عاموس هارئيل اوضح بأنه يوجد لعرض الخطة هدف رئيسي وهو أن الجيش الاسرائيلي، خلافا لانذارات رئيس الحكومة، لا يقدر أن حرب جديدة موجودة على الاجندة، لذلك، نشأت لدينا "نافذة فرص" من اجل التقوي على حساب الاستعداد لحرب في المدى الآني.
مع ذلك، "نافذة الفرص" غير مغلقة امام احتمالية نشوب حرب كبيرة، التي يمكن أن تندلع في اعقاب عملية تصعيد، الطرفين غير معنيين فيها. ولفهم هذه العملية يجب العودة الى الديناميكية التي كانت بين اسرائيل وسوريا في السنوات التي سبقت حرب الايام الستة. أي طرف من الطرفين لم يرغب بحرب كبيرة، ومع ذلك اندلعت.
مقالة الجنرال (احتياط) اسحق بريك والبروفيسور ابشالوم اليتسور وصفت الحرب القادمة بألوان كئيبة. ليس فقط بسبب قوة التهديد الكامنة في آلاف الصواريخ ذات الرؤوس المتفجرة والتي يمكنها أن تضرب تقريبا كل منطقة في البلاد، بل ايضا لأن ردود اسرائيل على هذا التهديد هي، كما قالا، "القليل جدا من الدفاع، وفي وقت الاختبار، ببساطة، لا شيء".
وحسب تقديرهما، الحرب ستؤدي الى شل الدولة والى هرب جماعي من منطقة الى اخرى ومن البلاد الى الخارج. وفوق كل شيء، ستؤدي الى قتل جماعي. الحل التكنولوجي الذي يقترحانه: نظام "سكاي غارد" الذي يقوم على الليزر الكيميائي القوي، القادر على اعتراض صواريخ بسرعة وبثمن زهيد.
المقالات الثلاثة تناولت المسألة الاكثر مصيرية بالنسبة لنا. ولكنها لم تثر أي حوار سياسي- امني جدي. ومجرد غياب النقاش هو تعبير مؤلم ومقلق على ضعف السياسيين، من اليمين ومن اليسار، وضعف وسائل الاعلام التي امتنعت عن مناقشة من يتفاخرون بالقيادة، كيف ينوون مواجهة التهديد الاكبر الذي تواجهه الدولة منذ حرب الاستقلال.
الرد الذي يقدمه الجيش الاسرائيلي لهذا التهديد هو الدمج بين جمع المعلومات الاستخبارية والقدرات الهجومية من الجو والهجوم البري في لبنان، واحتلال المنطقة التي تطلق منها الصواريخ. للوهلة الاولى، هذا يبدو جيدا. ولكن مشكوك فيه أن ذلك سيساعد. اذا احتاجت الاستخبارات سنوات من اجل اكتشاف انفاق كبيرة في منطقة الشمال فمن المعقول الافتراض بأن قدرتها على العثور على انفاق اصغر في العمق اللبناني، التي فيها ستخزن الصواريخ، هي قدرة محدودة أكثر.
توجد لسلاح الجو قدرات مثيرة للانطباع، لكن هناك فرق بين تدمير 44 منصة لاطلاق الصواريخ في عملية "وزن نوعي" في بداية حرب لبنان الثانية وبين تدمير 15 ألف صاروخ، القادرة على ضرب غوش دان. "الزخم" ربما ستقصر الحرب القادمة، لكن القوات البرية ستحتاج الى وقت غير قليل من اجل احتلال المناطق التي ستطلق منها الصواريخ. والى حين انهاء مهمتهم فان انفاق الصواريخ ستكون قد فرغت.
هذا ايضا بالنسبة لرد اجهزة الليزر. الرد جيد، لكن فقط شريطة أن تدار الحرب عندما تكون السماء صافية، ولا يوجد تسرب لمواد خطيرة، وتتحقق عدة شروط اخرى، التي كما يبدو لن تتحقق في الحرب القادمة. شبيها بأنظمة الدفاع الموجودة (القبة الحديدية ومقلاع داود وغيرها) ايضا هذا الرد جيد لاعتراض صواريخ معدودة، لكنه غير مناسب لصليات عشرات أو مئات الصواريخ والقذائف، مثلما يتوقع أن يحدث في الحرب القادمة.
في ظل غياب رد تكنولوجي عسكري فعال ضد تهديد الصواريخ، لا يوجد مناص من التوصل الى استنتاج أنه بيننا وبين اعدائنا نشأ وضع من "توازن الرعب". مصدر هذا المفهوم هو في الحرب الباردة، وهو يصف توازن بين طرفين، فيه لكل طرف القدرة على تدمير الآخر بواسطة سلاح نووي. ولكن لا يمكنه منع تدميره هو نفسه.
توازن ثقل كهذا يمكن أن يعيش، حتى بصورة اكثر ضعفا، حتى في وضع يكون فيه التهديد تقليدي. اليوم ايران وحلفائها يمكنها أن تلحق باسرائيل ضرر يمكن أن يكون "غير محتمل". وهذه القدرة تزداد. وتنسب لاسرائيل قوة قادرة على اعادة ايران وحلفائها الى العصر الحجري.
هذا الوضع يلزم صانعي السياسة الامنية القومية في اسرائيل باتباع طريقة تفكير لم نعرفها في السابق: ليس كيف علينا أن ننتصر في القادمة – لأن الانتصار سيكون انتصار باهظ الثمن – بل كيف نمنع الحرب القادمة. هنا الاجابات مركبة ومبنية على استخدام "العصا" الرادعة الثقيلة الى جانب وضع "جزر" سياسي مخصص لتهدئة الصراع.
ما الذي ستشمله "العصا " وبأي صورة يجب علينا توضيح التهديد، وماذا سيكون الجزر وأي منه سيكون فعال – هذه اسئلة صعبة. ولكن لا شك أنه قد حان الوقت لمناقشتها باهتمام لأن الحلول التكنوعسكرية التي يقترحها الجيش الاسرائيلي وخبراء من الخارج هي ايضا باهظة الثمن جدا، وبالاساس لا تعطي ردا حقيقيا على التهديد.
هآرتس- 17/2/2020
#اوري_بار_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|