اسرائيل ليست عضوا في التحالف القوي الذي يضم عمالقة مثل مايكرونيزيا و استونيا و جزر سليمان التي ذهبت ل "تحرير" العراق تحت قيادة امريكية. في الحقيقة لا توجد مصلحة لبوش و شارون بتذكير الناس بدور اسرائيل في هذه الحرب. و ذلك لسببين:
اولا ان كل من ملاحظ مستقل يستمع الى خطابات بوش الحانقة ضد المستبد صدام الذي يملك اسلحة الدمار الشامل و يخترق قرارات الامم المتحدة سيجد من البد طرح السؤال التالي: و الان سيد بوش لماذا يعاقب الشرير صدام امام اعين العالم بسبب جرائمه و لكن في نفس الوقت سيحصل مجرم الحرب شارون على ثلاثة بلايين دولارا اخرى من الولايات المتحدة؟ فلا يخفى على احد ان اسرائيل تضرب بعرض الحائط جميع قرارات الامم المتحدة في ما يخص النزاع الفلسطيني الاسرائيلي و هي تملك ترسانة هائلة من اسلحة الدمار الشامل كما انها انتهكت باستمرار تقريبا كل فقرة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان. و حتى كلب بوش الوفي السيد بلير كان عليه ان ينبه سيده الى شدة حساسية المسالة. و بعد برهة من التفكير و عد بوش بان الدولة الفلسطينية ستعرف الوجود و سيعود الحوار ما ان تنتهي الحرب الحالية و طبعا لقد سمعنا هذا الشريط عديد المرات من قبل.
واضاف بوش هذه المرة ان جولة جديدة من المفاوضات حول القضية الفلسطينية ستكون بدون مشاركة الدول الاوروبية وروسيا. و هنا نرى سياسة عالمية امريكية جديدة – نحن ندير العرض- في النمو. و اولائك الذينلم يحسنوا التصرف في الحرب على العراق "سيعاقبون" لا محالة. اما ذلك الرجل السيء ياسر عرفات سيتم كذلك اقصاؤه. سيقع تعويضه بالوزير الاول الجديد ابو مازن الذي ما هو الا بيدق جديد يحركه الامريكان. و بهذه الطريقة سيكون باستطاعة امريكا فرض قرار سلام!
و السبب الثاني الذي يجعل اسرائيل ليست عضوا في الحلف هو لان النظام الاسرائيلي له مصلحة مباشرة في الاعتداء على العراق. ليس فقط لان النظام العراقي كان قد وفر الدعم للفلسطينيين و انما كذلك لان اسرائيل لها مصلحة واضحة في المواجهة الامريكية مع العالم العربي و الحضور المتنامي للولايات المتحدة في الشرق الاوسط.
انه من المرجح جدا ان القوات المسلحة الاسرائيلية و قوات اسرائيلية خاصة اخرى تلعب دورا نشطا في تخطيط و تطوير الاعتداء على العراق. فالموساد – المخابرات الاسرائيلية – لها اتصالات ببعض المجموعات الكردية في شمال العراق فمنذ فترة يقوم مدرسون عسكريون اسرائيليون بتدريب هذه المجموعات على فنيات حرب الغوار ضد العراقيين. و انه لمن الممكن كذلك ان افرادا من المخابرات يعملون في بعض الماطق العراقية و هم قادرون على مد الولايات المتحدة بمعلومات مفيدة. و في هذا الاطار يلوم الامريكان روسيا و ايران و سوريا لتدخلهم بنفس الطريقة. انها واضحة للعيان السياسة الاسرائيلية في توجيه القوات الامريكية ضد اهدافها المقبلة و لاحباط اي صفقة اسلحة روسية-عربية.
فمع تطور الحرب تكثفت الاتصالات الامريكية-الاسرائيلية و تواترت على اعمدة الصحف الاسرائيلية و الاجنبية التقارير حول مساعدة الاخصائيين الاسرائيليين للقوات المسلحة الامريكية. و من امثلة ذلك حصول القوات الامريكية على النصح من الخبراء الاسرائيليين عن اساليب معارك الشوارع. و لاسرائيل طبعا الكثير من الخبرة في هذا المجال. ففي سنة 1982 قتل الاف من المدنيين خلال الغزو الاسرائيلي لبيروت وواصل الجيش الاسرائيلي اعتماد نفس الاسلوب خلال الانتفاضة الفلسطينية. فخلال عملياته في الاراضي الفلسطينية استخدمت القوات الاسرائيلية اساليبا من مثل ما يطلق عليه "رمز الجار". لقد استعملوا الدروع البشرية من السكان المحليين خلال تحركاتهم من دار الى اخرى. و دمروا بيوتا على متساكينيها – كما حصل في جنين- و قصفوا المناطق السكنية...
توجد مسالة اخرى وهي كيفية تعامل الجيش الامريكي مع السكان المدنيين و الاساليب التي عليه اتباعها خلال الاستنطاق. و هنا ايضا فان الخبراء الاسرائيليين بامكانهم المساهمة كثيرا في اقتراح اساليب عمل الولايات المتحدة على الاراضي العراقية المحتلة!
وبناء على ذلك نرى مدى عدم جدوى ذهاب ناشطو السلام الاوروبيين و الامريكيين الى العراق ليكونوا "دروعا بشرية". فلقد اظهرت اسرائيل وحشيتها لهؤلاء. و اخر مثال هو سحق ناشطة السلام الامريكية راشال كولي البالغة من العمر 23 سنة بجرافة عسكرية اسرائيلية يوم 16 مارس في غزة. و اصيب نشطون اخرون بجروح بليغة بدبابة اسرائيلية يوم 5 افريل في الخليل. و سيكون مهما ما اذا كان الامريكان سياخذون هذا الدرس من الاسرائيليين.
ان الاعلام الاسرائيلي لا يبدي اي اهتمام بتناول مشاكل جديدة قد تلحق تلحق اسرائيل من جراء هذه الحرب. لذا فانه يقد الا صورا ايجابية عن ساحة المعركة و الحلبة السياسية. و لكن يوجد شيء و اضح و هو ان الصمود البطولي للعراقي ضد اعتى قوة عسكرية في العالم له انعكاس ايجابي على معنويات الفلسطيني. كما ان افكارا راديكالية بدات في التبلور في العالم العربي. و ان تتواصل الحرب اطول مما برمج له الامريكان ستكون لها اثارا سلبية على الاقتصاد الاسرائيلي.
كذلك فان الحركة المعادية للحرب داخل اسرائيل في النمو. فقد انتظمت مسيرة معادية للحرب يوم الجمعة 02 افريل الفارط في تل ابيب و قد تظاهر امام السفارة الامريكية الطلبة العرب و النشطون اليساريون بالخصوص و رفعوا شعارات ضد الحرب و الاحتلال. و في يوم السبت 05 افريل كانت هناك مظاهرة معادية للحرب في حيفا. و من المتوقع تنظيم احتجاجات جديدة ضد الحرب خلال افريل و خاصة يوم 01 ماي.
اسرائيل في 06 افريل 2003