أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرزاق دحنون - قصيدة حب سومرية














المزيد.....

قصيدة حب سومرية


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 14 - 12:14
المحور: الادب والفن
    


تُعدّ هذه التحفة الأدبيّة السومريّة من أقدم أغاني الحب والغزل في التاريخ المُدوَّن، وفي ظني هي مهمة من عدّة أوجه، أول هذه الأوجه أنّها من بقايا المجتمع الأمومي عندما كانت المرأة هي التي تستميل الرجل بكلمات تفيض حباً وعشقاً وهياماً، كان عليها أن تبادر الرجل وتلوذ به وتقدّم له ما يغريه وتطيب نفسه وتلين، فيميل إليّها، وبذلك تكسب ودّه وتأمن جانبه. والوجه الثاني أنّ المفردات البسيطة في عمقها وحميميتها التي نُسجت منها هذه القصيدة تعتبر من ارهاصات البناء الأول التي قامت عليها مزامير داوود في التوراة، وأعطت ذلك السحر الغنائي في هذه المزامير التي لا زالت تُتلى في أروقة الكنائس. ثالث هذه الوجوه تكمن في ترجمة هذه القصيدة التي احتفظت بسحرها حتى يومنا هذا، نقلها من نصها الأصلي إلى لغة اليوم عالم السومريات الشهير صموئيل نوح كريمر عن لوح طيني في متحف استنبول في تركيا، وعرضها في كتابه الجميل "من ألواح سومر".

هذا التراث الإنساني العظيم عاد حيَّاً بفضل جهود هؤلاء العلماء بعد غياب استمر آلاف السنين، وصرنا ندرك الآن أنّ هذا التراث عاش في ظلّ المرويات الشفهيّة والكتابيّة لشعوب وجماعات بشريّة أخرى، والتي نقلت ما تيسر منه في مروياتها ووصل إلينا من خلالها في زمن آخر وصيغ أخرى. ولكنه أشرق في النهاية كشمس الصيف وأضاء عتمة المتاحف في الكثير من دول العالم.

مجهودات حثيثة استمرت عشرات السنين من البحث والتنقيب في جنوب وادي الرافدين أدت إلى اكتشاف تلك الكنوز التي كانت مطمورة في بقايا المدن السومرية. لقد دَوَّن أهل سومر أغانيهم باللغة السومرية والخط المسماري على ألواح الطين. وهي تمثل عاداتهم وتقاليدهم وترسم صورة واضحة عن حياتهم الاجتماعية قبل أكثر من خمسة آلاف عام. ويمكننا القول بثقة: إن هذه والأغاني قد رويت وأُعيد روايتها في أكواخ القصب وهذَّبتها شفاه أجيال عديدة من الأمهات السومريات قبل أن تُنقش بالخط المسماري على ألواح من طين دجلة والفرات، ومن ثم شاعت عند مختلف الشعوب التي سكنت وادي الرافدين.

تميل معظم الدراسات الحديثة إلى القول بأن أهل سومر من أوائل الشعوب التي عرفت القراءة والكتابة في تاريخ البشر. ويعدون، من دون أدنى شك، من أكثر الشعوب التي شهدها العالم موهبة. ففي ممالك المدن السومرية والتي نستطيع ترتيبها جغرافياً من الجنوب إلى الشمال: أور, اريدو, لارسا, أوروك, لكش, أومّا, ايسن, أدب, نيبور, كيش, أشنونا, بابل, ماري. هذه المدن العامرة بالحضارة كانت أرقى الأماكن في العالم التي نشأت على حافة أحواض القصب في وادي الرافدين، وفيها ولدت الكتابة في حدود الألف الرابع قبل الميلاد.

بدأت الكتابة برسم شكل صورة الشيء فمثلاً حين يريد السومري كتابة كلمة جاموس كان يرسم رأس الجاموس، وعندما يريد أن يكتب كلمة حنطة كان يرسم شكل السنبلة. ثم تطور الرسم إلى رموز بسيطة مالت نحو التجريد وخُطَّتْ بأقلام القصب على ألواح الطين الطرية. وفيما بعد تحولت إلى كلمات تأخذ حروفها شكل المسمار، ومن هنا جاءت تسميتها بالكتابة المسمارية، والتي بقيت سائدة في وادي الرافدين حتى سنة خمسين بعد الميلاد.

شوى أهل سومر ألواح الطين مصادفة في النار، فحفظوا بذلك قصائدهم وأغانيهم من عاديات الزمان. تحوَّلت أواح الطين إلى فخار صلب حفظت لهم هذا التراث المكتوب. ما كان يخطر ببالهم أن قصائدهم ستعود من جديد إلى الحياة بعد آلاف السنين.

كمثال عن كيفية تطور وتأليف الكلمات، فقد كان السومري لا يعرف كيف يكتب فعل أكل، والذي يعد من الأفعال الأساسية في الحياة، فاخترع الفعل على الشكل التالي: فم + خبز = أكل. وهذا الاختراع مُدهش في بساطته وحصافته نقل تاريخ البشرية من المجهول إلى المعلوم.

أيها العريس
جمالك باهر، حلو، كالشهد، لقد أسرت قلبي وها أنا أقف بحضرتك خائفة، وجلة، مرتعشة، فخذني إليك.
أيها العريس
دعني أُدللك فإنه تدليلي أطعم وأشهى من الشهد، وفي حجرة نومك المعطرة بالطيب دعنا نستمتع بجمالك الفتان.
أيها العريس
نم في البيت حتى الضُحى، وأنت، لأنك تهواني، هبني قدراً من وقتك لتدليلك وملاطفتك.
أيها العريس
عشك جميل، حلو، دافئ، ضع يدك عليه، ألمسه، لا تخف، هو لك، أقبضه بكفك، هو لك.
أيها العريس
ها أنت قضيت وطر لذتك مني، فأبلغ أمي وستعطيك الأطايب، أما أبي فسيغدق عليك الهدايا، وروحك، أنا أعرف كيف أبهج روحك.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصحف جدي
- حوار في موسكو
- شجار في صحيفة الأخبار
- ثلاثون عاماً على كتاب الرأسمالية تجدد نفسها
- يعجبني ماركس أكثر من سواه
- من يملك الدَّين الأمريكي؟
- قرية سورية منحوتة في الصخر
- حدثنا عن العدالة يا أردَشير
- صورة الشاعر إيمي سيزار
- جهاد محمد...والرقص مع الذئاب
- ماذا سيحدث غداً يا تولستوي؟
- تجدُّد ماركس
- كيف تكون شيوعياً جيداً؟
- على عتبة المؤتمر
- في الحيلة لدفع الأحزان
- منصور الأتاسي وداعاً
- غزة في الوجدان
- براميل متفجرة وطناجر مطبخ
- دقيقتان مع ونستون تشرشل
- مات طباخ الرئيس


المزيد.....




- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...
- بعد ساعات من حضوره عزاء.. وفاة سليمان عيد تفجع الوسط الفني ا ...
- انهيار فنان مصري خلال جنازة سليمان عيد
- زمن النهاية.. كيف يتنبأ العلم التجريبي بانهيار المجتمعات؟
- كفن المسيح: هل حسم العلماء لغز -أقدس- قطعة قماش عرفها التاري ...
- الإعلان عن سبب وفاة الفنان المصري سليمان عيد
- الموت يغيب النجم المصري الشهير سليمان عيد
- افتتاح الدورة السابعة والأربعين لمهرجان موسكو السينمائي الدو ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرزاق دحنون - قصيدة حب سومرية