إسرائيل تبني ... وانتم تهدمون ......

رشا فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 1571 - 2006 / 6 / 4 - 08:16
المحور: القضية الفلسطينية
    

تسعى إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة وإمكانات إلى تحقيق أهدافها السياسية والاجتماعية من جميع النواحي وعلى كافة المجالات ، دون تجاهل لأي جانب ودون أن يطغى أي جانب على الآخر ، وبدراسة مسبقة وموضوعية مدروسة وبتخطيط ممنهج ، بحيث تصيب هدفها مباشرة وتحقق كل ما تسعى إليه بأقل خسائر وبأفضل نتائج، في سبيل المحافظة على أجيالها .
وتسعى هي التي لا تاريخ لها أصلا إلى بناء تاريخ وهمي ومستقبل واعد يدخلها عصر الحضارة والازدهار والتاريخ من أوسع أبوبه ، دون حاجة إلى واسطة ومحسوبية بل هي فقط حسابات العقل وتنمية عقول أبناءها النيرة وتشجيعهم ودعمهم للنهوض وتحقيق طموحاتهم ، وفي المقابل لا تنسى أبدا هدفها الموازي لذلك الهدف وهو هدم أي صحوة فلسطينية في أي مجال علمي منافس . وسعيها دوما لعرقلة المشاركة الفلسطينية في أي مجال من مجلات الحياة الاجتماعية الحضارية والاقتصادية في كافة المحافل الدولية المختلفة .
إن ما جعلني اخط هذه السطور هو ذلك اللقاء الذي شاهدته على إحدى الفضائيات العربية مع المخرج الفلسطيني هاني أبو اسعد مخرج الفلم الفلسطيني " الجنة الآن " والذي دار حوله الكثير من الجدل لمناقشته قضية حساسة وهي قضية النضال الفلسطيني وبالتحديد قضية الجوانب الإنسانية في منفذي العمليات الاستشهادية ، وما لفت نظري تحديدا هي المساعي الإسرائيلية الدءوبة والمتواصلة لعرقلة نجاح هذا الفلم دوليا ومحليا خوفا من تحقيق أي خطوة ناجحة تنسب لأي عقل فلسطيني ، فلم سينمائي قد لا يجده البعض مستحقا أي محاولة للعرقلة ، ولكنه أن دل على شيء فهو دليل على اهتمام عدونا بكل الجوانب الحياتية ورصده لأدق التفاصيل اليومية التي نتجاهلها نحن ولا نلتفت إليها وربما نجدها غير ذات أهمية ، وبرغم من ذلك فقد حقق هذا الفلم حلما لم يكن على بال مخرجه أو القائمين عليه أصلا ، وحصل على عدة جوائز عالمية .
ومن جانب أخر ... وبينما تسعى إسرائيل لمحاربة عقولنا بطرقها المعتادة والغير أخلاقية الظاهرة منها والخفية كما تحارب شبابنا يوما بعد يوم بشتى الوسائل التي نعلمها وتلك الأخرى التي لا نعلمها حتى تطمس عقولنا النظرة اليافعة شيئا فشيئا ، فلا نعد نستطيع النهوض من غياهب الجهل المدقع والظلام الدامس . وإسرائيل تعلم جيدا كيف تسير والى ماذا ترمي وتحدد نسب الفشل والنجاح في جميع الميادين فلا تطغى جهة على جهة أخرى ولا تحصر نفسها في ضائقة محددة لتربط كل مستقبلها ومخططاتها بها .
لكن أين نحن مما تفعله إسرائيل ومما تخطط له ... لا ندري ... غرقت حكوماتنا في النزاعات والخلافات الداخلية والخارجية والتسيب والفساد المالي والادراي والمحافظة على المراكز طوال السنوات العشر السابقة والتي لم نحصد فيها طعما لنجاح أو صعود بدأ باتفاقيات أوسلو الموقعة وحتى الحديث عن الهدنه طويل الأمد ومبدأ عدم الاعتراف بإسرائيل ، رجالنا يسيرون دون هدف ودون تخطيط ويتخبطون يمينا ويسارا ثم يضحكون على عقولنا وعلى أنفسهم ببعض الشعارات الرنانة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وأخيرا لم يكن ينقصهم سوى أن يشتغلوا ببعضهم البعض خبطا وقذفا وتكفيرا وتهليلا وتجريسا كما يحدث الآن في مناطقنا الفلسطينية ، حتى يصلوا بنا إلى الدرك الأسفل من الفشل المدقع ، فلقد نخر الفساد والجهل العظام حتى اضعف شبابنا وحطم أمالهم وأصبحت الحياة تساوي الموت في نظرهم فالشاب الذي لم تعطى له الفرصة للعلم والدراسة والنهوض والابتكار والاختراع والطموح والعمل الشريف ، ماذا يتوقع منه أن يقدم ؟؟؟؟
نحن لا نحتاج إلى تاريخ لنبنيه كما تبحث إسرائيل، نحن نحتاج لرجال تحافظ على تاريخنا لعريق وتضمن لنا مستقبلا وأملا ، لقد فقد شبابنا الفلسطيني ثقته بكل من حوله وأصبح يخاف أخوه و جاره وصديقه، فكيف سيثق بحكومة أو رئاسة لا تستطيع أن تضمن له رغيف يومه وقوت عياله ، وهو الراضي بكل ما قسمه الله له ، عشر سنوات حرب وسلام وانتم تهتفون دون حراك وإسرائيل تبني أجيالا جيلا بعد جيل على حساب أحلامنا وطموحاتنا وما زلتم مشغولون في تحقيق أحلامكم ومشاريعكم الشخصية وتصفية حساباتكم القديمة مع بعضكم البعض ، دون أي لفته لمستقبل شاب آو طفل جائع ...
انهضوا بحق الله وانظروا بأعينكم ... فقد طفح الكيل ...

#رشا_فرحات (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات