مسرح الشارع آلية لتسويق منتج ثقافي

حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح
(Hossam Mossaad)

الحوار المتمدن-العدد: 6491 - 2020 / 2 / 13 - 23:51
المحور: الادب والفن
    

#مسرح_الشارع_آلية_تسويقيه_لمنتج_ثقافي
قد يري البعض أن كلمة «تسويق»كلمة تجاريه وصناعية هادفة للربح المادي لا ترتبط مع كلمة «إبداع» والتي تحمل رسالة ثقافيه غير هادفة للربح المادي
، ولكن هذه الكلمة «التسويق » يمكن أن ترتبط بعالم الثقافة والإبداع، والصناعات الثقافية الإبداعية، فتسويق السلع التجارية وترويجها هو قريب من تسويق الثقافة، وتحويلها إلى منتج ذي قيمة عالية ، سواء كان هذا المنتج هادفا للربح المادي أو الربح المعنوي الذي نقصد به هنا تعميق الهوية الثقافية للمواطنين، وتنمية الوعي والارتقاء بفكر ووجدان الجمهور.

أنه من هذا المنطلق يبقى التسويق مسألة مهمة للمبدع الحقيقي فلن يخرج إبداعه إلى النور بدون تسويق ناجح ومتطور.

الخطاب الثقافي في جوهره يعني أن هناك رسالة ثقافية أو منتج نريد أن يصل للجمهور فنلجأ إلى الخطاب باعتباره وسيلة لبث الرسالة إلى المتلقي، ومن ثم فإن المفهومان يلتقيان في عنصري الخطاب والتسويق، فالخطاب هو تسويق لمنتج فكري نريد أن يصل للمتلقي، والتسويق هو أيضا وسيلة لترويج السلعة أو المنتج .

إن أهمية دور التسويق وقدرته على إبراز المنتج الثقافي وإعطائه بعده الحقيقي، ولفت الانتباه إلى ضرورة دراسة السوق واهتمامات الجمهور المستهدف ثقافيا، هي محاولة للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالتسويق.. ومنها هل نفتقد دراسة السوق لتفعيل نجاح التسويق للمنتج الثقافي؟
هل نتبع طرق منهجيه لتسويق المنتج الثقافي من خلال عناصر المزيج التسويقي (الفكره والمكان والترويج والهدف ) ؟
هل نطبق معايير المزيج الترويجي حين نسوق لمنتج ثقافي ؟

انني أزعم أن مسرح الشارع هو الآلية الفاعلة لتسويق منتج ثقافي يحمل خطاب ثقافي ذو منتج فكري يذهب للمتلقي إينما وجد ويستهدفه بطريقة مباشره غير هادفة للربح المادي بعد دراسة واعيه لإحتياجات المتلقي وبقصد تعميق هويته الثقافيه وتنمية وعيه والإرتقاء بفكره ووجدانه
إذا اعتبرنا بلغة التسويق ان عروض مسرح الشارع هي منتج ثقافي فأننا نريد التعرف أولا علي دورة إنتاجه والتي تبدأ بمرحلة أولي تسمي«الفكره» التي بنيت علي دراسة لإحتياجات الناس في الشارع .فمسرح الشارع يكترث لقضايا وهموم الشارع ومتطلباته وإحتياجاته في خطاب بسيط وميسر يخاطب كل المستويات الثقافيه .
اي ان المؤلف في مسرح الشارع هو صاحب الفكره التي يتم صياغتها ادبيا وتحمل قضايا وآلام الشارع الذي قام المؤلف بدراسة هذه القضايا دراسة دقيقه محدد متطلبات هذا الشارع ومحدد الرسالة او الخطاب الثقافي الموجه للمتلقي هذا العميل المستهدف لمنتجه الثقافي ومراعيا اختيار المكان الذي يتم فيه العرض وكيفية الترويج لمنتجه الثقافي من خلال نصه الادبي المسطر والذي يحمل رسالة ثقافيه
المرحلة الثانية في دورة إنتاج عرض مسرح شارع وهي «التصنيع» او الانتاج المسرحي والتي يقوم فيها المخرج بإختيار مجموعة العمل وتحديد الشخصيات التي تتناسب والطبيعه المكانيه والعلاقة السيكولوجيه للمتلقي المستهدف
ولذا فأننا لا نبالغ حين ندعي ان ممثل مسرح الشارع يجب ان يتميز بحرفية خاصه تتطلب منه القدره علي احداث علاقة ثنائيه بينه وبين المتلقي في عرض مسرح الشارع
فممثل مسرح الشارع هو في حقيقة الأمر ممثل ومعلن وبائع شخصي وناشر اي إن عملية إختيار ممثل مسرح الشارع هي عملية معقده يجب ان تخضع لمعايير وعناصر المزيج التسويقي وهي الإعلان والبيع الشخصي والنشر وتنشيط البيع فهذا الممثل هو من يستهل ويفتتح عرض مسرح الشارع بوسيلة اعلانيه كقرع الطبول او العزف علي اي آلة موسيقيه او بالنداء لجذب هذا الجمهور المتواجد عشوائيا بالقرب من مكان العرض وتوجيهه نحو مصدر الإعلان
ونجد أيضا ممثل مسرح الشارع هو البائع الشخصي الذي يبدأ في تكوين العلاقة الثنائيه بينه وبين المتلقي ليخبره بطريقة جاذبه لمشاهدة العرض ومروجا لفكرة العرض
ونراه ايضا يحمل لافتة كتبت عليها عبارة تخدم فكرة العرض الاساسيه تأكيدا لدوره كناشر يروج لفكرة المنتج الثقافي
واخيرا حين يشتبك الممثل مع المتلقي في مسرح الشارع فتحدث التفاعليه التي قصدها المؤلف وانصهر فيها مخرج العرض بإستخدام هذا الممثل المحترف لجماليات التسويق
فأني اصف هذه اللحظه التي تعد لحظة إكتشاف جمعي تتمحور حول أبعاد وقيم مشتركه بأنها العنصر الهام في المزيج الترويجي آلا وهو تنشيط البيع والتي تحصد ثمار التسويق بتفاعل المستهلك او المتلقي مع المنتج الثقافي
والسهولة التي تتصف بها عروض مسرح الشارع في حرية التنقل من مكان الي آخر وكسر عوائق اللغه واللهجات هو ما يجعل من مسرح الشارع آلية تسويقيه تستهدف اكبر قدر من المستهلكين او بمعني آخر فمسرح الشارع يستهدف قاعدة كبيره من الجمهور

إن الصورة الذهنيه التي يخلقها مسرح الشارع لدي المتلقي الذي يجد نفسه جزء أصيل من نسيج العرض فيشتبك معه تارة ويتجادل تارة وينقل من خلال إشتباكه هذا مدي تفاعليته بالخطاب الثقافي المعروض امامه ويحقق الهدف الأمثل والمقصد من رسالة المنتج الذي لو طبقنا منهجية ومعايير التسويق عليه لوجدنا أن مسرح الشارع هو آلية تسويقيه مباشره للخطاب والمنتج الثقافي

#حسام_الدين_مسعد (هاشتاغ)       Hossam_Mossaad#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات