|
صفقة القرن.. سياقها والمهام المطروحة أمام الشعوب العربية
محمد أحران
الحوار المتمدن-العدد: 6491 - 2020 / 2 / 13 - 23:44
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
ماهو السياق الذي برزت فيه صفقة القرن ؟
مما لاشك فيه أن صفعة القرن التي أسمها ترامب بخطة السلام وفي حال نجاحها ستعتبر بمثابة المسمار الاخير الذي يدق في نعش القضية الفلسطينية ، فبعد إغتيال الرجل الثاني في إيران قاسم سليماني وتراجع نفوذ الحشد الشعبي و فيلق القدس في المنطقة بفعل الازمات الداخلية بإيران التي تسبب فيها الصراع بين مؤسسة المرشد الاعلى خامنئي إلى جانب المؤسسة العسكرية ضد النخب السياسية ورجال الاعمال بإيران ، هذا الصراع الذي ظهرت تجلياته بشكل واضح لكل من تتبع التصريحات المتناقضة لكل من خامنئي وحسن روحاني ووزير الخارجية الايراني في ظرفية إشتداد الصراع بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبح كل منهم يغني على ليلاه ، ومع فضيحة إسقاط الطائرة الاوكرانية أصبحت إيران في مأزقٍ حقيقي ، بعدما كانت إيران هي السند القوي لحركة حماس ولأجنحتها العسكرية وهذا مأكده الناطق بإسم الحركة إسماعيل هنية ، تعاقبت وتوالت كل هذه الاحداث بشكل متسارع وإرتكنت أغلب الانظمة العربية إلى الزاوية في حين تكفلت بريطانيا المغادرة حديثا للإتحاد الأوروبي والباحثة عن شريك إقتصادي قوي أي أمريكا بالإضافة إلى كندا وباقي أصدقاء الكيان الصهيوني بإفتراس ماتبقى من إيران عن طريق فرض عقوبات اقتصادية جديدة ، إضافة إلى الوضع المزري الذي تعيشه الدول العربية بمنطقة الشرق الاوسط على جميع الاصعدة خصوصا منها تلك التي خرجت لتوها من أنصاف الثورات ، وبالتالي أصبح السياق العام في منطقة الخليج العربي يساعد ترامب الذي يمر بأزمة فقدان الثقة على المستوى الداخلي كما إشتد صراعه مع مجلس النواب ورئيسته نانسي بليوسي وما من حل أمامه إلا الإسنجاد بنتنياهو الذي بدوره يعاني من أزمة على مستوى الداخلي . وبتنسيق وتخطيط من اليهودي كوشنر صهر ترامب زوج إيفانكا الذي أسس لإتفاق يقضي بأن يساعد نتنياهو ترامب من خلال جماعات الضغط اليهودية بالكونكرس وفي نفس الوقت أن تضمن أمريكا نجاح صفقة القرن بضغطها على الدول العربية التي من المتوقع أن تعارض الصفقة وبالتالي يسترجع نتنياهو الثقة التي فقدها على المستوى الداخلي على الاقل بعد مجموع الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها الشركات التابعة للكيان الصهيوني بعد مقاطعة منتوجاتها بعدد كبير من الدول الاروبية وبأمريكا الجنوبية بسبب السياسة الخارجية لإسرائيل ... إذن هذا يعتبر هو السياق العام الذي صادف إخراج هذه الصفقة للعلن .
ماهو موقف الانظمة القائمة بالمنطقة العربية من خطة ترامب ؟
أولا نبدأ بمن كانوا طرفا أساسيا في هذه الصفقة ، البحرين كانت حاضرة أثناء عرض الصفقة بالبيت الابيض بحضور سفيرها بالولايات المتحدة الأمريكية كما هو الشأن بالنسبة للسعودية التي باركت هذه الصفقة ، أما باقي الدول العربية فقد تجاوز بها الامر التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى الشراكة معه فقد أكدت الخارجية المغربية على دعم خطة ترامب بشكل صريح عبد وزير خارجيتها ناصر بوريطة وهو ما أكده المحلل السياسي الصهيوني إيدي كوهين عبر صفحته بالتويتر حينما أقر أن المغرب قد وافق بالفعل ضمن إتفاق ينص على أن تقر أمريكا بمغربية الصحراء الغربية وأن تفتتح بها قنصلية في مقابل دعم المغرب لخطة ترامب ، أما الموقف الجزائري فقد كان إلى حد ما فيه نوع من المحابات للموقف الرجعي السائد فقد عبرت الخارجية الجزائرية عبر بيان عن رفضها لصفقة القرن لكن هذا البيان وردت فيه كلمة ((( القدس الشرقية ))) مما ينافي الموقف السليم من القضية الفلسطينية ، أما في مايخص موقف تونس فلم نرى سوى مجموعة من التصريحات للرئيس قيس سعيد الذي أطربنا بخطبه الشعرية كما لو أنه وريث محمود درويش في الحياة دون فائدة تُذكر ، أما عن جارتها ليبيا فلم نعد نعلم أي ليبيا هي ليبيا الحقيقية بين حكومة فايز السراج و اللواء خليفة حفتر أصبح كل منهم مستعد للمساومة على الموقف من أجل ضمان شرعية أحدهم على حساب الاخر ، وبخصوص مصر فالسيسي حتما هو إبن بار للصهاينة كما هو الشأن بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوكان الذي أطربنا في تدخل له أما أعضاء حزبه بعدم التخلي عن فلسطين و رفضه لصفقة القرن ... على الرغم من أن الكيان الصهيوني هي أكبر شريك إقتصادي لتركيا . في حين أن الدول التي أعلنت عن رفضها القاطع وبشكل مباشر لم تتعدى إيران وفينزويلا إضافة إلى السلطة الفلسطينية مما يبشر على كل حال بتحالف ولو مؤقت بين حركتي فتح وحماس .
إذن في ظل كل التخاذلات المعهودة منذ زمن ماهو الحل لإيقاف هذه الصفقة كمرحلة أولى في أفق تحرير فلسطين كل فلسطين ؟
في البداية أستحضر مقولة للمحلل السياسي علي عزة بيكوفيتش عندما قال " نحن لدينا إشكاليتان الاولى أننا ننتظر معجزة في زمن ولت فيه المعجزات والثانية أننا ننتظر مخلصا وهذا المخلص ربما يكون من الاصدقاء ونحن ليس لدينا أصدقاء ..إذن الحل لنا هو التفكير والانتباه والانطلاق من ذاتنا " إن الخيار حتما ينطلق من ذواتنا وقدرتها على وضع تحليل صائب لما يجري . أولا الكل يجمع على أن الانظمة الرجعية القائمة في المنطقة العربية كلها تخدم مصالح الثالوث الامبريالي_الصهيوني_الرجعي أي أن كل هذه الانظمة لها مصالح واضحة مع الكيان الصهوني وحلفائه وبالتالي نحن لا ننتظر منها تحرير فلسطين بل بيعها وكما قالها درويش ذات يوم " من باع بغذاذ لن يشتري القدس ..." ، وهنا يبرز قول مأثور للقائد الفلسطيني جورج حبش حينما خاطب العرب قائلا " إن خير ماتقدمونه للقضية الفلسطينية هو نضالكم ضد أنظمتكم الرجعية " فكلما يفعله العرب لحد الساعة هو التباكي على وسائل التواصل الاجتماعي فلو أوقفتها أمريكا حتما لن يجد العرب نافذة أخرى لدفاع عن فلسطين ، ففلسطين التي تم إحتلالها عبر مراحل وسنوات لن تحرر بتدوينة ولا بهاشتاغ بل بفعل منظم مستمر يعتمد صلابة إستراتيجية نحو هدفه ومرونة تكتيكية في التعامل مع الازمات وتجاوزها ، فالطريق إلى فلسطين ليس بالقريب ولا بالبعيد بل إنه بمسافة ثورة وما الثورة هنا إلا فعل منظم مستمر قصد بلوغ هدف تحرير فلسطين ، أما من لازال يؤكد على السير وفق مسار المفاوضات فحتما هو لم يشاهد إحدى خطب ترامب أبدا ، فمقدار الثقة التي يمتلكها هذا الرجل سمح له بأن يطأ على كل رؤوس الحكام العرب وإستفزاز الشعوب العربية بإستمرار دون كلل ولا ملل في إشارة إلى أنهم خارج معادلاته على أي حال وكأنه سيد العالم الذي لاتجدي معه لا مفاوضات ولا نقاشات . إذن المسار الصحيح والسليم هو حقا واضح وينطلق من ذواتنا وهنا أقتبس مقولة للصهيوني موشي ديان عندما قال " إني لا أخاف العرب مهما جمعوا من أسلحة وعتاد لكني سأرتعد خوفا إن رأيتهم يركبون الحافلة بشكل منظم " فبدون رفع الوعي الجمعي للشعوب العربية لاوجود لشيء إسمه تحرير فلسطين فكيف لمن فشل في تحرير ذاته أن يحرر أحرار فلسطين .
#محمد_أحران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في صفقة القرن وموقع العرب مما يجري
المزيد.....
-
مظلوم عبدي لفرانس24: -لسنا امتدادا لحزب العمال الكردستاني وم
...
-
لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا
...
-
متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت
...
-
التصديق على أحكام عسكرية بحق 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ«
...
-
تنعي حركة «الاشتراكيين الثوريين» ببالغ الحزن الدكتور يحيى ال
...
-
الحزب الشيوعي يرحب بمؤتمر مجلس السلم والتضامن: نطلع لبناء عا
...
-
أردوغان: انتهت صلاحية حزب العمال الكردستاني وحان وقت تحييد ا
...
-
العدد 584 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بوتين يعرب عن رأيه بقضية دفن جثمان لينين
-
عقار -الجنود السوفييت الخارقين-.. آخر ضحاياه نجم تشلسي
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|