|
لماذا يلوم العرب دونالد ترامب على صفقة القرن ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6488 - 2020 / 2 / 10 - 23:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل بكاء العرب من صفقة القرن التي خرج بها الرئيس دونالد ترامب ، صحبة بنجامين نتنياهو ، هو غيرة على فلسطين ، ام انه بكاء التماسيح ، وبكاء النفاق ، قلبي مع علي ، وسيفي مع معاوية . وهل من رسالة لحضور سفراء ثلاثة دول عربية ، هي الامارات ، البحرين ، وعُمان حفل اخراج الصفقة ، ولقاء رئيس المجلس العسكري السوداني نتنياهو ، واعتبار اللقاء يصب في خدمة مصالح السودان ، وخروج أنظمة عربية أخرى ، بالثناء ، والاشادة بالرئيس دونالد ترامب ، ومنه الإشادة بالصفقة التي شطبت نهائيا على فكرة القدس الشرقية ، لتصبح القدس عاصمة موحدة للدولة العبرية . ولتوضيح الرؤية ، وبخلاف الشعوب التي رفضت الصفقة ، ورفضت الارتماء في مشاريع الخيانة ، التي ارتمى فيها حكامها المغتصبين للحكم ، فهل من قيمة مضافة للصراع العربي الإسرائيلي ، اضافته الدول العربية التي رفضت الصفقة ، وهي تونس ، الجزائر ، سورية والعراق ، مقارنة بالدول التي باركتها لحسابات ضيقة كذبتها حقيقة الشعوب التي رفضتها . ان ما جاء به الرئيس الأمريكي من حل جسده في الصفقة ، لم يكن جديدا ، ولم يأت بجديد ، ليفاجئ الرؤساء والملوك العرب ، المتباكين المنافقين ، بل ان الصفقة كانت منتظرة ، سيما وان الرئيس الأمريكي عندما كان يخوض حملته الانتخابية الرئاسية ، امام منافسته هلاري كلينتون ، وعد اليهود الامريكان ، ووعد إسرائيل بالصفقة ، التي أذْرفتْ دموع تماسيح الحكام العرب ، وهم الذين كانوا ينتظرونها كميعاد ليوم معلوم . ان ما قام به الرئيس الأمريكي ، وبالتنسيق مع بنجامين نتنياهو ، لم يكن مفاجئا للعالم ، بل انّ ما قام به الرئيس الأمريكي ، هو التزام بالوعد الذي قطعه على ذمته ، من انه اذا فاز في الانتخابات ، سيفي بكل ما وعد به ، وسيلتزم بكل ما قطعه على عاتقه من تعهدات . فاين المشكل اذن . هل المشكل يكمن في الرئيس الأمريكي الذي خاض انتخابات على أساس برنامج انتخابي ، وحين صوت عليه المنتخبون ، فهم لم يصوتوا على شخص الرئيس دونالد ترامب ، بل صوتوا على البرنامج الانتخابي التي تقدم به ضد منافسته هلاري كلنتون ، الامر الذي يجعل الرئيس بعد الفوز ، وعند الاخلال ببرنامجه الانتخابي ، او عند تخليه عن وعوده الانتخابية ، يكون قد اخل بوعوده ، و يكون منقلبا على برنامجه الذي على أساسه صوت عليه الامريكيون ، فيكون بذلك متناقضا مع نفسه ، ومع ذاته ، ويكون انقلابياً على من صوتوا لصالح برنامجه الانتخابي . ان المشكل ليس في الرئيس الأمريكي ، وليس في البرنامج الانتخابي الرئاسي التي تقدم على اساسه الى الانتخابات ، كما انه ليس في بنجامين نتنياهو ، ولا في دولة إسرائيل الذين يشتغلون على هدف ، معروف ، وواضح ، ومعلوم لذا الجميع ، حين اصبح ( الهدف ) ، لا يكتفي فقط ببناء دولة إسرائيل الكبرى ، بل اصبح يتكلم جهرا عن ارض إسرائيل التي كانت منذ ثلاثة آلاف سنة . ان المشكل موجود في الحكام العرب المنافقين ، المتقاعسين ، المنساقين كالبهائم وراء المشاريع الصهيو /أمريكية / غربية ، حفاظا على عروشهم وكراسيهم كالكراريز ، بل المنغمسين من الرأس حتى اخمس القدمين في مشاريع الخيانة ، والبيع والشراء في قضايا الامة ، وقضايا شعوبها ، والشعوب العربية التي لا تعرف غير القمع ، والبطش ، والتنكيل ، والإرهاب الدولتي بأساليبه البشعة المتنوعة . فعندما كان الرئيس الأمريكي يفصح عن برنامجه الانتخابي الرئاسي امام العالم ، ويعد فيه بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل ، ويعد بنقل سفارة بلده من تل ابيب الى القدس ، وضم كل مستوطنات الضفة ، وغور الأردن ، والوصول الى مياه البحر الأحمر ، وحين كان يتعهد بالاعتراف بإسرائيلية الجولان ، فهو كان يهيئ لمرحلة جديدة ( لا نقول كان يهيئ لمعركة ، لان لا احد سيتعارك مع دونالد ترامب ، لان الحكام العرب جبناء يرتعدون من ترامب الذي اعتاد اذلالهم ، واهانتهم ، وتحقيرهم ) موعود بها عبر كل وسائل الاعلام الدولية . والسؤال هنا : اين كان الحكام العرب ، وهم الذين بشدة الخوف من أمريكا ، كانوا يتابعون الحملة الانتخابية الامريكية ، وكانوا على علم بالبرنامج الانتخابي للرئيس الأمريكي الذي يَعِدُ بأرض إسرائيل ، وليس فقط بدولتها ؟ ماذا كانوا ينتظرون ، ولماذا لم يتحركوا في الوقت المناسب ، على الأقل لتعطيل البرنامج في شقه العربي / الإسرائيلي ؟ هذا انْ تمكنوا ، وكانت لهم القدرة على ذلك ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه . ان مسؤولية العرب اجمعين ، حكاما وشعوبا ، واضحة ولا غبار عليها ، وان ما جرى وحصل كان منتظرا ، وخاصة وانّ الأجواء والارضية في العالم العربي ، تسمح للبرنامج بالسير الى اقصى مداه ، دون اي خوف من المعارضة ، او من ردة الفعل العنيفة ، بل ان التحرك الأمريكي الذي تمت برمجته منذ مؤتمر مدريد في سنة 1982 ، ومؤتمر اسلو في سنة 1993 ، قد استنفذ كل اطواره ، وحان وقت وضعه على الطاولة ، لإخراجه في صورته المعهودة التي لقيت تكريما ، ومساندة من كل الأنظمة العربية ، باستثناء تونس ، والجزائر ، وسورية ، والعراق ، وهذه الدول المريضة ، لا حول ولا قوة لها ، امام غول الجبهة المُكوّنة من أمريكا ، وإسرائيل ، والغرب ، والأنظمة العربية ، إضافة الى الإسلام الصهيو / اخواني / وهابي . ان تصرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، كان في محله ، وجرى ضمن السياق الذي بشر به في حملته الانتخابية الرئاسية ، فهو كان يتصف بالوضوح وبالشفافية ، ولم يكن يُكوْلس من وراء ظهر احد ، حتى يأخذ عليه إتيانه بأشياء لم يكن احد متفق عليها . انْ يتصرف دونالد ترامب ، كمنفذ لبرنامجه الانتخابي الذي كان اعلانا للجميع ، عمّا ستصبح عليه المنطقة ، هو امر عادي حين سيتصرف بعد الفوز بالانتخابات ، كخادم مطيع يحرص على ما وعد به المنتخبون الذين منحوه صوتهم . اذن لا احد من العرب له الحق في لوم دونالد ترامب ، وانْ كان هناك من لوم يجب توجيهه ، فليوجه الى الحكام العرب الذين ظلوا طيلة الحملة الانتخابية الرئاسية الامريكية ، واضعين رؤوسهم في الرمل كالنعامة ، في حين ان وضعهم الضعيف ، والمهزوم ، يبشر بتسهيل تنفيذ كل الوعود التي وعد بها المنتخبين قبل الفوز بالانتخابات الرئاسية . فما يقوم به الرئيس الأمريكي بعد فوزه في الانتخابات ، في جميع المجالات ، انما يقوم به باسم الشعب الأمريكي ، كممثل ومفوض له ، لان البرنامج الانتخابي الذي صوت عليه الشعب ، اصبح ملكا له ، لا ملكا للرئيس الملزم بتنفيذه وبالسرعة المطلوبة .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ناصر بوريطة برتبة مُتصهْينْ صُغيّرْ
-
الوقفات الاحتجاجية
-
اعتراف امريكا بمغربية الصحراء ، مقابل تطبيع النظام المغربي ا
...
-
هل يخضع نزاع الصحراء الغربية لصفقة قرن فرنسية .
-
الظواهر
-
الدكتور هشام بن عبدالله العلوي
-
صفقة القرن
-
المحكمة الإيطالية
-
قضية الصحراء الغربية ، قضية نظام جزائري
-
مغرب محمد السادس ، حصيلة عشرين سنة من الحكم
-
الاضراب // La gréve
-
هل النظام المغربي معزول ؟
-
جريمة / Crime
-
المجتمع الاسباني والعنصرية / La société espagnole et le raci
...
-
سنة وثلاثين سنة مرت على انتفاضة يناير 1984
-
قطر / اسرائيل ضالعتان في اغتيال الجنرال قاسم سليمان
-
كلمة أمازيغ
-
نفس المسرح // Le même théâtre
-
المغرب -- اسبانيا // Maroc -- Espagne
-
الحكومة الاسبانية
المزيد.....
-
-لا مؤشرات على وجود حياة-.. مشاهد صادمة تلاحق الفلسطينيين مع
...
-
كيف تضغط العقوبات النفطية الأمريكية على أساطيل الظل لروسيا و
...
-
رؤساء سوريا عبر التاريخ: رئيس ليوم واحد وآخر لأكثر من عقدين
...
-
السودان.. حميدتي يقر بخسائر قواته ويتعهد بطرد الجيش من الخرط
...
-
الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي تم رصده م
...
-
برلماني مصري من أمام معبر رفح: الجمعة القادمة سنصلي في تل أب
...
-
السودان.. قوات الدعم السريع تتوعد بـ-طرد- الجيش من الخرطوم
-
السلطات النرويجية تبلغ السفارة الروسية بعدم احتجاز طاقم السف
...
-
الخارجية الأمريكية: إدارة ترامب تعتبر قناة بنما أصولا استرات
...
-
قوات كييف تهاجم مدينة إنيرغودار مجددا حيث تقع محطة زابوروجيه
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|