أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - قصائد اكليل موسيقى رؤى في بنى تضاد .... النسيان مصاب بداء الذكرى















المزيد.....


قصائد اكليل موسيقى رؤى في بنى تضاد .... النسيان مصاب بداء الذكرى


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6487 - 2020 / 2 / 9 - 10:02
المحور: الادب والفن
    


كنت اتابع ما ينشره الشاعر جواد الحطاب من قصائد الشعر في الصحف والمجلات فكنت اجد فيه مبدعا مغايرا يغرد خارج السرب اناقة عبارة ورشاقة صورة وعذوبة خيال حتى اوصل لي صديقي الاديب ناظم السعود يوما (صيف عام 1995) نسخة من كتاب شعري جديد صادر عن منشورات البزاز شاء ناشره دار مواقف عربية بالمملكة المتحدة تسمية ذلك الكتاب الشعري بـ(ديوان الشعر العراقي) وقد احتوى على قصائد لجواد الحطاب وزاهر الجيزاني وكزار حنتوش وعبد الرزاق الربيعي وعدنان الصائغ وعلي الشلاه وصلاح حسن ومحمد تركي النصار وكلهم يحيون في الغربة عدا الحطاب في حين رحل كزار حنتوش مع توديعنا لعام 2006. فتعرفنا بشكل اوثق على منجز جواد الحطاب الشعري فضلا على انجازات الآخرين.
آخر ما صدر للشاعر جواد الحطاب عن دار الساقي في بيروت كتابه الشعري (إكليل موسيقى على جثة بيانو) واحتوى على عدد وافر من قصائده الحديثة.
ما يميز العديد من قصائد الديوان ما يطلق عليه في النقد بنى التضاد، بنى التضاد واضحة تعلن نفسها حتى في العنوان فالاكليل دائما اكليل زهور والبيانو جهاز موسيقي اما ان الاكليل، اكليل موسيقى ويوضع أين؟ يوضع على جثة بيانو فهذا لون صاعق من الوان التضاد اللغوي، فمنذ سنوات اصدر القاص سعدي عوض الزيدي مجموعته القصصية التي سماها (وداعا ايتها السنة القادمة) في حين كان الشاعر علي الامارة يركض وراء شيء واقف في كتابه الشعري الجميل (الركض وراء شي واقف)!!
ان من اروع قصائد هذا الكتاب الشعري قصيدته الطويلة (مقبرة الغرباء) نص في رثاء الجواهري وتناص مع سعدي يوسف.
في عز اللزوميات تابعت الاخبار انفاسك قلت لانفاسي: رجل (منجاف) لم تستوعب قامته اية مقبرة حتى لوكانت: مقبرة الغرباء (...) اذن دعنا/ نركن (عمود) الشعر، بدائرة (الآثار) لعلك ترتاح لموت واحد! (...) لم يسمع احد في النجف النعيَّ/ لكن حمام عليّ/ لم يهبط تلك الليلة فوق قباب ابي الحسنين (..) ايها النجفي لسابع ظهر/ أأخيرا . تمكنا منك/ فدفناك/ من دون رضاك؟!
وبرغم كل مظاهر الخوف، نعاه الناعي ومازلت اتذكر نعي عبد الستار ناصر، لهذا الشاعر المنجاف النجفي الشامخ واقيم له مجلس العزاء في مسجد براثا، ورفعت راية سوداء في ساحة النسور ببغداد، تنعى متنبي القرن الرابع عشر الهجري بعد ان فقدنا على يد فاتك الاسدي متنبي القرن الرابع الهجري.
هل فاتك... فاتك/ ام ان الفتاك جميعا/ كمنوا فيه..؟ (...) لكنك، كنت: المتنبي: فقتلناك/ -فقط-/ كي نعطي رأسك تذكارا/ للسياح من النحات.
وكما كان عنوان الديوان زاخرا ببنى التضاد فان العديد من قصائده ظلت مفعمة بهذا التضاد حتى عنوانات القصائد فالايروتيكا تحريف لكلمة عربية زاخرة بصور الجنس ومن يقرأ كتب الجنس العربية القديمة يجد هذا التعبير كثير الدوران في الكتب، لن اعطيكم امثلة عديدة لن اقول لكم عودوا الى كتاب (تحفة العروس ونزهة النفوس) لابي القاسم التجاني المتوفى سنة 704 للهجرة، لكن بالامكان العودة الى كتاب (رجوع الشيخ الى صباه في القوة على الباه) فيرد ذكر هذا اللفظ كثيرا لكن ايروتيكا جواد الحطاب، امعانا في بنى التضاد هذه الايرو تأتي بلا تيكا، هذه القصيدة اهداها الى: عبد الرضا علي، والى حاتم الصكر بشكل ما.
في العشرين: كنت اهيئ طقسي/..كذبات بيضا/ ..شموعا/ وكؤوس نبيذ/ واقود امرأة ما/ صوب كمين/
وتأتي هذه المفارقة المؤسية المبكية، فبعد ان طُوِيَت السنون وضعفت قوة الجسد وخمل الباه وضاع الجاه..
في الستين:/ ما إن تأتيني امرأة، بكذبات بيض/ بكأس نبيذ/ وشموع حتى: اهجس ان كمينا ما/ منصوب لي/ فأغادر لايعنيني اين.
واذا كان هناك قارئ لم يفهم ما يعنيه الحطاب الشاعر وهو يحتطب في ليل الشعر وضيائه فانه يقول له بالعبارة الواضحة الصريحة لقد مات المذكور في عنوان القصيدة وبلى حينما كثرالخير وزاد!!
بعد رحيل (الفيئ)/ (حي) يحمل (ميتا)/ ميت/ يمعن في تخريب الحي.
فبعد ان رحل الشباب وعنفوانه وبعد ان بلى الجسد وشاخ ما عاد سوى الصهيل والعويل لأن الفشل في الاشباع معناه الموت الحسي والمعنوي حتى وان بقيَّ الجسد البالي حيا ولقد افاض الفلاسفة والمتكلمون في قضية شيخوخة الجسد والروح فقالوا ان الجسد هو الذي يشيخ في حين تظل الروح شابة وثابة ومن هنا جاء في المأثور: ان الروح خضراء كناية عن شبابها وفتائها في حين ارى انه كما يشيخ الجسد ويضمر ويهرم كذلك الروح تشيخ وتضمر وتهرم فهي صنوه ورديفه وتعايشه مدى عمره لأن ما يعصف بالجسد من هموم ومآسٍ وارزاء يترك اثاره السلبية على الروح فضلا على ما يتعاور على الجسد من اسقام وامراض.
فبعد ان رحل الشباب وخيره بقيَّ جسد تقول مجازا انه مازال حيا يحمل جزءا ميتا او هو في طريقه الى الموت، هذا الجزء البالي من الجسد أتعرفون كيف يمعن ويوغل في تخريب هذا الجسد الذي اتفقنا واياكم ان نسميه حيا وهنا تحضرني طرفة مفادها ان صبيا سأل اباه عن كثرة شجاره مع امه واستمراره في حين كان خلافهما وشجارهما سابقا لايدوم الا وقتا قصيرا فاجابه بكناية مؤسية: ان من كان يصالحنا قد مات!!
ما يميز ابداع جواد الحطاب الشعري فضلا على بنية التضاد اوبناه هذه الطاقة المتفجرة في نهاية الكثير من قصائده هذه الضربة الموغلة في الاسى والمكتنزة بالمفارقة والمغايرة، مفارقات الحياة التي تأتي مدوية صاعقة كضربة الصنج يجعلها تختزن كل قوة المفردة الشعرية على الافصاح والبوح الصاعق فبعد ان يعدد الحطاب جواد اسماء العديد من خلفاء بني العباس ممن كانوا يتمسحون بالذات الالهية ويتلفعون بها بدءا بالمتوكل على الله مرورا بالمستعين والمستكفي والمطيع والطائع وصولا الى المقتدي وانتهاء بالمستعصم بالله.
يااااه/ تضحكني هذي الاسماء/ ارب هذا/ ام شماعة اخطاء؟!!
وفي قصيدته/ احد عشر كوكبا التي تتعالق باكثر من وشيجة مع اخوة يوسف يأتي قول الشاعر المكتنز بالصعق وببنى التضاد.
جئنا. نغسل انفسنا،/ بالنسيان/ فاصيب النسيان بداء الذكرى.
و/مختنق. مختنق مختنق/ عشر رئات لاتكفيني.
و/ ما اتفه الرجولة/ حين تنفرد، رشاشاتها بـ..امرأة.
في قصيدته (حيرة) التي اهداها الى الشاعر عبد الرزاق الربيعي المكتنزة بالتساؤل والمقلبة للامور على اوجهها عله، هذا الانسان المتفكر يصل الى شيء من كنه الوجود واسراره، الحيرة المتسائلة، لا الشاكة الجاحدة الناكرة، فواجب الوجود مفروغ منه لكن هذا التخبط وهذا الاسى الذي يلف الكون يجعلنا في حيرة متسائلة.
بنا حاجة لأله/ ما السجود لديه: سوى سجدة لكفاف الهواء/ ما المنذور اليه سوى:الامنيات بقطرة ماء/(...)/ انبقى على الريح/ حبل ضياء ملاقطه من ظلام؟!(..)
أيكون مجرد صمت/ ومصائرنا - اللغز/ معمولة من كلام.
ويظل الحطاب الشاعر يحتطب في ليل الشعر ليس في ليله فقط بل في نهاره وضيائه ملتقطا لنا صورا باذخة جميلة لابد ان يمر الحطاب على عوالم الغربة والاغتراب التي اصبحت قدرا مقدورا في حياة العراقيين منذ نصف قرن منذ ان ضرب الاحتراب السياسي حياتهم الرخية العذبة الهادئة البانية في ذلك اليوم التموزي العاصف، الذي كان بداية لتدمير البلاد وازهاق روح العباد.
هناك: اذا اغمي عليك/ تهتم بك (الاسعاف)/ هناك:/ اذا ارتكبت جريمة/ يهتم بك (البوليس)/ هناك/ اذا سقطت ميتا/ تهتم بك (البلدية)/ .. لكن/ من يهتم بدمعك/ حين يصيح غروب الشمس: بلادي؟
هذه البلاد التي طالما بكينا فرقتها، يوم اضطررنا لمغادرتها الى بلد عربي مجاور اهله كرام احبة، خففوا عنا بخلقهم الكريم متاعب الغربة ومصاعبها كان يلح عليك شعور، بأنك كائن زائد عن الحاجة ولو لم تكن كذلك لعشت في وطنك بل انت صفر على الشمال واذ تمشي، تمشي في الهواء والزمن من حولك واقف.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( بم تحلم الذئاب؟) لياسمينة خضرا رواية عن العشرية السوداء في ...
- وما آفة الأخبار إلا رواتها سفير بريطاني في حضرة السلطان سليم ...
- تطهرت ريشته من سواد الحقد مارون عبود الناقد الساخر في (نقدات ...
- القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية.توثيق صوتي لمجريات الح ...
- الراديكاليون المتعصبون والكتاب
- تمثلات الحداثة وتراجعها
- رأي محمود أمين العالم بعبد الرحمن بدوي وحسرته على ضياع الدكت ...
- (ثورة الزنج) فيصل السامر المؤرخ الموضوعي العلمي الحيادي
- الدكتور علي جواد الطاهر ورأيه في طه حسين فصول ذاتية من سيرة ...
- توفيق صايغ: شاعر قصيدة النثر الرائد حياة مكتظة بالخيبات، ومي ...
- عبد الملك نوري ما أنصف نفسه وما بحث عن الإنصاف لدى الآخرين
- ناجي جواد المحامي من أبرز كتاب أدب الرحلات
- (بدايات)أمين المعلوف إهتمام مضن ودقيق بتراث الأسرة وتاريخها
- تأريخ ما أهمله التاريخ رواية( ليون الإفريقي) لأمين المعلوف
- مدني صالح الفيلسوف ناقداً.. الناقد فيلسوفاً
- أيهما أصح علميا السامية أم العربية؟
- الدكتور جورج حبش في صفحات من مسيرته النضالية
- ثلاثية شيكاغو.. محمود سعيد يستعيد حنين العراق (2)
- ثلاثية شيكاغو: محمود سعيد يستعيد حنين العراق على ضفة الارض ا ...
- عناد غزوان 1936-2004الموسوعي الذي تخصص في نقد الشعر


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - قصائد اكليل موسيقى رؤى في بنى تضاد .... النسيان مصاب بداء الذكرى