أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - براءَةُ الخصام














المزيد.....

براءَةُ الخصام


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 6484 - 2020 / 2 / 6 - 16:27
المحور: كتابات ساخرة
    


عندما كنا نتزاعل أيام الطفولة لسببٍ ما، كان أحد المتخاصمين يقول للآخر بغضب: «رُحْ ولاه! أنا مزاعلك، ما عاد تحكي معي أبداً لمدة أسبوع!» فيجيب الآخر مستوضحاً وقد تجهّم وجهه: «مزاعلني مع كلمة (قُلُّو: أي قُلْ له) واللا بدونها؟». وهنا يردّ من بادر بإعلان الزعل إما بالإيجاب أو بالنفي تِبْعاً لدرجة الزعل. والحقيقة أن الخصام بدون كلمة (قُلُّو) هو أشدّ أنواع القطيعة؛ إذ ينتفي الكلام بين المتخاصِمَين نهائياً. وربما لا يلتقيان في محضرٍ واحد. أمّا الخصام مع استخدام (قُلُّو) فقد كان أسهل أنواع القطيعة. إذ من الممكن أن يذهبا معاً مشواراً ويحضرا سينما ويتحدثان بكل شيء ولكن فقط باستخدام تلك الكلمة الأثيرة (قُلُّو) في بداية أي عبارة. مثال:
- قُلُّو ، مرحبا، بتروح عالسينما؟
= قُلُّه أهلين، أيّ سينما؟
- قُلُّو سينما أوغاريت، عم تعرض فيلم ديجانكو لفرانكو نيرو..
= (بحزن) قُلُّو والله ما معي مصاري..
- (بنخوة) قُلُّو، وَلَوْ.. مو مشكلة، على حسابي..
وهكذا.. وكأن ثمّة شخص ثالث وسيط غير مرئي يقوم بنقل الكلام بينهما. كما أن الصلح يمكن أن يحصل بحضور وسيط أو بدونه. ولا تخلو شلّة من بعض الصبيان (العوازل) الذين يُبهجهم تخاصم الآخرين. فلا يَسعَون أبداً لعقد الصلح بين المتخاصمين لأسبابٍ عديدة. فقد يكون الزعل بين صديقين مدعاة لتحقّق مصلحة لدى طرف ثالث، أو بسبب الحسد والغيرة.. فلا يبذلون أي جهد لمعالجة الخلاف، إن لم يسعَون إلى تسعيره. ومفتاح الصلح عادةً هو تبادل ذكر اسم الزميل المخاصَم بين الطرفين. ومن يقبل أن يذكر اسم المتخاصم الآخر أولاً، يكون متسامحاً أكثر، ويشير إلى طبعه الطيب. ولكن البعض قد لا يذهب تقييمهم إلى الشخص المبادر للصلح على أنه أطيب، بل قد يعتبرونه أقلّ شكيمةً واعتداداً من الآخر. وإذا ما سمع صبيان الحيّ بالصلح بين متخاصِمَين يسألون بفضول: «من ذكَرَ اسم الآخر أولاً؟».
طبعاً ولا أحلى من الساعات الأولى التي تعقب الصلح بين المتخاصِمَين. فكلاهما يحرص على إسعاد الآخر، سواء بالكلمة الحلوة أو توخّي بذل أقصى الجهود بغية مرضاته، أو الدعوة لتناول البوظة، أو بعض أنواع الحلويات الرخيصة احتفاءً بالصلح. وقد يدوم الصلح أياماً ثم يعود الطرفان إلى الخصام مجدداً. فقد كانت القطيعة تُعَدُّ العقوبة المثلى لردع الآخر المذنب. هذا إذا لم يلجآ إلى العنف اللفظي أو الجسدي في أحياناً كثيرة.. إلا أن القطيعة الطويلة نادراً ما تحدث بين أبناء الحيّ الواحد. لحاجتهم الماسّة للتواصل. على خلاف ما إذا كان أحد المتخاصِمَين في حيّ والآخر في حيّ مجاور، فقد كانت القطيعة تستمرّ أحياناً سنوات عديدة.
* * *
وكبرْنا وانخرطْنا في عالم السياسة.
وبسبب نظام الاستبداد وفقدان الحوار الديمقراطي الراقي حتى داخل الحزب الواحد، جعلَنا نأنف من تقبّل الآخر المناقض. ولا نكتفي بمقاطعته، بل نرفض فكره وشخصه ووجوده. وبات الخلاف في الرأي يسبّب الحقد والكره والضغينة، وحتى تمنّي الموت لصاحب الرأي المختلف.

الصفاء والسكينة لروح المطرب الكبير وديع الصافي عندما قال في إحدى أغنياته:
«يا مين يرجّعني صغير وياخُد مالك يا دِني.. يَبا أووف.. وأرجع أكبر عالهدى!».



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أُمْنِيّة استثنائيّة
- «الأُمّ»
- عزف منفرد
- مَنْسَف لحم
- في حَضْرَةِ الغياب
- لماذا لم تُشكّل الحكومة الانتقالية في سورية؟
- قَصْرُ المُحافِظ
- من أين لك هذا؟!
- البَدْلةُ الزرقاء
- جُرْأة غير مسبوقة!
- الصحفي والمسؤول
- القلم
- بين الفكر والسّلوك
- الملعبُ البلديّ والسُّلُّمُ الخشبيّ
- أوّلُ أجرٍ أتقاضاه
- فأر الحقل
- مع عدم الموافقة!
- خطاب رسمي
- من ذكريات «الزمن الجميل!»
- روسيا وتركيا و«الكباش» المعلن والمخفي


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - براءَةُ الخصام