|
كيمياء الكذب
حسن الشرع
الحوار المتمدن-العدد: 6484 - 2020 / 2 / 6 - 14:15
المحور:
كتابات ساخرة
ضاقت بي الوسيلة حينما كنت اتابع نشرات الأخبار والتحليلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية وحتى العلمية في العراق وفي العالم، كورونا نتاج أميركي لتحطيم الصين ،او انه عمل صيني وراءه مصلحة ، و يقال ان صفقة القرن تمر عبرأهوارالجبايش الا فتبا لأوسلو وسحقا لمدريد!ولن اتعب نفسي باستعراض المزيد الذي سيقول عنه البعض انها نظرية المؤامرة فيرد البعض بل انها الحقيقة بعينها وخلافها كذب اسود او ابيض او اسمر كحال الخبز والنفط والذهب او حتى البشر..كل ذلك الامر هتف بخاطري الى سماع ما هو ايسر على النفس وأخف على الوجدان ، لاشيء اجمل من قراءة احدى مغامرات شهرزاد او حكاية سندباد لكني اعلم ان السندباد البحري كذبة تاريخية وان ألف ليلة وليلة مجرد تسلية لامير..لم يبق عندي الا موسيقى (الزمن الجميل)ولكن هل كان جميل حقا !علىأية حال لا ارغب بالعودة الىالأسود والابيض الا ما اشتملت عليه حوايا الموسيقى او الشعر او الفن الجميل...ليتني احتفظت بجهاز راديو قديم لاستماع موسيقى ذلك الزمن فصوت الماضي بحاجة الى صورة ، تلك الموسيقى والأناشيد والأهازيج لا تنتمي الى اليوتيوب رغم انه رحب بها على منصته انه التزييف بعينه والتزييف كذب بواح! يبدو ان مواجهة هذا الامر قدر محتوم وان من قال بالتفويض على وهم ،ومن قال بالجبر فوهم ادعاء ،والافك كذب والتفويض بامور الدنيا رجم بالغيب ،ليست صدفة ان تحمل موجات الراديوأغنيات مصدقي الكذابين فمن بين اشهرأغانينا ،اغان موضوعها الكذب ،كيف لا والقول المأثور صدقا يشير الى ان اجمل الشعرأكذبه ، كان المذيع يعلن عن الاغنية قبل تقديمها اما الان فيفاجئك المغني وهو يصيح باعلى صوته (كذاب)،اما المغنية فتخبر حبيبها بأنها ان قالت له احبك فهي تكذب عليه ثم رفض ونهي عن الكذب بعصبية رومانسية عبر صوت يهتف ( لاتكذبي) .فالكذب عابرللجنس والعرق واللون والدين رغم اننا نرى فيه كيمياء حيوية تخص أحماضنا النووية العتيقة وتخصصا دقيقا في إستحضاره. ربما كان الصدق خصيلة معروفة عند اهل التقى والورع والتدين لكن هذه الاخرى كذبة قبل ان تكتشف كذبه بيضاء تحت عنوان كذبة نيسان ، وبمناسبة الدين والتدين فاني وعلى حد علمي الشحيح جدا في الدين والفقه لم الحظ عقوبة او حدا اوتعزيزا لمن اقترف كذبا رغم انهم يعدوه احيانا من الكبائر واظن ان عقوبة الكذاب(كثير الكذب )عقوبة مؤجلة بعد يوم الحساب وربما شملت بالغفران او التكفير بموجب شفاعة نبي او دعاء ام او استغفار من لدن ابي علي الشيباني. من المثير ان نعلم ان الكفار والذميين الغربيين منهم على وجه التخصيص ، هم اقل كذبا من المسلمين بنحوالإجمال رغم ان ذلك لا يمكن توثيقه ولكن يمكن ملاحظته او ملاحظة اثاره وهو امر يشيع بين العوام ،رغم ذلك فلم ينس الكفار الغربيون ان يصنعوا اجهزة لكشف الكذب والكذابين وأثناء بحثي عن اليات عمل هذه اأجهزة لاحظت إعلانات لبيع الكثير منها ووجود وكالات تجارية لتسويقها، أظن ان من اعتاد الكذب سيمر حتما من الاختبار دون عناء اذ يبدو ان الجهاز مصمم لاختبار الصادقين ان كذبوا وليس لاختبار الكاذبين ان كذبوا. لكن هؤلاء الغربيين لم يكونوا أنبياء فقد كذبوا وما زالوا يكذبون رغم اختلاف الوان كذبهم فقد أعلنوا مرارا وما زالوا كذلك يدعون كذبا وبهتانا انهم أنصار الحق والعدل والحريّة ،قد يكون ذلك صدقا لكن ليس لنا وليس في شاننا حتى ولو كان ذلك من شان حيوانات الغاب او حتى الحيوانات السائبة التي كانت شرطتنا في وقت ما تشن عليها حملات المكافحة والابادة للتخلص من مخاطرها،من يدري لعل مخاطرنا تفوق مخاطرها بالنسبة لهم. في الكذب شرف المهنة وفضيلة واجب التقى وفن الحياة الباذخة و..و..شرف مهنة الوزير الصحاف وفضيلة تقية الشيعي ان قال كذبا وبذخ سياسي ادعى لنفسه ماض مشرف وقد كان ان حضر لايذكر وان غاب لايفتقد ،انه حنون النصراني الذي اسلم كذبا بالظاهر تاركا الباطن للتأويل والتحليل. يقال ان الكذب هو اخبار بقضية ليس لها في الواقع الموضوعي حضور، ربما كان الحلم كذلك ايضا لكن الحلم زائر والكذب دائم حاضر خاصة عندما تكون له دولة ترعاه ومجتمع يحبذه وشرعة تحرمه ولاتنبذه . التحريف كذب وقد قيل شيء في تحريف الكتب المقدسة واحاديث الأنبياء وخطب المصلحين والأوصياء الى درجة كانت كافية لنشوء علم الجرح والتعديل وعلم الرجال وعلم السيرة ،كل تلك العلوم وان دققت في سيرة رجل وعدلته مفترضة صدقيته لكنها لا تستطيع الجزم علي سبيل اليقين بابتعاده عن الكذب بأشكاله وألوانه وأطواره التي فاقت نظريات التحري .ومن مظاهر الكذب :التدليس والتزوير والتضليل وحتى النفاق والتزلف والحنث وترك العهود والمواثيق وشهادة الزُّور والغش والتطفيف والرياء والقائمة طويل ،وبعد فلماذا يكذب الكثير من الناس ؟ وماهي كيميائية الكذب؟هذا السؤل ذكرني بفلم مصري عنوانه (أنا لا اكذب بل اتجمل)، فهل ان الكذب جار للجمال ؟ ربما يكمن الامر في فساد مواد حضارتنا التي تقادمت لتتجاوز مدة النفاذ والصلاحية، فمنتجنا الحضاري لا يتجاوز جهدنا غير المباشر والفاعل في تحفيز البحث العلمي في أنحاء العالم كافة لابتكار اجهزة حماية أمن المطارات من شرور فكرنا المستل من اعماق تاريخنا الدموي وأكاذيب ذلك التاريخ التي وجدت عواملها المساعدة في هوسنا باستحقاقات الفوز بالهيمنة والسطوة على اموال المختلفين معنا وعلى قصورهم وبلدانهم ونسائهم وحتىغلمانهم، مازال ايماننا بأننا نحن الفاتحون ونحن الأقوياء ونحن المفلحون ،لكن العالم كله يعرفبأننا واهمون وأننا كذابون وان كيمياء العقائد والإثنيات ولا موادها تصلح للعمل في زمن تغيرت في قواعد الكيمياء ونظريات حفظ موادها وشروط تفاعلاتها وأوساطها المساعدة. الواقع اننا نكذب ولا نتجمل وأننا شوهنا قيم الجمال بجهلنا واستهتارنا .. ))ان الجاهل والمستهتر يشوه كل شيء بمجرد النظر اليه))هذا قول رودان وأقول قولي هذا وليغفر الله ذنوب الكافرين !
#حسن_الشرع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيمياء الفساد
-
ساحة العمل السياسي في العراق :التاريخ والمستقبل
-
حمار دورينمات الكربلائي برواية الجاحظ البصري
-
قفشات عتب ثقافية
-
الحكومة الافتراضية(4)
-
حملة انصاف قابيل
-
متلازمة عمى الألوان السومري المعاصر
-
قراءات في خير امة
-
أغلقوا حساباتكم
-
انا وداعش والعسل
-
الروح الرياضية السياسية
-
القطاوجي
-
مواليد النسيان....كل عام وأنتم بخير
-
دريول
-
جز الصوف
-
دفع الجزية
-
بين الدعاء والفتوى...من ساجدة عبيد الى المشروع التايلندي
-
قلمٌ جَلَبٌ ورأسُ كوبٍ في وِعاءِ نفطٍ
-
عشيرة بريمر وثقافة الاحذية
-
الغراب والوحي
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|