|
العراق ....ضياع التكليف بين الممطالة والتسويف
عبد الخالق الفلاح
الحوار المتمدن-العدد: 6479 - 2020 / 2 / 1 - 12:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المناكفات والصراعات الحالية في العراق قد يصله ليصبح بلا هُويّة وطنيّة جامعة مُوحّدة، وإنّما فُسيفساء من الانتماءات الطائفيّة المُتناحرة، حيث الولاء المُطلق للاحزاب وللطّوائف وليس للوطن وتضاف لها الاقاليم ، الأمر الذي يلغي كُل مفاهيم السيادة والكرامة الوطنيّة وفتح الباب على مِصراعيه للانكسار والتأخر والانحلال وثم محو الدولة نهائياً ليسهل نهبها. بعد ان اصبح هدفاً يجب تدميره من قبل الاعداء نظراً لمخزونه الثقافي والحضاري ولمكاناته وطاقاته الهائلة المخزونة و تبين بسرعة أن امريكا والحركة الصهيونية، الغير معنيين بالديمقراطية ولا بهذا المجتمع فقط انما يهمها الان الاستيلاء على خيراته النفطية وضرب مقدراته العلمية وعقوله الواعية وإضعافه كفاعل في المنطقة، ولا علاقة لها بمصالح البلاد العليا ولا بهيبة الدولة أو الحكومة الحالية او مجلس النواب التي لا تحتكم في قراراتها في مجملها للقانون والدستور انما الاتفاقات البينية والمصالح الكتلوية والعراق الجريح منذ اكثر من اربعون عام لا يزال ينزف دماً ، ويأتي نزيفه المذل الاعظم بعدعام 2003 وزوال الدكتاتورية الى الديمقراطية هذه المرة والقضاء على احلامه بسبب بني جلدته والتقاتل بين ابنائه واللجوء الى اساليب الصراع المفتعل والمكشوف واللوم والاتهامات فيما بين والتسويف والمماطلة واخرها تكليف شخصية مناسبة لرئاسة مجلس الوزراء كأنه خلا من العقول والكفاءات والقدرات التي تستطيع ادارة الحكومة وبالتي لا نعرف من هوالصالح ومن هو الطالح و الفاسد ومن هو السالم والنزيه ومن هو معه ومن هو ضده و يجعل كل من في العملية السياسية في دوامة الاتهام بكونه يتردد لتهدئة الشارع الملتهب بهذه الاساليب وان الاحتجاجات بمجملها تجمع بين العقول والبطون في آنٍ واحد على الرغم من ترجيح هذه الأخيرة التي تطالب بتعزيز المعيشة، وتوفير الخدمات، وإيجاد فرص العمل للمتظاهرين الشباب الذين ضحّوا بالغالي والنفيس لكن قِطاف ثورتهم قد تذهب إلى سلّة جهات اخرى لم يشتركوا في الثورات والاحتجاجات إلا بنسبٍ ضئيلة والنظر اليها من ثقب الباب ، ولاشك من ان العراق اليوم يحتاج اكثر من اي وقت مضى الى قلوب آمنت بوحدة المصير ، ووحدة الدم والهدف والآمال ، وحتى الآلام ، فما يصيب أيّ مكون او انسان في المجتمع تتداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى ، فوا أسفاه ، فقد آلت تلك الآمال إلى انحدار ، ولم تعد الوحدة غاية واصبحت بعيدة المنال ، والحكومة أصبحت مستحيلة الحدوث في الظروف الراهنة ، وبات الحد الأدنى الذي يتطلع إليه الشعب هو بقاء دولته وان لا يتفكك إلى كنتونات واقاليم قومية ومذهبية تحسبها دولاً وهي ليست إلا كثرة عددية لا تًسمن ولا تغني ، طالما بقيت الفرقة والتشرذم هو الحال الذي عليه . وفي ظل مجريات هذه الأحداث التي تتطور بين يوم واخر تجعل معظم الأطراف مدعاة للتندر في ظل مسألة التأخير لتكليف شخص لرئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة خلال اشهر طويلة وتحويلها الى معضلة لا اول فيها ولا اخر مقصودة و كان يكفي بعض الضغوط البسيطة على قادة الاطراف المتنازعة لكي يضطروا للاتفاق والموافقة على تولد الحكومة المناسبة. لكنهم تنقصهم الحيادية والمصالح العليا للبلد وغياب من يلعب دور الاب الناصح الطيب الذي يمتلك سلطة حاسمة ازاء هذه الضغوط ومنها الاعتراف من البعض بانهم لم يأتوا لبناء الدولة انما العمل من اجل ان تبقى الامور مشلولة و لا يقوم للعراق واهلة القيام وان يدوم ضعف الدولة ويفقد العراقيين ثقتهم بنخبهم وقادتهم ويدعم شعورهم الطفولي بأنهم بحاجة للدور االخارجي الحامي "لأمن البلاد" و ما يغفل عنه المسؤولون أن الانتفاضة تزداد لهيباً يوما بعد يوم و ثورة الشعب ستتواصل وتتسع يوما بعد يوم حتى اذا لم يتم حل الامور وتحقيق المطالب وبشرط ابعادها عن الايدي الخفية العبثية التي تريد ركوب الموجة والمحافظة على السلمية ، وان تعثرت بعض الوقت ولكنها ستنتصر في أخر المطاف وسيقول الشعب كلمته بحق من سرق ثروته وسعادته ورخائه وأمنه بمشاركة كافة الشرائح والاطياف والنخب العراقية قولا وعملا وهي قابلة للتوسع وقد ينفرط العقد وتزداد الامور سوءاً و سوف تقع المسؤولية على كاهل ابنائه الشرفاء لدرء الخطر عنه بالخروج الى الشارع عن بكرة ابيهم لتغيير الوجوه العبثة بمصير الامة وإلأ كيف يا ترى يمكن بناء دولة يتم تدميرها بطريقة فوضوية مدروسة وعلى مراحل و من قبل بعض الضعفاء و كيف يمكن تسهيل إعادة بنائها في ظل صراع الإرادات العنيفة هذه وحتى اللامسؤولة والضغوطات الهائلة داخليا وإقليميا ودوليا؟ كيف يمكن محاربة الفساد والمفسدين وتعديل الدستور وإصلاح مؤسسات الدولة والمسؤول يخاف على نفسه ؟ ؟وكيف يمكن بناء اقتصاد مدمر وتقديم الخدمات لشعب يئن تحت سطوة واقع مرير ومخلفات حكومات متعاقبة لم ترحم الشعب بكل ما يعنيه من ظلم وما لهذه الكلمة من معنى وقبح؟ كيف يمكن ضمان أمن الناس وتخليص البلاد من المعاناة والضغوط النفسية ؟ ولا يزال المواطن يشعر بمزيد من الاستياء من استمرار الوجود الأميركي في البلاد وتدخله السافر في الشأن الدخلي في المطالبة بالاستجابة لانبعاث الحكومة ومحاولة فرض ارادتها في تنسيب من تريد لرئاسة الحكومة والتي بدونها لا يمكن التعجيل بإعادة تعمير البلاد ونهوضها وفي اعتماد القرار الوطني في تحقيق ذلك ؟ كيف يستطيع العراق مواجهة التحديات الإقليمية من كل جانب و من كل صوب وحدب طالما بقي البعض من السياسيين يتقاتلون ويتسابقون فيما بينهم لتقسيم المنافع والحفاظ على الكراسي بطرق ملتوية من الاساليب وتضوع الشعب من الجوع والفقر والمعاناة . عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
#عبد_الخالق_الفلاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق ....ضياع التكليف بين المماطلة والتسويف
-
صفقة القرن وانتزاع سيادة الدولة الفلسطينية
-
بلايا فساد السياسيين وتساقط الالسن ...
-
طال الانتظار.. دون الإقرار بمبررات غضب الشعب
-
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ
-
المواقف الدولية والاستهانه بالقيم الدبلوماسية
-
الايمان والشهادة امتثال لواقع الانتصارالحتمي
-
الاعتداءات الامريكية والرسالة الخاسرة
-
العراق والازمات المتشابكة والمتراكمة
-
قانون الانتخابات والارادة الشعبية المتحققة
-
الافول الحكومي والانتعاش الشعبي في العراق
-
لا سبيل إلا الانتصار للشعب
-
العراق: المختصرالدستوري في حرية الراي والتعبير
-
يظهر بعد الحبل على الجرار
-
الضغوطات الامريكية والارادة العراقية
-
العراق... الاحتجاجات والازمة الوطنية
-
الامن الوطني العراقي والمسؤولية المشتركة
-
العراق ...تنامي الوعي الشعبي والامبالات عند السلطة
-
استقالة عبد المهدي تُفاقم الازمة ولا امل بتفكيكها
-
استقالة عادل عبد المهدي والحال العراق الى اين
المزيد.....
-
توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
-
مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك
...
-
حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
-
الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري
...
-
بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا
...
-
روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
-
بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
-
إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو
...
-
-تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي
...
-
الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|