أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرغنى ابشر - رسالة لطيف هنْريّ وِلكَم !!















المزيد.....


رسالة لطيف هنْريّ وِلكَم !!


ميرغنى ابشر

الحوار المتمدن-العدد: 6479 - 2020 / 2 / 1 - 00:25
المحور: الادب والفن
    


الجميل "مهند الدابي"
تحية طيبة
صدقني استمتعت بعملك الماتع (أطياف هنري ولكم) ،فَرغت منه الأن ،انجزته في يومين برغم ضخامتة نسبياً. وبرغم انشغالي في بعض البحوث الآثارية. لطفاً عزيزي كنت أتمنى أن (لايتورط) هذا العمل المثير والذي يستند على وقائع واحداث حقيقية،كما اشرت أنت لذلك في فاتحة الرواية، أن (لا يتورط) في المشاع عن الماسونية .صدقني "مهند" سجل هذه الأخوية الإنسانية يتناطح تماماً عن ما هو سائد عنها عند الكثير من الناس. فالماسونيين فرقة صوفية روحانية قديمة تأسست في المشرق العربي ووصلت انجلترا خلال عهد الملك "اثيلستان"( 924-939) . ودخلت إلى إسكتلندا تحت غطاء طائفة حرفية في أوئل القرن الرابع عشر، وكان ذلك خلال "فرسان الهيكل" الذين يتبنون الإعتقاد الإسلامي للمسيح ،غير أن الإصلاح الذي أدخلته عليها في لندن في مطلع القرن الثامن عشر، مجموعة من حكماء البروستستانيين الذين تصوروا بالخطأ أن المصطلحات العربية الاسبانية مصطلحات عبرية طمست كثيراً من تقاليدها الاصلية(ربوبرت ديفز:2015).وينقل "قاموس التواريخ" لصاحبه "هايدن"(1867:ص347) عن مؤرخين ماسونيين قولهم :( يقال أن المعماريين المحمدين القادمين من الساحل الافريقي هم الذين جاءوا بها إلى اسبانيا قرب القرن التاسع ). وحتى لا أخلط عليك الأمر، فالماسونية التي أعني هنا، هى الماسونية الأصل، صاحبة المنقول الروحى، والتى تدعو لأخوية كونية، قائمة على مبدأ المشاعية الاجتماعية، كمنهج حياة، امتدادا لفلسفتها الجذر، القائمة على مبدأ وحدة الوجود، والتى مثلها في التاريخ المعاصر، الغنوصية و(التصوف الاسلامى - وهما بقامة ثورة فكرية، جنح فيها الحدس الصوفى والعرفانى خارج المعتقدات، وأسس لروحانية كونية تحكم الإنسان، بدلا عن الدين الرسمى(العلوي:المرئي واللامرئي) الذي تحول في فترات كثيرة إلى أداة قمع ناجعة ضد الشعوب. ولا رابط بينها وبين ما اطلق عليه زورا بالحركة الماسونية، والتى بدأت في القرن الثامن عشر مع بدء النمو الراسمالي لأوربا، الذي مهد لظهور عصر الإمبريالية، والسيطرة الغربية على العالم، واصطلاحها السائد حاليا هو العولمة، فمنطق هذه الماسونية المزورة وحدة الموجود لا وحدة الوجود، إذ أن وحدة الموجود تعنى الاندماج المطلق في ثقافة الغرب.( ميرغني أبشر:2015).
وجدت في فاتحة عملك صوراً ومشاهد عديدة من افلام "الوسترن الامريكية" ولا مشاحة في ذلك،اذ لا يمكن للعمل أن يجلب مخيالاً يتعارض مع الوثائق المصورة لتلك الحقبة البادية للمجتمع الامريكي وقتئذ. كما وقفت على أثراً مقدراً لفيلم "جوني ديب"from hill الذي يعرض لقصة "جاك السفاح"،او "جاك الطعان". كما أسميته أنت في ماتعتك التي فيها من حبكات "دان براون" صاحب "شيفرة دافنشي" شيء.
عزيزي "مهند" اراك وقد أنتصرت ايضاً لاسلوب عبقري الرواية العربية مولاي وسيدي "الطيب صالح" وحاكيت سرده في ماتعته"موسم الهجرة إلى الشمال" في أكثر من موضع ،فمثلاً في الفصل المعنون ب"عطلة في إستبورن" نجد ذلك:(..بينما تنفث المداخن أرواح أخشابها المتهالكة وحجارتها السوداء، وتستريح أجساد الحشود التي قضت يومها في الشواطئ، وتعوي الذئاب الجائعة عند الجرف، ويحتمي قطاع الطرق البربريون بالغابة المجاورة،...حيث يطبق الصمت على الاتجاهات الاربعة، كانت جوارح سيري مشجونة..) وتمضي في سردك على هذا النحو :(عندما فتحت باريس أذرعها لمؤتمر السلام في 1919م، وبينما كانت قاعة المريا تعج بالكبار من جميع أنحاء العالم ، كان هنري ولكم يقف على قمة جبل مويا،بكل غضب من هذه الحياة..)ص421. وهو نسج بتصرف أنيق يحاكي سرد مولاي في ماتعته التي أشرت لك عليها آنفاً، يقول "الطيب صالح" على لسان بطله "مصطفى سعيد":(ثلاثون عاماً .كان شجر الصفصاف يبيض ويخضر ويصفر في الحدائق، وطير الوقوق يغني للربيع كل عام.ثلاثون عاماً وقاعة البرت تغص كل ليلة بعشاق بيتهوفن وباخ، والمطابع تخرج آلاف الكتب في الفن والفكر ...البحر في مده وجزره في بورتمث وبرايتن ،ومنطقة البحيرات تزدهي عاماً بعد عام ...ثلاثون عاماً وانا جزء من كل هذا ، أعيش فيه ، ولا أحس جماله الحقيقي ، ولا يعنيني منه إلا ما يملأ فراشي كل ليلة).(الطيب صالح:ص47).
كما اراك ايضاً قد سحرتك عباراته وجمله المسرحية العالية النسج والمعنى، حتى ذهبت مسكوراً لبعض مضمونها. ففي فصل من عملك الرائع والمعنون ب "قصر خليج كارديف" يقول بطلك "هنري" :(...ما قدر له أن يكون لا يمكن إيقافه، لقد خرجنا من السبطانة ولا مجال لأن نخطئ الهدف، كما لا مجال للعودة) . وتلتقط من واعيتك البصيرة هذا التشبيه في ص409:(نامت إلى جواره كقوس وجد سهمه المناسب بعد جهد). وهنا اراك يا عزيزي تعيد بحبر رشيق مقال مولاي "الطيب صالح" على لسان "مصطفي سعيد" :(...كل يوم يزداد وتر القوس توتراً ،قربي مملوءة هواء، وقوافلي ظمأى ، والسراب يلمع أمامي في متاهة الشوق، وقد تحدد مرمى السهم ، ولا مفر من وقوع المأساة) (الطيب صالح:ص44). وعَمدْتُ في خاتمة سرديتك المتماسكة "اطياف هنري ولكم"، عَمدْتُ الى استدعاء بعض من مضمون فلسفة "وحدة الوجود" تقنية وتكنيك وسر مولاي السردي الباتع "الطيب صالح"، وذلك حين فتق ورتق بين الراوي "محميد" و"مصطفي السعيد" ،وقد خلقت في سرديتك ايضاً شيء من تلك المناخات السحرية التي اصطنعها "الطيب صالح" لحظة الرتق والفتق تلك. يقول"محميد" :(أدرت المفتاح في الباب فانفتح دون مشقة. استقبلتني رطوبة من الداخل ورائحة مثل ذكرى قديمة...تحسست الطريق بأطارف أصابعي على الحيطان ...خرج من الظلام وجه عابس زاماً شفتيه أعرفه ولكنني لم اعد اذكر وخطوت نحوه في حقد أنه غريمي مصطفي سعيد صار للوجه رقبة وللرقبة كتفان وصدر ثم قامة وساقان ووجدتني أقف أمام نفسي وجها لوجه..).(الطيب صالح:161) ،هذا المشهد الذي ابتدعه "الطيب صالح" بمناخاته السحرية انخطر لي وانا اطالع صفحاتك الأخيرة من نصك المتعوب فيه جداً "اطياف هنري ولكم" على لسان راويك هذه المرة "يوري المسكين": (في ذلك الليل دخلت إلى غرفة منخفضة ..اختفت قدمي في الظلام النصف الأسفل ثم صدري ووجهي..أطرقت برأسي وأنا لا افارق موضعي، هل أنا خارج الزنزانة أم داخلها؟لكن الهمس عاد إلى من جديد : هوالرجل الذي قابلك لكنك لم تره!).(مهند:453). واخيراً لقد كانت مهمة راوي "الطيب صالح" الوصاية على اسرار بطله "مصطفى سعيد" . ولم يتعدى ايضاً دور "يوري" قانوني اكسفورد الضليع حراسة هيكل سيده وكتم أسراره .
اخي المبدع "مهند" هذه الشواهد الشوارد المحدودة بين ثَنايا عمل ضخم تعدى الاربعمائة صفحة، لم تكن ابداً لتفسد اصالة مجهودك المضني وفرادته ومائزة موضوعته،ومتانة البناء السردي الجميل لهذا التوثيق الروائي الماتع الذي اعده اتجاهاً ميّز في الرواية العربية تقدمه حديثاً المصري "يوسف زيدان " في رائعته "عزازيل" والسوداني "حمّور زيادة" في "شوق الدرويش". وهي عودة لنهج قديم بمباضع معاصرة في الرواية الوثائقية التي استلهمت فورتها الحديثة وجُدِد لها في الغرب على يد "أوبير برولونجو" في "قبلة يهوذا" . ولكني فقط عزيزي "مهند الدابي" اتشوف لفرادة اسلوبك وأنت شاب موهوب مقبل على الحياة. ولن تجد "مفتاحك الذهبي" الا بتجربة المساررة والتي من بعض دروبها والتي هي بعدد أنفاس الخلائق، التحنث متنكراً بلباس القوم في "خلاوي الكمل". هناك عند شيخي "ود الفكي على" في منطقة بالقرب من "جبل النخرة" تدعى "الحلفا "غرب مدينة "بربر".

امدرمان
في 29 إكتوبر 2019م



#ميرغنى_ابشر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوابات امدرمان في القرن التاسع عشر - ذواكر للإجتماع الإنساني ...
- القرآن بين إليهن.. مقال في الإدّكار العرفاني وقضايا التشريع ...
- ما لم يُكتب في الشريف حسين الهندي -اقيونة النضال العربي والإ ...
- آخر ما قال - فارس-!
- عن ماذا أكتب؟
- الاخطاء التاريخية في القرآن
- دونجوانية محمد الرسول
- حوارية الياسمين والابنوس
- الأخطاء النحوية والبلاغية في القرآن
- ربى ورسولي في خمر المعاني
- النَّصُّ الإدانة.. رفع الْقُرْآن وَجَنَّة - ميركل -
- بكاء أرميا
- الجنون في تاريخه المقدس -اطروحة في منشأ التمدن والعمران-
- عودة المسيح
- التأريخ المنسى للحريم أو انتقام -الاله الام-
- أنتيجونى حِيرة الإنسانيات ! توليفات فرويد وهيغل نموذج
- دعاء اخر الاولياء
- بريخت محتالاًَََََََِِ!!.. الجزر الدينى لديالكتيك -التغريب-*
- أبان يولد من جديد
- حواشي نقدية على مهرجان البقع الأرجوانية


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرغنى ابشر - رسالة لطيف هنْريّ وِلكَم !!