أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - ساعة شؤم -ثرثرة في يوم كئيب














المزيد.....

ساعة شؤم -ثرثرة في يوم كئيب


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 11:21
المحور: الادب والفن
    


هل هذا كلّ الوقت؟!

في يوم رأس السنة ويوم مولدي الشخصي, أرغب بعملية مسح أو جرد ذهنية لما مضى, أحاول بجدّ تحديد خطوط الفشل والإنجاز والبلادة, وذلك تحوّل إلى ممارسة روتينية, ما يميّزها عن بقية أيام السنة, شعور بالرضا خفيف ومختلف بعض الشيء.
في هذين اليومين فقط, يتوافر خيار آخر وإمكانية قرار بعدم الشرب, وهذا مريح لأنني في النهاية سأشرب وأفرط في الشراب, مع حد أدنى من تبكيت الضمير.
في اليوم التالي يتغيّر الحال, يصدمني الواقع بمفرداته القليلة والمكرّرة, وأعاود الدوران في اللاجدوى. لا أنتظر شيئا ولا أهرب من شيء(هكذا أرى حياتي من خارجها), عدّة سلوكيات آلية يتخللها لحظات شرود وأحلام يقظة بدورها مكررة, ولا جديد.
في الماضي البعيد والمتوسّط, كان الغضب والخوف هويّتي, وإن اختلفت أشكال ظهورها. الغضب والخوف متلازمان ووجها عملة واحدة, خوف في الداخل ونقص خطير في درجة التقدير الذاتي, وذعر وارتياب من الخارج مع شعور مسيطر بالعجز عن تغيير وضع نفسي واجتماعي, ليتحوّل كلّ ذلك, و بطريقة وحيدة إلى عدوانية هوجاء بلا حدود أو اتجاهات.
أسرتي وأصدقائي وعائلتي وبلدي بأكملها, ليسوا غير مثاليين فقط, بل هم في الدرجات الدنيا على سلّم التحضّر والمعرفة والإنجاز, وكنت أنتبه وأدرك ذلك بشعور غامض, ولم يخطر لي السؤال الشخصي"بماذا أختلف عنهم فعليا"! طيلة أربعين سنة كانت آلية الإسقاط والتوّحد اللاواعية تحكم حياتي, ما أكرهه وأنفر منه عدو وخارج وما أحبه وأتمناه أناي الشخصي!!!.
*
أتخيّل الآن العتمة الأولى:
منذ 47 سنة, أثناء الحكم الناصري لسوريا,اقترب الزوج الأربعيني والأرمل علي من زوجته القروية الشابة واليتيمة باكرا جدا عليا, وبدأت معاشرة اعتيادية, في الليل أو النهار, في حالة حب أو قلق واضطراب, يتعذّر معرفة ذلك, لكن الواقعة حدثت في أيلول, وكانت عاقبتها من سيثرثر طويلا بين الزهوّ والسخرية: أنا حسين ابن عليّان.
أستاذ المدرسة لم يقل
أهلا بالتلميذ الجديد
تلميذ خجول انطوائي طيب
يتساءل أحيانا: هل أنا أنا...
تلميذ خجول أناني طيب
يتساءل أحيانا: هل أنا لست أنا...
تلميذ ككلّ التلاميذ
يفتح باب المدرسة بيد
ويفتح باب المقبرة بيد

لم يستشرني أحد بشروط حياتي القسرية, ولم يسألني أحد عن موافقتي أو رفضي واعتراضاتي على هذا الجانب أو ذاك. قذفت مع عشرات الألوف من المواليد الجدد, إلى بلد يحكمها ويتحكّم بها شقيق بعيد, يرث أهله وأصحابه المال والنفوذ, ويترك لي ولأمثالي الشعارات الثورية, في قرى وبلدات موحشة ومتوحشة بلا ماء بلا كهرباء, ويلفّ أعناقنا بأمانة تحرير القدس, ويهبنا شرف الشهادة حصريا, نحن العموم.
طفولة سوداء ليس لها أكثر من حقوق الحيوانات مع فرض واجبات فرسان القرون الوسطى.
في السنوات العشرين الأولى لم نعرف سوى الواجبات, وصيغة الجميع تخصّ النحن, وسوف أحتاج إلى عشرين سنة أخرى لأعترف بيأس: نحن لا نتبادل الكلام.
*
كل يوم تنقص بقية عمري.
منذ عشرة أيام مات أبي, رافقت احتضاره لحظة بلحظة, وافهم الآن أن كلمة نهاية تعني الموت. وبقية المفردات القريبة أو البعيدة اشتقاقات ومقاربات لا أكثر.
ما هو القرار"المناسب" ولا أقول الصحيح أو الصائب من باب الدقّة, الذي اتخّذته في حياتي, لأغيّر من شروطي الشخصية ثم العامة؟ لا شيء. قشّة تتدافعها شروط الخارج.
الدرس الجهادي والدرس الثوري والدرس النفسي, كلها أصوات مختلطة في بئر مهجور.
درست الهندسة لأن أبي يريد, تزوجت لأن فريدة تريد, صرت ثوريا ثم ليبراليا وعدميا كما حملت اسم حسين بديلا عن جمال, وشكرا لمختار القرية على ديمقراطيته وتسامحه!
وأنا الآن أعرف وأعترف أنني لا شيء ولا أحد, وكأنني ولدت للتو.

ماذا كان يعني عبورنا المؤلم
العصفور والفراشة
وما كان بمقدوري تعلّمه....
مع الريح ضيّعتني الطرق السهلة.

ماذا يريد الآخرون مني؟ وماذا أريد أنا, أنا بالضبط؟؟!
البعض يعتبرني شاذّا والبعض يعتبرني درويشا والبعض يعتبرني" شخصية مميّزة" وكثر اعتبروني شيء تافه لا يضرّ ولا ينفع, جميعهم معه حق.
لقد عشت حياتي في الخيال, كائن مذعور ومندهش وأحيانا مندفع ومغامر, حسب مقتضيات اللحظة وكيفية استجابتي للمؤثرات, لست نادما ولست فخورا, وفي السنوات الأخيرة أرى حياتي وكأنني أتفرّج على فلم, بحياد, وبالأصحّ بفتور وهمود, كأنني في الوقت الضائع.
*
أتخيّل الآن العتمة الأخيرة:

كيف مات؟
الله يرحمو....
هل كان مريضا, تمتمات تتكرر بخبث
وتسمع لفظة انتحار ,تغطيّ عليها عبارة مكررة:
الله يرحمنا أجمعين.

لو كان بوسعي ادّخار دقيقة واحدة من بقية عمري, لتلك اللحظة
لقلت لمن حضر ولمن غاب:
اشربوا واحتفلوا
ولا تنسوا أن تصفّوا قلوبكم, وعلى الأقلّ حاولوا هذا اليوم.

على الأنترنيت سيكتب أحدهم نعوتي.
وفي أماكن بعيدة سيأسف بضعة قراء على ضياع كتابتي
وربما لن يبخل عليّ فرد في هذا العالم بالقول لابنه أو لزوجته أو بينه وبين نفسه:
مات اليوم شاعر, يستحق أن أشرب كأسه.

رجل يشبهني
وضع قدمه في المكان المناسب
ومشى خلف الخطوة الأولى
دار حول نفسه
ولم يجد الأعداء
لم يجد الأصدقاء أيضا

شاركت في عذابه كغيري
وكان الطواف رتيبا معاد

لو أن الزمن يستعاد
كنت سأكلّمه وأصغي إليه
وكان سيفعل بجدّية أكبر
لو وضع نفسه مكاني
وكنت أنا الرجل الذي يشبهه.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا سعادة لانجاح_ثرثرة
- موت الأب
- أصوات مختلطة_ ثرثرة من الداخل
- بلاد قليلة_ثرثرة من الداخل
- مجتمع الأنترنيت_ثرثرة من الداخل
- البداية والمنعطف_ثرثرة من الداخل
- البدايات|السيطرة والحلول_ثرثرة من الداخل
- رأي بظاهرة جمانة حداد
- الماغوط وأسطورة المبدع الأمي_ الميت, ثرثرة من الداخل
- مخاض مسرحي في اللاذقية
- توصيل وتواصل_ثرثرة من الداخل
- بطل في سوريا
- هذه الحياة_ثرثرة من الداخل
- الكحول وعقدة الذنب_ثرثرة من الداخل
- أصدقائي .....أصدقائي
- الديكتاتورية_محنة الحاكم والمحكوم
- مراجع الاعلام العربي...والمصداقية
- غريب في جبلة ...غريب في بيروت
- لماذا لا يوجد عندنا؟
- الكابوس بالألوان


المزيد.....




- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - ساعة شؤم -ثرثرة في يوم كئيب