|
المسافة بين المقاومة والمقاولة
مؤيد بلاسم العبودي
الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 07:20
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يوميات عراق محترق في طفولة كل صباح وحينما تفتح الشمس عينيها لتنشر جدائلها الذهبية حول الكون يستقبل كل ساكني الكرة الأرضية من شعوب العالم في شرقها و غربها يومهم الجديد بالتفاؤل والعمل الدؤوب والابتهاج و الأمل … ويرسم كل إنسان منهم تفاصيل يومه الجديد حالما أو عاملا أو دارسا أو غارسا ... بينما يستيقظ العراقيون الطيبون على فاجعة جديدة يومية ومتكررة يحملها إلى إليهم خبر طازج وقصة دراماتيكية لتفجير أو مجموعة تفجيرات إرهابية تفتخر المقاومة فيها بأنها دمرت ( مخبز صمون ) أو ( صالون حلاقة ) أو ( مسجد روافض) أو كنيسة نصارى أو سوق شعبي أو حتى مسطر عمال ... وفي نفس الوقت الذي يلملم فيه المنكوبون من أبناء الرافدين أشلاء الضحايا ويحملون جرحى المفخخات – المصدرة إلينا من الدول العربية الشقيقة – إلى اقرب مستشفى أو مستوصف لم تطاله بعد يد التخريب أو التفجير أو التفخيخ … يتباهى المجرمون على مواقعهم الشيطانية في شبكات الإنترنت أو من خلال فضائياتهم المسعورة بإعلان المسؤولية عن التفجير الذي ربما استهدف مركزا للشرطة أو مسجدا أو كنيسة أو حسينية أو مستشفى أو مدرسة أو حتى صيدلية ولا يتملكهم الخجل من فعلهم هذا مطلقا ... وحسب إحصائيات رسمية فان إنجازات المقاومة المصدرة للعراق عبر حدود الدول العربية ( الشقيقة ) من نفايات الحيوانات البشرية المفخخة تسببت في اختطاف 439 مدني أجنبي من 60 دولة أجنبية نتهم 165 مهندسا يعملون في مقاولات إعادة الاعمار في شركات لا علاقة لها بالجيش الأمريكي و63 ساقا و23 ناشطا بمنظمات إغاثة إنسانية و39 صحفي أجنبي ، إما بالنسبة إلى المختطفين من ( أولاد الخايبة ) العراقيين فمعدل اختطافهم من قبل ازلام ( المقاومة ) كما يسميها الإعلام العربي الأعمى تراوح بين 50 و60 يوميا معظمهم اختطفوا لأسباب طائفية كونهم ينتمون إلى المذهب الشيعي الذي يدرس معلمو السعودية تلاميذهم على وجوب قتل معتنقيه وتهدين مساجدهم .!!! لا ادري و أتمنى ان يجيبني عاقل ... لمصلحة من هذا الخراب الذي يعصف بعراق الحضارات ؟!!! عراق الميزوبوتوميا... عراق الأنبياء و الأئمة والعلماء والأولياء والصالحين والثوار والعاشقين... عراق إبراهيم الخليل وعلي المرتضى والحسين الشهيد وأبي الفضل العباس و الإمامين الجوادين وأبي حنيفة وعلي الهادي والحسن العسكري وعبد القادر الكيلاني ... عراق الشعر والمتنبي و الجواهري و- أبو الأذية – و الدارمي ... العراق الذي ظل يصدر على طول تاريخه التليد كل أنواع الفنون والإبداع والعلوم و الأشعار والحروف والمسلات العجلات والتماثيل والجرار والقـوانين ... مثلما يصدر التمور والحبوب والبرتقال والرجال ... الله يا بلد الفراتين الجميل كم تآمروا على حرق وجهك الجميل في احتفالاتهم البشعة حين يرصفون طريقهم إلى الآخرة بجماجم الأبرياء على الطريقة الوهابية ...... مغولية الأسلوب ... خوارجية التبرير ... حجاجية الحقد .... ....................................................... لا ادري كيف يسمي نفسه من يحرق العراق مقاوما ؟ أو من يذبح الإسلام و أبناء الإسلام بسكينه الصدئة مجاهدا ؟ أي مقاومة هذه التي تتغنى بحرق العراق و نحر أبناء العراق؟ أي مقاومة هذه التي تراهن على إشعال الحرب الطائفية باستهداف أهل العراق الاصلاء و التأكيد على ذبحهم قربانا لأوثان أموية معاصرة مثل الزرقاوي وصدام و بن لادن . و أي جهاد هذا الذي أدهش العالم اجمع بعملياته النوعية ضد أبناء العراق حصرا ؟ ................................................................... بين فترة وأخرى نسمع عن – رهائن مخطوفين – على يد جماعات تتسمى بأسماء الإسلام تضع خلف صورة الرهائن المرعوبين آيات من القران الكريم والأحاديث المطهرة وكلمات الشهادة وتعلن بان المجموعة الخاطفة ستقطع راس الضحية إذا لم تقوم الدولة التي ينتسب لها الضحية بسحب قواتها من العراق – إذا كانت تمتلك قوات – أو بقطع تعاونها مع أمريكا . والحقيقة ان ذلك كله مجرد تمثيلية قذرة يؤديها مقاولي العهد الصدامي التعيس وهي مجرد تجارة توارثوها من أيام البذخ الصدامي الذي يتباكى عليه أيتام النظام القومجية . حيث كان كل من يتهم بتدينه أو حضوره إلى صلاة الجمعة - الشيعية - مثلا أو حمله لصورة السيد باقر الصدر أو محمد محمد صادق الصدر بمعارضة الدولة و حياة الوطن والوطنية وينتهي به المطاف معذبا داميا في دهاليز الأمن العامة أو أقبية أبو غريب . نفس أساليب الابتزاز الصدامي القذر التي كان يخترعها خيال شيطاني لضباط صدام المدربون على مختلف أنواع التعذيب مازالت تستخدمها عصابات المقاولات الإرهابية كان أهالي المتهم غالبا ما يكونون من مواطني الدرجة الثالثة الشروكية المعدان أو الأكراد العملاء أي باختصار هنود العراق الحمر ... ولان من طبيعة أهل العراق المتأصلة فيهم الطيبة والحنان لدرجة الجنون لذلك فهم يقلبون الدنيا بحثا عن الوسطاء لأجل إنقاذ أبنائهم المتهمون بلا جريمة . ومن اجل إنقاذ أبنائهم يكونون مستعدين لدفع أي مبلغ يطلبه – المقاول أو الشمشوم أو الوسيط البعثي – وقد كان لأغلب المسؤولين الكبار في حكم الطاغية صدام مقاولين يرتبون خطف الأبرياء من المدنيين العراقيين بسبب أو بدونه ومن ثم يلفقون له تهمة جاهزة – وما أسهل التهم التي توجه لأبناء الجنوب التعس اوالشمال البائس ، وبعد اخذ ورد ، وبعد ان تنفد ترسانته العامرة بأنواع الشتائم البذيئة ، يقرر المقاول الأمني ، السعر المحدد أو الفدية المطلوبة لإنقاذ رقبة ذلك الجنوبي أو الشيعي المسكين ، وقد كان مشهورا ان المجرم الشهير عبد حمود كان هو السمسار الشخصي لصدام حسين في هذا المضمار . .................................................................... نفس المسلسل يتكرر اليوم وعلى يد مجموعات متفننة في القتل والتعذيب والإجرام والإرهاب . وكل ما جرى هو ان القتلة القدامى وكبار السفاحين من ضباط نظام صدام الإرهابي تحولوا من ممارسة الإرهاب الحكومي المنظم إلى إرهاب عصابات القتل والمقاولة . كما تأثرت عمليات الخطف والفدية بالعولمة التي غزت العالم عموما والعراق خصوصا لذلك فقد أخذت بعدا عالميا فاخذ ضباط الأمن العام والاستخبارات العفلقية _ وباسم المقاومة التي تطبل لها الجزيرة بكرة وأصيلا _ يخطفون مجاميع العمال والصحفيين من الأجانب والعراقيين والعاملين في المنظمات الإنسانية ، وتحولت السوق البعثسلفية الوهابية من التعامل بالدنانير – التي كانت تجبيها هذه العصابات من فقراء العراق مقابل الإفراج عن المخطوفين والمعتقلين بتهم سياسية - إلى التعامل بالدولارات والعملة الصعبة مقابل إخلاء سبيل المخطوفين الأجانب والعراقيين ،و ما تغير شيء سوى تغير زي الوسيط بيين أهل الضحية والخاطفين إذ تحول من الزي الزيتوني البعثي المقيت إلى دشداشة قصيرة و غترة نجدية ولحية منفوشة تكاد ان تصل إلى الركبتين ، وبدلا من عبد حمود صار الوسيط شيخ ربما ينتمي إلى إحدى الهيئات التي تذكرنا بمحاكم التفتيش القروسطية. والحكم القضائي جاهز بحق كل صحفي أو مدني أو دبلوماسي مجرم تأخر ذووه عن دفع الفدية الدولارية أو تعذر عليهم جمعها حسب الشريعة الوهابية البن لادنية السمحاء جدا !! والحكم القضائي بسيط التنفيذ ولا يتعدى إحضار جزار عربي مستورد ليقطع راس الرهينة المسكين ويبث الشريط على شاشة فضائية تسعى إلى السبق الصحفي ولو على برك الدماء ونحور الأبرياء .. وكل ذلك استنادا إلى فتوى( شرعية ) من مفتي الإرهاب العربي – السلفي يوسف القرضاوي الذي نفض لنا غبار التاريخ عن حديث عتيق : ( إذا قتلت فأحسنه القتل وإذا ذبحت فأحسن الذبح !!! ( يا ترى هل أن الإسلام بالنسخة القرضاوية دين أم مسلخة !!!) بهذه الصورة تم قتل الرهائن النيباليين و الفيلبينيين و الأتراك و أطلق سراح الصحفيين الفرنسيين والصحفية الإيطالية واليوم السفير الإماراتي . وكل العراقيين يعرفون ان هذه المجاميع الإرهابية هي نفسها التنظيمات المنحلة من أجهزة القمع الصدامي والتي أذاقت العراقيين أنواعا من العذاب لم تخطر على بال اكبر محترف في الإجرام والقتل . وحتى تقوم حكومة الاستاذ المالكي بما يشف صدر كل عراقي ضد بؤر الإرهاب وحاضناته .. نبقى نتلوى من ألم الطعنات التي توجه إلى صدر العراق كل يوم ... ونبقى نكتب صرخاتنا واحتجاجاتنا ونؤرخ للهولوكوست السلفي ضد أهل العراق وأبريائه إلى حين ينقطع النفس .
#مؤيد_بلاسم_العبودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افغنة العراق وتفجيرات دهب
-
بين تفجيرات مصر و افغنة العراق
-
مرحبا بكم في مملكة طالبان العراقية
-
تفجديرات عمان صراع بين ارادة الموت وارادة الحياة
المزيد.....
-
-معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا
...
-
-القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك
...
-
من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف
...
-
جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا
...
-
فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
-
براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ
...
-
تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد
...
-
إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
-
زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد
...
-
أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|