سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 6474 - 2020 / 1 / 27 - 22:24
المحور:
الادب والفن
غلغامش فى
مواجهة المصير الانسانى !
سليم نزال
" لماذا شحب وجهك، امتقع لون خديك
امتلأ قلبك بالحزن
لماذا هذا الشقاء داخلك؟
لماذا صار وجهك كمن أنهكه السفر البعيد
(من ملحمة غلغامش)
عندما علم غلغامش ان نصفه الالهى لن يساعده على الخلود .و عندما راى الدود يخرج من انف صديقه العزيز انكيدو.ادرك بلا ريب الى اين سيتجه مصيره ؟ الذى هو فى النهايه مصير البشر جميعا الذى هو مصيره ايضا كونه نصف اله و نصف انسان . .يبدا فى رحلته نحو جبال الارز فى ( ظلام دامس و رعب دامس) لاجل ان يجد نبته الخلود.الطريق صعبه للغايه .فيها وحوش و فيها غابات مظلمه و فيها جبال عاليه و فيها اشخاص نصفهم بشر و نصفهم عقارب .و لكنه عندما يتخذ قراره و يقول (انا ذاهب ) فانه بذلك يعلن قرار التحدى . فى اثناء الطريق الطويل و الصعب يواجه التحديات من الجوع الى العطش و الخوف و التعب.لكن غلغامش يصر على ممارسه الفعل الانسانى الذى يتجلى فى اراده الانسان ان ينتصر على خوفه و ان يمضى الى الامام . انه مشغول بمعرفه اسرار الموت و الحياه , و هو بهذا يسعى لتجاوز محدوديه الانسان نحو المعرفه الكبرى .
فى حواره مع الاله شمش الذى لا يريده خوض هذه الرحله الصعبه, و يقول له ان الموت هو المصير المحتوم لللانسان غلغامش يعرف هذا بالطبع.
و مغامرته هى من اجل تحدى هذا الحقيقه . و لذا رغم حبه و تقديره لللاله شمش, يقول له انه لم يمشى كل هذه البرارى لكى يتوقف الان ؟( و هل تريدنى ان اضع راسى فى باطن الارض؟ لا دع عينى تصافحان الشمس ).
و كذلك ففى حوار غلغامش مع سابتيم صاحبه الحانه المقدسه التى تقدم له اغراءات تكشف عن رفضه ان يعيش حياه رغده معها ثم يتقبل( طير الموت).سابتيم تريده ان يقبل القدر الذى يقبله كل الناس لكنه يرفض.تقول سابتيم
" عد إلى موطنك أيها الملك
وتقبل المحتوم بطيب خاطر
تذكر هبات الآلهة التي أمطرتها عليك
وكن شكورا من كل ذلك
وفكر أن تتمتع نهارك وليلك
عش في قصرك المنيف
وخض حروبك الكبرى
وكل واشرب بفرح
اتخذ زوجة ونم بسلام على كتفها
إنها تجد المسرة في أحضانك
ونظر إلى الصغير على يدك
هكذا ستقضي كل أيامك
غلغامش يرفض كل المغريات.لقد رفض و تمرد على نصائح كل الالهة من اجل المعرفه الكليه التى تتمثل فى نبته الخلود.يمضى فى طريقه و يصارع كل من يقف فى طريقه, و ينتصر على الوحش خمبابا. و نعرف من خلال نص الملحمه انه يقوم بعمل بطولة قومى لانه يريد الخلود لشعبه و ليس له فقط . حيث قال انه يريد من شيوخ اوراك ان ياكلوا من نبته الخلود التى وجدها .و التى سرقتها الحيه منه عندما اراد شرب الماء من البئر.ليعود بعد ذلك الى بلده اوراك خالى الوفاض ,و لانه نصف انسان كان عليه يواجه الفناء الذى هو مصير البشر.
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟