|
دروس من ثورة يناير: التنظيم الفريضة الغائبة واولويات تحسين حقوق الإنسان
شريف هلالي
الحوار المتمدن-العدد: 6474 - 2020 / 1 / 27 - 09:40
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
يناير لم يكن مجرد تحرك في الفراغ بدأ في نفس يوم بذاته ، أو مسار في بدأ لحظة بعينها، و لن تكون اللحظة الحالية نهاية لطموحات المصريين في المطالبة بالعيش والعدالة الاجتماعية والحرية، وهي الاحلام التي تاقت اليها افئدة قلوب ملايين المصريين بحثا عن حياة افضل لهم ولأبنائهم كما قاوموا الاحتلال والاستعمار من الخارج ونجحوا في إخراجه بالقوة سواء في 1956 و في 1973 ، ناضلوا أيضا من اجل العيش الكريم ضد سماسرة وديكتاريو الداخل والذين اعتبر بعضهم نفسه الهة لا تنطق عن الهوى. مطالب ثورة 25 يناير كانت امتداد لسنوات من النضال السياسي منذ انتفاضة 1972 التي طالبت بالحرب وتحرير الأرض والديمقراطية واعتصم طلابها في قاعة جمال عبد الناصر بجامعة القاهرة ، وانتفاضة 1977 ضد السادات الذي اتجه بالبلاد اتجاها مناقض لسياسات التحرر والعدالة والمساواة بين الموانين التي تبناها النظام الناصري في الخمسينيات والستينات . ولذلك اسماها السادات انتفاضة حرامية ، وهي انتفاضة شعبية بكل المقاييس شملت طلابا وعمالا ومواطنين قامت بالمظاهرات بالقاهرة والجيزة والقليوبية وساندتها الحركة العمالية في حلوان والمحلة ، كما سبق ثورة يناير نضالا لحركة كفاية وشقيقاتها منذ عام 2004 ضد التوريث والتمديد مرورا بإنشاء الجمعية الوطنية للتغيير وعودة د.محمد البرادعي واختياره رئيسا للجمعية من جانب القوى الوطنية . لذلك كانت يناير ذروة هذا النضال السياسي، بالاستجابة لاحتجاجات 25 يناير ضد ممارسات التعذيب بأقسام الشرطة بعد مقتل الشاب المصري خالد سعيد وتزوير انتخابات مجلس الشعب في 2010، وغياب العدالة والحريةفي وقت عجزت القوى السياسية التقليدية عن قراءة المشهد ،بل وأعلنت عدم مشاركتها في يوم 25 يناير ، وتحولت إلى تأييد الاحتجاجات لاحقا وجني الثمار بعد نجاح المشهد في جمعة الغضب في تكوين نقطة التوازن بتحريك الناس من كل فج عميق وكسر شوكة الامن ، ودخول الناس طرفا في اللعبة السياسية وانتزاع الكثير من النجاحات وكان أهمها تخلي مبارك عن السلطة . الا ان ذلك لم يمنع القوى المناهضة للثورة ورجال دولة مبارك في التخطيط بشكل اخر للعودة للمشهد، ورفض فكرة المجلس الرئاسي التي لم يجتمع قوى الثورة على تأييدها بشكل محدد أو الضغط على المجلس العسكري لتنفيذها ونشبت بسببها خلافات حول أعضائها، بل وقام المجلس العسكري بضرب فكرة الترويكا الحكومية من عمر سليمان والفريق احمد شفيق وطنطاوي ، لصالح الأخىر بالطبع ، ووصل المشهد لما نحن فيه سواء ببروز أطماع من قوى الإسلام السياسي والتي شاركت في الثورة مثل جماعة الاخوان المسلمين ، وانفرادها بالوضع بعد انتخابات 2012 مرورا بأحداث محمد محمود وماسبيرو ، ثم تسليم الجيش الحكم للإخوان في يونيو 2012 بعد اعلان فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة ، الا ان ذلك لم يكن سوى محرد تكتيك فقط، اعقبه ما حدث سواء بأخطاء الاخوان في 30 يونيو سواء في تكوين الجمعية التأسيسية لدستور 2012 وما صاحبه من انسحاب القوى المدنية ، ثم الاعلان الدستوري الشهير في نوفمبر 2012 ومظاهرات الاتحادية والتي شهدت مقتل بعض الشباب مثل الشهيد الحسيني أبو ضيف ، واعتماد جبهة الإنقاذ في جزء كبير من حركتها على دعم المؤسسة العسكرية لإزاحة الإخوان في ظل التهديد بالعنف والعنف المضاد . بالتأكيد كان هذا المسار الذي بدأ من 25 يناير مليئا بالأخطاء والتي لم تؤد الا للإطاحة براس النظام وحل الحزب الوطني وادت هذه النجاحات إلى التغاضي عن هذه الأخطاء وعدم تقييم القوى السياسية بنوعيها المدني والاسلامي للمسار السياسي سواء في التعامل مع المجلس العسكري وتعاملها مع القوى الثورية على الأرض في ميدان التحرير وفي ميادين التحرير بالمحافظات وظهر ذلك في احداث محمد محمود التي اعتبر الثوار ان الاخوان كانوا راس حربة ضدهم ثم اعتبار الاخوان ان القوى المدنية لم تقف موقفا حاسما ضد فض اعتصام رابعة وبعضها حرض على فضه، وفي رايي ان الاخوان يتحملوا أيضا جزء كبير من المسئولية . ـ اهم هذه الأخطاء ان كافة القوى الثورية باستثناء جماعة الإخوان لم تنجح في بناء كتلتها الجماهيرية والتنظيمية التي تستطيع الضغط بها في المعارك السياسية المختلفة. ـ حل جبهة الإنقاذ فور اعلان بيان 3 يوليو وعزل الرئيس محمد مرسي وكان الأولى استمرار هذه الجبهة لحين تحصين المسار الجديد ووضع اليات للمشاركة في بناءه . وكان يمكن استمرار الجبهة بالقوى الثورية الحقيقية بعيدا عن بعض القوى الانتهازية التي انضمت لاحراز مكاسب او لان لها مواقف معادية لجماعة الإخوان المسلمين فقط . ـ غياب بناء التنظيم وضم كافة القوى التي خرجت في 25 يناير من المناطق اشعبية المختلفة واغلبها شباب غير مسيس . و ابتعاد القوى الثوري عن التحصن بالشارع والكتل الشعبية التي انضمت إلى الاحتجاجات وكان لها مصلحة كبيرة في التغيير السياسي. ـ عدم بذلك الجهود للم شمل الشباب وانهاء هذا الانقسام بين الحركات الشبابية التي ولدت من رحم الثورة سواء ما قبلها مثل حركة 6 ابريل ووما بعدها ، لدرجة ولادة مئات الاشكال والتي كانت مجرد لافتة و لم يكن لديها كتل عددية، بالإضافة لغياب أي تنسيق تنظيمي بينها او بناء شبكي يجمعها . ـ الخروج من الميدان في 11 فبراير فور اعلان تنحي الرئيس مبارك وكأن المهمة قد انتهت . ـ نزوع بعض القوى إلى جمع الغنائم بعد 11 فبراير او اللجوء لاحراز مكاسب سياسية خاصة بهم ، ـ سياسة الوعود الكاذبة من جانب بعض القوى السياسية في مسالة الترشح لرئاسة الجمهورية او عدم تجاوز نصيب معين في مجلس الشعب. ـ الرومانسية والمثالية المفرطة ما بعد مسار 30 يونيو الاحتجاجي، ثم 3 يوليو وعدم الاستفادة من أخطاء ما بعد يناير ، سواء في استغلال المشهد من جانب المؤسسة العسكرية ،وملء الفراغ النتاج عن هذه اللحظة وساعد الاعلام على فكرة ان يكون الرئيس القادم من داخل الدولة وغياب التوافق حول مرشح يمثل للثورة . والانقسام الذي حدث في انتخابات 2014 الرئاسية والتطاحن بين القوى التي كانت جزءا من ثورة بيناير حول تأييد المرشح حمدين صباحي من عدمه ،وعدم قراءة المشهد جيدا من الكثيرين . وبالطبع لا يجب أن نكون اسرى فشل ثورة 25 يناير في تحقيق بعض أهدافها رغم نجاحها في تحريك الوضع السياسي ضد دولمبارك ، لان خصومها بالتأكيد لن يتنازلوا عن السلطة بسهولة . وبقراءة سريعة للفيديو المسرب في منذ اسابيع للواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية لعسكرية وقتها ، يتضح رؤية ممثل المؤسسة لعسكرية للجماهير ، (فكلهم يسعى لفوضى والأحزاب تسعى لمصالح شخصية ، والاعلاميين الانتهازيين ، والمؤسسة العسكرية هي اقدر القوى على الحفاظ على الدولة ، هكذا هم يرون الوضع ولم يتنازلوا الا في ظل ضغوط شعبية وسياسية). وما تفتقده القوى الثورية حاليا : ـ أولوية العمل على تحسين حالة الحريات وحقوق المواطنين والعمل على اخراج الشباب المسجون الذي كانت كل جريمته تعبيره عن الرأي او المشاركة في التجمعات السلمية . ـ غياب تبني رؤية مشتركة تقبلها الجماهير و تحليل سياسي للحالة الموجودة وعلاقتها بالشعب ، وكيفية انشاء ارتباط بالشعب وتبني اهم مشاكله وخاصة المشكل الاقتصادية وغيرها . ـ ـ وضع تصور يتضمن سيناريوهات التغيير البديلة في ظل الوضع السياسي الحالي والذي يشهد تضييقا امنيا على ممارسة السياسة كافة اشكالها، وحبس مئات القيادات والفعاليات الحزبية في السجون، إلى جانب الاف الشباب في السجون واجهاض الحق في التظاهر السلمي. وحرية الرأي والتعبير والتنظيم. ـ الاستفادة من تجارب الدول المختلفة، بالتأكيد مصر لا تنفرد بهذا الوضع الذي لم تشهده من قبل في التعامل مع القوى السياسية والمدنية. هناك تجارب أخرى سواء في جنوب افريقيا او في العراق او في السودان او لبنان او الجزائر ينبغي الاستفادة منها في خوض معارك سياسية وجماهيرية بالاستقواء بالشعب الذي يبحث عمن يدافع عنه. وما حدث في مظاهرات 20 سبتمبر خير دليل، باستجابة قطاع شعبي ليس قليلا لشخصية ليست سياسية ولم تعمل بالسياسة من قبل ومن خارج مصر وبعدد محدود من الفيديوهات ينجح في حصار النظام السياسي وجعله يرتكب أخطاء لصالح الحراك الشعبي . وبالتأكيد لن يأتي التغيير بالجولة القاضية في يوم او يومين، فحدوتة الـ 18 يوما قد لا تكون قابلة للتكرار بنفس الشكل. ولذلك يقع على القوى السياسية في الداخل ضرورة مناقشة السيناريوهات البديلة بالاستفادة من التجارب الثورية الأخرى واهم شيئا هو بناء التنظيم الجماهيري، بالاستقواء بالقيادات الشعبية حتى لو تكن مارست السياسية من قبل، ولابتعاد عن الحلقات الحزبية المغلقة. والدفاع عن قضايا الجماهير، والاستفادة من جهد القوى السياسية ومنظمات حقوق الإنسان الموجودة بالخارج. ليكن الموقف من جماعة الإخوان كما يريد البعض. وضرورة وضع أولويات للحركة داخل مصر أي وضع تصور للتناقض الرئيسي والتناقض الثانوي الإجابة على سؤال من هي قوى الثورة ومن هم المعادين للحراك الشعبي ووضع السيناريوهات وفقا للإجابة عن هذه الأسئلة هل المسار السياسي التقليدي بدخول الانتخابات البرلمانية ومن بعده مجلس الشيوخ والرئاسة سيكون كافيا لتحقيق أي نجاح في هذا السياق؟ ام ان هناك بدائل أخرى ؟ .
#شريف_هلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات الرئاسية التونسية و تأثيرها على بلدان الربيع العر
...
-
لانتخابات الرئاسية التونسية و تأثيرها على بلدان الربيع العرب
...
-
الانتخابات البلدية التركية واسباب فوز مرشح المعارضة باسطنبول
-
حكاية المادة 140 بين التقييد والتمديد
-
الكذب الإعلامي و محاولات العدوان على الدستور
-
مبادئ الحوار المجتمعي ومجتمعنا العربي ومنصات التواصل الالكتر
...
-
اغتيال خاشقجي واعادة الاعتبار للقانون الدولي
-
القضايا السياسية والاجتماعية في ادب جمال الغيطاني . رواية رس
...
-
جمال خاشقجي بين ثنائية الاختفاء والاغتيال ؟ ! طبيعة الازمة م
...
-
ماذا تبقى من ثورة يوليو ؟
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|