أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - احمد العلي - المثقف السعودي: الى متى الصمت في عصر العولمة؟















المزيد.....

المثقف السعودي: الى متى الصمت في عصر العولمة؟


احمد العلي

الحوار المتمدن-العدد: 1568 - 2006 / 6 / 1 - 11:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


تسيطر على أوجه الحياة الثقافية والفكرية في المجتمع السعودي السلفية الدينية المعروفة بـ"الوهابية" التي تعبر عن ثقافة واحدة مستبدة لا تسمح بالتعدد في نطاقها الخاص فضلا عن التعدد بمفهومه الواسع ، وتمسك بيدها مجموعة من السلطات التنفيذية لتحقيق الوحدة والانسجام في الحياة الثقافية. فكل ما يدعو إلى المذاهب الأخرى في الدائرة الإسلامية مرفوض باعتبار أن المدرسة السلفية تعبر عن الحقيقة المطلقة والتفسير مطلق الصحة للدين. وهي كذلك ترفض الثقافات من خارج الإطار الديني كالليبرالية والاشتراكية والوطنية. ولتحقيق الاندماج الثقافي الاستبدادي ذو الطبيعة القمعية، تفرض السلطات الرقابة الصارمة على المطبوعات سواء كانت كتب ورقية أم الكترونية أو مواقع انترنت أو صحف ودوريات محلية وخارجية. أما على الصعيد القضائي والأمني، فيخضع الكتاب والمثقفون السعوديون من داخل الحلقة الدينية وخارجها من المحسوبين على الليبرالية أو المذاهب الأخرى كالشيعة لمراقبة صارمة، نتج عنها الحكم بالجلد والسجن والمنع من الكتابة لعدد من الكتاب لمخالفتهم النظام الديني والثقافي والفكري السائد والذي يسيطر عليه السلفيون المتشددين. أتذكر أن أجهزة الأمن استدعت احد المواطنين لان اسمه يشابه اسم احد المطلوبين امنيا لكتاباته المناهضة للحكومة السعودية على شبكة الانترنت!! في ظل هذه الكبت الشامل والسيطرة واسعة النطاق أصبح الخوف من الاعتقال الديدن والمفصل في النشاط الفكري والثقافي للمثقف السعودي على مختلف الأوجه والأنشطة وأصبح التحفظ السمة البارزة في أنشطته الباطنة والظاهرة. هل يستطيع المفكر الديني التجديدي أن يقول أن الشيعة ينتمون إلى مذهب إسلامي كبقية المذاهب وان على الجميع احترامه وان لغة التشدد ومنطق التكفير لم يعد مجديا ولا بد من قبولهم إلى جانب المذاهب الإسلامية السنية في مقدمتها المذهب السلفي!! هل يستطيع القول أن المسيحيين واليهود ينتمون إلى أديان سماوية كريمة ومحترمة وان من حقهم ممارسة دينهم داخل المملكة وانه لمن العار أن يمارس المسلمون دينهم في بلاد الغرب المسيحي بحرية بينما لا يتمكن المسيحيون من ممارسة شعائرهم بحرية داخل البلاد الإسلامية وعلى رأسها المملكة!! يا ترى عندما يطل على شاشة التلفاز محلل مالي أو منظر ليبرالي هل يستطيع القول بما يؤمن به على الصعيد الوطني أو الإقليمي؟ هل سيقول عند تحدثه عن الفساد أن السعودية تحتل المرتبة الـ70 على سلم الفساد عالميا؟ هل يستطيع القول أن العائلة المالكة تستنزف الميزانية العامة للدولة وليس هناك من فرق بين مخصصات العائلة والميزانية العمومية؟ هل يستطيع أن يكتب احد في الصحف عن سبب عدم تحول المملكة إلى دولة صناعية أو زراعية واعتمادها فقط على البترول رغم تمتعها بكافة الإمكانيات والثروات التي تؤهلها للتقدم الصناعي والزراعي؟ هل يمكن للمثقف أن يدعو إلى دستورية البلاد وإنهاء سيطرة السلفيين المتطرفين على الحياة الاجتماعية والدينية والثقافية؟



لا يمتلك المثقف والكاتب السعودي مساحة حقيقية وواقعية للإدلاء بما يعتقد به ، لذلك تراه يستخدم المقدمات التجميلية والمصطلحات الدبلوماسية ويكيل المديح المشوب بثقافة الخضوع والاستكانة لإيصال رسالته الإعلامية سواء بالقول أو الكتابة، وكأنه يعيش في العصور الوسطى! قرأت ذات مرة أن ملكاً مستبدّاً رأى في المنام حلما مزعجا، فطلب مفسري الرؤية على عجل. قال له احدهم إن جميع أهل بيتك سيموتون!! غضب الملك وأمر بقتله حالا. وظل الأمر على هذا المنوال، فكل من يفسر له رؤيته بمثل هذا يأمر بقتله على الفور، فجاءه احد المفسرين وطلب منه الملك على جري عادته تفسير الحلم والسياف يستعد لضرب عنقه كالمعتاد، إلا أن المفسر بانت منه الحكمة وبعد تفكير وإسهاب قال له: انك أطول أهل بيتك عمرا! فرح الملك وأمر له بجائزة!! لا شك أن لا اختلاف بين قول: سيموت جميع أهل بيتك في حياتك وبين انك أطولهم عمرا. كل ما في الأمر أن الملك المستبد الذي لا حدود لاستبداده وسلطته مطلقة سيغضب وسيأمر بقتله دون وازع من قانون أو ضمير. إن المملكة السعودية تمثل نظاما مطلقا من أنظمة القرون الوسطى يعيش في الألفية الجديدة. فالسلطة مطلقة بيد العائلة المالكة وتستطيع فعل أي شي تريده. ورجال الدين يتمتعون بهامش واسع وسلطات قوية تمكنهم من التضييق والتهميش ضد مناوئيهم من التيارات الأخرى دينية كانت أم ليبرالية. لذلك يضطر المثقف السعودي إلى استخدام مصطلحات تعبر عن رأيه دون مواجهة سلطات القرون الوسطى. عوضا عن قوله: محاربة الفساد المالي و الإداري ونهب ثروات الشعب، يقول: ترشيد إنفاق المال العام ! وبدلا من أن يوضح السبب الحقيقي لعدم تحول المملكة لدولة صناعية يقول بان ذلك يرجع لعدم وضع خطط واضحة المعالم قابلة للتنفيذ وبما عانته المنطقة من حروب ونزاعات خلال الخمسة عشر عاما الماضية، الأمر الذي تسبب بإنفاق المليارات على التسلح!! إلا انه سيتجاهل بالطبع أن من دافع عن المملكة ودول الخليج في حرب الكويت ليست المليارات التي أنفقتها الحكومات الخليجية على التسلح بل بواسطة المليارات التي أنفقتها على قوات التحالف الأمريكي للدفاع عنها!! عندما يكتب احد المثقفين عن سبب عدم حصول المواطن السعودي على قطعة ارض أو سكن نموذجي في دولة عدد سكانها قليل قياسا بالمساحة الإجمالية، يرجع ذلك إلى عدم وجود مؤسسات حكومية وخاصة لتحقيق هذا الغرض المهم جدا على الصعيدين الشعبي والحكومي، إلا انه يغض الطرف تمام عن امتلاك أصحاب السمو ومن حولهم للآلاف الكيلومترات من الأراضي الزراعية والسكنية وغيرها بينما ينتظر المواطن البسيط أكثر من عشرين عاما ليمنح قطعة ارض في مخطط بعيد عن النطاق العمراني، ليس سوى صحراء قاحلة، وليس هناك من اجل محدد لبدء العمل به وتحويله إلى مخطط سكني جاهز للبناء !! أو ربما يمنح قطعة ارض في البحر كما حدث للكثير من المواطنين! ولا يمكن للمثقف المقارنة أو فتح باب المقارنة بين ما يتمتع به شعب الكويت أو الإمارات من اهتمام حكومي بالسكن وتوفير الوظائف، بينما تعد السعودية من اقل الدول في مجال الإسكان ويعتبر الشعب السعودي من اقل الشعوب حظا في الحصول على سكن وقطعة ارض!! في تناقض سافر مع ما تتمتع به بلاده من سعة في الأرض والمال.



ان النظام الثقافي المستبد الذي يعيش في كنفه المثقف السعودي في القرن الجديد جعل من دور المثقفين محدودا جدا وخجولاً في مقابل رجال الدين وكتاب السلطة الذين يسيطرون على كل شي ابتداء من الصحف والمطبوعات الأخرى إلى حركة الشارع وتوجيه الجماهير من خلال الجوامع والمساجد، بينما لا يجد المثقفون خاصة من الليبراليين وأتباع المذاهب الأخرى كالشيعة أي منبر يسمعون الداخل والخارج أرائهم ومواقفهم. وإذا ما أتيحت لهم فرصة الكتابة في الصحف المحلية أو مقابلة خاصة على قناة فضائية أو محطة إذاعية، فالويل لمن يطرح أراء مخالفة للقيم الدينية والاجتماعية أو مجافية لسياسات الدولة في الداخل والخارج!! أتساءل: إذا كان المثقف السعودي غير مسموح له بالنقد الذي هو أول لبنة في ممارسة التغيير في أي مجتمع يحترم كينونته، فما هو دوره في المجتمع إذن؟؟



وحدهم من في الخارج وهم قليلو العدد والإمكانيات من يكتبون تعبيرا عما يجول في ضمائرهم وما تحتمه نتائج بحوثهم قراءاتهم. ماذا يفعل مثقف الداخل في ظل نظاما ثقافي أحادي يسيطر عليه السلفيون المستبدون في دولة تحكم بمنطق القرون الوسطى في عصر العولمة والألفية الثالثة؟ في استفتاء على الانترنت عن الدولة رقم واحد التي تحارب الحرية على الانترنت في العالم العربي، احتلت السعودية الدرجة الأولى مع مرتبة الشرف!! ونالت المملكة جائزة عام 2004م لحجب مواقع الانترنت. وهي جائزة ساخرة رمزية لأكثر الدول حجبا لمواقع الانترنت!! إنني انصح المثقفين السعوديين احد أمرين. الأول أن يكتبوا ما تحتمه عليهم إنسانيتهم ومبادئهم ونتاج ما توصلوا إليه من بحث واستقراء بأسماء مستعارة على الشبكة العنكبوتية والصحف الخارجية، أو يهاجرون من المملكة ليكتبوا كل ما يدور في خواطرهم، حيث لا رقابة على العقل أو الرأي أو الفكر أو الضمير، حرية حقيقة يعيشوا بها إنسانيتهم قبل كل شي ويشكلوا من خلالها تكتل يواجهون به الاستبداد والقمع. وإذا لم يستطيعوا لا هذا ولا ذاك، فحري بهم أن يتوقفوا جماعيا عن الكتابة في احتجاج سلمي واسع النطاق على قمع الفكر ووئد الرأي الحر، لتصدر الصحف السعودية خالية من كتابها، عل ذلك يدفع السلطات إلى تقديم تنازلات وما أظنها ستفعل!! إن القلم مسئولية وقد اقسم به الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز. فان لم يكتب به ما يزيح ستار الظلام فحري بالكاتب أن يضمه في خزانته، إلى أن يستطيع يوما أن يكتب به أحرف الحرية ويرسم به طريق النور للأجيال القادمة.




#احمد_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيعة القطيف والاحساء في النفق المظلم
- النخبة السعودية والحوار الوطني: مقدمة لمشروع إصلاحي أم مراوغ ...
- الشيعة في المملكة العربية السعودية .. التقرير الحقوقي الاول ...
- رانيا الباز: الهروب من الجحيم
- الاقتصاد السعودي بين الاستنزاف والاصلاح
- بلال اخو هلال
- سياحة في البيئة السعودية


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - احمد العلي - المثقف السعودي: الى متى الصمت في عصر العولمة؟