|
حوار مع الاستاذة فائزة السباعي مفتشة مركزية بوزارة التربية الوطنية
عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 1568 - 2006 / 6 / 1 - 11:12
المحور:
مقابلات و حوارات
في حوار مع الأستاذة فائزة السباعي مفتشة مركزية بوزارة التربية الوطنية لابد من موضعة المتعلم في صلب إشعاعات الفعل التربوي و امتداداته البيداغوجية والديداكتيكية " أنجز الحوار: عزيز باكوش في سياق الحوارات التي فتحها ملحق "تربية وتعليم " بجريدة الاتحاد الاشتراكي مع الفاعلين التربويين، نحاور الاستاذة فائزة السباعي، مفتشة مركزية بوزارة التربية الوطنية، وذلك من أجل رصد إيقاع أجرأة الإصلاح وتفعيل مقتضياته داخل المنظومة التربوية، و كذا آفاقه وإكراهاته••• في أفق علاقته المندمجة و الشاملة بالتنمية البشرية•
أصبح مدخل التدريس بالكفايات ، المقاربة البيداغوجية الأساس المعتمدة في الممارسات التربوية الحالية في إطار إعادة بناء المناهج الدراسية في كل أسلاك و مستويات التعليم، كيف فرض هذا الرهان نفسه في ظل أطروحة التنمية الاجتماعية الشمولية ببلادنا حاليا؟
" لا جدل في أن منظومة التربية و التكوين نتاج صيرورة اجتماعية متحركة باستمرار، تأبى الجمود أو الثبات •إنها العبور المتواصل و الدينامي الحي إلى مراقي التطور و رهانات التجديد، و هي القاعدة الأساس في صلب المشاريع الاجتماعية التنموية ببلادنا ، لأسباب متعددة أهمها تأهيل العنصر البشري و تحسين ظروف عيشه في محيطه الاجتماعي و استغلال مكونات مجالاته الحياتية بواسطة تدبير قطاعي متكامل و معقلن • إن الرهانات التنموية الراهنة في بلادنا، ترنو في أولوياتها الغائية إلى ترسيخ هويتنا المغربية الضاربة بشموخ في كيان الأصالة، مع إقرار الثوابت الروحية الكبرى لتوجهاتنا الوطنية و التاريخية، بنمط تفكير حداثي ينهل من الثقافة الكونية و التكنولوجية، ارتكازا على مبادئ الانفتاح المثمر، لذلك تتصدر المنظومة التربوية أوراش التجديد و الإصلاح في مجتمعنا، لكون وظيفتها الأساسية، تنصب على بناء الشخص المغربي و تأهيله للانخراط الايجابي في الحياة الاجتماعية• من ثم تعد المدرسة الوطنية الجديدة المؤسسة الاجتماعية الأولى المرشحة بامتياز لاحتضان التجارب الكونية الرائدة، و الخلية الأم لاستنبات المثل و القيم العليا للتنشئة الاجتماعية المتوازنة و المواطنة الصالحة، و كذا قناة التواصل الأرحب لربط التربية النظامية بمؤسسات المحيط المدنية• إن التفكير العملي الحثيث في الارتقاء بجودة المنتوج التعليمي، يجسد توجهات الإرادة الملكية ، و يسعى إلى مواكبة المحطات الإستراتيجية لعشرية الإصلاح الواردة في دعامات الميثاق الوطني للتربية و التكوين لإقرار تدريس معقلن و فعال و حديث• فلابد إذن من موضعة المتعلم /التلميذ في صلب كل إشعاعات الفعل التربوي، و امتداداته البيداغوجية و الديداكتيكية، كشخصية متكاملة تستجيب لانتظار المجتمع، بعد دورات تكوينية معينة• فكان الاختيار البديل الأمثل عن بيداغوجيا التدريس بالأهداف هو بيداغوجيا التدريس بالكفايات لإعادة بناء المناهج و المقررات الدراسية، كمقاربة تربوية جديدة في مستوى هذه الطموحات الكبرى• أساليب اكتساب المعرفة لديهم، مع تقويم حصيلة التعلمات عن طريق الملاحظة و القياس، و التي لا تتجاوز إطار تشخيص التغيرات الخارجية الحاصلة لديهم، عن طريق ضبط التغيرات العضوية، لذلك لا يستجيب التدريس للأهداف لغايات التربية على المدى الزمني البعيد• كما تبلور البديل الأنجع ، كما سميتموه ، في التدريس بالكفايات دون تسجيل قطيعة مع الأهداف ، بل بتطوير التعليم إلى نظام وممارسات عملية أكثر عقلانية و مرونة، و استجابة لمشاريع المجتمع الإصلاحية و الطلب السوسيو مهني•التدريس بالكفايات و المقاربة البيداغوجية يتوق إلى إقرار تعليم عقلاني مندمج يحلل وضعية المتعلم انطلاقا من شخصيته المتكاملة غير القابلة للتجزيء مع إقرار الفارقية في التعلمات•
طفت الحاجة إلى التغيير بإلحاح في ظل التدريس بالأهداف في بلادنا• في تقديركم ماهي العوامل التي أذكت هذا الشعور، وبلورت البحث عن البديل الأنجع ؟ وما علاقة الكفايات ببناء الشخص المغربي في مستوى الرهان التنموي البشري المنشود؟
" بيداغوجيا التدريس بالأهداف كمقاربة أساسية للفعل التربوي مورست في منظومتنا التعليمية لوقت زمني غير هين• إلا أن تقويم آثار هذا الاختيار الاستراتيجي، ومساءلته بفكر تحليلي ، بجانب تلقائية الحتمية الطبيعية التي يفرضها نفس التجديد في الصيروات البيداغوجية للأنظمة التربوية ، أذكى بالفعل الحاجة الملحة لتجاوز هذه البيداغوجية ، على الرغم من مزاياها العديدة •فقد أبانت الممارسة التربوية عن محدودية فعالياتها•لأنها مقاربة تنصب بالأساس على مقررات مغلقة في قوالب معرفية غاصة بالمعلومات، متصلبة وغير متكاملة، مع الاهتمام أساسا بأشكال التدريس على حساب المتعلم وقدراته الخاصة، وإبداعاته الذاتية في بناء التعلمات• التدريس الهادف نمط بيداغوجي قوامه البرمجة المستديمة للأنشطة التربوية ، وبواسطة تفكيك الفعل التربوي و توجيهه باستمرار عن طريق قانون التأثير و الإستجابة• إنه ممارسات مغرقة في النزعة السلوكية، تتجاهل ثقافة التمييز لدى المتعلمين، تدعو إلى تنميط أساليب التفكير و تقنين وتيرة بنائها كتنمية الاختلاف على مستوى المؤهلات والطاقات الذاتية للتلاميذ• بذلك تهتم عمليات التقويم ، على الرغم من صعوبتها ، بالتغيرات الداخلية المتشابكة الحاصلة لديهم على مدى زمني طويل يمتد عبر دورة تكوينية معينة• انه اختيار استراتيجي طموح، يرنو إلى بناء الشخص المستقل برأيه والقوي بإرادته، والحريص على الإبداع بواسطة طاقاته الخاصة، دون أن ننسى أنها مقومات تنمو وتغتني في ظل أطروحة التعايش في سلم وأمان •وهو تعليم عقلاني يرقى إلى نقل المعرفة من الفضاء المدرسي إلى المحيط الاجتماعي بعد التخرج • إضافة الى اكتساب كفايات كثيرة ومتنوعة في مستوى هذا التأهيل تغتني بالموازاة مع التقدم في مراحل التكوين والبحث• إنها تحولات جذرية في بناء الفعل التربوي برمته، تبدي الحاجة الموازية والملحة لتغيير أدوار المدرسين في موقع القيادة التربوية •إنها أدوار تتجاوز أيضا إطارات التدريس الكلاسيكي ، المبني على الإلقاء والإرسال الآلي للمعرفة، إلى مهام جديدة ومعقدة، ترقى إلى كفايات مهنية جديدة كبيداغوجيا التنشيط والتواصل والتنسيق والإرشاد والتوجيه والمساعدة وضبط بؤر الخلافات لتدبير النشاط البيداغوجي بتفكير آخر و وعقلية ديمقراطية متفتحة وطاقات احترافية أخرى متجددة•
واقع استدماج مدخل التدريس بالكفايات في قضايا الإصلاح التي تطال الشأن التربوي بمغرب الألفية الثالثة ؟ ما إكراهاته؟ وماذا عن إيقاع التغيير بوجه عام؟
" إن مساءلة قضايا الاستدماج والاجرأة ، ورصد إيقاعها ضمن فرضيات الإصلاح للمنظومة التربوية رهين بإعادة بناء المناهج وصياغة المقررات الدراسية، وإعادة النظر في الطرائق والتوجهات وأساليب التقويم ••في ارتباط طبعا مع غايات التربية والتكوين وتوجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين• فقد مس الإصلاح في أرض الواقع، بناء المناهج في كافة الأسلاك، وشمل كل المستويات وبإعادة بناء المناهج انطلاقا من مدخل الكفايات، مع تقسيم المقررات إلى مجزوءات في التعليم الثانوي التأهيلي، واكبها إنتاج وتأليف كتب مدرسية جديدة، تستجيب لمدخل الكفايات مع محاولة عدم التركيز على المادة المعرفية كمحور للأنشطة التربوية لصالح التطبيقات المحفزة للطاقات الذاتية للمتعلم للنقد والتحليل والتدارس••يبقى التغيير المنشود والانتقال من وضعية التعليم إلى التعلم رهينا ايضا بتنامي الوعي لدى المباشرين للعمل التربوي اليومي، بالغايات المتوخاة في هذا الطرح البيداغوجي الجديد، وبأدوارهم الجديدة في القيادة التربوية بشكل يرقى بالمتعلم إلى مركز كل الاهتمامات والمبادرات الخلاقة ، والانتاجات الفكرية والإشعاعية على حساب المادة المعرفية• انه تغيير هادئ ورزين شمل بالتدريج أغلب مستويات التعليم الابتدائي، وجل مستويات التعليم الثانوي، على مدى النصف الأول المنصرم من عشرية الإصلاح• إنه مستوى الجودة التي يتوق إليها هذا الرهان، من شأنه أن يتعزز أكثر بتعبئة الطاقات التربوية الفاعلة كاستيعاب مفهوم التغيير في بعده التربوي والاجتماعي ، بشراكة مع كافة المؤسسات المدنية المنتجة، والتي تحمل على عاتقها هم الأمانة الكبرى ، ألا وهو الإسهام التشاركي الفعال في تطوير المؤسسة التعليمية وتأهيل أجيال المتخرجين منها لاحتواء قضايا المجتمع الحيوية بفكر حداثي متطور وبحس وطني أصيل ومتفتح ، لأن المنطلق المبدأ هو التنمية البشرية المسؤولة المشتركة للجميع•
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغش في الامتحانات المهنية بين التحليل والتبرير
-
الغش في الامتحانات المهنية في التعليم بين جدلية التحليل والت
...
-
الدكتور شكير فيلالة يصدر-الكتابة الموازية- ايضاءات في السرد
...
-
الملتقى الفيلمي التربوي الخامس بين الانتاج واعادة الانتاج
-
أحدث تقرير عن وضعية الطفولة بالمغرب
-
الانترنيت في العالم العربي الواقع والآفاق
-
العوادة كاسلوب تقليدي في العلاج بين الهلوسة الاجتماعية والتص
...
-
انين الموتى
-
لماذا تغييب الصحافة الالكترونية عن ندوة الاعلام الجهوي والتن
...
-
العرب والرسوم المتحركة
-
عندما نبكي أمام وسائل الاعلام..
-
حوار مع فاعل اعلامي
-
بكاء العربي
-
حوار مع الكاتب الصحافي المقيم بالمانيا محمد نبيل
-
حوار جريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية مع الفاعل الإعلامي الش
...
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|