|
الخوانجية ملّة واحدة.
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6471 - 2020 / 1 / 23 - 10:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كشفت قضية ليلى الصرغاني عن عدة حقائق لطالما تم تجاهلها أو استصغارها. فالأشخاص والتنظيمات الحزبية أو الدعوية تحكم عليها مواقفها لا أدبياتها ، أفعالها لا أقوالها . وتشاء الأقدار أن تتوالى فضائح الإسلاميين الذين لا يكفّون عن التظاهر بحسن الخلُق واستحضار الله في كل تصرفاتهم ، وأنهم ــ كما قال عبد الإله بنكيران ذات يوم "خدامين مع الله". لقد جعلوا من الدين تجارة مبرحة أوصلتهم إلى مراكز القرار في الدولة بعد أن استغفلوا المواطنين فسرقوا منهم الأصوات والأرزاق والحقوق. وحين تورط بوعشرين في جرائم الاغتصاب والاتجار بالبشر تصايح الخوانجية نصرة له وانتصبوا مدافعين عن جرائمه ، مشنّعين بضحاياه ومهاجمين كل من تضامن معهن . والأمر يتكرر اليوم مع قضية ليلى الصرغاني ضحية عضوهم بالحزب وبالشبيبة وبهيئة محاميهم وإن تبرأ منه الحزب مكرها بعد حملة استنكار لفضيحة المحامي الذي اضطر إلى تقديم استقالته من هيئة المحامين التابعة للحزب . ويهمنا هنا إبراز حقيقة الخوانجية كما كشفت عنها هذه القضية: 1 ــ النفاق السياسي والاجتماعي : إذ يتظاهرون بالاستقامة والعفة ولا يتركون فرصة إلا ويتظاهرون خلالها بالغيرة على الدين والأخلاق والقيم والهوية الإسلامية للمجتمع المغربي . ومن أجل تكريس نفاقهم منعوا بث وصلات اللوطو وألعاب الحظ في الإعلام العمومي ، فيما فرضوا بث الأذان وصلاة الجمعة وألزموا رئاسة البرلمان برفع الجلسات عند دخول وقت الصلاة . من يرى حرصهم الشكلي على مظاهر التدين يعتقد أنهم أحرص على أعراض الناس ومصالحهم . لكن الوقائع المتتالية تكشف نفاقهم وتورطهم في كل أنواع الفضائح . 2 ــ أنصر أخاك ظالما أيا كانت جرائمه وانحرافاته.وقد هدد عدد من أعضاء البيجيدي وقادته برفع دعاوى قضائية ضد فاضحي فسادهم لكنهم لم يفعلوا خوفا من انكشاف فضائح أخرى. ويمكن مقارنة بين موقفهم من قضية هاجر الريسوني ، وهي ابنة عشيرتهم ، وموقفهم من قضية ليلى الصرغاني التي ليست منهم. ففي الحالة الأولى جعلوا منها اعتداء على الحقوق والحريات وتصفية حسابات مع الحزب والحركة ، وتطوع كثير منهم للإدلاء بالشهادة على حضور حفل الخطبة حتى يدفعوا عنها تهمة الفساد والحمل خارج إطار الزواج . أما في حالة ليلى الصرغاني التي تتوفر على كل الأدلة المادية التي تثبت العلاقة الرسمية وزواج الفاتحة بينها وبين المحامي ، فإنهم اتهموها بالابتزاز والنصب والكذب وممارسة الرذيلة.حالتان متشابهتان لكن الموقفين منهما متناقضان . فحتى هاجر الريسوني "قطعت الواد ونشفو رجليها" واتهمت ،في مقال لها ، ليلى الصرغاني بالخيانة الزوجية والمشاركة فيها ، متناسية قضيتها هي نفسها التي توبعت فيها بنفس القانون الجائر . ولتعلمي يا هاجر أن ليلى أحق بالتضامن والمساندة منك ، فهي (ليلى) تتوفر على الشهود الذين حضروا الخطبة وقراءة الفاتحة وعقيقة ابنتها التي رفضت إجهاضها وتمسكت بحقها في الحمل والإنجاب والمطالبة بإثبات النسب . 3 ــ التواطؤ ضد الضحية : رغم وضوح قانون الأسرة في تحديد شروط إثبات النسب للطفل الناتج عن علاقة جنسية في فترة الخطوبة ، فإن العشيرة تواطأت ضد الضحية واتهمتها بما ليس فيها وتآمرت ضدها من خلال الشكاية والتهم التي تم اعتقالها على أساسها. فزوجة المحامي المتهم كان أحرى بها أن تنتصر للمبدأ الأخلاقي والقانوني والإنساني ، لكنها لم تفعل وداست على كرامتها وأهانت نفسها من مستويين : أ ــ المستوى الأول : أنها قبلت على نفسها أن يخونها زوجها ويتزوج عليها في السر وينجب طفلة ، حين تنازلت عن متابعته بتهمة الخيانة الزوجية . قد يكون تنازل الزوجة تحكمه عوامل أخلاقية واجتماعية ، لكن مناصرة الزوج الخائن وخوض المعركة نيابة عنه والزج بالضحية في السجن والكيد لها لا معنى له سوى الدوس على الكرامة . إذ السلوك السليم هو تقديم طلب التطليق للشقاق وليس حبك التهم ضد الضحية. ب ــ المستوى الثاني : أنها تنكّرت لكل المبادئ الأخلاقية والقانونية والإنسانية . فهي تعلم علم اليقين بنود مدونة الأسرة ، ولربما ترافعت من أجل إثبات النسب أو ثبوت الزوجية في قضية أو قضايا مشابهة ، لكنها فضلت الانتصار للجاني ضد الضحيتين: الأم وابنتها . طبعا قضية ليلى لا تهمها وحدها بل كذلك طفلتها . ولما قررت زوجة المحامي الزج بالضحية في السجن فإنها تنكّرت للقيم الإنسانية بإصرارها على حرمان الطفلة من والدتها ، وحرمانها من والدها حين ترافع لفائدة الزوج/الأب حتى يتملص من كل مسؤولية. لقد قتلت هذه الزوجة/المحامية داخلها كل إحساس بالأمومة وكل حس إنساني ، وتركت العنان لحقدها وإهانتها للقضاء في تدوينة لها كالتالي"فقط كن محاميا وسيتمتع أي طرف أنت في مواجهته قضائيا بالسراح ولو كان خرقا سافرا للقانون واجتهادا في تكريس الرذيلة والانحلال". لا شك أن الانحلال والرذيلة هما التغرير بليلى والزواج بها بالفاتحة والتنكر لها ولابنتها ثم اتهامها بالابتزاز فقط لأنها طالبت بإثبات نسب مولودتها. 4 ــ يحلّون لأنفسهم ما يحرّمونه على غيرهم : أمام هذه الوقائع يتبين أن الخوانجية لا مبادئ أخلاقية تحكمهم ولا وازع ديني يراقبهم ولا رادع قانوني يضبط تصرفاتهم . لهذا نجدهم يأتون ما يمنعون على غيرهم إتيانه ويناهضون تغيير القوانين التي ترفع التجريم عن نفس الأفعال التي يرتكبون حتى لا ينفضح أمرهم . فهم يدخلون في علاقات رضائية بينما يصرّون على تجريمها ، يمارسون الإجهاض ويطالبون بتشديد عقوبته .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لما يعطّل البيجيدي القانون بمباركة من بعض القضاة.
-
ولاء الإخوان لأردوغان ضد مصالح الوطن.
-
خلفيات مهاجمة الريسوني للحموشي.
-
حزبكم يا رئيس الحكومة من يزرع اليأس ويسيء إلى المؤسسات .
-
إحصائيات الرّضع في القمامة معلومة والحلول معدومة يا معالي ال
...
-
حقوق الإنسان كل لا يتجزأ يا وزير حقوق الإنسان.
-
حكومة البيجيدي أكبر عائق أمام التنمية.
-
الحاجة إلى تحالف ديمقراطي لإنقاذ البلاد من قبضة الإسلاميين.
-
الإرهاب الناشئ في تندوف .
-
تآمرُ الإخوان على أمن الأمة والوطن .
-
لهطة بنكيران وتعفف ماكرون .
-
أرواح الشهداء ولعنة القتلة .
-
بنكيران ورقصة الطائر المذبوح .
-
رسائل الملك إلى رئيس الحكومة والأحزاب .
-
فَعَلْتها يا بنشعبون !! .
-
البيجيدي ومسلسل الإجهاز على الحقوق والحريات .
-
لماذا أخفت موصلي جهود حزبها في مناهضة حقوق النساء ؟
-
رسالة إلى أعضاء المجلس العلمي الأعلى.
-
التوحيد والإصلاح ومحاولة فرض الرقابة على المؤسسات الدستورية.
-
الفساد ثابت في صفوف حزبكم يا رئيس الحكومة.
المزيد.....
-
وزير الدفاع الأسبق: يكشف العقيدة الدفاعية للجمهورية الاسلامي
...
-
-ترامب سينقذ العالم من الإسلام المتطرف- – جيروزاليم بوست
-
قائد الثورة الاسلامية في تغريدة: كل فلسطين من النهر الى البح
...
-
الآغا خان الرابع زعيم قاد الطائفة الإسماعيلية النزارية 68 عا
...
-
إيهود باراك: خطة ترامب بشأن غزة -خيال-
-
كلمة الرئيس الايراني بزشكيان امام سفراء الدول الاسلامية في ط
...
-
الاحتلال يحتجز مركبة ويستولي على كاميرات مراقبة في جنين وسلف
...
-
اللواء سلامي يشدد على قوة إيران الإسلامية في مواجهة الضغوط
-
اللواء سلامي: هذه الانجازات هي للرد على اي تهديد ضد ايران وا
...
-
بالودان يواصل استفزاز المسلمين ويحرق نسخة أخرى من المصحف أما
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|