ناديه كاظم شبيل
الحوار المتمدن-العدد: 1568 - 2006 / 6 / 1 - 10:50
المحور:
حقوق الانسان
عندما تدق مسامير الماضي السحيق في رأسي وقدماي ويداي ، وعندما أجبر على التنفّس في غرفة موبوءة مغلقة الابواب ،وعندما تكتم ايد الجبابرة انفاسي ،و تسحق اقدام الطغاة والمستبدّين عنقي،و تصادر افكاري ويمتلأرأسي بصراعات الأديان والحضارات ويصبح كحاسوب يسكنه الف نوع من الفايروسات المجنونة فيتداخل الحق بالباطل ، والسود بالأبيض ،والخطأ بالصواب ، والصدق بالكذب ،والحب بالكره ،والحلال بالحرام ،والجهل بالثقافة وعندما تصبح أفكاري زئبقا لا أستطيع امساكه فلا أعرف من أنا وبماذا أفكّر،وعندما أجد نفسي محاصرة بدائرة حولها الاف الأسوار،وعندما يجبرني الأحبة على السير في آثار خطاهم فلا اميل يمينا أو يسارا،وعندما تطفأ شمس افكاري، اخرج من قوقعتي وتقودني قدماي الى الغابات السويديّه ،لأطلق نفسي من سجنها الرهيب فتعيش على سجيّتها لتستمع الى صدق الطبيعة وروعتها وجمالها وحسنها وبساطتها ،فتغرّد روحي مع الطيور ،وارّدد مع الأشجار سيمفوتيّتها الخاشعة الرائعه ومع الأزهار ترنيمتها التي تسحر نفسي وتوقظ فيها الحياةواصبح قطرة رقراقة في بحيرة او ساقية أو نهر أو شلاّل ،وتجذبني زهرة بديعة بسحرها وشذاها فأمسح عليها بيدي فيسري سحرها في جسدي فينفض عنه الهموم ،وتسري نسمات الهواء المنعش العليل في رئتيّ فتغسل ما علق بها من أدران ،لطالما غسلت امطار السويد دموعي وواستني في وحدتي وعذابي.
بينما كنت اسير ذات يوم وحيدة كعادتي ، أتأمّل الطبيعة واناجيها واشدوا لها وتشدوا لي، اذا بي اصادف سيّدة سويدية تتنزّه مع كلبها أو بالأحري تنزّه كلبها ،وعندما لاحظت بأنه لا يوجد احد في الغابة سوانا ، أطلقت له العنان ،فاسرع والقى بنفسه فوق الحشائش الخضراء كطفل صغير، وأخذ يتدحرج يمينا ويسارا وعلامات الفرح والسرور واضحة عليه كانت اصوات فرحته محببة لطيفة ،وكان يمرغ وجهه بالحشائش والزهور النديّه ، نظرنا الى بعضنا وأطلقنا ضحكة مملوءة بالسعاده وكأن سعادته سرت الينا ايضا قالت لي :انّه يعشق الطبيعه اجبتها متحسّره :والحريّة ايضا
عندما يخيّم الليل ويسدل عبائته السوداء على الكون ويتوهّج الشوق والحزن والفرح في وجداني، أجلس في صومعتي كعاشق هائم في عالم الرؤى والخيال وأستمع الى محمد عبد الوهاب : الهوى والشباب والأمل المنشود
ضاعت جميعها من يديّا
والهوي والشباب والأمل المنشود
توحي فتبعث الشعر حيّا
يشرب الكأس ذو الحجا ويبقي
لغد في قرارة الكأس شيّا
لم يكن لي غد فأفرغت كأسي
ثم حطمتها على شفتيّا
أيّها العاشق المعذّب يا قلبي
نزحت الدموع من مقلتيّا
أفحتم علي ارسال دمعي
كلما لاح بارق في محيّا
يا حبيبي لأجل عينيك ما ألقي
وما أوّل الوشاة عليا
أانا العاشق الوحيد لتلقى
تبعاة الهوى على متفيّا
#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟