|
مات ” هيثم شغاتي” ولم يتغير شي !
شبعاد جبار
الحوار المتمدن-العدد: 6469 - 2020 / 1 / 20 - 15:43
المحور:
كتابات ساخرة
توفي اليوم الشاب العراقي الخلوق جدا ، المحبوب والمتواضع جدا جدا "هيثم شغاتي " الذي عانى من مرض الثلاسيميا طويلا شأنه في ذلك شأن المئات من أقرانه مع إن الابتسامة لم تكن تفارق محياه يوما ، كنا نلتقي في السنة مرة واحدة وتحديدا في رمضان على وجبة إفطار جماعية فكان يملأ المجلس بهجة وحيوية وفيضا من حب وإنسانية ، صابرا محتسبا على ما ألمَّ به من ألم ولكأني به وهو يردد قول السياب :
"لك الحمد مهما إستطال البلاء ومهما إستبدّ الألم، لك الحمد، إن الرزايا عطاء وإن المصيبات بعض الكرم" . مات اليوم من لم أكن أعرف شيئا قط عن مرضه الوراثي العضال قبل معرفتي بحالته عام 2009 ، وبعد التقصي عن أسباب المرض ومعاناته ولقائي به شخصيا والذهاب معه مرة واحدة الى القسم المخصص لنقل الدم بمستشفى الكرامة كل 3- 4اسابيع لأمثاله من ضحايا المرض ، مع حقن الدسفرال والفولك اسيد ومنذ ذلك الحين وأنا أتابع وأكتب عن معاناة ضحايا هذا المرض ليس مع أعراضه المؤلمة لفرائسه فحسب بل ومعاناتهم الكبرى مع الذين منعوا عنهم الدواء عمدا لا سهوا كذلك بذريعة قلة التخصيصات فيما الحقيقة الدامغة هي كثرة السرقات والاختلاسات والتسريبات للادوية من المخازن الى السوق السوداء ومواصلة عقد الصفقات المشبوهة لشراء الأدوية والعقاقير نافدة الصلاحيات ، فبعد أن كان الدواء مجانيا ومدعوما من قبل الجهات الحكومية أصبح شحيحا يباع في الصيدليات مقابل 400--$-- للوجبة الواحدة ما إضطر الكثير منهم للتلكؤ في أخذ الجرعات اللازمة بمواعيدها المقررة لما يعانونه من فقر وفاقة وبطالة خانقة ما أدى الى مضاعفات كثيرة لأكثرهم ولعل " هيثم شغاتي " واحدا منهم اذ أصيب بجلطة دماغية نتيجة لذلك قبل فترة ليفارقنا اليوم الى رب رحيم لايظلم عنده بخلاف الحياة الدنيا أحد . وداعا هيثم شغاتي وعهدا لك مني بأن يكون أطفال ضحايا الثلاسيميا ، اللوكيميا ، تصلب الاعصاب اللويحي ، فقرالدم الحاد ،ذوو الإحتياجات الخاصة، الايتام ، أطفال التوحد ، متلازمة داون وأمثالهم من الأطفال المعذبين والمشردين والمحرومين والنازحين في الارض عموما ، وفي العراق على وجه الخصوص ، رسالتي في هذه الحياة القصيرة المتسمة محليا بكثير من العبث والفوضى العارمة في عراق اللصوص والأربعين الف سياسي حرامي متعدد الولاء والتبعية والجنسية ، بعضهم يرتدي القبعة وبعضهم يلبس العمامة ..بعضهم يلبس العقال وبعضهم يحمل فوق رأسه وفي جمجمته إنحطاطا فكريا وعقديا لا نهائيا ووووقمامة - ما بقي لي في هذه الحياة بقية !
المطلوب اليوم هو رفع أسماء السياسيين من واجهات مستشفياتنا فورا فإنهم لا يستحقون ذلك البتة ، ووضع أسماء ضحايا نقص الغذاء والدواء من المظلومين والفقراء والمساكين بدلا منهم ! مستشفيات عراقية حكومية بنتها الانظمة السابقة الجمهورية والملكية قامت فزاعات النظام الحالي وهو أسوأ نظام حكم البلاد يوما على الاطلاق بتسمية كل مستشفى منها بإسم فلان وعلان وهذا كل ما قاموا به من تغيير حتى الان لا أكثر مع إن هؤلاء لم يتبرعوا للمستشفيات التي تحمل أسماءهم وراياتهم يوما ولو بجهاز لقياس الضغط ، كرسي متحرك ، جهاز للطرد المركزي ،سدية لنقل المرضى ، أدوية ، أسِرَة ، أغطية ، فرش ، حقن ولطالما سألت وأسأل الأتباع الفرحين بعبوديتهم اللامتناهية لأسيادهم الضاحكين على ذقونهم دوما " ماذا صنعوا لكم لترفعوا صورهم وراياتهم وتضعوا أسماءهم على مستشفياتنا ؟" إنهم يستكثرون عليكم برغم ملياراتهم المكدسة ومولاتهم وفنادقهم وأبراجهم وقصورهم وطائراتهم الخاصة ومواكبهم الطويلة من جراء الصفقات المشبوهة شراء أجهزة للرنين المغناطيسي مخصصة لعلاجكم ..مفراس ..جهاز أشعة ..إيكو ..ليزر لإجراء العمليات من غير تداخل جراحي ، فعلام تقدسونهم ؟ لقد مات منكم الملايين بسبب نقص الدواء وتلف الغذاء وتقادم الأجهزة والمعدات الطبية ، فلِمَ تضعون أسماءهم وترفعون راياتهم التي أصبحت علامة فارقة للبؤس والضياع والفاقة والموت الزؤام ويكفيك أن تشاهد راية منها لتعلم علم اليقين بأن الموت والضياع كامن تحتها وعن يمينها وشمالها وبين يديها من خلف وأمام ؟ أزيلوها فورا أو ليثبت المرفوعة صورهم أنهم تبرعوا يوما لعلاج المرضى في تلكم المؤسسات الطبية المتهالكة الى حد اللعنة لخدمة أتباعهم ومواطنيهم لا رياء ولا بطرا ولا اشرا ! لاحظ انني لم أتحدث هنا عن بناء مستشفى ، مستوصف ، مركز صحي ، جسر ، مدرسة ، جامعة ، مصنع ، لأنها في ظل حكم هؤلاء النكرات مجرد أمنيات أغرب من الخيال لايمكن تحقيقها على يد إمعات الشرق والغرب إطلاقا ، اللهم أبدل حكم الفاسدين وأزل ملك المفسدين يا الله ياقدير وأنقله لآخرين لترتاح جموع الملايين !
ولا يسعني في الختام الا أن أتمثل قوله صلى الله عليه وسلم يوم وفاة ولده هيثم شغاتي : "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" .
#شبعاد_جبار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحمد عبيد (بن دغر) نائباً لرئيس الجمهورية و(هيثم شغاتي) وزير
...
-
يوميات معيدي بالسويد: هل يختلف ماهذا(نا) عن ما هذا(هم) أم نح
...
-
يوميات معيدي بالسويد :مادلين وخلينا ساكتين
-
العراق في يوم البيئة العالمي
-
العودة الى .....ريو
-
قبلتي الاخيرة
-
شكر على تعزية
-
رأيت صورا مخيفة مازالت تطاردني
-
ليكن معيارك في الانتخاب هو.....
-
مشاكل كوكب الارض ومشاكل العراق البيئية ..ورسالة الى الحكومة
...
-
بعد اكثر من ست سنوات ..وبعد الكثير من الدعوات .....الصحة تطا
...
-
حروف بلون آخر
-
التلوث كالإرهاب .. كلاهما يقتل بلا رحمة
-
التعليم في المرحلة الابتدائية وصور بائسة لعراق رث ومستقبل ير
...
-
بعد ستة اشهر من اطلاق حملة عراقية عالمية لتنظيف تربة العراق
...
-
دموع ليلة البارحة
-
ناقوس الخطر يقرع بعنف
-
كسرت أشرعتي ...وأبحرت
-
هذا الصباح
-
اذهب لمن تشاء
المزيد.....
-
قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل
...
-
ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية
...
-
حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
-
عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار
...
-
قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح
...
-
الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه
...
-
تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
-
مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة
...
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|