أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - الفوضى و العبقرية عند سارتر وكيف جعل الحب نوع من الكوميديا















المزيد.....

الفوضى و العبقرية عند سارتر وكيف جعل الحب نوع من الكوميديا


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 6469 - 2020 / 1 / 20 - 15:44
المحور: الادب والفن
    


في مسرحية * "الفوضى والعبقرية " تتجلى عبقرية جان بول سارتر في الأدب المسرحي حيث تبدأ احداث المسرحية بإشاعة مثل كل الاشاعات التي تسقط من السماء عن هروب فتاة من بيت ذويها الاثرياء في يوم عرسها الى احضان الممثل المسرحي الشهير , المدعو كين بحجة أنها تريد أن تصبح ممثلة, وغرضها الأساسي هو أن يتزوجها من اجل احلال النظام في حياته الفوضوية .
فهل يستقيم النظام مع العبقرية !
للفتاة رأي آخر حول هذا الموضوع فهي و في معرض تقديم نفسها له كزوجة , تبرر ذلك العرض من اجل تنظيم حياته البوهيمية العبثية .
تخبره أن مسؤوليتها هي احلال النظام في حياته , أما هو فليبقى مع الفوضى لأن العبقرية و النظام لا يستقيمان .
انها ثنائية الإبداع - على ما يبدو - فلا عبقرية بدون فوضى .
بعد ان تهرب من عرسها يحدثها ادمون كين عن الفرق بين الفضيحة والمجد للإشارة الى ما فعلته من حيث :" لو لامتك نساء حيّك الثرثارات على سوء سلوكك فهذا يدعى يا صغيرتي , فضيحة , أما إذا عاملتك انكلترا كلّها كعاهرة , فهذا هو المجد .
وفعلا لقد علمت كل لندن بخبر هروبها مع الممثل كين المسرحي المشهور ,والذي يعتبره امير غال و هو منصب ولي العهد في انكلترا ,يعتبره كنز من كنوز انكلترا بل ويغار منه فقد كان لديه هوس بسرقة كل فتاة تحب كين لدرجة لو أن اميرغال عرف ان هناك فتاة من النبلاء تعشق كين لأخذها لنفسه أو أن كين قال له انه لا يحب تلك السيدة ,فان امير غال بتركها تذهب و يكف عن رمي الاعيبه العاطفية لإستمالتها نحوه ,ليس حبا بها بل ليختطفها من معبود الجماهير المدعو كين ,
وبالمقابل كان الممثل كين يعاني من كونه ليس من طبقة النبلاء رغم انه لا يفارقهم بحكم تمثيله , فقد كان مسرح دراري لين , يمتلأ بمقصورات النبلاء الذين جاءوا لرؤية كين يمثل كل ادوار شخصيات شكسبير ابتداء بالملك لير مرورا بهاملت الذي استغرق تفكيره للقيام بخطوة واحدة وهي قتل زوج امه خمس فصول قبل أن يقرر ذلك . وإنها والله لمدة طويلة ! هذا ليس رأي كاتبة هذا المقال فحاشا الله إننا لا نحرض احد على الانتقام لمقتل والده وخاصة من الفصل الأول ,لأننا مسالمون ونصفح عمن يؤذينا ,ولكن هاملت فعلا استفذ كل الوقت وهو يفكر ,وهو نفس الوقت من التفكير الذي كان على عطيّل مثلا ان يتحلى فيه قبل ان يخنق عزيزتنا المحبوبة ديدمونة , والتي كانت ضحية مكر و دسائس المدعو ياغو الشرير الذي كان يستكثر على عطيّل ذو الشفاه الغليظة واللون الاسود ان يحظى بالجميلة الناعمة ديدمونة التي لم تصارع من اجل البقاء و تهرب من وسادة عطيل الرقيقة والتي اصبحت من ادوات القتل المسالمة واللطيفة بل من ادوات الجريمة في ذلك العصر الإنكليزي , ادوات قتل لها ملمس الريش .
تقول آنا -ابنه بائع الجبن الدانماركي في رواية الفوضى والعبقرية لسارتر - تلك التي ذهبت لكين بحجة التمثيل وهي تزمع على الزواج منه.
أن اخنق بوسادة :انني اجد ذلك رقيقا . الموت تحت الريش , يا له من حلم .
وللوسادة عند " ايمي" والتي هي احدى الشخصيات الثانوية في المسرحية , رأي جديد ,حيث تقول بما معناه أن مئات من الممثلين قاموا بتلك الأدوار ,ولكن الشيء الوحيد الذي لم يتغير هي الوسادة وهذا يحيلنا الى عصر انكلترا ,منذ اختفت فكرة لبس الأقنعة منذ زمن كاترين الكاثوليكية , لم تكن المناديل وحدها ادوات اثبات حدوث الخيانة أو الجريمة , بل كان هناك الكثير من القتيلات الجميلات ايضا من جراء نسيان مروحة مهداة من زوج غيور وجدها في منزل صديقه أو ممثل مسرحي ,كما حدث بالليدي ايلينا السفيرة الدانماركية التي نسيّت مروحتها في غرفة كين والتي وجدها زوجها , وجاء ليتقاتل مع كين بدلا من أن يسائل زوجته عن سبب فقدانها أو يتورط مثل عطيل ,وهكذا نجد أن ردود افعال الرجال مختلفة ازاء علاقات زوجاتهم , فمثلا لو كان عطيل مثل الكونت في مسرحيتنا الباهرة هذه لقتل كاسيو بدلا من صغيرته ديدمونة التي كانت ضحية دسائس ياغو الشرير الذي كان يحبها هو الاخر وكان يغار من وجودها مع عطيل وبالتالي هذا يعيدنا الى ذلك الحب السّادي الذي يجعل البعض يتلذذ بموت حبيبه, فيما لو هناك اسنحالة لامتلاكها , وفعلا كما قيل "ومن الحب ما قتل ".
و كم من الجرائم ترتكب باسم الحب ايضا والذي هو فعلا غريزة طبيعية نسائية بامتياز, تحدسها المرأة و تشعر بخيوطها قبل أن يزمع عنكبوت الحياة في نسجها من شبك خيوطه الهزلية والواهية في حياتنا كمهزلة وتراجيديا مؤلمة .
يقول كين الممثل لشخصيات شكسبير لإيلينا سفيرة الدانمارك . " لا تقسمي ,لأنني ما عدت اصدق ايمانكن : ان للنساء غريزة تقول لهن اننا نحبهن ,قبل ان نقول لهن ذلك بمدة طويلة.
هي فعلا غريزة طبيعية تجعل اي انثى تحدس عن بعد أن كانت هناك خيوط قد شبكت الأرواح أم تنافرت.
يبدو كين في المسرحية يعاني من دناءة اصله وانه ليس من طبقة النبلاء لدرجة انه يسرد في صفحة72 لماذا يمثل الفنان قائلا :" ان المرء لا يمثل ليكسب حياته . إنه يمثل ليكذب, ليكذب على نفسه ليكون ما لا يمكنه أن يكونه ولأنه سئم من أن يكون ما هو كائن عليه.
إنه يمثل كي لا يعرف نفسه و لأنه يعرف نفسه أكثر مما ينبغي .
إنه يمثل دور الأبطال لأنه جبان, والقديسين لأنه شرير . أنه يمثل القتلة لأنه يموت رغبة في قتل قريبه. أنه يمثل لأنه كذاب بالولادة .إنه يمثل لأنه يحب الحقيقة و لأنه يكرهها .
إنه يمثل لأنه سيُجَنْ إذا لم يمثل . ولذلك جاء تعجبه من رغبة أنا - ابنة بائع الجبن الثريّة التي تركت ثروة والدها الضخمة , وتريد أن تعتاش من التمثيل حيث يقول لها كين
: انسة دامبي ! انت ممثلة ! لكنها حثالة المهن , يا للفكرة الغريبة ! من وضعها في رأسك؟.
ترجم الرواية الى العربية "جورج طرابيشي" وهي ترجمة جميلة ومحبوكة بشكل يجعلك تتابع العمل لنهايته , فمشاكل المترجمين قد تهوي بالروائع الأدبية الى الحضيض اذا لم يكن مترجما متمكنا , ولكني اعيب على استخدامه لمفردة
(فطست ) اكثر من مرة , يقول عن نفسه :"أنا ضحية شكسبير :إنني افطس كي يبعث حيّا , فهل لا يوجد ترجمة اخرى للكلمة , لما لا يقول انا اموت لكي يبعث حيّا , فالفطيسة كما نعلم جميعا هي الكائن الحي الميّت اذا تأخر دفنه , فهل كان يريد اظهار مدى تعبه والمبالغة بتقليد شخصيات ذلك الوطواط العجوز . الوطواط العجوز يقصد به شكسبير طبعا .
وفي النهاية أود ان انهي عن ذلك الإيمان المفضي لذلك اليقين باستجابة الطلب وافكر بذلك الذي كان يدور برأس الكاهن في احدى روايات تشيخوف , وهو ذاهب للصلاة من اجل سقوط المطر
( صلاة الاستسقاء)
ما الذي يدفع الراهب لحمل مظلته في يوم غير ممطر !
هل هو اليقين !
ومادام هناك يقين, فهناك امكانية لقصص حب غير مدمّرة , وبلا وسائد ريش تستخدم للخنق ولا مراوح تُفْقَدْ و لا مناديل مطرزة تختفي, ولا مؤامرات ولا دسائس ولا تراجيديا ولا ألم .
فالممثل إدمون كين -الذي ملّ من تمثيل مسرحيات الوطواط العجوز :اختصرها بعبارة صريحة وساخرة
قائلا :" بأن الحب اليوم شيء كوميدي".
كوميدي ! ( اتعجب بدوري )
اعتقد ,أن شكسبير كان يلعب برأسنا جميعا .
اقصد الوطواط العجوز .



*جون بول سارتر –الفوضى والعبقرية نقلها الى العربية :جورج طرابيشي :منشورات دار مكتبة الحياة –بيروت ,1983.



#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوس بنسخة السيد دارسي وجيل من المراهقات الحالمات
- كبرياء وتحامل والسيد دارسي وجين اوستن والاخوات برونتي والعنو ...
- مذكرات ديناصور والروايات والمرض – و حديث كيف تنجو
- مثقفون ليبراليون مزيفون
- نجمة المدينة اللامعة
- لا تأخذهم على محمل الجد
- سالي الأرمينية الجميلة
- مجتمعات استهلاكية و العيب فيكم
- ثقافة العيب هل هي ثقافة أم ظاهرة !
- تنسى كمصرع طائر , ذكريات الطفولة والذاكرة المثقوبة
- ما فعلته صحف وقناة فوكس التي يملكها مردخاي اليهودي - الصهيون ...
- اسلحة الخداع الشامل التي شنت حربا على العراق
- مافعلته صحف وقناة فوكس التي يملكها مردخاي اليهودي - الصهيوني ...
- مجرد اكاذيب وليست اكاذيب حقيقية
- -استخدام الخوف - تلخيص لأبرز ماجاء في كتاب أسلحة الخداع الشا ...
- كيف مول السيناتور الامريكي تشارلي مجاهدي الأفغان
- الجلوس فوق مرتفعات وذرينغ -Wuthering Heights
- كيف قام charelle Wilson بتمويل المجاهدين الأفغان لدحر البعبع ...
- رحلة صباحية سيرا على الأقدام
- شيفرة دافنشي ودراسة عن التوافق بين الرواية والفيلم .


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - الفوضى و العبقرية عند سارتر وكيف جعل الحب نوع من الكوميديا