أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - احمد علي كزو - محمد شحرور والكهنوت














المزيد.....


محمد شحرور والكهنوت


احمد علي كزو

الحوار المتمدن-العدد: 6469 - 2020 / 1 / 19 - 11:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في الثاني والعشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2019 توفي الدكتور محمد شحرور، وما لبث خبر وفاته أن أعاد للواجهة الجدل الذي سببته كتاباته ودراساته، وانقسم الجمهور بين شامت ومتشفٍ بموته وبين متأسف ومترحم عليه.
والحق يُقال فالرجل أثار الكثير من الجدل ولطالما كانت حجته ثابتة وبرهانه حاضر وجوابه حاد.
ومع كل ذلك فالشغب الذي أثاره عمل عمله في خلق طبقة مثقفة "دينيا" في الوقت الحالي وأفرز نوعا من النخبوية الفكرية وإن كان بشكل محدود.
زادها تفردا لهذه النخبوية الهجوم المنبري من قبل رجالات الدين، وخاصة أن جلّ هذه الردود أغرق وأسرف في مأسسة لنظرية "الغباء" الفطري لهذه الطبقة من خلال طبيعة ردودها السطحية، فلا يوجد منهم من تعمّق في فهم منطق الرجل، وآلى على نفسه جهدا لكي يقدم نقدا منطقيا لنظريته.
وعلى هذا فتعود شهرة الرجل وقدرته على الإقناع لعدة أسباب سنذكرها آنفا:
أولها – أن الرجل قد صادر سلطة الكهنوت الإسلامي في سلطته المطلقة والممؤسسة على نقل التراث والإشراف على فهمه وتعميمه على الرعية الإسلامية، وضربها بصميمها وهذا متأتٍ من كونه ليس برجل دين أو فقه ولكنه خاض غمار الفكر الديني المحرم على العامة. وهو ما أثار تلك الموجة المهولة من الهجوم العنيف والتكفيري والساخر بشكل ساخر على مفاهيمه.
ثانيها – أن الرجل بنظريته قدم طريقة عملية ومنطقية قادرة على مخاطبة العقل الفردي دون دعوى للمعرفة الدراسية للتراث الفقهي الإسلامي. حيث تكشف منطقية الدكتور شحرور عن بساطة ومخاطبة المنطق العقلي وتحرير "المسلم" من التراث الاضطهادي القمعي للفقه ووضع الإنسان في حالة جمود وهي الحالة التي تبتغيها السلطات الموجودة في بلادنا من أعلاها إلى أدناها، وكذلك تمكن من نقله لإنسان بعقلية العصر الحالي وليس بعقلية تعود إلى ما قبل ألف وأربعمائة عام.
ثالثها – إثارة التساؤل عن المنهجية المتبعة عبر تاريخ التراث الفقهي للإسلام على مدى ألف وأربعمئة عام، والسؤال المهم هنا، هل غابت منطقية قراءة الكتاب والنص هذه والتي اتبعها شحرور عن كل هذا الحشد المتراكم من علماء الفقه والأصول على مدى العصور. وخاصة في العصور التالية بشكل مباشر للعهد النبوي والأكثر قربا وقدرة على فهم مكنون النص.
هنا يعود التساؤل مجددا عن دور السياسة في بلورة النظرية الدينية سواء في ما يتعلق بالإسلام أو حتى غيره من الأديان وعن مدى انصياعها وطواعيتها للسلطة السياسية ولجوئها لحلول جانبية لتبرير السلطة، كلجوئها للأحاديث مثلا كمرجعية تملك قوة تبز قوة المرجعية النصية للكتاب.
ومن أي مقارنة بسيطة بين المنهج والنظرية التي طرحها شحرور والفقه المتوارث نجد غياب المنطق العقلاني الحقيقي في فهم النص القرآني سابقا سوى شذرات ونذرات بين هنا وهناك.
رابعا – تقدم نظرية شحرور قراءة جديدة للنص القرآني، تعيد تسليط الضوء على الشخصية المحمدية وعلى دور اللغة العربية المتداولة في العهد النبوي والمقاصدية في النص والنظرية الإسلامية، وهي تعيد النظر في شخصية محمد كشخصية استثنائية قادرة على بلورة (دون الخوض في صحة الإيمان والنبوة المحمدية) مفاهيم رسالته وسَلسَلة أفكاره ومبادئه بطريقة منطقية عميقة أغرقتها العصور والسلطة السياسية في تغييب واضح لجوهرها.
نظرية شحرور تستدعي قراءة متأنية وعميقة للإسلام ولشخصية محمد من كل النواحي مجددا بعيدا عن كل المرجعية الفقهية والتراثية المتراكمة على مر العصور وإخراجه من تلك النظرة التي تراه بعيدا عن مفاهيم الحضارة، وهو ما حاولت نظريات الاستشراق إسباغه على الشخصية المحمدية (وإن كان في بعض المساري كمحاولة للفهم التاريخي للإسلام وللشخصية المحمدية).
رابعا – استعداء الكهنوت الحداثي الذي يرى في الإسلام شرا مستطيرا دون هوادة، وأن الإسلام بكل مفاهيمه ومحموله شر لا يُقبل منه شروى نقير. وهو ما حاولت دائما التيارات اليسارية التي ابتدأت طبقاتها السلطوية في بلادنا بالاستنقاع والتبلد والتجمد وتكوين ركودها السلطوي المعهود.
محمد شحرور يقدم نظرية متقدمة في فهم الإسلام تعيد تسليط الضوء على الإسلام وعلى الشخصية المحمدية. وهو إن كان يقدمها بطريقة جدا علمية وثورية فهذا لا يعني خلو نظريته من أخطاء ومن تطلبها لمراجعات هائلة، ومن محاولته تجنب نقاط خلاف، كالإيمان والإلحاد والتي حاول تجاوزها في ما يعتبره حرية القرار أو القدر.
نظرية شحرور تستدعي عملا جادا لإعادة تكوين منمنمات الإسلام ومحمد في بداياته ويعطي نافذة قادرة على إعادة فهم الإسلام بشكله المجرد دون اللجوء إلى مراجع تاريخية غائية لاحقة
مع ذلك يعتبر عمل هذا الرجل وإصراره على العمل استثنائيا يستحق الاحترام حتى من أكثر الناس تهجما ورفضا لعمله



#احمد_علي_كزو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “صحيح البخاري … نهاية أسطورة- .. نظرة مستفيضة في اعتمادية ال ...
- الأبعاد السياسية الاجتماعية لاختفاء جمال خاشقجي
- الهجرة كسلوك بشري
- التغيرات الاقتصادية العالمية وارتباطها بالتنظيمات المتشددة
- في استحضار النموذج الحضاري الإسلامي في تجربة السلطة


المزيد.....




- ترامب يتحدث عن موعد لقائه مع بوتين في السعودية ومشاركة زيلين ...
- بري: لسنا مستعمرة إسرائيلية ونرفض أي إملاءات خارجية من شأنها ...
- فيدان: لتسوية الأزمة الأوكرانية يجب حل مسألة الأراضي واتخاذ ...
- ميونيخ تمنع زيلينسكي من التحدث بلغته ومواقع التواصل تستحضر ب ...
- -هند رجب- تقدم شكوى إلى الجنائية الدولية ضد وزير الخارجية ال ...
- -سي إن إن-: السعودية تسعى للوساطة في المفاوضات الروسية الأمر ...
- -الأمن الأوروبي- وأوكرانيا في صلب ملفات قمة باريس الأوروبية ...
- البنتاغون يعلن قتل قيادي بارز بتنظيم -حراس الدين- في سوريا
- الحرب الأوكرانية بين إدارتي بايدن وترامب
- واشنطن تعلق على رفض زيلينسكي تسليمها -المعادن النادرة-


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - احمد علي كزو - محمد شحرور والكهنوت