حنان ترك تعظ

حسام محمود فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 1566 - 2006 / 5 / 30 - 11:46
المحور: المجتمع المدني
    

لم يكن في خاطري التعليق علي حجاب حنان ترك أو غيرها باعتبارِه من الأمورِ الشخصيةِ التي تستقلُ بتقديرِها الإرادةُ الحرةُ الواعيةُ. إلا أن الضجةَ الغريبةَ المريبةَ في أغلبِ وسائلِ الإعلامِ تجاوزَت حدودَ صمتٍ دوماً أفضلُه، الصخبُ يبدو مصطنعاً مقصوداً لا عفوياً تلقائياً، محاولاتُ إثارةٍ أصبحت نهجاً مستديماً لجرِ العامة فيما لا يدركون منه إلا أقله. حجابُ فنانةٍ صُوِرَ علي أنه فتح عكة، تجاوزَ ارتيادَ الفضاءِ واكتشافَ مجهولِ العلومِ. جيشٌ من المطبلين المهللين يُعضدُه جيشٌ من سفهاءٍ مُجهزين لسبِ أي رأي فيه مسحةٌ من التعجبِ والاستغرابِ، كلُهم مسخرون للإثارة، كلُه بثمنِه.
لم أكن أنوي التعليق علي حجابٍ ولا أُحب، لكن مشاهدتي للفنانةِ في التليفزيون عارضةً حجابِها وكأنها تؤدي أحد أدوارِها علي الشاشة أثارَ استيائي، تهليلٌها مُصطنعٌ فجٌ، فرحتُها مسرحيةٌ، نظراتُها زائغةٌ، معلوماتُها أدني من المستوي، كلامُها بالعنعنات، بقالوا لي، لغتُها العربيةُ مهلهلةٌ. وُضِعت في موقفٍ أكبر منها، ليست مؤهلة لروايةِ تجربتِها، أساءت لصورتِها ولمن تخيلوا فيها أداةَ دعوةٍ.
القضيةُ أكبر من تحجبِ فلانةٍ أو علانةٍ، إنها في مخططاتٍ لن تنتهي لصباغةِ المجتمعِ بصورةٍ يبدو فيها وكأن الدينُ هو مُحركه ومُسيره؛ لا يُخاطَبُ العقلُ، إنما يُُصبغُ، بالتهديدِ والوعيدِ والترهيبِ والترغيبِ، بكل الوسائلِ، الخافيةِ الملتوية، لا يهم، المهمُ الهدفُ، سَحبُ المجتمعِ، إلي الجنة الموعودةِ، إلي الغيبِ.
ولما كان الرزقُ يُحبُ الخفية، فقد ظهرت طائفةٌ من أثرياءِ المفتين والفقهاءِ، كلُهم من الأدواتِ، فتاواهم أولسايز وبالطلبِ، يحللون الشئ ونقيضه، يحرمون ولو بدون سند، يمهدون لأنظمةٍ يزدادُ فيها رزقُهم. ما ساد في المجتمعات الإسلامية قبلَ عشرةِ أعوامٍ أو أكثر يُراد باستخدامِهم محوُه، كأنها كانت علي ضلالِ بمن فيها من فقهاءٍ وعلماءِ وأصحابِ رأي، رفضٌ كاملٌ للماضي القريبِ والتمسحِ في الماضي السحيقِ بغموضِه ودمويتِه، المستقبلُ لن يكون بأفضلِ منه.
بنفس منطقِ الرزقِ ظهرت طائفةٌ من معتزِلات الفن، احترفن الدعوة والوعظ بعربيةٍ ركيكةٍ، بأدعيةٍ تليفزيونية يُدِر البَصلُ دموعَها أنهاراً، عندما اشتقن للشهرة والمال، عدن للتمثيلِ، الفتاوى الأولسايز جاهزة مرة أخري بالتحليل بعدما سبق وحَرَمت. سبوبة ما بعدها سبوبة، قنواتٌ فضائية تُنشأ بالملايين لجرِ السذجِ، الفتاوى سيولٌ، الواعظون والواعظات جيوشٌ؛ حكاوي ملفقة، قصصٌ مفبركةٌ، أفلامٌ مؤولة، صنعها الغربُ الكافرُ.

عندما يُمحي الطريقُ عمداً، فالهاويةُ حتميةُ، يستحيلُ الأملُ، أسالوا التاريخَ، لن ترجعوا في ملفاتِه كثيراً، الحقيقةُ علي السطحِ،،

#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات