حمزة الذهبي
كاتب وباحث
(Hamza Dahbi)
الحوار المتمدن-العدد: 6459 - 2020 / 1 / 9 - 01:12
المحور:
الادب والفن
لا أحب المعجون، أقصد لا أحب أصدقائي عندما يكونون تحت تأثيره ، أقصد لا أحب رفقاء الطريق – فلا وجود لشيء اسمه أصدقاء – عندما يكونون تحت سطوة هذا المخدر الذي يبتلعونه كلما اقترب غروب الشمس على مدينة القراصنة سلا التي أضحت ذائعة الصيت بخراب أبنائها . إذ أنه يجعلهم مثل البلهاء، مجموعة من الحمقى لا أكثر ، يبدو عليهم التعب والإرهاق ، بعيون محمرة وشبه نائمة ولسان ثقيل وذهن شارد ، هنا وليس هنا .
هذا المساء الذي خلت سماءه من النجوم ، أُفضي لصديقي،أقصد رفيقي ، بما يعتمل في داخلي ، بالقول :
- " أعذرني ولكنك عندما تتناول المعجون تبدو مثل الأبله ."
يقول لي :
- " أعرف "
ثم يضيف :
- " لكن لو لم يكن المعجون لعقدت حبلا حول رقبتي منذ زمن . "
لا أقول شيئا ، أكتفي بالصمت .
هذا ما يبدو ، لكني أتحدث في داخلي ، أقصد أني أفكر ، لكن ليس في المعجون ، أقصد ليس في وضع صديقي الواقع تحت تأثيره ، أقصد ليس في جل من ألتقي بهم في حي واد الذهب الخاضعين لسطوة هذا المخدر ، العالم مكان سيء ومهمتي ليست تغييره ولا فهم لماذا هو سيء . أقصد أني عاجز على ملئ جيوب سروالي الفارغ فراغ العالم من المعنى فما بالك بتغيير العالم أو فهمه .
بل أفكر في أني وجدت شخصية تصلح لأن تكون في عمل روائي .
أقول له :
" هل تسمح بأن تكون شخصية روائية "
يقول لي :
" نعم ، لكن بشرط "
أقول له :
"ما هو"
يقول لي :
" أن تجعلني ألعب دورا أخر غير هذا الدور الذي العبه الآن "
لا أقول شيئا ، أكتفي بالصمت .
هذا ما يبدو، لكني أتحدث في داخلي، أقصد أني أفكر في أني كنت أحمقا . لماذا ؟ لسبب بسيط وهو أني عندي الإمكانية أن أنتصر لهؤلاء البؤساء ، أن أجعل منهم شيئا آخر غير ما هم عليه وأنا الأبله أريد تكرارهم على الورق . على الأقل لأجعل منهم شيئا آخر ، لأجعل منهم هم الضحايا في الواقع ، أبطالا على الورق . وهكذا علمني صديقي ، أقصد رفيقي ، قيمة الموهبة التي أملكها . أقصد الموهبة التي أعتقد أني أملكها ، أقصد أن هناك فرق بين أن تملك شيئا وأن تعتقد أنك تملكه .
#حمزة_الذهبي (هاشتاغ)
Hamza_Dahbi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟