أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كامل الدلفي - حكايات جدتي بين النص المحلي المخبوء والنص المعلن.














المزيد.....

حكايات جدتي بين النص المحلي المخبوء والنص المعلن.


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 6459 - 2020 / 1 / 8 - 14:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حكت لي جدتي المؤمنة يرحمها الله قالت :
(كان الخيالة يأتون إلى بيتنا في قرية الرعاش من بعد 30أو 40 كيلو مترا من قرى ونواحي وقصبات الميمونة يحملون المكتوب( رسالة) الوارد إليهم ليقرأه لهم جدك أو ابوك أو انا إن لم يكّنا حاضرين. وكنت اقرأه لهم من خلف ساتر القصب) .
ان زمان هذا الحدث يمتد من حوالي العام 1935م فصاعدا. إذ بدأ الشباب الريفي يتطوعون في الجيش.. أو يُرسلون إلى الخدمة الإجبارية.. ونشطت الرسائل في الحروب خاصة في حركة مايس1941 وحرب فلسطين1948 والعدوان على مصر 1956.. وخفّت حركة الوافدين إلى منزلنا لقراءة مكاتيب المرسلين بعد أن انتشرت مراكز التعليم الملائي في القرى.. و التحاق كثير من أبناء الفلاحين إلى تلك المراكز ومن مسافات بعيدة، فقد كانت جدتنا يرحمها الله قد باشرت بتعليم الاولاد والبنات لأكثر من عقدين. و تعلم خلق كثير قراءة الحروف على يديها.
و جئنا إلى بغداد ولم تختف ظاهرة مجيء الناس إلى بيتنا بغرض قراءة الرسائل و قد كان الدور فيها لوالدي بعد أن كبر الجد والجدة، وكان على الأكثر يكتب لهم رسائلا إلى أبنائهم أو إخوانهم بخط جميل و بديباجة ثابتة أو متغيرة بحسب الضرورة وقد نشطت الظاهرة في بيتنا في الستينيات إبان حرب الشمال و السبعينيات في حرب أكتوبر 1973..
وقد دخلتُ إلى سياق اللعبة مبكرا و اعتنيتُ بخطي كثيرا وكان الوالد يشجع انغماسي فيها.
ودخلت أغراضٌ أخرى في كتابة النصوص على يد والدي تتعلق بالشأن القبلي والتجاري والأحوال .. في المستوى القبلي هناك كتابة السواني(سنائن العرف) وكتابة المخالصات و الاحلاف وملخصات الفصول و مشجرات النسب وفي التجارة العقود و المشاركات و الكمبيالات وايجار البيوت و مكاتبات الديون وفي الأحوال عقود الزواج والطلاق و النشوز والوصايا و العرائض لمختلف دوائر الدولة خاصة النفوس والجنسية والأحوال الشرعية . وتسجيل تواريخ الوفيات و المواليد لأفراد العائلة والمقربين.. وكان اغلب الجيران حين يولد مولود لهم يأتون إلى والدنا ليمنحه إسماً من القرآن الكريم.
وخفت الظاهرة كثيرا في الثمانينيات سيما في حرب الثمان سنوات مع إيران بسبب تقدم وتوسع دائرة التعليم. و انحصرت على كتابة الرسائل لأبناء العائلة الملتحقين في الخدمة العسكرية و في جبهات الحرب..
احتفظ ب 6 رسائل بخط والدي للفترة بين 1980/1982
تصور بهاء عواطفه ورقة مفرداته وقوة عبارته وجمال خطه.
أكاد أجزم بأن النص المحلي انطوى على صدق هائل ودقة في التصوير ونقل الواقع وامتلاك حشمة هائلة وعواطف إنسانية كهائلة .. وكان العمل والجهد المبذول هو قربة إلى الله وبغرض تقديم الخدمات الإنسانية إلى محتاجيها.
لم تكن عائلتنا فريدة في هذا السياق بل هي نموذج لحالة أعم لعبتها الشرائح المتعلمة دينيا أو مدرسيا في مرحلة من تاريخ العراق وكانت ترى أن ذلك تكليف ضميري لا مناص من تنفيذه.
اقارن هذا الموروث الباذخ إزاء ما تهيأ لنا من إمكانيات هائلة في انتشار النص وبإمكان اي نص مجاني تكتبه على وسائل السوشيال ميديا أن يبلغ تخوم الصين أو جاوه أو الازتيك
لكنه نص مفارق لمحتوى النص الأسبق ولا يقارن به.. في الأعم تجد انه مشبع بالانانية والمقايضة وحب الإعجاب ولربما يحمل في طياته الفتنة و اللا وطنية واللا إنسانية وقلة ادب مباحة.
هل ذلك يحدث:
لأن الأخلاق العامة تراجعت.
أم أن برامج عالمية تتطلب ذلك
ام ان موجة من فردانية رثة غلبت طباع المدونين.
ام غياب دور طبقة الانتلجنسيا إلتي حكمت الأدوار السابقة
ام أسباب أخرى وأخرى؟



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المختبر السيادي لنموذج الدولة وتجربة الإنسان العراقي/ هكذا ي ...
- موت التنظيم السياسي جوهر الخلل في الأحزاب السياسية
- الشباب حرق المراحل في الانتفاضة فنضجت وبلغت سن الرشد.
- اختلفت مناهج التغيير وانتفت ادوار العرابين.
- الشيعة مدرسة إسلامية رائدة في الفكر والسياسة.
- لا تغيير جديد بدون فكر جديد
- العفوية أم التخطيط أيهما أجدى في صناعة الحسم؟
- المعلوماتية  والتطوعية  في زيارة الأربعين أهم  مصادر تظاهرة ...
- انطباعات حرة في ساحة التحرير
- ميزان المواطنة المختل في الصراع بين شيعة المتن وشيعة الهامش.
- سلوك الحاكم عمل سياسي ام سلوك عمومي ؟.
- صراع شيعي - شيعي أم صراع طبقي؟
- إقصاء المختلف ..تشييع النظام الدستوري
- الصراعات تأكل استقرار الشرق الأوسط.
- هذا ملعب ذاك ملعب
- يوم تضع كل ذات حمل حملها!!
- اراء بعوامل النهضة العراقية المؤجلة إلى حين.
- رأي في حق التظاهر الدستوري
- 14 تموز قراءة محايدة
- الحرب على ايران هي بحد ذاتها ارهاب..


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كامل الدلفي - حكايات جدتي بين النص المحلي المخبوء والنص المعلن.