أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الخويلدي - فن الترجمة من منظور هرمينوطيقي عند فريدريك شلايرماخر















المزيد.....

فن الترجمة من منظور هرمينوطيقي عند فريدريك شلايرماخر


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6458 - 2020 / 1 / 7 - 23:40
المحور: الادب والفن
    


" يجب على المترجم الاختيار بين تقريب القارئ من المؤلف أو تقريب المؤلف من القارئ" 1
يعد شغل الترجمة في المجال الفلسفي مناسبة سعيدة وتجربة مفرحة وعملية مهمة في دنيا المعرفة لدى المؤلف الذي وقع عليه الاختيار وناله الشرف وجودة التميز لكي يترجم ولدى القارئ الذي يتوق دوما إلى الجديد ويتطلع إلى الزيادة في معرفته وتنمية تفكيره بزيارة عالم الكتب والمؤلفات التي كتبت بلغة مغايرة. كما يفتخر الفلاسفة برؤية أعمالهم وهي تعبر من اللغة التي كتبوا بها أول مرة إلى لغات أخرى عالمية تلقى الاهتمام والانتشار ويرون في ذلك حياة جديدة لهذه الأعمال واستدامة لها وإمكانية رحبة لشرحها وتفسيرها والتعليق عليها ومنحها مناسبة أخرى لتوضيح ماهو غامض فيها وللتطوير والنماء والتعديل. لكن هل عمل الترجمة هو استعادة وتكرار للنص الأول في نص ثاني بلغة أجنبية أم انتعاشة وإحياء له؟ وفيم تتمثل خصوصية الترجمة الفلسفية؟ وهل ثمة منطلقات منهجية وعتبات بيداغوجية لفلسفة الترجمة؟ ومن يقوم بالحكم التقويمي على عمل المترجِم؟ هل هو الأخصائي في الترجمة أم المتلقي للعمل المترجَم؟ لقد فجرت هذه الأسئلة الكثير من الحوارات بين المختصين في الترجمة وترتبت عنه عدة مواقف متبانية وخلافات جوهرية في التعامل مع النصوص الفلسفية حول الترجمة الناقصة والترجمة الوافية وأثارت أسئلة فرعية أخرى مثل: ما الذي يعتمد عليه المترجمون عند ترجمة عمل فلسفي؟ هل تكفي معرفة لغة المصدر أم معرفة اللغة المستهدفة؟ إلى أي مدى تعد معرفة الفلسفة ضرورية لترجمة عمل فلسفي؟
توجد الترجمة في نقطة تتقاطع فيها العديد من الاختصاصات والعلوم والمعارف وتستمد معقوليتها من اختلاف اللغات وتنوعها أولا والحاجة إلى نقل المعنى وتوضيح الدلالة وفهم المقصد من القول ثانيا. لكن اذا كانت ترجمة المصنفات العلمية الدقيقة من مشمولات علم الترجمة ومختلف الآلات المعدة للغرض ومن الأمور المتاحة فإن شغل المترجم يبدو عسيرا في مجالات العلوم الإنسانية والفلسفة والفنون والآداب. إذا كان الوجه الحالي للفلسفة قد تغير بالمقارنة مع وجهها السابق ولم تعد منحصرة في الجدل الخطابي والنص المكتوب بل عاد الخطاب الشفوي والتصويري ولم يعد الخطاب الفلسفي ينسب إلى مؤلف واحد بعينه وإنما إلى جماعة فلسفية تنشط داخل مدرسة علمية ضمن سياق ثقافي بأكمله فإن هذا التحول يمكن أن يؤدي إلى إعادة تعريف للدور الذي تقوم به الترجمة الفلسفية والى التخلي عن ترجمة أمينة وحرفية. الآية على ذلك أن ترجمة الفلسفة مثل تعليمها على وجه التقريب تحوز على خصوصية فريدة بالمقارنة مع المعارف الأخرى تتعلق بالأبعاد الفكرية والأساليب الحجاجية والروابط اللغوية والتسلسل المنطقي لعرض الآراء والمواقف ووجهات النظر والأدوات المفاهيمية والمسار الإشكالي في التدرج في التحليل والتعقيب. لذا يمكن اقتراح تناول مسألة ترجمة المصنفات الفلسفية بشكل خاص من خلال وضع أسس تفكيرية تأخذ كنقطة دعم صياغة التعاليم والقواعد العملية وتكون قادرة على التوجيه نحو ما يسمى الترجمة الفلسفية. إذا أردنا انجاز ترجمة متكاملة ومتوازنة للمؤلفات الفلسفية فيجدر بنا الاعتماد على مقاربة هرمينوطيقية ترتكز على جملة من الأسس والأساليب والقواعد التي تعود إلى النظريات التأويلية في تحولاتها المتنوعة وحري بنا أيضا أن نميز بين علم الترجمة وفلسفة الترجمة لكي يتسنى لنا تحديد الميدان الذي تتنزل ضمنه النصوص الفلسفية والذي يصون خصوصيتها من الاختلاط بغيرها واعتماد المنهجيات التي تتلاءم معها. بطبيعة الحال لا تقتصر مشاكل الترجمة على الجانب التطبيعي والوقوع في الترجمة الآلية التي تقتصر على المتابعة الحرفية وإنما تتعدى ذلك نحو الجانب النظري حول علاقة المترجم بلغته الم وباللغة المستهدف والقارئ. في هذا الإطار يقترح شلايرماخر تغلب المترجم على غرابة اللغة الأصلية وتطويعها عند نقلها إلى اللغة المستهدفة دون الإضرار بالأولى والتعسف على الثانية والتحلي بالمرونة والرغبة في الأعمال الغريبة. من المعلوم أن شلايرماخر يميز بين المترجم الآلي الذي يمارس مهنته بطريقة ميكانيكية في مكتبه في مجال الأعمال التجارية والمترجم الحقيقي الذي يشتغل في مجال العلوم والفن والفكر ودلالة الخطاب2 . والحق أن ترجمة النصوص الفلسفية يجب أن تتناسب مع البعد الخطابي بقدر البعد الشفهي أو الحواري. لذلك ينبغي للترجمة الفلسفية ، القائمة على مبدأ الصدقية ، أن تبدأ حوارًا مع المؤلف والتقليد الفلسفي نفسه. في المقابل ، نؤمن بأن هذا النوع من الترجمة يجب أن يجذب الفضائل التعليمية (التفسيرية) للمترجم ذاته. ولا يوجد علم دقيق بالترجمة ينطلق من أسس ثابتة وينتهي إلى نتائج يقينية تحقق المطابقة التامة في اللفظ والمعنى بين النص الأصلي والنص المترجم، كما لا توجد ترجمة صحيحة تامة بالمعنى المتداول للكلمة. وما يتم الاشتغال عليه هو الترجمة كتأويل نصي أو كفن إنشائي يبذل فيه المترجم على قدر المستطاع جهد الإحاطة والفهم والاستيعاب والتملك للنص الأول عند لغة الانطلاق ويقوم بالنقل والتعبير والحبك عبر إعادة البناء وإعادة التشكيل والنحت وصقل والبلورة والصياغة الثانية في اللغة المستقبلة عند الوصول. هكذا يجب أن تسير الترجمة الفلسفية الآن جنبًا إلى جنب مع القدرة على الدخول في حوار مع المؤلف نفسه والتقليد الفلسفي الذي ينتمي إليه وذلك لأن القدرة الجيدة على الترجمة الفلسفية تقترن بالقدرة الجيدة على التواصل بطريقة فكرية مع محتوى الفلسفة التي يوقعها المؤلف أو مضمون الفكر الذي يكتنزه النص. هناك أساليب مختلفة للترجمة ولا يوجد أسلوب واحد ينبغي إتباعه من طرف المختصين بغية الوصول إلى ترجمة أمينة للنص الأصلي والمترجم الجيد هو الأكثر قدرة بيداغوجية والمتمكن من الناحية التربوية لكي يقوم بإيصال النص المترجم في أحسن حالة تعبيرية وعلى أفضل شكل للثقافة الجديدة والجمهور المتلقي. على هذا النحو" يجب أن يهدف المترجم إلى تزويد قارئه بصور وسرور مماثل لتلك التي تعطيها قراءة العمل باللغة الأصلية للإنسان المثقف ... الذي ... يواصل إدراك الفرق بين اللغة المكتوبة ولغته الأم"3 . جملة القول أن الترجمة تحاول التخلص من ثنائية الترجمة الصحيحة التي يتم التأكيد عليها في المجال النصي المكتوب والترجمة التفسيرية التقريبية التي يكتفي بها الخطاب الشفوي والمسموع والتصويري ولكنها تقع في التطبيق الهجين للطريقتين دون وعي بصعوبة تحقيق التوازن بينها والوفاء التام للمطلبين. فمتى تمدنا الهرمينوطيقا بالفن الذي يسمح للتعاون ممكنا ويحقق المواءمة بين احترام فحوى النص الأول وتحقيق الحاجة التي يشعر بها الأخصائي في الترجمة الفلسفية إلى جعل النص المترجم واضحا للقارئ؟ والى أي مدى يجوز اعتبار تقريب الكاتب من القارئ ترجمة جيدة؟ وأليس التأويل أوسع من الترجمة؟
الإحالات والهوامش:
[1] Voir Schleiermacher Friedrich, Des différentes méthodes de traduire, conférence lue le 24 juin 1813 à l’Académie Royale Des Sciences de Berlin, traduit par Antoine Bermain, édition du Seuil , Points Essais ,Paris, 1999,
[2] Schleiermacher Friedrich, Des différentes méthodes de traduire, op.cit. p31.
[3] Schleiermacher Friedrich, Des différentes méthodes de traduire, op.cit. p57.
المصدر:
Schleiermacher Friedrich, Des différentes méthodes de traduire, conférence lue le 24 juin 1813 à l’Académie Royale Des Sciences de Berlin, traduit par Antoine Bermain, édition du Seuil , Points Essais ,Paris, 1999

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب والتواصل عند بول ريكور
- استشكال الأزمة وانطلاقة فلسفة المعنى مع أدموند هوسرل
- الاغتراب السياسي للأنظمة الحاكمة
- ترجل المفسر التنويري محمد شحرور
- التربية على الحرية بين هيوم وروسو وكانط
- الظاهرة الدينية من حيث هي ظاهرة هرمينوطيقية
- العقل والثورة، من أجل مقاربة ثورية للعقل وعقلانية للثورة
- الفكرة الفلسفية للثورة المدنية
- فن طرح السؤال بما هو المقام اللائق بالفيلسوف
- مقابلة مع بول ريكور عن جدوى الفلسفة اليوم،
- عالمية الفلسفة في زمننا الثوري
- بداية الواقعية السياسية عند ابن خلدون
- الفلسفة انتصار منطقي على العبث
- أي مقام جديد بالنسبة لنا حسب بول ريكور وحنة أرندت؟
- المدينة من منظور الفيلسوف: من الاحتماء الى الثورة
- حاشية ثورية على الانتخابات التونسية
- فوز المرشح الثوري في الانتخابات الرئاسية التونسية
- مصطلح الإيديولوجيا عند غرامشي بين الاعتباطية والعضوية
- بورتريه الفيلسوف من خلال أدواره في حياته العادية
- أصول تفسير الأحلام عند بن سيرين


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الخويلدي - فن الترجمة من منظور هرمينوطيقي عند فريدريك شلايرماخر