|
الخلق والتكوين لدى اليارسانيين
رستم محمد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 6458 - 2020 / 1 / 7 - 20:53
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مسألة الخلق و التكوين ( الهفتن والكون ) عند اليارسانيين ومقارنتها مع معتقدات الاديان الكوردية الاخرى :
بالنسبة لأهل الحق لا يوجد خلق من عدم، بل نلاحظ وجود ثلاثة عناصر منذ الأزل وهي المسؤولة عن الخلق بدرجات متفاوتة وهذه العناصر هي الدرة ، الذات الإلهية ، والمياه البدائية « البحر » . تستقر ذات الحق في داخل الدرة بشكل كامن، والدرة في صدفة والصدفة في بحر مترامي الأطراف ولا شيء غير الموج على المدار . ثم يرغب الإله في خلق الملاك جبرائيل ( بنيامين ) ويكون ذلك في يوم السبت ، فينظر في الدرة وينتخب منها حبة ( ذرة ، دانة ) ويكسيها لباسا ( جام ) فيظهر البير بنيامين إلى الوجود . وفي اليوم التالي ( الأحد ) يقوم الإله بخلق ستة أجساد أخرى من بطن الدرة هي بقية الملائكة التي تشكل ال ( هفتن )، ويكون أحد هذه الملائكة ذو طبيعة أنثوية واسمها رمزبار أو ( رضبار ) أما بقية الستة فهم ذوو طبيعة ذكورية، ورمزبار مخلوقة من ( ذات ، خوى ) الإله أما بقية الملائكة فهم مخلوقون على الشكل التالي : ميكائيل من نفس الإله ، اسرافيل من فم الإله ( دهن ، دم ) عزازيل مخلوق من غضب الإله ، عقيق مخلوق من إحدى عيني الحق وهو أيضاً الشمس خامساً يقيق واسمه ( كهر ، جوهر ) وهو مخلوق من العين الأخرى للحق وهو القمر .
عناصر الخلق في الاديان الكوردية الاخرى : عناصر الخلق الثلاثة ( الدرة ، الذات الخالقة والماء البدائي ) نجدها أيضاً في بعض المعتقدات الايزيدية فيعمد الإله الإيزيدي إلى خلق ملائكته السبعة من ذاته، فيبدأ بخلق شمس الدين في يوم الأحد ( وهو الشمس ) ، ثم في اليوم الثاني يخلق دردائيل أو فخر الدين ( في يوم الاثنين وهو القمر ) . في اليوم الثالث يخلق الإله ميخائيل أو أمادين وهو صورة الفلك ، في اليوم الرابع الأربعاء يتم خلق إسرافيل أو طاؤوس الملك لقب ملك طاووس ( نجمة الصبح ) ، في اليوم الخامس الخميس خلق الإله الخامس سجادين للنبات أو إثمار الأرض . في اليوم السادس الجمعة خلق شمخائيل أو نصر الدين فكتب جميع الأحياء والأموات ، وفي اليوم السابع ( السبت ) كان خلق الإله نورائيل . وقصة خلق العالم والكون في المأثور الايزيدي وتقليد أهل الحق متشابهة جداً وتم عبر انشطار الدرة في البحر وتحول مكوناتها إلى عناصر الكون . ومن المواد النورانية تتشكل الكواكب والنجوم، ومن اختلاط عناصر الدرة تتشكل الأرض ، أما السماء فتشكل من البخار الناتج عن حرارة الانفجار . و يبدو أن قصة خلق الكون والملائكة ( الآلهة المساعدة من العناصر الثلاث ( ذات خالقة ، ماء بدائية ، والدرة أو البيضة الذهبية ) هي أسطورة قديمة تعود إلى جذور سابقة لانفصال الشعوب الهندو إيرانية وتوزعها . فنجد في تقليد البارسيين الزردشتيين في الهند أن الأرض والسماء والمياه وكل الأمور الأخرى مصنوعة على شكل بيضة طائر، ما فوق الأرض وما تحتها ، خلقها اهورامزدا على شكل بيضة ، والأرض في داخل السماء هي مثل صفار البيضة . وفي التقاليد الزردشتية حسب الافستا يعمد اهورامزدا بعد خلق الامستاشسب الستة إلى خلق أربعة وعشرين إلها آخر ويضعهم في بيضة، وتقوم مخلوقات أهريمن التي هي بنفس العدد بثقب البيضة فيختلط الخير بالشر . ويتساءل ( دار مستر ) عن تطابق البيضة التي ثقبتها العفاريت مع البيضة الكونية في المينوخرد عند البارسيين ( Parrsian ) ، بصفتها العالم ( الكون ) ، وإن عبارة « أهريمن ثقب البيضة » إنما تعني « أهريمن ثقب العالم ». كما نجد أيضا مفهوم البيضة الذهبية الكونية التي تمثل العالم في الفيدا الهندية ، حيث تتحول البيضة الموجودة في الماء البدائي إلى الكون، وهذه البيضة ليست إلا نطفة ( germe ) الكائن الذي هو من ذاته غير المدركة والتي جعلت عالمنا مدركا، ثم خلق براهما الأب الكلي للعالم وسكن البيضة الذهبية لمدة عام ، وعبر تفكيره يقوم بشطر البيضة إلى نصفين فيصنع السماء والأرض والمناطق الثمانية والسياج الأبدي للماء . غير إن الدرة الكونية ليست إلا شكلاً من البيضة الذهبية التي تشكل منها العالم، ويأخذ الإله في العادة صورة طائر كبير هو موجد البيضة فنجد في التقاليد الزردشتية أن آهورامزدا يصور على شكل طائر بجناحين ذهبيين كما في (نقوش بهستون) كما أنه يمنح زردشت ريشة ( من ريشه ) كي تنجيه من كل مأزق، بالمقابل في المأثورات الإيزدية تجد أن الإله يصنع طائر الأنفار ليضع البيضة على ظهره لمدة أربعين ألف سنة قبل خلق العالم، بينما نجد في مأثورات أهل الحق أن ذات الحق تأخذ شكل طائر الصقر ( باز ) في تجليه لدراويش الشيخ عيسى في قصة مولد السلطان سيهاك، كما إننا نجد في أحد نصوصهم إن الإله كان على شكل طائر بجناحين ذهبيين يحوم فوق الماء ، ثم دخل بعد ذلك إلى الدرة، من جهة أخرى تأخذ الدرة شكل بيضة طائر في بعض الحكايات الشعبية .
المصدر : من كتاب الباطنية الكردية "طائفة أهل الحق" لمجموعة من المؤلفين كتب هذه الفقرة إصلاح عبد الفتاح في جزء بعنوان الأثر الايراني القديم في الثقافة الدينية لأهل الحق
#رستم_محمد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مملكة كوما جين
-
أحمد كايا
-
الشاعر الكوردي رضا الطالباني
-
الاختام الحورية
-
اللغة الهورية
-
يلماز غويني
-
الكيميائي الكوردي الحاصل على نوبل الكيمياء (عزيز سنجار)
-
الحوريون وثقافة كورا _ اراكس
-
السوباريين
-
تل حموكار
-
شيركوه بيكه س
-
دير سمعان
-
الشيخ سعيد وثورته
-
تل حسونة
-
الملكة الكوتية (كوبابا)
-
قصاصات من الذاكرة (3)
-
طقوس الدفن لدى الزرداشتيين
-
مختلف الاراء حول السومريين
-
قصاصات من الذاكرة (ج2)
-
قصاصات من الذاكرة (ج1)
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|